أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - معتصم الصالح - في شارعي














المزيد.....

في شارعي


معتصم الصالح

الحوار المتمدن-العدد: 8145 - 2024 / 10 / 29 - 09:57
المحور: الادب والفن
    


قرنٌ بعد قرن، في شارعي..

تذوب خُطى الأحباب في صمت،
يرحلون دون أن يتركوا حتى صدى،
ويغيب أثرهم المنهك في الليل،
كما يذوب المطر في الماء الأسود.
وكأنّ هذه العتمة خلف النوافذ
تحرسهم من الندم ومن لوعة الذكرى.

في بيوتهم التي تركتها الأقدار،
لم تعد هناك أصوات أو موسيقى أو ضحكات،
حياتهم ذبلت كما يذبل زانٌ عجوز وسط الثلج.
فقط فتيات ديغا، كأنهنّ حارسات الأحلام،
يعدلن أجنحة رقيقة على أكتافهن،
وكأنّ العالم لا يزال يتماسك على إيقاع الرقص.

كم اخشى، لا توقظوا سكينة الليل،
يا قلوباً هشّة، خُدِعت بوهم السكون!
تتربص بها رغبة خفيّة في الخيانة،
تحجب أعينها بغشاوة وعودٍ زائفة،
والخوف ينسحب بعيداً، كما ينسحب ذئبٌ شبع من الفراغ.

أيتها الوحدة، يا مهندسة الجدران الباردة!
فرجارك يغلق دائرة بمهارةٍ تامة،
وفي تلك اللمسة الدقيقة من المعدن،
تكمن رقة جليدية
يعجز أي قلب عن مجادلتها.

ناديني، واجعليني من خاصّتك،
كافيئني بسرٍّ يتنفس مع الريح
بين أرفف المكتبات الخالية،
وسأجد العزاء عند صدرك،
أغتسل ببرودك حتى الزرقة،
وأصبح محبوبك،
ملفوفاً بحنوّ هذا الصقيع الواضح.

دعني أتحرك على أطراف أصابعي
في الغابات الغامضة التي تنبت من صمتك،
كي أقطف ورقة ذابلة في بطء،
وأقرّبها من شفتيّ،
وأحسّ كيف يذوب اليُتم بين راحتيّ
كما لو كان نعمةً من المجهول.

امنحيني صمت المكتبات القديمة،
إيقاع الحفلات الصارمة — ذلك السكون بين النبضات.
حكمة تلك الأصوات ستعلّمني النسيان:
نسيان الذين عبروا عتبة الموت،
وأولئك الذين ما زالوا، ربما، على قيد الحياة
ولكنهم يعيشون فقط في غيابهم.

عندها سأدرك الحكمة الخفية للأشياء،
وستبوح لي أبسط الأشياء بأسرارها الهشة،
كأن الطبيعة تضع رأسها على كتفي
وتهمس لي بأسرار
لا يعرفها سوى الأطفال.

وحينها، من بين الظلال والدموع المنسية،
ومن جهلٍ قديم وشوقٍ خجول،
ستعود وجوه الأحبة الذين أحببتهم يوماً،
كما يعود الضباب في الصباح.
سيظهرون للحظةٍ قصيرة،
ثم يتلاشى حضورهم من جديد،
لكنهم سيتركون أثراً دافئاً في الهواء البارد،
كعلامة على أن كل ما مضى لم يكن عبثاً.



#معتصم_الصالح (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا يُهين الناس الآخرين: تحليل اجتماعي نفسي
- حافة الجسر
- البطل المشوه بالزمن 3
- نسيج أبرة
- ChronoGuard: البطل المشوه بالزمن - نسيج الزمن-
- معركة الضياء
- -الدخان والمرايا
- احتضان النقص
- تفرد
- منارة
- الغرض من الحياة
- رغبات مراوغة: أرواح عميقة
- الدائرة الخاطئة
- كان واخواتها
- الدولارات الغارقة
- قيقو
- عبيان وشويمه
- تحدث معي
- مائة سرداب في القبو
- سؤال لايهتم بالإجابة


المزيد.....




- القُرْنة… مدينة الأموات وبلد السحر والغموض والخبايا والأسرار ...
- ندوة في اصيلة تسائل علاقة الفن المعاصر بالمؤسسة الفنية
- كلاكيت: معنى أن يوثق المخرج سيرته الذاتية
- استبدال بوستر مهرجان -القاهرة السينمائي-.. ما علاقة قمة شرم ...
- سماع الأطفال الخدج أصوات أمهاتهم يسهم في تعزيز تطور المسارات ...
- -الريشة السوداء- لمحمد فتح الله.. عن فيليس ويتلي القصيدة الت ...
- العراق يستعيد 185 لوحا أثريا من بريطانيا
- ملتقى السرد العربي في الكويت يناقش تحديات القصة القصيرة
- الخلافات تهدد -شمس الزناتي 2-.. سلامة يلوّح بالقضاء وطاقم ال ...
- لماذا قد لا تشاهدون نسخة حية من فيلم -صائدو شياطين الكيبوب- ...


المزيد.....

- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت
- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - معتصم الصالح - في شارعي