الإسلاميون إذا ما هاجوا وماجوا

سعيد الكحل

الحوار المتمدن-العدد: 1779 - 2006 / 12 / 29 - 12:02
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

من يضع خارطة العالم الإسلامي بين يديه بحثا عن المشترك سيدرك ، منذ الوهلة الأولى ، كيف أن التيارات الإسلامية تتداعى هيجانا ومَوَجاناً كلما تعلق الأمر بقضية تخص المرأة في كيانها وإنسانيتها ؛ ليس من باب دعم حقوقها وتكريس استفادتها من قيم العصر ومكتسباته الإنسانية والحضارية ، بل وأدٌ لها وامتهان لكرامتها. وهم بهذا الموجان يجُبّون شريعة الإسلام التي لها مُدّعون . وحتى لا يكون قولي بدعا ولا زورا ، أعرض للوقائع التالية على سبيل الذكر لا الحصر :
1 ـ في المغرب ، وعقب صدور مشروع الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية ، هاج الإسلاميون تكريسا لظلم المرأة وابتذالها من خلال مناهضتهم لمطالب الرفع من سن الزواج إلى 18 سنة وتقييد تعدد الزوجات ، ووضع الطلاق بيد القاضي واقتسام الممتلكات الزوجية . إنهم لا يراعون في المرأة إلاًّ ولا ذمة . ولولا سلطة إمارة المؤمنين وهيبتها لما وجد مبدأ المساواة منفذا ليكون قاعدة بنود مدونة الأسرة وموجهها . وقبل أيام هاج برلمانيو الحزب ضد المدير العام لشركة الخطوط الملكية المغربية لحرصه على التزام الموظفات بالزي الرسمي للمؤسسة .
2 ـ في الكويت ظل الإسلاميون يناهضون كل قانون يضمن للمرأة حقها في المشاركة السياسية عبر التصويت والترشيح وتولي المناصب الحكومية . فقد سبق ونظمت جريدة "الخليج الإماراتية" ندوة في موضوع الحقوق السياسية للمرأة إلى أين ؟، نشرتها في عددها ليوم 13 ـ03ـ 2005 ، شارك فيها الأمين العام للتجمع السلفي خالد سلطان بن عيسى الذي قدم مسوغات الرفض التالية : ( هذه قضية شرعية نحتكم فيها لما جاء في الشريعة الإسلامية التي تمنع عمل المرأة بالولاية العامة، ولما كان منصب عضو البرلمان يدخل تحت بند الولاية العامة، فإن الأمر المقرر شرعاً هو عدم جواز مشاركة المرأة فيه، ولذلك فإننا لا نتفق مع أية آراء شاذة تقول غير ذلك، ونحن مستعدون لإثبات ما نقوله بالأدلة والبراهين الشرعية) . واستمر الوضع عقودا حتى تكسر عنادهم على إرادة الأمير ونضال قوى المجتمع الحية . ورغم ذلك يفوتهم الاعتبار ليظلوا يطاردون كل نور يضيء سبيل المرأة إلى الارتقاء والانعتاق . وليس آخرها سعيهم الحالي إلى إفشال أية محاولة لتشكيل منتخب السيدات لكرة القدم . ففي جلسة البرلمان ليوم 4/12/ 2006 قال كبير الإسلاميين النائب وليد الطبطبائي ( هل انتهت مشاكل الكويت حتى يتم الاهتمام بهذه القضية .. هذا غير مقبول، والمنتخب النسائي لن يمر، لأنه لعب بالقيم وغش للبنات، ونحن مع الرياضة النسائية لكن بضوابط وألا يطلع عليهن رجال، أما بالنسبة لكرة القدم النسائية «فاغسل ايدك»).
3 ـ في العراق ، وخلال شهر مارس 2006 ، تم انتخاب تامار غريغوريان ملكة جمال العراق ، فانهالت عليها التهديدات بالقتل بعد أن وصفوها ب"ملكة الكفار" مما اضطرها إلى التخلي عن عرش العراق للجمال والعيش مغتربة ومختبئة في الأردن .
4 ـ وفي الأردن ظل البرلمانيون الإسلاميين يعارضوا إلغاء المادة 340 من القانون الجنائي التي تقدم عذر التخفيف لفائدة القاتل فيما يعرف بجرائم الشرف ، لدرجة أن عقوبة الجاني لا تتجاوز في أقصى الحالات سنة سجنا . ودفاعها عن موقف الإسلاميين هذا ، قالت إحدى برلمانيات التيار الإسلامي الأردني مشرعنة جريمة القتل ( ولكن لو تم القتل فهناك الحكم الذي نقوله نحن دائما ، هذا الحكم هو : قال الإمام العلامة الفقيه المحدث ابن قدامة المقدسي ( وإذا وجد رجلا يزني بامرأته فقتله فلا قصاص عليه ولا دية لما روي عن عمر ابن الخطاب ) .
5 ـ وفي مصر لا يكاد يخمد هيجان حتى يتلوه موجان ضد أي تصريح أو تلميح يتناول "الحجاب" وحتى "النقاب" . فبعد الداعية جمال البنا والأستاذة سعاد صالح جاء دور وزير الثقافة المصري فاروق حسني لا لشيء سوى لكونه وصف ارتداء الحجاب بأنه "عودة إلى الوراء".
6 ـ أما في الباكستان فقد ناهض الإسلاميون بشراسة تغيير بنود " قانون الحدود" الخاصة بجريمتي الاغتصاب والزنى . وكان هذا القانون أقر خلال حكم الجنرال ضياء الحق عام 1979 ، وينص أساسا على تطبيق عقوبة الإعدام على كل امرأة تقدمت بشكوى تعرضها للاغتصاب دون أن تتمكن من تقديم أربعة شهود " مسلمين ورعين" . وفي محاولة للضغط على البرلمان وتهييج الرأي العام ، قاطع نواب المعارضة الإسلامية جلسة البرلمان ، بعد أن حذروا بشدة من الإصلاح القانوني المقصود واتهموه بكونه سيجعل من باكستان «مجتمعا تسود فيه الحرية الجنسية». إذ سبق وصرح في البرلمان ، زعيم المعارضة مولانا فضل الرحمن أن «هذه محاولة لإنشاء منطقة حرة للجنس في باكستان» . فالأمر بالنسبة له لا يدعو إلى تغيير القوانين على اعتبار أن «القوانين الحالية صحيحة ويجب المحافظة عليها. ليست هناك حاجة لإدخال أي تعديل. التغييرات لا تتفق مع تعاليم الإسلام».
يتضح من خلال الوقائع أعلاه ، أن الإسلاميين أشد عداء للمرأة وأكثر امتهانا لها ؛ مما يجعل الشعارات التي يرفعونها في كل مناسبة وفي غيرها ، وأولها شعار ( النساء شقائق الرجال ) ، مجرد خدعة تفضحها المواقف .

#سعيد_الكحل (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات