أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى محمد غريب - مؤتمر الثقافة العربية هل كان الإستبداد غائباَ في يوم من الأيام عن المثقف والثقافة في الأقطار العربية ؟!















المزيد.....

مؤتمر الثقافة العربية هل كان الإستبداد غائباَ في يوم من الأيام عن المثقف والثقافة في الأقطار العربية ؟!


مصطفى محمد غريب
شاعر وكاتب

(Moustafa M. Gharib)


الحوار المتمدن-العدد: 535 - 2003 / 7 / 6 - 08:02
المحور: الادب والفن
    


 

يستمر الهاجس والخوف من التطورات المتواصلة على القضية العراقية بعد إزاحة النظام الشمولي في العراق، واحتلاله وترسيخ الإحتلال بقرار دولي والتأكيد على قيادته من قبل قوات الإحتلال مباشرة وفق قرارا مجلس الأمن 1483.

في هذه الظروف المعقدة التي مست بشكل مباشر وعنيف الحياة السياسية والثقافية، وبرغبة مصرية عقد مؤتمر الثقافة العربية في القاهرة بحضور 150 مفكراً ومثقفاً من بينهم حوالي 60 من الدول العربية، كما شارك في هذا المؤتمر وزراء سابقين وروائين وشعراء معروفين في مقدمتهم الشاعر السوري ادونيس والمفكر اللبناني منح صالح والروائي السوداني الطيب صالح ومن فلسطين هشام ترابي ، ورؤساء جامعات..

هذا المؤتمر هو احد الهواجس والمخاوف التي اجتاحت عقول المئات من المفكرين والمثقفين وهم يشاهدون سقوط ما سموّه سابقاً ( أبهة الكرامة القومية والإستقلال الوطني  ) التي دونت على عشرات الملايين من الأوراق ذاكرة مآثر العرب وقدراتهم وأدوارهم التاريخية المتعاقبة وتأثيراتهم على الفكر المعرفي الإنساني.

وما حضور مثل هذا الحشد من المفكرين والمثقفين إلا دلالة على الأهمية البالغة للظروف الحالية المستجدة،  وللتفتيش عن طريق للخلاص من النكسة التي أصابت الحركة الثقافية التحريرية التي بنت أولياتها على قاعدة معاداة السيطرة والهيمنة الأجنبية ومدى خطورة تأثيرات قِيّمها الثقافية على الجماهير في الوطن العربي.

أن مقولة الإستبداد التي وجّهت لها الإنتقادات الشديدة بالدعوة " للإنحياز للمستقبل بدلاً من الماضي " صحيحة، ولكن كان من المفروض أن يكون الطرح والانتقاد قبل هذا الوقت بسنين، فالإستبداد والقمع السياسي  كان ومازال نهجاً ثابتاً تستمد الحكومات العربية قوتها وسيطرتها من خلاله على مجالات واسعة من بينها الثقافة الجماهيرية وحرية المثقف وحركته السياسية، فكثيراً ما كان يطرح ومازال لحد الآن "على المثقف الإبتعاد عن التحنيط السياسي" والإلتفات للثقافة الزجاجية التي تصب في تمجيد الإستبداد ودعمه من قبل المفكرين والمثقفين الذي يعيشون تحت ضغط الماكنة الرسمية الحكومية ومصادرها الإعلامية المرئية والمسموعة والمقروءة والمعاشية، بدلاً من منح المثقفين مساحة من الحرية لكي يفسح أمام العقل أمكانيات التفكير والتحليل لأسباب بقاء منهاجية الإستبداد الفكري والقمع تجاه الثقافة الجماهيرية

لا نعرف لماذا كان التجاهل مستمراً لهذا الإنحطاط الثقافي الرسمي حتى تَقْدُم هزة عنيفة ترينا أن الحديث النظري الموقوت الذي تصبه الدعاية والإعلام الرسمي اصبح في التطبيق العملي ما هو إلا شعارات زائفة سقطت لأول تجربة أو هزة وطنية أو قومية، وبدلاً من البحث الدقيق العلمي عن مسببات هذه الهزة أو الإسقاطة أو النكسة نذهب مطالبين التاريخ على ذكر حضاراتنا وماضينا والبكاء على أطلال الثقافة التي تشرذمت رسمياً وهي تلاحق الثقافة التقدمية الهادفة إلى تغير النظرة نحو شموليتها وفائدتها للوعي الاجتماعي.. أما الخطاب الثقافي المتفق مع نوعية وشكل الإستبداد فهو يبقى مستمراً دون أي تغيير حتى تأتي الهزة أو النكسة لنطالب بالتغيير وكأن التغيير في هذه السرعة عصى سحرية نستطيع بضربة واحدة أن ننقل الخطاب الثقافي القديم بالخطاب الثقافي الجديد لكي نتجاوز النكسة، ولهذا لم يكن مستغرباً عندما دعا الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة في مصر جابر عصفور إلى " تعداد الخطابات الثقافية ضمن الخطاب الجديد ومراجعة الإستبدادية التي تحكم الوطن العربي تحكم قيودها على الفكر والإنسان وكذلك الاعراض الاجتماعية السلبية"

فهل كانت الإستبدادية في يوم من الأيام غائبة عن المثقف والثقافة في الوطن العربي؟

لكي تصاغ خطابات ثقافية ستكون حصراً على حدود قاعة المؤتمرلأنها ستجد الخطاب الثقافي السياسي الرسمي جداراً سميكاً لا يمكن ثلمه فيعيد الخطاب الجديد إلى خطاب قديم ولعله يستخدم في اللغة الخطابية القادمة من أجل خداع الوعي الثقافي بشكلية التغيير.

وهل كان الوطن العربي في ظل الحكم الشمولي لحزب البعث العراقي لا يعيش النكسة أو الهزة ؟ وإلا ماذا عن القضية الفلسطينية ؟ والحروب التي خاضها النظام العراقي؟ وحجب الحريات وشمولية الخطاب المخادع الرسمي على المستوى الثقافي أو السياسي في النظرة للتطورات التي صاحبت تلك الحروب واحتلال اراضي الغير أو دولة عربية بحجة التضامن العربي، أليس ذلك قفزاً على الوعي الثقافي؟ وكيف كان الموقف من الثقافة الوطنية والمثقف العراقي الذي كان يعيش طاغوت الخطابات الثقافات العراقية والعربية الرسمية في وسط من الإنكفاء وحتى  التجاهل ؟

أما الحديث عن أن " الوطن العربي يمر بلحظات تاريخية تتمثل في عودة الإستعمار بعد الغزو الأمريكي للعراق بكل ما يحمله ذلك من مخاطر على الأمن القومي " فهو يراد منه تجاهل الحقيقة في السؤال المطروح متي كان الوطن العربي مستقلاً وبدون وجود غزو أجنبي ؟ أليس تلك القواعد العسكرية المنتشرة هنا وهناك دلالة على عقم المقولة ان غزو العراق بداية الغزو الإستعماري؟

إذن أن الخطابات الثقافية ما زالت تتراوح في مكانها وتعمل لا من حيث الشكل بل المضمون في الطريقة المتبعة سابقاً.. ومع مأساة الإحتلال للعراق نجد الحديث فقط حول هذه الدائرة في خطابات المثقفين والمفكرين الحاضرين لمؤتمر الثقافة العربية، بدون الولوج لأسباب ظاهرة الإحتلال والسياسة المنهجية التي أتبعها النظام الشمولي في العراق والتي جعلت من الخطابات الثقافية خطابات الإستبداد والعنف والهيمنة وشطب كل مافي التاريخ الثقافي التقدمي والوطني المنافي لفكرة الشمولية والإستبداد الدكتاتوري.

أن الحديث عن الأدوار التاريخية المتعاقبة التي لعبتها حضارة عريقة كالحضارة العراقية كان يجب أن يجري منذ زمن بعيد، زمن الإستبداد الموجه والمبرمج، زمن كان بعض المثقفين العرب المعروفين يتهافتون على موائد النظام العراقي ليصوغوا خطابات ثقافية تدميرية للوعي المعرفي لا على مستوى العراق فحسب وإنما العربي والعالمي ، ضاربين عرض الحائط قضية تحرير الثقافة من الخطاب الرسمي الحكومي ساكتين كسكوت الموتى عن الممارسات الإرهابية والسياسة القمعية والإستبدادية الموجهة للمثقفين العراقيين الوطنين الذين كانوا يتوجهون في خطاباتهم لكي تكون خطاباً ثقافياً للجماهير العراقية.

ان المطالبة بإنبثاق " هيكل للمتابعة يتحول إلى مرصد للسياسة العربية " حسب ما قاله الكاتب التونسي عبد السلام المسدى شيء جيد ومفيد.. ولكن سيبقى حبراً على الورق لأننا نحتاج في هذه الحالة إلى هيكلية تنظيمية تتحرر من التأثير الحكومي الرسمي ليتسنى  تحرير خطاباتها الثقافية من الثقافة الرسمية، وإلا فالمرصد ليس عليه إلا أن يكون آلة رابوتية تراقب وترصد السياسة العربية بدون اتخاذ اجراءات عملية ضدها في حالة الخرق..

ان النقد الموجه للخطابات الثقافية القديمة يجب أن يبدأ من التخلص من الخطابات الثقافية الحكومية الرسمية، التي حاولت جهد ما في قدرتها تحيد الجهود لخلق اطارات ثقافية حرة، لا بل استعملت جميع طرق الإستبداد للمسخ والتأثير وعدم التطور، فلا يوجد خطاب رسمي حكومي يخلو من كلمات وجمل تشير إلى الحرية والديمقراطية والتحرر الوطني والعادالة الاجتماعية لكن في الحقيقة أن كل ما يذكر هو عبارة التعتيم في التطبيق العملي في الحياة الثقافية والسياسية..

إذا كانت النية في تغيير الخطاب فليبدأ من درب منح الحريات الديمقراطية وعدم أعتبار السلطة السياسية هدية ربانية لا يمكن المساس فيها، وهي مناطة بالبعض من الأشخاص دون غيرها، اما الأكتشاف الذي ظهر على بعض الاراء وبخاصة تفرد الولايات المتحدة بعد أنهيار 1989 كقطب وحيد حيث أدى إلى التخلخل في بنية المجتمع العالمي،  وما حدث في 11 / سبتمبر /2001  كنقطة في تحول السياسة الأمريكية تجاه العالم، نقول انه ليس بالجديد ونحن نتذكر سياسة الولايات المتحدة دائماً كانت تخطط للوصول إلى هذا الهدف.. ولا يمكن تناسي تاريخها الطويل في الضغط على دول العالم وتدخلاتها العسكرية واحتلالها لأراضي الغير بالقوة.

ان الحركة الفكرية النقدية كانت وما زالت عند المثقفين غير الرسمين في الأقطار العربيةعلى الدوام  مكرسة ضد الهيمنة الإستعمارية بكل انواعها، ولم تكن خطاباتهم الثقافية قد قَصّرت في هذا الإتجاه ، وقد تبلورت لكي تكون اكثر وضوحاً ضد مخاطر العولمة الرأسمالية بجعل العالم قرية صغيرة أمام تدفق رؤوس الأموال الإحتكارية والشركات متعددة الجنسية التي تهدد الاستقلال الوطني وتنعكس بالتالي على الثقافة الوطنية وخطاباتها المستقلة عن الثقافية الرسمية.

ونرى على مستوى الخطاب الثقافي الرسمي لم تجر المساهمة العملية من قبل التجمعات الثقافية في الأقطار العربية ضد العولمة وأخطارها الحقيقية، بينما العالم قد شهد موجة من الإحتجاجات لم تكن لها سابقة فيما مضى، فقد كانت بحق تعبير شعبي إحتجاجي  لإدانة طرق العولمة التي من خلالها تهدف إلى السيطرة على العالم من بواسطة السوق، وهذه الورطة الكبيرة تجلت الآن عندما جرت الإشارة لمخاطر العولمة على الأقطار العربية وضرورة التصدى لها، لا لأن الحماس الوطني دفع هذه الأصوات للإحتاج ولكن لخطورة الموضوعة أيضاً على استمرار الإستبداد والقمع لدى الحكومات العربية..

وعلى كل حال ممكن الترحيب بما قاله عبد الوهاب المسدي وزير التربية السابق في تونس ولا سيما إذا ما أخذ به وطبق عملياً أيضاً " تحرير الثقافة من السلطة والتوجه بالخطاب الثقافي إلى الجماهير " ولكننا نخاف أن يبقى بحدود الكلام والخطابات الثقافية الرسمية العلنية والتي سوف يسحب عليها ظلال الصمت  والسكوت والعبور وكأن أي شيء لم يحدث!

 

 



#مصطفى_محمد_غريب (هاشتاغ)       Moustafa_M._Gharib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محسن الرملي ـ ليالي القصف السعيدة
- عبد الباري عطوان وعقدة المثقفين العراقيين هل يحق لعبد الباري ...
- هامات فسفورية مشرقة
- العزيز الدكتور وليد الحيالي تعلم الآخرين التواضع من خلال توا ...
- ما بين الحرب والإحتلال وبين التحرير ما بين التطرف وقيام الح ...
- الجامعة العربية والإتحاد الدولي لنقابات العمال العرب وجهان ...
- الشاعر سعدي يوسف..... وعواد ناصر هل السخرية قيمة حضارية أم ...
- السيد عزيز الحاج و التعلم والتسامح الديمقراطي
- هكذا التهميش وإلا فلا انهم أول من يحتقرون كلابهم اللاحسة الم ...
- بول بريمر .. وعود، وإلغاء، ووعود عديد من - البروفات - لمسرحي ...
- هل الدولة الدينية حلاً لمشاكل جميع العراقيين والعراق ؟
- أين كنتم يا أيها البرلمانيون من ضحايانا ؟ نصيحة للذين يتراشق ...
- للأطْفَــــــــالِ أُغَنِي
- ما الفرق بين زيارة وزيارة ؟ زيارة بلير للبصرة وزيارة جي جارن ...
- حنين إلى المـــــــدّ
- العلة أصبحت ليس في المواقف فحسب وإنما في...!
- إنَهم جَاءُوا إلَينا دَيْدَبَاء... !
- البارحة كان الشيخ الفرطوسي واليوم الشيخ العبادي
- كَرَهْتُ أنْ يُبْطئ عَليكَ خَبِرِي
- الثقافة والوعي عند الإنسان


المزيد.....




- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى محمد غريب - مؤتمر الثقافة العربية هل كان الإستبداد غائباَ في يوم من الأيام عن المثقف والثقافة في الأقطار العربية ؟!