تدمير النظام التعليمي في إيران: أزمة مستمرة بلا نهاية

عبد المجيد محمد
(Abl Majeed Mohammad)

الحوار المتمدن-العدد: 8111 - 2024 / 9 / 25 - 03:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

مع اقتراب بداية العام الدراسي، يتم الاحتفال بتحول اجتماعي في معظم أنحاء العالم. ملايين العائلات تودع أطفالها إلى المدارس بأمل وتفاؤل، بينما يتجه الأطفال بشغف نحو استكشاف عالم جديد. ومع ذلك، فإن إيران تحت حكم الملالي فقدت هذه الصورة المليئة بالفرح والأمل منذ سنوات.
كل عام، يبدأ العام الدراسي مصحوبًا بقلق وحزن يعصفان بملايين العائلات الإيرانية التي تعجز عن تأمين تكاليف التعليم لأبنائها. في العام الدراسي 2021-2022، تخلى أكثر من 2 مليون طالب عن التعليم، وفي العام الدراسي 2023-2024، ارتفعت الأرقام إلى أكثر من 1.2 مليون طالب.
وسائل الإعلام الحكومية أشارت إلى أن 790,000 طالب لم يتم تسجيلهم في السنة الدراسية الجديدة. العديد من المدارس العامة، بحجة انخفاض الدرجات أو نقص المساحة، ترفض قبول الطلاب أو تضع شروطًا مالية تتجاوز إمكانيات العائلات. يعود ذلك إلى عجز الميزانية الحكومية لتلبية احتياجات المدارس الأساسية.
هذا العام، تم تحديد ميزانية وزارة التربية والتعليم بمبلغ 25.68 تريليون ريال، أي ما يعادل 4 مليارات دولار. هذا المبلغ يبدو ضئيلاً أمام عدد الطلاب الذي يصل إلى 17 مليونًا وحوالي مليون معلم. وللأسف، كان مبلغ الميزانية الإضافية المخصصة لقوات الأمن، جنبًا إلى جنب مع الميزانية السنوية، 4 مليارات دولار أيضًا.
في الواقع، تُظهر الإحصائيات أن إيران تحتل المرتبة 112 من بين 166 دولة من حيث إنفاق التعليم العام. بينما تبلغ ميزانية التعليم في اليابان 165 مليار يورو، وفي السعودية 32 مليار يورو، وفي تركيا 22.2 مليار يورو.
إن الفجوة بين الميزانية المتواضعة للتعليم واحتياجاته الفعلية تُملأ إما عن طريق الابتزاز المالي من الأسر أو بتقليص كمية ونوعية التعليم.
بعد تجاوز مرحلة التسجيل، يواجه الآباء عبء تكاليف الكتب، والقرطاسية، ووسائل النقل. تشير التقارير إلى زيادة بنسبة 20% في أسعار المستلزمات المدرسية مقارنة بالعام الماضي. رئيس اتحاد بائعي القرطاسية في طهران قدر تكلفة أبسط مجموعة قرطاسية بحوالي 10 ملايين ريال، وهذا المبلغ يزداد خلال العام الدراسي، مما يجبر العديد من العائلات على عدم إرسال أطفالها إلى المدرسة.
لكن التمييز وعدم المساواة لا يتوقف عند هذا الحد. إذا تمكن الطالب من التغلب على هذه العقبات والدخول إلى المدرسة، فإنه سيواجه مدارس تفتقر إلى الحد الأدنى من المعايير. وفقًا لرئيس إدارة الإطفاء، "أكثر من 50% من مدارس طهران غير آمنة".
يمكن للمرء أن يتخيل حالة المدارس في المقاطعات المحرومة بناءً على وضع المدارس في العاصمة. آلاف الفصول الدراسية في جميع أنحاء البلاد تُعقد في أكواخ، وحظائر، وحاويات، وغرف من الطين، تفتقر حتى إلى أبسط ظروف الحياة.
وضع التعليم في المدارس العامة أسوأ بكثير من الظروف المادية. تواجه نظام التعليم نقصًا في 200,000 معلم، مما يؤدي إلى عدم تمكن الطلاب من التعلم بشكل كافٍ خلال السنة الدراسية. وفقًا للمتحدث باسم وزارة التربية والتعليم، كان متوسط GPA للطلاب في محافظة سيستان وبلوشستان في العام الدراسي الماضي حوالي (7)، مما يدل على انخفاض مرعب في المعايير التعليمية وزيادة في معدلات الفشل، بينما المعدل الوطني يتجاوز قليلاً 10 من 20.
بالنسبة للمدارس الخاصة، الوضع مختلف تمامًا. تتراوح رسوم الدراسة في هذه المدارس الخاصة من 550 مليون ريال إلى 1.5 أو 2 مليار ريال أو أكثر. في الواقع، وفقًا لتقارير وسائل الإعلام، أظهرت الإحصائيات أن 93% من الطلاب الذين حصلوا على أعلى المراتب في امتحانات القبول الجامعي لعام 2024 كانوا من المدارس الخاصة. هذا يعني أن أطفال العمال والفئات ذات الدخل المنخفض ليس لديهم فرصة للوصول إلى التعليم الجامعي.
لذا، تعتبر المدارس، مثل الجامعات، مراكز محتملة للاحتجاج والثورة. خلال احتجاجات ديسمبر 2017، ونوفمبر 2019، والاحتجاجات الوطنية التي استمرت لعدة أشهر في عام 2022، كان الطلاب في الصفوف الأمامية للاحتجاجات ضد النظام.

تدمير النظام التعليمي في إيران؛ أزمة مستمرة بلا نهاية
إن تدمير النظام التعليمي في إيران هو نتيجة للفشل الإداري والفساد المتأصل في البلاد. النظام الذي لا يبدي اهتمامًا باحتياجات الطلاب والعائلات، لا يدمر فقط مستقبل أطفال إيران، بل يلحق أيضًا جروحًا عميقة بجسد المجتمع. ومع عدم وجود أي علامات على تحسن الأوضاع، ستستمر هذه الكارثة، مما يجعل الأجيال القادمة تواجه تحديات أكبر.

#عبد_المجيد_محمد (هاشتاغ)       Abl_Majeed_Mohammad#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل