أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أكد الجبوري - الحرب على العراق: الغلاية المستعارة/ بقلم سلافوي جيجيك (8 - 8) والاخيرة - ت: من الألمانية أكد الجبوري















المزيد.....

الحرب على العراق: الغلاية المستعارة/ بقلم سلافوي جيجيك (8 - 8) والاخيرة - ت: من الألمانية أكد الجبوري


أكد الجبوري

الحوار المتمدن-العدد: 8105 - 2024 / 9 / 19 - 02:29
المحور: الادب والفن
    


اختيار وإعداد الغزالي الجبوري و أبوذر الجبوري - ت: من الألمانية أكد الجبوري



"هناك فكرة مفادها أننا اليوم ليبراليون ساخرون ومتشككون ولا نؤمن بأي شيء، ولكن هناك أيضًا ما يسمى بالأصوليين البدائيين الذين يأخذون ما يؤمنون به على محمل الجد". (سلافوي جيجيك) (1949 - )

سلسة مقالات للمفكر والمنظر الثقافي السلوفيني سلافوي جيجيك (1949 - ) مأخوذة من كتابه الموسوم ("العراق: الغلاية المستعارة". 2004) . إليكم أدناه: المحور الثامن والأخير: "ما لا يعرفه رامسفيلد عن أبو غريب" والمنشورة مقالة أيضا: في صحيفة (التايمز) - 21 مايو 2004.

النص؛

- ما لا يعرفه رامسفيلد عن "أبو غريب"؛

هل يتذكر أحد منكم محمد سعيد الصحاف البائس؟ فباعتباره وزيراً للإعلام في عهد صدام حسين، كان ينكر بكل شجاعة الحقائق الواضحة ويتمسك بالخط العراقي. وحتى عندما كانت الدبابات الأميركية على بعد مئات الأمتار من مكتبه، استمر الصحاف في الزعم بأن اللقطات التلفزيونية للدبابات في شوارع بغداد كانت من مؤثرات هوليوود الخاصة. ولكن ذات مرة، صدم الصحاف بحقيقة غريبة. فحين قيل له إن الجيش الأميركي يسيطر بالفعل على أجزاء من بغداد، رد بحدة: "إنهم لا يسيطرون على أي شيء ـ بل إنهم لا يسيطرون حتى على أنفسهم!". وعندما انتشرت الأخبار الفاضحة عن الأشياء الغريبة التي تجري في سجن أبو غريب ببغداد، رأينا لمحة من هذا البعد من أنفسهم الذي لا يسيطر عليه الأميركيون.

وفي رد فعله على الصور التي تظهر سجناء عراقيين يتعرضون للتعذيب والإذلال على أيدي جنود أميركيين، أكد الرئيس جورج دبليو بوش، كما كان متوقعاً، على أن أفعال الجنود كانت جرائم منعزلة لا تعكس القيم التي تدافع عنها أميركا وتقاتل من أجلها ـ قيم الديمقراطية والحرية والكرامة الشخصية. إن تحول القضية إلى فضيحة عامة وضعت الإدارة الأميركية في موقف دفاعي يشكل علامة إيجابية. ففي ظل نظام "استبدادي" حقيقي، كان من الممكن أن يتم التكتم على القضية بكل بساطة. (وبنفس الطريقة فإن عدم عثور القوات الأميركية على أسلحة الدمار الشامل يشكل علامة إيجابية: ذلك أن القوة "الاستبدادية" الحقيقية كانت لتفعل ما يفعله رجال الشرطة عادة ـ زرع المخدرات ثم "اكتشاف" الأدلة على ارتكاب الجريمة).

ولكن هناك عدد من السمات المزعجة التي تعقد هذه الصورة البسيطة. ففي الأشهر القليلة الماضية كانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر تقصف البنتاجون بانتظام بتقارير عن الانتهاكات في السجون العسكرية العراقية، وكانت التقارير تتجاهلها على نحو منهجي. وهذا لا يعني أن السلطات الأميركية لم تكن تتلقى أي إشارات بشأن ما كان يجري ـ بل إنها ببساطة لم تعترف بالجرائم إلا عندما (وبسبب) مواجهة الكشف عنها في وسائل الإعلام. وكان رد الفعل الفوري من جانب المسؤولين العسكريين الأميركيين مفاجئاً، على أقل تقدير. لقد أوضحوا أن الجنود لم يتلقوا تعليماً سليماً حول قواعد اتفاقية جنيف حول كيفية معاملة أسرى الحرب ـ وكأن المرء لابد وأن يتعلم عدم إذلال وتعذيب السجناء!

ولكن التعقيد الرئيسي يكمن في التناقض بين الطريقة "القياسية" التي كان السجناء يتعرضون للتعذيب بها في ظل نظام صدام والطريقة التي كانوا يتعرضون للتعذيب بها في ظل الاحتلال الأميركي. ففي ظل صدام كان التركيز منصباً على إلحاق الألم المباشر، في حين ركز الجنود الأميركيون على الإذلال النفسي. فضلاً عن ذلك فإن تسجيل الإذلال بالكاميرا، مع إدراج الجناة في الصورة، ووجوههم تبتسم بغباء إلى جانب أجساد السجناء العارية الملتوية، كان جزءاً لا يتجزأ من العملية، في تناقض صارخ مع سرية التعذيب التي كان صدام يحيط بها. والواقع أن أوضاع السجناء وأزياءهم ذاتها تشير إلى إخراج مسرحي، أو نوع من اللوحات الحية، التي تذكرنا بفن الأداء الأميركي، أو "مسرح القسوة"، أو صور مابلثورب أو المشاهد المزعجة في أفلام ديفيد لينش.

إن هذا التمثيل المسرحي يقودنا إلى لب المسألة: فكل من يعرف حقيقة أسلوب الحياة الأميركي، فإن الصور تعيد إلى الأذهان الجانب القبيح من الثقافة الشعبية الأميركية ـ على سبيل المثال، طقوس التعذيب والإذلال التي يتعين على المرء أن يخضع لها لكي يتم قبوله في مجتمع مغلق. وتظهر صور مماثلة على فترات منتظمة في الصحافة الأميركية بعد أن تنفجر فضيحة ما في قاعدة للجيش أو حرم مدرسة ثانوية، عندما تتجاوز مثل هذه الطقوس الحدود. وكثيراً ما نشاهد صوراً لجنود وطلاب مجبرين على اتخاذ أوضاع مهينة، والقيام بإيماءات مهينة، وتحمل عقوبات سادية.

إن التعذيب في أبو غريب لم يكن مجرد حالة من الغطرسة الأميركية تجاه شعب من بلدان العالم الثالث. ذلك أن خضوع السجناء العراقيين للتعذيب المهين كان بمثابة تنشئة فعلية للثقافة الأميركية: فقد ذاقوا الجانب القبيح من هذه الثقافة والذي يشكل المكمل الضروري للقيم العامة المتمثلة في الكرامة الشخصية والديمقراطية والحرية. ولا عجب إذن أن الإذلال الطقسي للسجناء العراقيين لم يكن حالة معزولة بل جزءاً من ممارسة واسعة النطاق. ففي السادس من مايو/أيار اضطر دونالد رامسفيلد إلى الاعتراف بأن الصور التي نشرت على الملأ ليست سوى "قمة جبل الجليد"، وأن هناك أشياء أكثر قوة في المستقبل، بما في ذلك أشرطة الفيديو التي تصور حالات اغتصاب وقتل.

وهذه هي حقيقة التصريح الرافض الذي أدلى به رامسفيلد قبل شهرين، والذي قال فيه إن قواعد اتفاقية جنيف "عفا عليها الزمن" فيما يتصل بالحروب الدائرة اليوم.

وفي المناقشة الدائرة حول سجناء جوانتانامو كثيراً ما نسمع حججاً تؤكد أن معاملتهم مقبولة أخلاقياً وقانونياً لأنهم "من الذين لم تصبهم القنابل". إن هؤلاء السجناء كانوا هدفاً للقصف الأميركي ونجوا منه عن طريق الصدفة، ولأن هذه القصف كانت جزءاً من عملية عسكرية مشروعة، فلا يجوز لنا أن ندين مصيرهم عندما وقعوا في الأسر بعد القتال ـ أياً كان وضعهم، فإن هذا أفضل وأقل خطورة من الموت. وهذا المنطق يخبرنا بأكثر مما يقصد أن يقول. فهو يضع السجناء في موقف حرفي من "الموتى الأحياء"، أولئك الذين ماتوا بالفعل (فقدوا حقهم في الحياة لأنهم أصبحوا أهدافاً مشروعة للقصف القاتل). وعلى هذا فإن السجناء أصبحوا الآن ما يسميه الفيلسوف جورجيو أجامبين "الإنسان المقتول"، أي أولئك الذين يمكن قتلهم دون عقاب، لأن حياتهم لم تعد مهمة في نظر القانون. وإذا كان سجناء جوانتانامو يقعون في "الفضاء بين الموتين" ـ موتى قانونياً (محرومون من وضع قانوني محدد) في حين أنهم ما زالوا أحياء بيولوجياً ـ فإن السلطات الأميركية التي تعاملهم بهذه الطريقة تصبح في وضع قانوني بيني يشكل نظيراً للإنسان المقتول. إن هؤلاء الأشخاص يعملون كقوة قانونية، ولكن تصرفاتهم لم تعد خاضعة للقانون ولا تخضع لقيوده ـ فهم يعملون في حيز فارغ يقع رغم ذلك ضمن نطاق القانون. ومن هنا فإن الكشف الأخير عن تفاصيل سجن أبو غريب يظهر لنا العواقب المترتبة على وضع السجناء في هذا المكان "بين الموتين".

في مارس/آذار 2003، انخرط رامسفيلد في بعض الفلسفة الهواة حول العلاقة بين المعروف والمجهول: "هناك معروفات معروفة. وهي أشياء نعرف أننا نعرفها. وهناك مجهولات معروفة. وهذا يعني أن هناك أشياء نعرف أننا لا نعرفها. ولكن هناك أيضاً مجهولات غير معروفة. وهناك أشياء لا نعرف أننا لا نعرفها". ولكن ما نسيه أن يضيفه هو المصطلح الرابع الحاسم: "المجهولات المعروفة"، الأشياء التي لا نعرف أننا نعرفها ـ والتي تمثل على وجه التحديد اللاوعي الفرويدي، "المعرفة التي لا تعرف نفسها"، كما اعتاد لاكان أن يقول.

إذا كان رامسفيلد يعتقد أن المخاطر الرئيسية في المواجهة مع العراق كانت تتمثل في "المجهولات غير المعروفة"، أي التهديدات التي يفرضها صدام والتي لا نستطيع حتى أن نشك في طبيعتها، فإن فضيحة أبو غريب تظهر أن المخاطر الرئيسية تكمن في "المجهولات غير المعروفة" ـ المعتقدات والافتراضات والممارسات الفاحشة التي نتظاهر بعدم معرفتها، برغم أنها تشكل الخلفية التي تقوم عليها قيمنا العامة.

وعلى هذا فإن بوش كان مخطئاً. فما نحصل عليه عندما نشاهد صور السجناء العراقيين المهينين هو على وجه التحديد نظرة مباشرة إلى "القيم الأميركية"، إلى جوهر المتعة الفاحشة التي تدعم أسلوب الحياة الأميركي.



#أكد_الجبوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تهويدة رائحة الكتب القديمة/بقلم فرانسيسكا اغيري - ت: من الإس ...
- الحرب على العراق: الغلاية المستعارة/ بقلم سلافوي جيجيك (7 - ...
- تهويدة النفايات/بقلم فرانسيسكا اغيري الشعرية
- الطبيعة البشرية والتعلم؟ | بواسطة همبرتو ماتورانا - ت: من ال ...
- الحرب على العراق: الغلاية المستعارة/ بقلم سلافوي جيجيك (6 - ...
- الحرب على العراق: الغلاية المستعارة/ بقلم سلافوي جيجيك (6 - ...
- تراتيل عشبة الخلود - شعوب الجبوري - ت: من الألمانية أكد الجب ...
- الغريب/ بقلم فرانسيسكا اغيري - ت: من الإسبانية أكد الجبوري
- الحرب على العراق: الغلاية المستعارة/ بقلم سلافوي جيجيك (5 - ...
- الحرب على العراق: الغلاية المستعارة/ بقلم سلافوي جيجيك (4 - ...
- مختارات هاينريش هاينه الشعرية - ت: من الألمانية أكد الجبوري
- الثقافة والمأساة /بقلم رولان بارت -- ت: من الفرنسية أكد الجب ...
- الحرب على العراق: الغلاية المستعارة/ بقلم سلافوي جيجيك (3 - ...
- الثقافة والمأساة /بقلم رولان بارت - ت: من الفرنسية أكد الجبو ...
- الحرب على العراق: الغلاية المستعارة/ بقلم سلافوي جيجيك (3 - ...
- الأصولية الدينية تحرضنا لكرامة الشك/ بقلم سلافوي جيجيك - ت: ...
- الحرب على العراق: الغلاية المستعارة/ بقلم سلافوي جيجيك (2 - ...
- شوارع أيلول الحزينة - إشبيليا الجبوري - ت: من الفرنسية أكد ا ...
- دماء الحرية /بقلم ألبير كامو - ت: من الفرنسية أكد الجبوري
- الواقع الآسن/ بقلم سلافوي جيجيك - ت: من الألمانية أكد الجبور ...


المزيد.....




- الدنماركي توماس فينتربيرغ رئيسا للجنة تحكيم مهرجان الفيلم في ...
- شموع وصلوات وموسيقى في إسرائيل لإحياء ذكرى 7 أكتوبر
- أقوى إشارة وجودة HD … تردد قناة بطوط كيدز الجديد 2024 على ال ...
- سليمان الرياعي: التقدم الرقمي أحدث تحولا إستراتيجيا سريعا في ...
- طوفان الشعر.. كيف وثق الشعراء 7 أكتوبر وتفاعلوا معه؟
- انطلاق فعاليات المهرجان السينمائي الدولي الثامن -الجسر الأور ...
- نادي الشعر في اتحاد الأدباء يحتفي بمجموعة من الشعراء
- الفنانة المغربية لالة السعيدي تعرض -المرئي المكشوف- في -دار ...
- -الشوفار-.. كيف يحاول البوق التوراتي إعلان السيادة إسرائيل ع ...
- “المؤسس يواصل الحرب”.. موعد مسلسل قيامة عثمان الموسم السادس ...


المزيد.....

- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري
- هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ / آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أكد الجبوري - الحرب على العراق: الغلاية المستعارة/ بقلم سلافوي جيجيك (8 - 8) والاخيرة - ت: من الألمانية أكد الجبوري