أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ادم عربي - الإرادة الحرة: بين القضاء والقدر وصراع الذات!














المزيد.....

الإرادة الحرة: بين القضاء والقدر وصراع الذات!


ادم عربي
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8098 - 2024 / 9 / 12 - 18:48
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


بقلم : د . ادم عربي

لا تجدُ الإرادةُ الاهميةَ العلميةَ في سلوكياتِ ومُعتقداتِ كثيرٍمن الناسِ، على الرغْمِ منْ أَهميتِها في صُنعِ الأَحداثِ الجزامِ في تاريخِ البشريةِ، فالإِرادةُ في عرفِ المؤمنين لا قيمةَ ولا معنى لها، حينما ترتبطُ بالقضاء والقدر، وأَنَّ الانسانَ مُسيرٌ، وكلُ شيئٍ مكتوبٌ سلفاً،ومِنْ ثمَّ فإنَّ الإرادةَ الوحيدةَ هِيَّ إرادةُ اللهِ، فَمَا شاءَ فعلَ، إِنَّ هذهِ المعتقدات تُعلي من شأْن التقَوقُع وهدرِ طاقاتِ الإِنسانِ على حسابِ قوةِ وحيوية ِالإِنسانِ، بَلْ هِيَّ طريق ٌلعبوديةِ الانسانِ وتكريسُها.

في كثيرٍ من الأحيانِ، نجدُ مَن يُبالِغُ في تقديرِ دورِ الإرادةِ في تحقيقِ التغييرِ، بينما يُقَلِّلُ آخرونَ من شأنِها. البعضُ يَرَونَها المفتاحَ لكلِّ شيءٍ، قادِرَةً على تحويلِ المستحيلِ إلى حقيقةٍ ملموسةٍ، في حينَ يَعْتَبِرُها آخرونَ مجردَ وهمٍ، حيثُ يَرَونَ الإنسانَ مُسيَّرًا، لا يفعلُ إلّا ما هو مكتوبٌ لهُ مسبقًا من قِبَلِ قوَّةٍ عليا تَفُوقُ إرادَتَهُ البشريَّةَ أو ليستْ من جنس البشر، وكأنَّهُ نهرٌ يَسيرُ في مجرًى محدَّدٍ لا يستطيعُ تغييرَهُ.

عندما اطَّلَعَ نيتشهُ على بعضِ جوانبِ النقاشِ الشرقيِّ المستمرِّ حولَ التسييرِ والتخييرِ، والقضاءِ والقدرِ، وعلى العلاقةِ المثيرةِ للجدلِ بينَ هذه المفاهيمِ وبين الإرادةِ الحرةِ للإنسانِ، عَلَّقَ قائلاً: "لقد نَسِيَ الشرقيُّونَ في جدالِهم هذا أمرًا بسيطًا ولكنهُ بالغُ الأهميةِ، وهو أنَّ نظامَ القضاءِ والقدرِ يَستوجبُ منهم أنْ يَفهموا إرادَتَهم الحرَّةَ على أنَّها جزءٌ لا يتجزَّأُ من هذا النظامِ."

في فلسفتِه، نيتشهُ لم يكنْ يومًا من مؤيِّدي إلغاءِ الإرادةِ الحرَّةِ للإنسانِ؛ بلْ على العكسِ، كانَ أشدَّ المدافعينَ عن تمجيدِها ورفعِ مكانتِها. فقد أرادَ لهذا الإنسانِ أنْ يَبلُغَ مرتبةَ "الإلهِ" من حيثُ القوةُ والعزيمةُ، ولم يكنْ يرى سبيلًا لتحقيقِ ذلكَ سوى من خلالِ تعزيزِ الإرادةِ وتقويَتِها وجعلِها حرَّةً.

من وجهةِ نظري، يبدو أنَّ نيتشهَ، بأسلوبِهِ الساخرِ، كانَ يَدعو الشرقيينَ إلى التخلِّي عن فكرةِ الإرادةِ الحرَّةِ إذا كانوا يؤمنونَ تمامًا بفكرةِ التسييرِ والقضاءِ والقدرِ، وكأنَّ الجمعَ بينَ هاتينِ الفكرتينِ أمرٌ مستحيلٌ.

ولا شَكَّ أَنَّ الارادةَ وإِذا ما سلمنا بوجودها تختلف من شخص لآخر، وبالرغْمِ مِنْ أنّ الإرادةَ موجودةٌ عند جميع الأفراد إلاّ أنَّنا نراها عند البعض قوية، وعند البعض ضعيفة، ومن الممكن أنْ تكونَ متوسطة عند آخرين، كما أنّها تخضع للعوامل الذاتية داخل الشخص نفسه ، فالمشكلات التي يحلها ويتجاوزها شخصٌ قويُّ الإرادةِ تحتاج من الوقت أَقلَّ مِنَ الشخصِ ضعيفَ الإرادة، والضعفُ والقوةُ في الإِرادة تعتمد على مقدار إِهتمام وعزم الشخص صاحب الإِرادة، والتي بالجوهر صراع بين الذات والموضوع، ولَمْ يوجد قويّ الإرادة من البشر إلَّا لإقامة الدليل على ضعيف الإِرادة من البشر، لا أَحسبُ "نابليون" ضعيفَ الإِرادةِ عندما قالوا له أَنَّ جبالَ "الالب" تُشكل عائقاً أَمامَ الجند، عندما أَجابَ: فلتُسوَى بالأَرض جبالُ"الالب"، ولا أَحسبُ "المتنبي" عديمَ الإَرادةِ، عندما قالَ: عَلى قَدْرِ أهْلِ العَزْم تأتي العَزائِمُ .

إِنَّ الإِرادةََ فيما تعنيه هي فهم الضرورة وليس ضرورة الفهم فإنَّ الاخيرةَ تبدو كأَنَّها قادمة من الخارج، وليستْ حصيلة تفاعل بين الذات والموضوع، إِنَّ التفاعلَ بين الذات والموضوع لا بُدَّ له من وعي الضرورة والتي بأَسْمَّى معانيها الحرية، فالحرية هي وعي الضرورة، أَمَّا ضرورة الوعي فهي تُشبة الحرية في الأَديانِ والتي لا معنى مُرادف لها سوى العبودية .

أَنا حرٌ أَفعلُ ما أُريد، لكنْ!، هل يوجد موضوعية في تلك المقولة؟ نعم أَنتَ حرٌ وتستطيع أَنْ ترمي نفسك في بركة سباحة وتغرق لتَكتَشِفَ كيف كانت عاقبة مَنْ لَمْ يتعلَّم السباحة حتى يُقَرر فعل أَو ممارسة الحرية، إِنَّ فهمَ ووعي طبيعة القوانين الموضوعية طريقكك لممارسة الحرية، عباس بن فرناس حاول الطيران فكانت نهايتة مأْساوية لأَنه لَمْ يدرك ولم يعي قوانين الطيران، ربما أَردتَ قطعَ جدولٍ وأَنتَ لا تعرف السباحة، فهلْ تمشي على الماء؟ لا يكون الأَمر كذلك، لا بُدَّ لك من معرفة جميع قوانين الطفو على الماء، لتستعمل جذع شجرة مُجَوَف على شكل قارب صغير لعبور الجدول، أَنا أُريد ذلك الشيء، وأَنتَ الآخر تُريد نفس الشيء، الإِرادةُ الحرةُ لكلينا تبدو نقيضين، لأَنَّه أَحدنا فقط سيحصل على ذاك الشيء، لأَنَّ الإِختلاف في فهم وإِسيعاب الحصول على ذلك الشيء مختلف كل الإِختلاف، وهكذا تسيرُ الاشياء ُوالاحداث ُفي كلا الجانبين نتيجةَ توافقٍ أَو صراعٍ بينَ الذات الموضوع، لنجدَ التاريخَ في النهاية يُسجِّل أَحداثة رغم إِرادتنا لكنْ! ، ليس كما نحبُ كلانا أَو على الاقل ليسَ كما يحبُ أَحدُنا.



#ادم_عربي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كثيراً ما!
- العدم فكرة غبية!
- تجليات!
- المفاوضات حول إنهاء الحرب على غزة: إلى أين؟!
- العالَم الذي جَعَلَتْ منه الولايات المتحدة ضاحيةً لها!
- مرايانا!
- أَخْرُجُ في اللَّيْلِ
- السَّطوُ!
- إسرائيل... الوجوه المتعددة لعملة واحدة!
- جلنار أو زهر الرمان!
- -الحريديم-.. القنبلة الموقوتة في -إسرائيل!
- عودة الاغتيال السياسي إلى أميركا: خطر الحرب الأهليّة
- مشروع 2025.. خطة للحكم أم وصفة لتدمير أميركا؟
- كاميلا هاريس رئيسة ام شرارة في برميل البارود؟
- نساء!
- مفارقة -الابن- أكبر من أبيه!
- تجربة آينشتاين معَ الحقيقة!
- سأقولُ ما لمْ يقلْهُ أحد!
- الخير والشَّر!
- دراسة في فكر مهدي عامل!


المزيد.....




- اختفت منذ 82 عامًا.. اكتشاف سفينة حربية يابانية من الحرب الع ...
- نظرة على معاناة عائلة للحصول على طبق واحد فقط في غزة
- غزة: مقتل أكثر من 1000 فلسطيني لدى محاولتهم الحصول على مساعد ...
- إردام أوزان يكتب: وهم -الشرق الأوسط الجديد-.. إعادة صياغة ال ...
- جندي يؤدي تحية عسكرية للأنصار في سيطرة ألقوش
- 25 دولة غربية تدعو لإنهاء الحرب في غزة وإسرائيل تحمل حماس ال ...
- -إكس- و-ميتا- تروّجان لبيع الأسلحة في اليمن.. ونشطاء: لا يحذ ...
- عاجل | السيناتور الأميركي ساندرز: الجيش الإسرائيلي أطلق النا ...
- سلاح الهندسة بجيش الاحتلال يعاني أزمة غير مسبوقة في صفوفه
- السويداء وتحدي إسرائيل الوقح لسوريا


المزيد.....

- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ادم عربي - الإرادة الحرة: بين القضاء والقدر وصراع الذات!