|
كاميلا هاريس رئيسة ام شرارة في برميل البارود؟
ادم عربي
كاتب وباحث
الحوار المتمدن-العدد: 8065 - 2024 / 8 / 10 - 19:40
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
إلى أيِّ مدًى يُمكِنُ أن تُشَكِّلَ كاميلا هاريس المرشَّحةَ الأفضلَ لمواجهةِ دونالدَ ترامب؟ نَشأَتُها، بِيئتُها، أُصولُها، وزَوجُها، وصولُها لمَنصِبِ نائبِ الرئيس، وترشيحُ بايدنَ لها، كلُّ هذه العواملِ تَجعَلُها الأوفرَ حظًّا لمقارعةِ ترامب، على الرغمِ من وجودِ منافسينَ آخرينَ داخلَ الحزبِ الديمقراطي بعدَ انسحابِ بايدنَ من السباق.
السؤالُ المطروحُ هنا: هل سَتتمكَّنُ كاميلا هاريس من الوُصولِ إلى البيتِ الأبيض، أم أنَّها ستكونُ مجردَ شرارةٍ في برميلِ البارودِ الذي قد ينفجرُ في أيِّ لحظة؟ رغمَ أنَّها تبدو الأقدَرَ والأبرَزَ على منافسةِ ترامب، إلَّا أنَّ الظُّروفَ الحاليَّةَ تميلُ بشكلٍ واضحٍ لصالحِ الأخير. كلُّ العواملِ حتى الآنَ لعِبَتْ في مصلحتِه.
كاميلا هاريس تُمثِّلُ مرشَّحًا قويًّا تَمَّ إعدادُه منذُ فترةٍ طويلة، ومَن قامَ بإعدادِها يَعرِفُ جيدًا تعقيداتِ المشهدِ الأمريكي. فهي تَنتَمي إلى أُصولٍ آسيويةٍ، ووالِدَاها ليسا من الأنجلو ساكسونَ البيضِ، وزَوجُها يهوديٌّ. كانت قاضيةً ومَحسوبةً على يَسارِ الحزبِ الديمقراطيِّ من جماعةِ ساندرز. اختيارُها كنائبٍ لبايدنَ في انتخاباتِ 2020 كان عامِلًا مهمًّا في انتصارِ الديمقراطيينَ، إذا ما استَثنَينا اتِّهاماتِ ترامبَ بالتَّزوير.
التيارُ اليساريُّ في الحزبِ الديمقراطيِّ، بقيادةِ ساندرز، يَتَّخذُ مواقفَ معاديةً لنتنياهو ولعدوانيةِ إسرائيل، ويُؤَيِّدُ المُهاجرينَ ويُمَثِّلُ الفقراءَ والمُهمَّشينَ في أمريكا. هذا التيارُ يَدعو للعدالةِ الاجتماعيةِ ويُعارِضُ وول ستريت والليبراليةَ المتوحِّشة. من المنطقيِّ أن يكونَ ترشيحُها مُستفِزًّا لجماعاتِ اللوبيِّ الصهيوني، وأيضًا للإنجيليينَ الذينَ كسبَهم ترامبُ عندما اختارَ نائبَه من بينهم.
إلَّا أنَّ حملةَ كاميلا هاريس تبدو مُرتَبِكَةً وزَمنُها قصير، وإرثُ بايدنَ وضغوطُ فترته لا تَصُبُّ في صالحِها. في المقابل، تتصاعدُ حملةُ ترامب وتزدادُ قوَّةً وصلابةً مع نائبِه فانس. حتى لو فازتْ كاميلا بالانتخاباتِ، لن يتركَها ترامبُ وفريقُه بسلام؛ سيتَّهمونَ النظامَ بالتزوير، وقد يُنفِّذُ تهديدَه بتحويلِ أمريكا إلى ساحةِ حربٍ، كما وعدَ بأنَّها ستكونُ آخرَ انتخاباتٍ إذا لم يتمكَّنْ من البقاءِ في البيت الأبيض.
أُصولُ كاميلا، وتمثيلُها للهِسبانيك والملونينَ، سَتَدفعُ الأنجلو ساكسونَ البيضَ إلى الالتفافِ حولَ ترامبَ ودعمِه؛ هؤلاءِ لن يَقبَلوا بخسارةِ أمريكا، ولا يزالونَ يُشكِّلون نحوَ 60% من السكان، وهم متماسكونَ، عنصريونَ، مسلحونَ، ومقاتلونَ. في المقابل، يُعاني الحزبُ الديمقراطيُّ من التفككِ والصراعاتِ الداخلية، مما أفقدَه هويتَه وميزاته.
أمريكا، بعد 248 سنةً من استقلالِها ووحدتِها، تبدو مأزومةً بشكلٍ هيكليٍّ وبنيويٍّ. تحتاجُ إلى إعادةِ ترتيبِ نظامِها وإجراءِ تغييراتٍ جذريةٍ في توازناتِها بينَ السلطاتِ والولاياتِ والهُويات. مع تَراجُعِ هيمنتِها ومكانتها، تُواجهُ تحدياتٍ متزايدةً من قوى صاعدة، وتَسعى الكثيرُ من الأُممِ للتحررِ من سيطرتِها.
الاقتصادُ الرأسماليُّ الذي كانت تتبناه أمريكا في حقبةِ الليبراليةِ المتوحشةِ فقَدَ بريقَه، وأثبتَ فشَلَه، وولَّد كوارثَ للشعبِ الأمريكيِّ والعالم. كلُّ عناصرِ الانهيارِ الاقتصاديِّ متوفرةٌ، ولا أُفُقَ لإصلاحٍ أو معالجةٍ هذه المشاكلِ، فقد تمَّ استنفادُ كلِّ الحلولِ الممكنة.
في النهاية، أمريكا تُواجه ثلاثةَ سيناريوهاتٍ محتملةً:
انتخابُ ترامبَ رئيسًا، مما سيؤدي إلى تغييرٍ نوعيٍّ في هيكلِ النظامِ ودورِ أمريكا العالمي.
انتخابُ كاميلا هاريس أو ديمقراطيٍّ آخر، مما قد يُؤدي إلى فوضى لا تخلو من العدوانيةِ واستخدامِ السلاح.
عدمُ إجراءِ الانتخاباتِ لأسبابٍ تتعلقُ بالتوازناتِ القَلِقةِ، أو نجاحُ لوبيِّ العولمةِ في خَلقِ فراغٍ أو التسبُّبِ بحربٍ تَسمحُ بتأجيلِ الانتخاباتِ وتنصيبِ هاريس مكانَ بايدنَ بغطاءِ حالةِ الطوارئِ أو الحرب.
في أي سيناريو تختارُه أمريكا، سواءٌ من خلال الانتخاباتِ أو أيِّ مسارٍ آخر، فإنها ستظلُّ في حالةِ تراجعٍ وانشغالٍ بنفسِها. وهذا قد يكونُ فرصةً للشعوبِ والأُممِ الأخرى لاستثمارِ هذا التراجعِ لصالحِها أو يظفرَ مَن يستثمرُ فيها.
#ادم_عربي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نساء!
-
مفارقة -الابن- أكبر من أبيه!
-
تجربة آينشتاين معَ الحقيقة!
-
سأقولُ ما لمْ يقلْهُ أحد!
-
الخير والشَّر!
-
دراسة في فكر مهدي عامل!
-
اذكريني!
-
نقض الفلسفة الوجودية !
-
نحن الظالمون!
-
في ماركسية ماركس!
-
الاقتصاد السياسي للنقود!
-
ولما أشرق وجهك
-
فلسفة أكسل هونيث!
-
الديالكيك ...فهماً وتحليلاً!
-
على ضفافِ طَيْفِكِ!
-
فوز اليسار في فرنسا ...واقع وتحديات
-
هل الوعي البشري هو الذي اخترع اللغة؟
-
فلسفة جاك دريدا!
-
فلسفة يورغن هابرماس وملاحظاتي عليها!
-
مفاسِد تربوية وأخلاقية!
المزيد.....
-
بدء تصوير -ليالي روكسي-.. يجمع دريد لحام ومنى واصف بعد 42 عا
...
-
مسؤولان أمريكيان يفضحان سبب موافقة نتنياهو على عمليات تفجير
...
-
بنغلاديش: مظاهرات حاشدة لأنصار الحزب الوطني المعارض في دكا ت
...
-
15 مؤسسة إعلامية ألمانية تطالب بالسماح لها بدخول قطاع غزة
-
واشنطن توجه رسالة تهديد مبطن إلى إيران بعد تفجيرات أجهزة -بي
...
-
زيلينسكي يدفع المسؤولية عن نفسه بقضايا التحرش في الجيش الأوك
...
-
الدفاع المدني والصحة بغزة ينشران تحديثا للوضع الميداني وعدد
...
-
إعلام إٍسرائيلي: -حزب الله- سيرد على انفجار أجهزة -البيجر- و
...
-
الجيش العراقي يدمر معاقل لـ-داعش- شرق محافظة صلاح الدين
-
وزير الخارجية المصري ينقل رسالة من السيسي لرئيس وزراء لبنان
...
المزيد.....
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
المزيد.....
|