أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ادم عربي - تجربة آينشتاين معَ الحقيقة!















المزيد.....

تجربة آينشتاين معَ الحقيقة!


ادم عربي
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8061 - 2024 / 8 / 6 - 17:38
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


د. ادم عربي



حَتَى الَّذِينَ يُعَادُونَ الحَقِيقَةَ لَا يَسْتَغْنُونَ عَنْ طَلَبِهَا وَالبَحْثِ عَنْهَا فِي كلِّ شَأْنٍ مِنَ الشُّؤُونِ الحَيَاتية؛ وَلَكِنَّهُمْ يُجْبَرُونَ بِمَصْلَحَتِهِمْ عَلَى مُخَالَفَتِهَا وَنَفْيِهَا وَتَحْرِيفِهَا وَإِخْفَائِهَا عَمَّنْ يَحْتَاجُ إِلَيْهَا مِنَ النَّاسِ أوْ له مَصْلَحة بها؛ فَلَوْ كَانَتْ الحقيقة مَبْدَأً رِيَاضِيًّا يضُرُّ بِمَصْلَحَتِهِمْ لَحَارَبُوهُ بضَراوة .



لَا نَزَالُ نَسْعَى إِلَى الحَقِيقَةِ بِكُلِّ مَا نَمْلِكُ مِنْ جُهْدٍ وَزَمَنٍ فِي البَحْثِ عَنْهَا؛ وَلَكِنَّنَا لَمْ نتَواضعْ بَعْدُ ولنْ نتَواضعْ أبَداً ، لإجابةِ سُؤَالٍ بَسِيطٍ هو :مَا هِيَ الحَقِيقَةُ؟؛ وَكَأَنَّنَا نريدُ أَنْ نَجْعَلَ الحَقِيقَةَ تَخْضَعُ لِمَصْلَحَتِنَا وَتَتَلَاءَمُ مَعَ مَصْلَحَةِ مَنْ يَمْلِكُ المَصْلَحةَ في تَعْرِيفِهَا.



وَكَانَ لِآينشتاين رُؤْيَتُهُ الخَاصَّةُ فِي الحَقِيقَةِ ؛ فَهُوَ الَّذِي قَالَ "إِنْ كَانَتِ النَّظَرِيَّةُ (الجَدِيدَةُ) لَا تَتَفِقُ مَعَ الوَاقِعِ؛ فَعَلَيْنَا، إِذًا، أَنْ نُعَدِّلَ الوَاقِعَ ذَاتَهُ".



لَا شَكَّ أَنَّهُ مِنْ المثَالِيَّةِ المُطْلَقَةِ" أَنْ يَطْلُبَ الإِنْسَانُ (وَأَنَا أَدْرِي أَنَّ آينشتاين يَمْزَحُ فِي قَوْلِهِ هَذَا) أَنْ يُغَيِّرَ الوَاقِعَ حَتَّى يَنْسَجِمَ مَعَ النَّظَرِيَّةِ؛ فَـالْموضُوعِيُّ فِي النَّظَرِ إِلَى الأُمُورِ يُصْلِحُ، وَيُبَدِّلُ، النَّظَرِيَّةَ (الحَدِيثَةَ) حَتَّى تَتَلَاءَمَ مَعَ الْوَاقِعِ (الموضُوعِيِّ) ، أَوْ حَتَّى تَقْتَرِبَ مِنْهُ أَكْثَرَ؛ فَكُلَّمَا ازْدَادَ تَطَابُقُ النَّظَرِيَّةِ (أَوِ الْفِكْرَةِ) مَعَ الوَاقِعِ (الْموضُوعِيِّ) ارْتَفَعَ مقْدَار الصَّواب فِيهَا .



فَرْقٌ عَظِيمٌ بَيْنَ مَنْ يُؤَيِّدُ النَّظَرِيَّةَ ؛ لِأَنَّهَا تَنْطَبِقُ عَلَى الوَاقِعِ ، وَمَنْ ينْكِرُ الوَاقِعَ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَفِقُ مَعَ نَظَرِيَّةٍ مَا أَوْ فِكْرَةٍ مَا ؛ وَإِنْ كُنْتُمْ في شَكٍّ مما أَقولُ ؛ اسألوا كل مجتهدٍ في أسْلَمَة حياتنا بأوجِهها كافة.



وقَد بَيَّنَ آينشتاين فِهْمَهُ لِـلحَقِيقَةِ بِمَا يخَالِفُ المثَالِيَّةَ حِينَ عَرَّفَ الغَبَاءَ بِأَنَّهُ أَنْ يَعُودَ الْإِنْسَانُ إِلَى التَّجْرِبَةِ عِينِهَا ويُكَررها، مُتَوَهِماً أَنَّهَا سَتُنْتِجُ
نَتَائِجًا مُخْتَلِفَةً ؛ فَـالنَّتِيجَةُ أَيْ النَّتِيجَةُ الوَاقِعِيَّةُ الْعَمَلِيَّةُ تَكُونُ مُطَابِقَةً لِـلتَّوْقُّعِ إِنْ كَانَ التَّوْقُّعُ مُبْنِيًا عَلَى الْوَاقِعِ الْموضُوعِيِّ، وَتَذْهَبُ بِهِ إِنْ كَانَ ذاتياً غير موضوعي . الحقيقة ، ولَوْ أَنَّ الْمَرْءَ يُعَانِي وَيُكابدُ فِي البَحْثِ عَنْهَا حَتَّى يُظْهِرَهَا وَيَسْتَخْلِصَهَا، هِيَ دَائِمًا سَهْلَة ، وَأَسْهَلُ مِمَّا نَتَصَوَّرُ حِينَ نَبْدَأُ البَحْثَ عَنْهَا؛ وَبما يَتَوافق معَ هذا المَعْنَى ، قَامَ آينشتاين بِتَعْرِيفِ "الغَبيّ" وَ"العَبْقَريّ"، قَائِلًا إِنَّ "الغَبيّ" هُوَ الَّذِي يَسْعَى إِلَى أَنْ يُعَقِّدَ البَسِيطَ مِنَ الأُمُورِ؛ وَ"العَبْقَريّ" هُوَ الَّذِي يَجِدُ كَيْفَ يُسَهِّلَ مَا يَبْدُو مُعَقَّدًا.



هَلْ أَدْرَكْتَ، وَفَهِمْتَ، نَظَرِيَّةً مَا، أَوْ فِكْرَةً مَا؟ آينشتاين يُجِيبُ عَنْكَ (أَحْسَنَ إِجَابَةً) قَائِلًا: إِنْ لَمْ تَقْدِرْ عَلَى شَرْحِ فِكْرَتِكَ لِطِفْلٍ يَبْلُغُ مِنَ العُمْرِ ست َسنواتٍ، فَأَنْتَ نَفسَكَ لَمْ تَفْهَمْهَا بَعْدُ .



لَقَدْ تَعَوَّدْنَا أَنْ نَرَى الخيال عَلَى أَنَّهُ نَقيضُ الحقيقة ، وَالمعرفة مَعَ المنطق عَلَى أَنَّهَا صنو الحقيقة ؛ وَلَكِنَّ آينشتاين، الَّذِي وَهَبَهُ اللهُ مَوْهِبَةَ الخيال، أَرْشَدَنَا إِلَى طَرِيقَةٍ جَدِيدَةٍ فِي الْفِكْرِ، تَقُودُنَا إِلَى الحقيقة ، حِينَ قَالَ إِنَّ
الخيال أَعْظَمُ مِنْ المعرفة ، وَحِينَ قَالَ أَيْضًا إِنَّ المنطق يَنْقُلُكَ، إِذَا اتَّبَعْتَهُ، مِنْ الألِف إِلَى الياء ؛ وَلَكِنَّ الخيال هُوَ المَرْكَبَةُ الَّتِي تَنْقُلُكَ إِلَى كُلِّ مَكَانٍ.



وَلَا نَسْتَطِيعُ بِالخيال أَنْ نَصِلَ إِلَى نَظَرِيَّةٍ مَا إِلَّا إِذَا كَانَ الواقع الموضوعي هو ما يُؤيدها؛ فَعَلَيْنَا أَنْ نَلْتَزِمَ بِـالمنطق (المنطقي) ، الَّذِي يُفْهِمُنَا أَنَّ الحقيقة هِيَ كُلُّ فِكْرَةٍ تَتَنَاسَبُ (تَتَطَابَقُ) مَعَ الواقع (الموضوعي)؛ فَمَا لَنَا مِنْ وسيلة قياسٍ نَقِيسُ بِهِا الحقيقة فِي كُلِّ فِكْرَةٍ، سِوَى الواقع الموضوعي (الممارَسة، والتجربة العملية الواقعية) .



وَيَرْجِعُ آينشتاين، الَّذِي كَانَ يتَنَقَلُ بَيْنَ المثالية والمادية مِنْ جهَة، وَبَيْنَ الذاتية والموضوعية مِنْ جِهَةٍ أخرى، إِلَى وَضْع إِحْدَى رِجْلَيْهِ فِي المثالية، فَيَقُولُ إِنَّ كُلَّ عُلُومِنَا الَّتِي نقيسُها بِالوَاقِعِ أَوَّلِيَّةٌ وَصِبْيَانِيَّةٌ (فَبِأَيِّ شَيْءٍ نَقِيسُهَا حَتَّى تَنْمُوَ وَتَكْتَمِلَ؟!).



وَيَسحَبُ آينشتاين قدَمَهُ مِنْ المثالية ، لِيَقُولَ، فِي فَهمِ الحقيقة ، إِنَّ القوانين أَوِ الْمَفَاهِيمَ، وَالْأَفْكَارَ، وَالنَّظَرِيَاتَ كُلَّمَا اقْتَرَبَتْ، أَوْ اتَّصَلَتْ، أَوْ لامَستْ
الواقع اهْتَزَّتْ وَاضْطَرَبَتْ، وَكُلَّمَا اسْتَقَرَّتْ وَثَبَتَتْ (بِالْبُعْدِ عَنْهُ) خَسِرَتْ وَاقِعِيَّتَهَا؛ فَالْفِكْرُ ثَابِتٌ ؛ أَمَّا الْوَاقِعُ فَـمُتَحَرِّكٌ ؛ وَالْفِكْرُ، مَهْمَا زَادَ فِيهِ منْسُوبُ الْحَقِيقَةِ الْموضُوعِيَّةِ، يَبْقَى رَمَادِيًّا ؛ أَمَّا الوَاقِعُ فَهُوَ أَخْضَرُ دَائِمًا.

وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّظَرِيَّةَ، وَمَهْمَا ارْتَفَعَ فِيهَا مِنْسُوبُ الوَاقِعِيَّةِ وَالحَقِيقَةِ، تشبهُ صُورَةً (شَمْسِيَّةً) تلْتَقِطُهَا لِجِسْمٍ فِي حَالَةِ حَرَكَةٍ، وَيَتَغَيَّرُ فِي اسْتِمْرَارٍ، فَيَكْبُرُ، وَيَنْمُوُ، مَعَ مُضِيِ الزَّمَنِ، الفرقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الأَصْلِ .



وَبَعْدَمَا تسْتَقِرُّ قَدَم آينشتين فِي المادية ، يَنْطَلِقُ بِقُفْزَتِهِ العُظْمَى فِي تَصَوُّرِ الحقيقة ، فَيَقُولُ إِنَّ الحقيقة هِيَ مَا يَنْجَحُ فِي اخْتِبَارِ التَّجْرِبَةِ؛ فَمَا لَنَا مِنْ مِعْيَارٍ نَقِيسُ بِهِ الحقيقة ، فِي الْأَفْكَارِ وَالنَّظَرِيَاتِ، سِوَى الممارَسة ، أَوْ
التَّجْرِبَةُ الْعملِيَّةُ ؛ فَكُلُّ مَا يَتَطَابَقُ مَعَ الواقع الموضوعي لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مِنْ
عَالَمِ الحقائق .

هَذَه هيَ تجربةٌ آينشتاين فِي تَفَهُّمِ الحقيقة ؛ أَمَّا الدكتاتور العربي فَيَرَى الحقيقة ، وَيُحَدِّدُهَا؛ وَيَأْمُرُنَا بِفَهْمِهَا، وَتَقْبُلِهَا، عَلَى أَنَّهَا مَا يَخْطُرُ بِبَالِهِ؛ فَلَا مَكَانَ لِـلحقيقة فِي خَارِجِ رَأْسِهِ الصغيرة؛ وَحَذَارِي أَنْ تُجادلهُ قَائِلًا إِنَّ بيروت هِيَ عَاصِمَةُ لُبنان، إِذَا مَا اعتَبَرَهَا مَدِينَةٌ إِيْرَانِيَّةٌ!



#ادم_عربي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سأقولُ ما لمْ يقلْهُ أحد!
- الخير والشَّر!
- دراسة في فكر مهدي عامل!
- اذكريني!
- نقض الفلسفة الوجودية !
- نحن الظالمون!
- في ماركسية ماركس!
- الاقتصاد السياسي للنقود!
- ولما أشرق وجهك
- فلسفة أكسل هونيث!
- الديالكيك ...فهماً وتحليلاً!
- على ضفافِ طَيْفِكِ!
- فوز اليسار في فرنسا ...واقع وتحديات
- هل الوعي البشري هو الذي اخترع اللغة؟
- فلسفة جاك دريدا!
- فلسفة يورغن هابرماس وملاحظاتي عليها!
- مفاسِد تربوية وأخلاقية!
- واشنطن وموسكو.. صراعٌ لتبادُل المصالح!
- في فلسفة اللغة!
- الفلسفة العلمية مُركَّب كيميائي من كل العلوم!


المزيد.....




- سمكة قرش تهاجم طفلة.. والجراحون يعيدون ترميم يدها الممزقة
- وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق لـCNN: الولايات المتحدة -تمتلك ...
- عُيّن خلفا لغلام علي رشيد.. الجيش الإسرائيلي: اغتيال قائد مق ...
- السفير الإسرائيلي: سترون مفاجآت تبدو معها عملية البيجر بسيطة ...
- تقرير: العالم يتجه نحو سباق تسليح نووي جديد
- تواصل التصعيد بين إسرائيل وإيران ـ ترامب يطالب بإخلاء طهران ...
- ‌‏الجيش الإسرائيلي: قتلنا رئيس أركان الحرب الجديد في إيران ع ...
- نتنياهو يزعم أن إيران حاولت اغتيال ترامب
- بقصف إسرائيلي.. مقتل 20 شخصا على الأقل من منتظري المساعدات ا ...
- السفير الإسرائيلي: سترون مفاجآت تبدو معها عملية البيجر بسيطة ...


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ادم عربي - تجربة آينشتاين معَ الحقيقة!