أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة الجفاف العاطفي .














المزيد.....

مقامة الجفاف العاطفي .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8076 - 2024 / 8 / 21 - 19:42
المحور: الادب والفن
    


علق كتاب ((مشاعر مدفونة في صحراء نجد)) الجرس , حيث يرى أن المجتمع العربي غارق في الحرمان العاطفي , وموت المشاعر وجفافها , حتى تحولت إلى ما يشبه الرمال , في حين أن العاطفة نفحة من روح الله تعالى , واحتواء لكل شيء جميل في هذا الكون , أودعها الله في خلقه حتى يكون في أحسن هيئة من التناسق والتكامل بين أجزاء تكوينه , يقول أدهم شرقاوي : (( واللقمة يضعها الرجل في فم أمرأته صدقة )) , نركز على لفظة اللقمة , ونهمل يضعها في فم أمرأته , السر اذا ليس في اللقمة , بل في طريقة تقديمها .

جاء الأقرع بن حابس إلى رسول الله فرآه يقبِّل الحسن بن علي , فقال الأقرع : أتقبِّلون صبيانَكم؟ فقال رسول الله : ((نعم)) , فقال الأقرع : إن لي عشرةً من الولد ما قبَّلتُ واحدًا منهم قط , فقال له رسول الله: ((من لا يَرحم , لا يُرْحم )) , للأسف تجد بعض بيوتنا صحراءَ قاحلة , يختفي بين أفرادها عباراتُ الحب الهامسة , والبسمة الشافية , وقد روى الترمذي : ((مَن أُعطي حظَّه من الرفق , فقد أُعطي حظه من الخير, ومن حُرِم حظَّه من الرفق, فقد حُرم حظه من الخير)) .

العواطف تحرِّك الجبالَ قبل النفوس , وتوجِّهُ الكثيرَ من سلوكياتنا , بل تُدير منازلَنا ومؤسساتِنا , شئنا أم أَبَيْنا , ولذلك ينبغي أن نهتمَّ بالعاطفة ونحرِّكَها نحو الأفضل ,أجتماع رجل وزوجته على مائدة ليس اجتماع خروف ونعجة امام معلف , يعب كل واحد منهما ما يملأ بطنه ثم ينفض الجمع , نحتاج حركات لطيفة تحولنا من كائنات مقتاتة الى كائنات محبة , وتحول الطعام من غذاء للمعدة الى غذاء للقلب والروح .

جوع المعدة أمره يسير , يسده رغيف , ويسكته صحن أرز مهما تأخر , أما جوع المشاعر و الأحاسيس فقاتل ان لم يقدم في وقته , وأكثر أنواع البخل أيذاءا ليس ذاك الذي يتعلق بالمال وأنما ذاك الذي يتعلق بالأهتمام .

الفقر الحقيقي ليس في الجيب , وأنما في القلب , ونحن في الغالب نتقبل فكرة فقر من حولنا ونتعايش مع قلة امكاناتهم , لأننا نعرف ان هذا رزق ليس لهم في قلته يد , ولكن الذي لا نتعايش معه هو فقر الأحاسيس , وقلة ذات القلب , هذه الأشياء الصغيرة التي لا تكلف درهما ولا دينارا , أشياء بالمجان هي التي تجعل الحياة رغم قسوتها جنة , (( هدية بسيطة دون مناسبة , عناق في غير موعده , كلمة احبك في زحمة سير , وردة من بائع متجول , ثناء امام الآخرين , تشجيع ولد , ومديح بنت , تفعل في القلوب اكثر مما نعتقد )) .

عندما نغدق الحب على من حولنا نحصنهم جيدا من الوقوع في افخاخ اللطف العابر الذي يقدمه الآخرون , صحيح ان اللطف ليس مرضا يجب ان نحصن من حولنا ضده ولكن الخواء العاطفي مقتلة , اننا نعيش جفافا عاطفيا يجعل منا جميعا فرائس سهلة امام اولئك الذين يجيدون الأصطياد في الماء العكر , وحتى ان حسنت نوايا الآخرين يبقى الجفاف العاطفي سيد التأويلات يفسر كل كلمة عابرة على انها رسالة حب ((صارت البنت تسمع صباح الخير كأنها : أنا أحبك , وتسمع كيف حالك على انها : لقد اشتقت اليك )) .

ان اقسى مانواجهه اليوم ليس البطالة في الأعمال , وأنما البطالة في ألأحاسيس , وليس ارتفاع اسعار الأكل في المطاعم ولكن انخفاض سعر الحب على موائدنا , وليس ندرة الأسرة في المستشفيات بل برودة أسرة غرفة نومنا , وليس قلة الورد بل ندرة الذين يقدمونه , وليس عدم وجود أرصفة حدائق بل قلة الأزواج الذين يمشون هناك كحبيبين ,الناس يجفون من قلة الأهتمام كما يجف الزرع من قلة الماء , فأسقوا زرعكم ولا تحوجوه لماء الآخرين .



#صباح_حزمي_الزهيري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة الأحلام .
- مقامة النوم الآمن .
- مقامة البدو و الحضر .
- مقامة الشاعرية .
- مقامة تقاسيم الى ذلك الدرويش .
- مقامة الصندوق .
- مقامة الغضب .
- مقامة التحليل .
- مقامة السلمان .
- مقامة اللوحة الزيتية .
- مقامة الأكتراث .
- مقامة العبيد .
- مقامة نجيب محفوظ .
- مقامة البعث .
- مقامة فن الحكم .
- مقامة الشتيمة .
- مقامة الفردوسي ونصر بن سيار .
- مقامة الشوارد .
- مقامة الفساد .
- مقامة الحروب 2 .


المزيد.....




- تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة ...
- الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد ...
- من قال إن الفكر لا يقتل؟ قصة عبد الرحمن الكواكبي صاحب -طبائع ...
- أروى صالح.. صوت انتحر حين صمت الجميع
- السعودية تخطط لشراء 48 فدانا في مصر لإقامة مدينة ترفيهية
- هل يشهد العالم -انحسار القوة الأميركية-؟ تحليل فالرشتاين يكش ...
- التمثيل النقابي والبحث عن دور مفقود
- الفنان التونسي محمد علي بالحارث.. صوت درامي امتد نصف قرن
- تسمية مصارعة جديدة باسم نجمة أفلام إباحية عن طريق الخطأ يثير ...
- سفارة روسيا في باكو تؤكد إجلاء المخرج بوندارتشوك وطاقمه السي ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة الجفاف العاطفي .