أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كرم نعمة - سيلفيا تكتب إلى بايدن بعد نصف قرن من موتها!














المزيد.....

سيلفيا تكتب إلى بايدن بعد نصف قرن من موتها!


كرم نعمة
كاتب عراقي مقيم في لندن

(Karam Nama)


الحوار المتمدن-العدد: 8072 - 2024 / 8 / 17 - 15:29
المحور: الادب والفن
    


قبل أن يضع الرئيس الأمريكي جو بايدن قدمه اليمنى في البيت الأبيض قبل أربع سنوات، مارست عليه صحيفة نيويورك تايمز نوعا من الضغط الفكري عندما دعت 22 كاتبا وسياسيا إلى اقتراح الكتب التي يجب على الرئيس الجديد قراءتها قبل أن يرسم استراتيجيات بلاده.
فالروائية المغربية الأمريكية ليلى العلمي الحاصلة على جائزة بوكر عن روايتها “حكاية المغربي”، اختارت كتاب “عدم المساواة” للمؤلف آدم كوهين لتقترحه على بايدن، في رسالة معبرة عن الملايين من المهاجرين التواقين للحلم الأمريكي، وكأنها تقول أنا لست أمريكية، لكنني أمريكية وإن شكك سياسيون عنصريون بذلك.
وكتاب عدم المساواة يكشف بشكل عميق اللغط الذي يثار بشأن حقوق الفقراء مع وجود قضاة يمينيين في المحكمة الأمريكية العليا، الأمر الذي يهدد الحقوق الإنجابية وحق المواطنة، والهجرة، والمساواة، والزواج. في النهاية كتاب كوهين رسالة عالية الحساسية بشأن تقويض حقوق الفقراء والمحرومين مع حماية الشركات الكبرى.
أما أنا فسأقتبس فكرة صحيفة نيويورك تايمز بطريقة “فلاش باك” وأفترض على بايدن وهو على وشك الخروج من البيت الأبيض أن يعود إلى رسالة كتبتها الشاعرة الأمريكية المنتحرة سيلفيا بلاث عام 1950، بعد أن نستبدل كل كلمة الشيوعي في الرسالة، التي كانت سائدة آنذاك، بمفردات مضللة اليوم مثل “إرهابي” “إسلامي” “متطرف” “عربي” فلسطيني”… وبدلا من أن تذكر الشاعرة سيلفيا الرئيس هاري ترومان، نضع اسم بايدن. ويمكن لقراء هذا المقال إن يكملوا هذه القائمة بما يشاؤوا مما يسمعونه اليوم من توصيفات ملتبسة بدلا من مفردة شيوعيّ آنذاك.
بدت لي المقارنة المتأخرة كل تلك السنين ملهمة ومقلقة في الوقت نفسه. بمجرد أن يتحول تجويع ومقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين إلى مجرد رقم يمر على إدارة بايدن من دون أن تتأمل الإدانة التي يجب أن تعلق شارة العار عليها! لماذا؟ لأنه ببساطة ما كان لإسرائيل أن تمارس غطرسة القتل لولا التواطؤ والسلاح الأمريكي. ذلك ما تذكره الشاعرة سيلفيا بطريقة ما، وإن لم تعش إبادة غزة!
تكتب سيلفيا بلاث إلى إدوار كوهين وهو قارئ قام بمراسلتها من شيكاغو حتى عام 1954، ومن سوء حظه شهد انتحارها عام 1963، كما لمس فيما بعد فشل الديمقراطية السامة في بلاده وكيف كانت تريد فرضها بالقوة على الآخر، حتى وفاته عام 2008. وكأن بقاءه حي بعد وفاة سيلفيا كي يكون شاهد عيان على ما كتبته عن الولايات المتحدة بوصفها من أكبر دعاة الحرب.
تستعيد سيلفيا في رسالتها جملة من منتج أفلام أمريكي عندما قال “قد نكون متعبين من الحرب، لكن من الأفضل مواصلة القتال؟” وتقول من المفروغ منه إن لا أمريكي يستطيع تحمل وجوده في معسكر اعتقال روسيا الشاسع، فهل سيتعين عليهم ارتداء زي عسكري موحد للذهاب لمشاهدة فيلم الحرب؟ “يمكن أن نستبدل روسيا هنا بفيتنام، العراق، أفغانستان، غزة. حدثت تلك الحروب، بينما سيلفيا ذهبت إلى العالم الآخر”.
تجيب سيلفيا بما تكتبه الصحف الأمريكية آنذاك، ومن السهولة بمكان استخدام نفس المانشيتات القديمة لتدل على نفس معنى ما يحدث اليوم في غزة مثلا.
تقول: يمكنك قراءة عبارات مقتبسة مثل: “عندما يتم الاتصال بي سأذهب إلى الجيش”. “بالتأكيد سأذهب” لكنهم لا ينشرون رسائلك التي تعبر عن مشاعرك، ماذا عن الذين يفكرون بأنفسهم ولا يحتاجون إلى كلمة من الرئيس هاري ترومان لإخبارهم متى ستنتهي عشرون سنة من العيش؟ وماذا عن الفتيات مثلي، اللائي يرغبن في العيش والحب على أرض صلبة؟
لو تدرين يا سيلفيا كمْ صحافيا تم اقصاؤه اليوم لمجرد أنه أظهر موقفه الرافض لإبادة وتجويع أهالي غزة. آه لو يسمح لك الموت، فماذا ستكتبين؟
حتى تصل بالقول أنا أفضّل أن يكون نصف العالم مستعبدا عن التوعد بشن حرب لإنهاء الحروب، ذلك لن يضيف سوى المزيد من الخراب والفساد. تقول: إنه ليس من الطبيعة البشرية أن تقتل، أنا إنسان، ولدي تقديس كبير للحياة وسلامة الفرد، لكن سيتم اعتبارك شيوعيا في الوقت الحاضر إذا وقعت على نداءات إحلال السلام، “اليوم يعتبرونك إرهابيا لو وقعت على نفس تلك النداءات” هم ينقلون كل الكراهية التي تشبعوا بها من قبل. هل تدرك أنك “تخاطب سيلفيا مراسلها” إذا ذكرت وجهات نظرك هذه فإنك بلا شك ستعتبر شيوعيا، ذلك لأن كل شيء لا يتفقون معه شيوعي، حتى لو كنت مع السلمية، فأنت شيوعيّ، يحملون افقا ضيقا بحيث لا يمكنهم تقدير أي شخص يعبر عن رغبته في الحياة والسلام أكثر من السيطرة على العالم، اشعر بالرعب عندما أفكر كم أننا مذنبون، أننا بشكل ما من دعاة الحرب أيضا.
بل تحولت -يا سيلفيا- الحرب إلى طريق شائن وملفق بذريعة جلب الحرية للشعوب عند الإدارات الأمريكية.
بدت لي هذه الاستعارة والاقتباس من رسالة كتبت عام 1950، ملهمة لأن كسر مثل هذه الحواجز أمر مهم، ومقلقة لأنها قد تغري السياسيين الأمريكيين بالتركيز على الأسلوب والرمزية الخادعة على حساب الجوهر.
ويتجلى هذا الخطر بشكل واضح وكبير في قضية إبادة غزة وقتل وتهجير أهلها. ولعل القضية الأكثر مدعاة للذنب الأمريكي وفق تعبير سيلفيا بلاث بالأمس، هي دعم الحكومة الأمريكية للحرب الوحشية التي يشنها نتنياهو على المدنيين الفلسطينيين اليوم.
لقد شهدنا تحولا في اللغة السياسية الأمريكية عندما يتم الحديث عن حق الفلسطينيين في تقرير المصير، لكن الأطفال الفلسطينيين لا يستطيعون أكل الكلمات التي يتم تناقلها بسرعة واهتمام من على الشاشات. بينما هم يموتون من الجوع ومن القذائف القاتلة.



#كرم_نعمة (هاشتاغ)       Karam_Nama#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سنبقى نحب حسين نعمة!
- يمين متطرف أم لا إنسانيين؟
- الذكاء الاصطناعي لا يصل إلى نكهة القهوة
- معضلة تعليب وتسليع الأخبار
- ديمقراطية سامة وتصلب شرايين سياسي
- من يُعيد أيامنا العصيبة؟
- أعراض مرض الديمقراطية تسبق اغتيال ترامب
- إصلاحيون تحت عمامة خامنئي
- ماذا لو خسرت إنجلترا؟
- استثمار زائف في ديمقراطية مملة
- درس من مناظرة ترامب وبايدن
- ازدراء الحقائق في العراق الأمريكي الإيراني
- الحرية تكمن في الموسيقى وحدها!
- عزلة جو بايدن الأوروبية
- شطرنج كرة القدم
- أوروبا المحبطة أمام خطر مميت
- هل ضمرت روعة الصحيفة الورقية؟
- إيران والعراق ما بعد خامنئي والسيستاني
- مثالنا النهائي في الأخلاق والحب
- تدمير قرطاج أم هدم معبد فيسبوك!


المزيد.....




- تكريم ضحايا مهرجان نوفا الموسيقى في يوم الذكرى الإسرائيلي
- المقابلة الأخيرة للبابا فرنسيس في فيلم وثائقي لمارتن سكورسيز ...
- طفل يُتلف لوحة فنية تُقدر قيمتها بخمسين مليون يورو في متحف ه ...
- بوتين يمنح عازف كمان وقائد أوركسترا روسيا مشهورا لقب -بطل ال ...
- كيلوغ: توقيع اتفاقية المعادن بين واشنطن وكييف تأخر بسبب ترجم ...
- عرض موسيقي مفاجئ من مانو شاو وسط انقطاع الكهرباء في برشلونة ...
- مسقط.. أكثر من 70 ألف زائر بيوم واحد للمعرض الدولي للكتاب
- محاربون وعلماء وسلاطين في معرض المماليك بمتحف اللوفر
- إخترنا لك نص(كبِدُ الحقيقة )بقلم د:سهير إدريس.مصر.
- شاركت في -باب الحارة- و-هولاكو-.. الموت يغيب فنانة سورية شهي ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كرم نعمة - سيلفيا تكتب إلى بايدن بعد نصف قرن من موتها!