حروب الشرق الاوسط الكبير

مظهر محمد صالح

الحوار المتمدن-العدد: 8068 - 2024 / 8 / 13 - 03:00
المحور: القضية الفلسطينية
    

غيرت حرب الابادة في غزة منذ 7 اكتوبر 2023 وحتى اليوم قواعد الاشتباك من الحروب الاستراتيجية الخاطفة التي مارسها العدو الاسرائيلي طوال العقود الماضية على الكيانات الرسمية العربية ،الى الحروب الاستراتيجية البطيئة والمستنزفة … !وان مسببات هذا التبدل في مناخ الصراع ربما تحدده عوامل ثلاثة:
اولها ، ان محور المقاومة قائم على عقيدة اساسها حروب الغوريلا الطويلة النفس .
والثاني ، ضغط محور البلدان العربية المطبعة ودورها في احتواء الحروب الاستراتيجية الخاطفة وهي تحت ضغط توازن فيه بين الحفاظ على اسس التطبيع والتلويح بديمومته والضغط الشعبي الداخلي المناصر للقضية الفلسطينية .
والعامل الاخير ، ليست للديمقراطيين في الولايات المتحدة من ببن اولوياتهم الدخول في حرب استراتيجية شرق اوسطية وادخال بلدان المنطقة كافة في معادلات صراع القوة الحاسمة، قبل ان تحُسم نتائج الانتخابات الامريكية التي مازالت واحدة من عقدة توازناتها هو الفرز في الانتخابات القادمة واستمرار الحرب في اوروسيا ،كورقة انتخابية.
فالعوامل الثلاثة آنفا هي التي ربما ستبدل قواعد اللعبة من الحروب الاستراتيجية القصيرة الى صراعات طويلة بطيئة، وقبول اسرائيل والتكيف لها في عالم امبريالي يوفر بماكنته العسكرية واللوجستية كل صنوف المؤازرة لاستمرار الحرب التكتيكية كبديل للحروب الاستراتيجية التقليدية التي سبق ان مارسها الاحتلال خلال العقود السبعة الاخيرة .
فحرب غزة حولت ميزان الحرب من الاستراتيجي الطويل الاجل الى التكتيكي الطويل الاجل وبدلت فيها قواعد الاشتباك لتشيد ثانية على عامل التهديد واحداث القلق لدى العدو ، والضربات المحدودة هنا وهناك في الجغرافيا السياسية للكيان المحتل مقابل عمليات استباقية يمارسها المحتل ضد اطراف الصراع المنخرطين في قلب القضية الفلسطينية،
وبهذا الشان رسم ،المفكر السياسي ابراهيم العبادي في مقاله الموسوم :
مآلات الحرب بعد غزة ، رؤيته قائلاً: ((ان حكومة نتنياهو صارت تعتقد اكثر من ذي قبل باختبار قدرات محور المقاومة واستنزافه ودفع ايران الى التورط في الحرب لتوجيه الضربة المخططة لبرنامجها النووي ، وزير الخارجية الامريكي بلينكن زاد الطين بلة عندما اعلن ان ايران صارت على بعد اسبوع لتصنيع سلاحها النووي ،لترتسم الصورة في ابعاد اكبر من ذي قبل وعلى النحو التالي :ايران الخائفة على امنها القومي ومساحة نفوذها الاقليمي صارت تحسب التكاليف الاكبر لهذا الدور ،وتسعى للموازنة بين مشروعها الاقليمي واستقرارها الداخلي ،حلفاء ايران الاخرون وكلهم فاعلون دون مستوى امكانات الدول ،يواجهون تحديات كبرى بانخراطهم في الحرب ومناصرة غزة ومساندتها ولكن بغطاء مكشوف ومساحة فعل محدودة ،.
في قبال ذلك تأكد ان هذه الحرب الجارية ،هي الفرصة الاثمن لحكومة اليمين الصهيونية لتقوم بمهمة ترسيم الابعاد الجديدة للمنطقة وفق معادلات نتائج الحرب التي كسبتها عسكريا وتسعى لترسيخها ستراتيجيا ،شعار حكومة نتنياهو الان هو سعر الحرب ووسع نطاقاتها واضرب في كل الاتجاهات لتظفر بالهيمنة و النفوذ والسلام القائم على منطق القوة وليس منطق العدل)).

وهكذا ، ستبقي السياسة الخارجية الايرانية هي من يحدد قواعد الاشتباك في التاثير على محور المقاومة مثلما تؤثر الولايات المتحدة على قواعد الاشتباك لدى الكيان الاسرائيلي … !
وفوق هذا وذاك انه صراع استراتيجي صامت غير مباشر بين الولايات المتحدة وايران … الذي اخذ صداه على صورة صراع تكتيكي استنزافي مباشر بين محور المقاومة والكيان المحتل . اذ ان هذا النوع من الصراع قد يشمل العديد من الأبعاد، مثل الاقتصاد، والسياسة، والتكنولوجيا، والهيمنة الثقافية، بما في ذلك الدبلوماسية الناعمة و التأثير على الرأي العام العالمي من خلال وسائل الإعلام والثقافة والدبلوماسية ، اضافة الى اندلاع الصراع العسكري المباشر التكتيكي بين الحين والاخر على المدى القصير .
الا انه على المدى الطويل سيقود الى ظهور تحالفات دولية و بناء تحالفات سياسية أو اقتصادية مع دول أخرى لتقوية الموقف الاستراتيجي وتحويله من تكتيكي فاعل الى استراتيجي صامت لدى اطراف الصراع.
انها معادلات حرب شرق اوسطية عنوانها الحروب غير المباشرة بين الكيانات الدولية الكبيرة كقوى استراتيجية وانتقالها الى ساحات الصراع المباشر كوسائل قوة و اختبارات تكتيكية لترسم مستقبل صراعات الشرق الاوسط الكبير وحروبه Broad Middle East Wars . انها رؤية منقلبة عما رسمها شمعون بيرس في مخيلته قبل اربعة عقود وحلمه في شرق اوسط جديد كانتوني التكوين ، لتحل محلها استراتيجيات صامتة او خرساء mute strategies وهي صراعات الشرق الاوسط الكبير ولكن بقوى كانتونية تبقى مسلحة .

#مظهر_محمد_صالح (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات