أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - مظهر محمد صالح - جدي والغزاة: واقعة في ليلة الاحتلال البريطاني 1917














المزيد.....

جدي والغزاة: واقعة في ليلة الاحتلال البريطاني 1917


مظهر محمد صالح

الحوار المتمدن-العدد: 7958 - 2024 / 4 / 25 - 01:51
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


كان ليلاً ثقيلاً بظلمائه لف عاصمة الدنيا ( بغداد) بازقتها التي ضاقت هلعاً باهلها بعد ان ادركهم الخوف على مصيرهم المجهول .انه يوم عاصف في الحادي عشر من اذار/مارس 1917 ، يوم دخلت خيول وعربات الجيش البريطاني قلب المدينة، لتؤدي قوات الهند البريطانية دورا مهما في ذلك الاحتلال لتستعرض نفوذها العسكري تاركة خلفها اتربة اختلطت لدى الناظر ما بين صهيل الخيل وزعيق العربات المدججة بالسلاح ، حينها ازدحمت في مسامع الكل لكنة الجنود الهنود ( الگرگه) الممتزجة بصيحات القادة الميدانيين البريطانيين بلغتهم (الانكليزية) الآمرة و الناهية .
انها قوة الاحتلال تتحرك في قلب بغداد لتزيح من امامها جميع مسميات وتقاليد وشعارات الامة العثمانية المنكسرة التي امست مقوماتها ثاوية على اطراف امبراطوريتها المتهالكة .
كان جدي يومها موظفاً حكومياً في واحدة من المحاكم العثمانية ببغداد ، هو رجل اداري بيروقراطي النزعة والوجدان ، فقد اختلط لديه ذهول الكيف بوجوم الفكر الذي لفه يومها غشاء من الخوف والخشية، ولاسيما بعد ان اقتحمت اذنيه ضجة الاحتلال ، وهو يتقلب بين الصمت واليأس ، وكأنه يغادر مقبرة الاحلام التي غدت مغطاة برماد المحتل الغاشم.
هنا همست جدتي في اذنيه وقد لف الوجل وجهه وانفاسه وهو يتقلب بمعادلة بات عدد المجهول فيها يفوق عدد المعلوم منها ، وجدتي مازالت تلامس غده في كفن امسه قائلةً له :ويحك يارجل لماذا يطاردك ذئب الذكريات لعصر طوى صفحته وضياء القمر الهارب يلاحق سحابة الماضي وهي سحابة تتخفى في دهاليز بيتنا ؟فاجابها من فوره وهو في حوار الخوف..انه القرار الذي لابد من ان اتزعزع فيه عن حافة الهاوية واحتمي بدهاليز الماضي واختفي عن المجهول القادم ؟ وأجابته جدتي بالقول وماذا انت فاعل ؟ قال سأحتمي ببيتي بلا شك فان جيراننا في زقاق محلتنا ( قنبر علي ) في قلب مدينتنا ، لم يعد اهلها بتلك القوة المعهودة في هذه الضرورة وهذه الضوضاء ، ثم واصل وهو يرتجف : انهم قوم لم يظهروا الود لبعضهم في هذا المركب البشري المضطرب المملوء بالهم والكدر.
هنا انكمش جدي (والد والدتي )من فوره بخشية وخوف على عائلته من المحتل نفسه وتقوقع بداره .
اذ يروى انه انعزل لمدة اسبوعين في مسكنه في قنبر علي ، ذلك بعد ان قام بوضع كل ما في البيت من اثاث خشبي خلف الباب لكي يصعب على المحتل المجهول من اقتحام داره، واهماً انه سيكون من بين احد كبار المطلوبين لقوات الاحتلال .
انتبه الجيران لفقدان جدي الرجل المسالم وعائلته ، واخذ الجار ينادون من السطوح ومن امام الباب : بالقول ( لطيف ، يا لطيف ….ماذا حل بك يا رجل …. الانكليز قد ولوا ولا يوجد احد منهم وان (قنبر علي) بعيدة عن صهيل خيولهم …. !!) وهنا فك جدي الحصار عن نفسه وعائلته …واخذ يبحث رويدا رويدا عن منفذ للعيش الآمن .
واخيرا ، افتتحت المحاكم البغدادية ابوابها ، فوجد جدي ظالته واحال نفسه على التقاعد وترك الوظيفة العامة من فوره لشدة تعلقة في الصفحات البيروقراطية الماضية لنظم الادارة العثمانية التي لم يستطع ترك ارثها والتكيف للادارة الاستعمارية الجديدة بطابعها الهندي البريطاني كبديل للطابع العثماني.انه جدي …ذلك الرجل الصارم من العهد القديم.



#مظهر_محمد_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشخصية العراقية في رحاب الجدل الاكاديمي.
- صعود الدولة الامة وهبوطها : العراق بعد 9 نيسان 2003
- المثقفون في حاضنة العنف الإديولوجي الشرقي.
- ثقافة المناخ الثالث
- شذرات في الفكر العراقي..حوار في الطبيعة الانسانية.
- الدولة والهويات الزبائنية : النفوذ الاجتماعي ومصفوفة المصالح ...
- حرب غزة : عالم رقمي ما بعد الامبريالية.
- حوار في الفكر الانساني المشرقي:الرعاع بين القلق والتلف.
- تقديم لكتاب المفكر السياسي ابراهيم العبادي : الدولة الغائبة
- ملامح المدرسة التفكيكية المشرقية -عند العادلي.
- ادارة التعقيد والدولة القوية
- متلازمة الاغتراب الديمقراطي والعقد الاجتماعي الموازي.
- عقلية الضحية :بين الماضوية والقطيعة.
- عقلية الضحية: أم دراما الامبريالية ؟
- حوار فكري في ثقافة المشاركة السياسية
- غزة و ثلاثية الابادة الجماعية
- الثقافة السياسية الاغترابية : حوارات في العقل المشرقي.
- الصندوق الديمقراطي: بين ثقافة الغنيمة وثقافة الاغتراب.
- الحذاء المستعمل/خاطرة حياتية
- ‏‎الحسابات الختامية للتوحش الامبريالي : غزة إنموذجاً


المزيد.....




- الدبلوماسية الأمريكية هالة هاريت توضح لـCNN دوافعها للاستقال ...
- الصحة السعودية تصدر بيانا بشأن آخر مستجدات واقعة التسمم في ا ...
- وثائقي مرتقب يدفع كيفين سبيسي للظهور ونفي -اعتداءات جنسية مز ...
- القوات الإسرائيلية تقتل فلسطينيا وتهدم منزلا في بلدة دير الغ ...
- الاتحاد الأوربي يدين -بشدة- اعتداء مستوطنين على قافلة أردنية ...
- -كلما طال الانتظار كبرت وصمة العار-.. الملكة رانيا تستذكر نص ...
- فوتشيتش يصف شي جين بينغ بالشريك الأفضل لصربيا
- لماذا تستعجل قيادة الجيش السوداني تحديد مرحلة ما بعد الحرب؟ ...
- شهيد في عملية مستمرة للاحتلال ضد مقاومين بطولكرم
- سحبت الميكروفون من يدها.. جامعة أميركية تفتح تحقيقا بعد مواج ...


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - مظهر محمد صالح - جدي والغزاة: واقعة في ليلة الاحتلال البريطاني 1917