مزهر جبر الساعدي
الحوار المتمدن-العدد: 8043 - 2024 / 7 / 19 - 09:02
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
(مفاوضات وقف اطلاق النار في غزة: لعبة تكتيكية امريكية اسرائيلية)
الولايات المتحدة الامريكية هي ليست فقط، مشاركة لجرائم اسرائيل في غزة وفي غيرها من الاراضي الفلسطينية؛ في الضفة الغربية وفي القدس الشرقية، لناحية تزويد هذا الكيان بالأسلحة التي تصنع في الصانع الامريكية، بل هي توفر له الغطاء الدولي والاعلامي والتبريرات، وفي رسم الخطط سواء في السياسة او في طريقة ادارة المذابح في غزة، او في المعلومات الاستخبارية. في تسريب مقصود لرئيس المخابرات المركزية الامريكية، وفي جلسة استماع؛ قال بما معناه ان يحيى السنوار يتعرض للضغوطات من قبل قادة المقاومة، وانه لا يهتم للموت، ويعيش في الانفاق. والاهم فيما قال رئيس المخابرات المركزية الامريكية، في جلسة الاستماع؛ من ان هناك صعوبة بالاتصال بين قادة حماس( المقاومة) في الميدان لانهم يختبئون تحت الارض؛ مما يجعل تبادل الرسائل بينهم وبين القادة في الخارج؛ عملية صعبة وتستغرق وقتا، وما يقصده هو الوصول الى الاتفاق على وقف اطلاق النار. ان ما جعلني اكتب عن هذا الموضوع؛ هو غاياته كما افهمها او فهمتها، بالإضافة الى هذه الغايات التي سوف أأتي عليها تاليا، في هذه السطور المتواضعة؛ الى انها تهدف الى تنعيم الكارثة و ترطيب المأساة في الفضاءات الدولية وفي الداخل الامريكي؛ لتهدئة اصوات الرفض؛ اقول؛ على الرغم من ان هذا التصريح يبدوا أقل شأنا واهتماما؛ بالقياس اوفي خضم هذه الاحداث الدامية التي تؤرق ليس كل عربي او مسلم شريف، بل كل انسان على وجه الارض؛ يمتلك اقل قدر من الحس الانساني؛ لأن ما يجري من حرائق ومذابح في غزة ليس له مثيل حتى في غزوات القرون الغابرة؛ لكنها تهدف الى تهيئة ظروف ومسوغات استمرار الاجرام الاسرائيلي في غزة، وألقاء تبعية هذه الجريمة على قادة المقاومة وتبرئت اسرائيل. ان هذا التصريح او هذا القول هو قول مخادع وقول ما قاله يعرف تماما من انه ليس له وجود في الواقع على الارض، بل هو قول او تصريح يقع في خانة تكتيكات الحرب على غزة، مما يثير الكثير من الشكوك في موقف امريكا من عملية وقف اطلاق النار في غزة، وهنا يجب ان نعرف ليس بالضرورة هو موقف الرئيس الامريكي، بل ربما هو موقف طاقم الادارة في البيت الابيض او في الخارجية الامريكية او في وزارة الدفاع، اضافة الى ان كل تصريحات المسؤولون الامريكيون تلقي بأسباب عدم التوصل الى ايقاف اطلاق النار في غزة، على عاتق المقاومة الفلسطينية في غزة. مما يعزز ويؤكد ما ذهبت إليه في اعلى هذه السطور المتواضعة. بالعودة الى تصريح رئيس المخابرات المركزية الامريكية؛ ان هذا التصريح يحمل في طياتها ومسببات القول فيه؛ عدة اهداف تكتيكية مزدوجة التأثيرات والاتجاهات والاهداف، وهي باختصار وكما في التالي:-
اولا، الغرض منه؛ هو منح حكومة الاجرام العنصري في تل ابيب الوقت الكافي لإبادة وتشريد الفلسطينيين في غزة، وتكملة تدمير الارض بما عليها حتى لا تكون صالحة للعيش لعدة سنوات. وهذا يقع في صلب الهدف العنصري والمجرم الا وهو دفع الغزاويين الى الخروج من ارضهم والتي حتى هذه اللحظة لم يخرجوا منها على الرغم مما حصل لهم من جوع وتقتيل وتشريد، لم يحصل في كل تاريخ البشرية اذا ما اخذنا في الاعتبار عدد السكان في غزة ومساحة غزة. ان الشعب الفلسطيني الغزاوي مستمر في الصمود ولسوف يستمر في الصمود؛ لأن الشعب الذي تحمل كل هذا ولتسعة اشهر؛ لا يمكن الا ان يواصل الصمود. عليه فان هذه المحطة او النقطة من العون الامريكي لإسرائيل في اطالة امد الحرب، فاشلة حتى قبل هذا التصريح المثير للشكوك والريبة..
ثانيا، الغرض منه هو التأثير المعنوي على معنويات الشعب الغزاوي الفلسطيني العربي والمسلم؛ تمهيدا لتخليق او ايجاد اجواء شعبية للانقلاب على المقاومة الفلسطينية في غزة. هذا امر ينم عن جهل بحقيقة الشعب الفلسطيني سواء في غزة او في الضفة الغربية او في القدس الشرقية او في، او كما يسمى عرب اسرائيل او ان الاصح هو عرب عام 1948. الدليل الاهم والاكبر هو عدم تمكَن المجرم الاسرائيلي بالوصول الى اي من قيادة حماس في الميدان. الشعب الغزاوي الفلسطيني العربي والمسلم ملتف حول قيادة المقاومة، ولسوف يتابع على الرغم من الجوع والعطش والدمار وموت الاهل والابن والولد؛ دعمه والتفافه حول قيادته تعضيدا لها بكل غالِ ونفيس على النفس والعقل والحياة والوجود.
ثالثا، توفير الدعم الزمني لحكومة الاجرام والعنصرية، حكومة نتنياهو؛ في مواصلة حرب الابادة هذه. الغرض هو تلافي سقوط هذه الحكومة حين يتم وقف اطلاق النار والذي لا يقبل به حلفاء نتن ياهو العنصريين والمتطرفين، في إتلاف تشكيل هذه الحكومة. ان سقوط هذه الحكومة وفي هذه الظروف التي تتأكل فيها بفعل مفاعيل المقاومة الفلسطينية هيبة اسرائيل وجيشها، والتي ان سقطت قد تقود الى فوضى واضطراب في الداخل الاسرائيلي المرشح لمثل هذا الوضع وهي المرة الاولى في حياة هذا الكيان الذي يتعرض لمثل هذه المخاوف حتى من قبل البعض من قادة ومسؤولو اسرائيل. كل ذلك هو بفضل الصمود الغزاوي وتضحياته الجسيمة. أما القول بان امريكا تسعى الى وقف اطلاق النار منذ تقريبا تسعة اشهر، فهذه عملية كاذبة بالمطلق، بل ان العكس هو الصحيح. امريكا ان ارادت ان تُوقف هذه المحارق والمذابح فان في قدرتها وامكانياتها ان تجبر اسرائيل على ايقافها في اقل من 24 ساعة بمجرد ايقاف توريد السلاح، او التهديد الفعلي والعملي به، بالشكل الذي يُعلِم نتنياهو وقادته حربه المجرمة، بان التهديد الامريكي جدي وهو على اباب التنفيذ. عندها لسوف تعمل اسرائيل نتنياهو العنصرية والمجرمة بالبحث عن اي مخرج لوقف اطلاق النار. لكن الواقع يقول ان اي من هذا لم تقم به امريكا، بل ان ما قامت به هو تزويد اسرائيل بالقنابل الثقيلة حتى اللحظة، وبتوفير الغطاء الدبلوماسي والسياسي في الامم المتحدة وفي مجلس الامن الدولي..
ثالثا، هو رسالة غش وقلب للحقائق موجه الى الداخل الاسرائيلي والى الداخل الامريكي؛ بألقاء اللوم ليس على نتنياهو وحكومة حربه، في استمرار الحرب وعدم تحرير الاسراء الاسرائيليين لدى المقاومة، وايقاف المذابح في غزة، بل على المقاومة الفلسطينية. وهي اي هذه الرسالة او غيرها من رسائل الغش المبرمج والمخطط له بعناية؛ الى الشعوب العربية والمسلمة؛ فحواها؛ في ان من يتحمل وزر المذابح هذه؛ هو تنعت المقاومة وشروطها التعجيزية، على خلاف الحقيقة والواقع الذي يقول عكس هذه الرسائل تماما. دهاقنة الشر والحرب والعدوان والعنصرية والأجرام في تل ابيب وواشنطن فاتهم، او انهم خُدعوا (من الذين خدعوهم)؛ بأن الشعوب العربية سوف تنطلي عليها هذه الاكاذيب. لكن الحقيقة هي ان كل الشعوب العربية تعرف هذه الرسائل وهذه الخطط الامريكية والصهيونية وهي تقف بالضد منها تماما، وتشجبها قولا وفعلا. وحتى تتصدى لها؛ في التظاهر او اي عمل اخر؛ لو فتح السجان العربي؟ باب سجنه، وحرر إرادتهم في الفعل والتأثير في دعم اهلهم في فلسطين. لكن السجان العربي وبعون من امريكا واسرائيل؛ يمتلك سجون وابواب لها من حديد ونار ومشانق وعزل وطرد وتهميش؛ ورفاه سطحي واستهلاكي قاتل للروح والنفس العقل معا؛ لكل حسب الحاجة والضرورة حتى يكون مدجن وغير مؤذي للسجان وحماته ورعاته.. هنا على الشعوب العربية بالذات ان تبدأ بالضغط على انظمتها، بالتظاهر وبغير التظاهر..
رابعا، ان هذا القول او التصريح حين يصدر من المخابرات المركزية الامريكية، ورئيسها وهي على ماهي عليه من حنكة وادوات ومأجورين من البعض من الناس ومن البعض من الانظمة.. وقدرات استخبارية ومعلوماتية كثيرة بما لا يمكن قياسه، وامكانات هائلة على التحليل والاستنتاج بأكبر العقول واكثرها قوة ومهارة في تحليل المعلومات وتحليل الشخصيات من الذي يعملون لصالح المخابرات المركزية الامريكية؛ لهو تصريح او قول ينطوي على تكتيكات سياسية، وليس تشخيصا، او تحديدا لمعرقلات الاتفاق على وقف اطلاق النار في غزة، كما ورد في مضمون التصريح المخابراتي الامريكي. الغاية او الهدف هو خلط الاوراق اولا وثانيا هو حرف انظار العالم الحر سواء في امريكا أو في اسرائيل والاخيرة في الذي يخص تبادل الاسرى بين الجانبين المقاومة الفلسطينية ودولة الاحتلال الاسرائيلي. عندما تقول المخابرات المركزية الامريكية؛ ان يحيى السنوار يخضع لضغوط، وان هناك بطيء في تبادل الرسائل بين قادة المقاومة داخل الانفاق وبين قادة المقاومة في الخارج؛ مما يبطىء عملية الوصول الى اتفاق لوقف اطلاق النار. الولايات المتحدة تعرف قبل غيرها وتعرف تماما؛ ان عملية طوفان الاقصى، عملية ذات ابعاد استراتيجية. لذا فان تفجيرها تحت ارض مغتصبيها؛ وتحطيم غرورهم وهيبتهم، ومقاومة مذابحهم تاليا؛ من قبل المقاومة والشعب الغزاوي معا خلال ما يقارب التسعة اشهر الى الآن؛ قرار بأبعاد بعيدة. اتخذ من قادة المقاومة في الداخل وقادتها في الخارج في قرار واحد متفق عليه. ايضا وبكل تأكيد يعرفون بمعرفة تامة بنتائج عمل بطولي واسطوري من هذا النوع على المحتل للأرض ومحاولة سالب حرية الانسان الفلسطيني وامنه وحياته واستقراره وهويته؛ التي لم ينجح او يفلح في اي منها الكيان الصهيوني خلال ما يقارب القرن، حتى اللحظة ولم ولن ينجح ابدا. ان من اتخذ قرار استراتيجي وتاريخي قلب كل موازين الصراع العربي الاسرائيلي رأسا على عقب؛ لا يمكن الا انه قد وضع الاطار العام، قبل البدء؛ لكل التداعيات التي سوف تنتج عنه، ومنها المفاوضات، وليس كلها. لذا فان المفاوض الفلسطيني في الخارج من القيادة الفلسطينية؛ يعرف محددات الاتفاق واهمية ان لا يتم سرقة الانتصار الفلسطيني، وتحويله؛ بالحيل والاحابيل الى نصر لنتنياهو وكيانه المجرم والمسخ. القائد المقاوم في الخارج والمفاوض؛ يعرف حدود ومحددات اي اتفاق التي تضمن للمقاومة المحافظة على النصر المتحقق..
#مزهر_جبر_الساعدي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟