أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بسمة الصباح - الجاحظ وفن السخرية














المزيد.....

الجاحظ وفن السخرية


بسمة الصباح

الحوار المتمدن-العدد: 8032 - 2024 / 7 / 8 - 13:28
المحور: الادب والفن
    


السخرية إحدى ميزات الأعمال الأدبية منذ القديم، وقد رافقت الإنسان واقترنت بأفعاله وسلوكه، فضلا" عن أقواله.
والأدب الساخر بشكل عام قليل في أدبنا العربي مقارنة بغيره من فنون الأدب المتنوعة؛ وأزدهر في العصر العباسي وعلى سبيل المثال قصص كليلة ودمنة لابن المقفع وفن المقامات ورسالة الغفران لأبي علاء المعري.
وهناك فرق كبير ما بين الساخر الذي يقود إلى الهرج فلا فائدة ترتجي منه، والساخر من الأدب الذي يتصف بكونه حقيقيا" وواقعيا".
ويتحلى الأديب الساخر بالذكاء والفطنة لأنه يتمكن من التقاط الثغرات ببراعة وسرعة تميزه عن غيره من الأشخاص العاديين.
وعماد الأدب الساخر النباهة في اقتناص الفكرة مباشرة والمهارة في تدوينها بطريقة ذكية .
والأدب الساخر عادة مايثير الإنشراح في النفوس وتكمن مهمته الأساسية في تسليط الضوء على مواطن الخلل بشكل دقيق بغية البحث عن الحلول ومحاولة الإصلاح، فكلما تلبّد الواقع بالهموم والمصائب والمظالم يعلو فيه الأدب الساخر كسلاح حيث يوازي أثر الكلمة في النفس قوة الرصاصة في الجسد.
وقلَّ من أقدم على اجتراحه لحساسيته في الأوساط الأدبية والمجتمعية على حد سواء.
تقوم السخرية الحقيقية على النقد والتقويم، وهي لا تتأتى إلا على يد أديب حقيقي، لأنها مهمة صعبة، محفوفة بالمخاطر، لن يخوض غمارها إلا مقتدر، يتمكن من حفظ نفسه بفضل تعدد الدلالة التي تتضمنها عباراته والألفاظ الساخرة،
وهناك تداخل كبير في مفاهيم الأدب مثل الهجاء والتهكم والفكاهة والهزل: وكتعريف:
الهجاء: غرض أدبي يصور عاطفة الغضب و الاحتقار، مستخدماً الوصف المادي المشوه، الكلمات البذيئة، وإبراز العيوب مباشرة.
السخرية: عكس الهجاء، لا تعتمد المباشرة ولا الإيضاح في إبراز العيوب، بل ترتكز على المراوغة، والإخفاء الموحي بالمعنى الحقيقي، وإلقاء الكلام بعكس المراد منه، والسؤال مع التظاهر بالجهل، أو قول شيء في معرض غيره.
تتشبه السخرية بمفهوم الفكاهة، أو الهزل، وذلك راجع إلى دلالة كل منهما على جانب من الأساليب التي تثير الضحك، كقاسم مشترك:
**ضحك الفكاهة: هدفه الترويح عن النفس، يدخل المسرة و الانشراح الى القلب.
**ضحك السخرية: شبيه بالبكاء، ينتهي المشهد بالبكاء بعد الضحك، مع احتراق داخلي.
في الفكاهة ضحك آني يزول بزوال الحدث، في حين تتصف السخرية بالديمومة.
ولعلّ أول من امتلك زمام السخرية هو الجاحظ، وهو من تبحّر فيها. هو أبرز أدباء النقد في العصر العباسي، واستطاع بذكائه الشديد من نقل السخرية كي تكون فنا" قائما"بذاته.
انتقد الجاحظ البخلاء وقد تكاثروا في عصره، تحكَّموا في أموال المجتمع، و اعتنقوا مرذول العادات، ومستهجن الاخلاق. أما هو، فقد غاص في باطن البخيل في حنكة وسرعة بديهة، تَتَبَّع باطنه، فعرف سريرته وحقيقته كحالة نفسية، وحركات شعورية. أفرد لهم كتاب* البخلاء* حيث لا ينافسه كاتب ولا أديب وفيه أدخل الجاحظ بُخَلاءَه في أتون هُزئه، واتخذهم وقودا" لسخره. ولصدق ما أورده، جعلهم يرون عيوبهم التي جسدها أمامهم، في مرآة ضمائرهم، فكان مرآة عصره بامتياز.
وصل إلى حد جعل فيه الدرهم مساويا ديَّة مسلم عند البخيل.
- موضوعات الجاحظ في السخرية:
١ العيوب الجسدية المظهرية، خير مثال يرويه عن نفسه، ساخرا من قصر قامته، ومن طول امرأة رآها في المعسكر، وكانا على طعام، مازحها:- انزلي فكلي معنا،
أجابته: اصعد انت حتى ترى الدنيا.
٢ غرابة الطباع والأخلاق، قال الجاحظ ساخراً من أهل( مَرو):
"لم أَرَ الديك في بلدة قَط، إلا وهو لاقٍطُُ، يأخذ الحبة بمنقاره، ثم يلفظها قدام الدجاجة، إلا ديَكة( مرو), فإني رأيت ديَكة مرو تسلب الدجاج مافي مناقيرها من الحَب... قالت: فعلمتُ أن بخلهم شيء في طبع البلاد، وفي جواهر الماء، فمن ثَمّ، عَمَّ حيواناتهم جميعا"."
٣القصور العقلي: فقال: "دعا أحد السلاطين مجنونين كي يحركهما فيضحك مما يجيء منهما، فلما أسمعاه وأسمعهما، غضبَ، ودعا بالسيف، فقال أحدهما: كنا مجنونين فصرنا ثلاثة."
وفي هذا السياق، قال الجاحظ:
" رأيت أبا حمد السيرافي." وكان طويل اللحية، يدعو ربه وقد رفع يديه إلى السماء، وهو يقول: يا منقذ الموتى، و مُنَجي الغرقى، وقابل التوبات، وراحم العثرات، أنت تجد مَن ترحمه غيري، ولا أجد من يعذبني سواك.

وختاما" نجد أن الأدب العربي ومنذ العصر الجاهلي كان حافلا" بالسخرية وامتزجت بأغراض شعرية كالهجاء ، لتصل إلى أوج مراحلها في العصر العباسي وتطورها كفن قائم بذاته .
وأخذ الادب الساخر منحى مختلف فـي ظل الاستبداد السياسي في أزمنة متتالية لتصبح أسلوبا" تعبيريا" خاصا"عن واقع الحياة والعلاقات البشرية والإنسانية، وهذا أدى إلى ملاحقة الأديب الساخر وتعرضه للانتقاد من قبل السلطات المحلية لأنه صوت الضمير الحي للشعب بكل أمانة .



#بسمة_الصباح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قارئة الفنجان
- الشاعر العربي بين الماضي والحاضر
- صهيل قصيدة
- دعاء
- نون النسوة
- النقد والعمل الأدبي
- حنين
- حلم
- احتضار الثواني
- التيه
- عرب
- الطفل المدلل
- أفياء المعاني
- بزوغ قصيدة
- ذات حلم
- ابتسامة
- أنت عيدي
- أزلية العشق
- حلم القصيد
- مصير


المزيد.....




- روسيا.. تصوير مسلسل تلفزيوني يتناول المرحلة الأخيرة من حياة ...
- اعلان توظيف وزارة الثقافة والفنون والتخصصات المطلوبة 2024 با ...
- هل تبكي عندما تشاهد الأفلام؟.. قد تكون معرضا بشكل كبير للموت ...
- مهرجان نواكشوط السينمائي الدولي يطلق دورته الثانية
- “نزل Wanasah الجديد” تش تش ???? وقت الدش.. تردد قناة وناسة ن ...
- فنان غزة الذي لا يتكلم بصوته بل بريشته.. بلال أبو نحل يرسم ح ...
- هاريس فرحت بدعم مغنية لها أكثر من دعم أوباما وكلينتون.. ما ا ...
- -الغرفة المجاورة- لبيدرو ألمودوفار يظفر بجائزة الأسد الذهبي ...
- النيابة تواجه صعوبة في استدعاء الفنان المصري محمد رمضان للتح ...
- فيلم اليكترا: تجربة بصرية وحسية لأربع ممثلات وكاتبة في بيروت ...


المزيد.....

- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بسمة الصباح - الجاحظ وفن السخرية