أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بسمة الصباح - الطفل المدلل














المزيد.....

الطفل المدلل


بسمة الصباح

الحوار المتمدن-العدد: 8002 - 2024 / 6 / 8 - 03:18
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة
الطفل المدلّل..
جلست أم طارق في مجلس العزاء مكسورة الخاطر وشاردة الذهن وبوجه مصفرّ متهدّل وبعيون زائغة جافة فقدت أي بريق للحياة .
وكأنما خلا المجلس من الناس فلا هي ترى ولا تسمع أي حركة أو صوت مما حولها ..
وكان كل تفكيرها في مكان أخر ،تراجع أدق تفاصيل حياة وحيدها الغنية والمسهبة التي تعجّ بها خلايا روحها مع فلذة كبدها ،فما زالت ذاكرتها تحتفظ بلحظة قدومه للحياة بوجه كالبدر وبصوت ملائكي فهو الصبي بعد أخواته البنات الثلاثة .
وهو المدلل الذي بقي طفلا" بعد أن تجاوز الثاني والعشرين من عمره وجفونها لم تكن تعرف طعم النوم إلا بعد أن كانت تطمئن أنه دافئ هنيء في سريره ،وتتجاهل سخرية زوجها وبناتها !
متى سيكبر طارق ؟
ألا تريدين أن تعطيه زجاجة الحليب ،
وكثير من هذا الكلام الذي لم تعره اي إهتمام فهو ما زال طفلها المدلّل الذي لن يكبر بنظرها أبدا".
كانت تغوص في تفاصيل الذكريات علّها تشبع بعضا" من عطش قلبها إلى رؤيته أو ضمّه أو شمّه.
وبعد شهر من الغياب المؤلم حدّ الموت وقبل يومين ظهر رقم هاتفه على جوال والده كما هي العادة حين يتصل خاطفوه ليتفاوضوا بشأنه على المبلغ المطلوب كفدية مقابل حياة طارق ؛ولكن المبلغ كان كبيرا" جدا"ولم تنفع مساعدة الأقارب والاصدقاء الطيبين في تأمينه كاملا".
لكن هذه المرة كان الاتصال ليعلنوا مقتله.
فحين فقد الخاطفون أي أمل في الحصول على مزيد المال قرروا التخلص منه .
كانت أم طارق تشعر بأنها وحيدة تناجي نفسها غير مصدقة بأن ابن قلبها قد فارق الحياة .
ليتهم أعادوا جثته إلى عائلته المفجوعة ليكون له قبرا" يُزار يخفف من الحزن ولو قليلا".
آه ياولدي كم ظلموني وظلموك ولم يكفهم أنهم عذبوك وأنت حي بل اجتهدوا في تعذيب روحك،ليت جسدك الطاهر أمامي حتى أصدق أنك ميت ولأحدو لك كي تنام بأمان وأشبع من رائحة جراحك وأقبل يديك وقدميك الداميتين.
وأتلو على مسامعك سورة ياسين التي طالما أحببت سماعها بصوتي.
أتذكر يا حبيب قلب أمك ؟! كيف كنت تنام بين يدي وتطلب مني تلاوتها حين كنت تشعر بضيق.
أي قسوة في قلوب هؤلاء المجرمين ،لماذا سرقوك مني وهل أبقوك جسدا"كاملا" أم قطعوه.
انتهى مجلس العزاء ولم تعرف أم طارق كيف وصلت إلى سريرها؛ولم تعد أدوية الضغط وحقن الأنسولين وبخاخات الربو تنفع في ضبط وضعها الصحي الآخذ بالتدهور .
ولم تعرف عيناها النوم منذ خبر اختفائه فكلما همّت للإنتقال بصعوبة إلى مراحل النوم الأولى تغزو فراشها الكوابيس اللعينة التي لا تعرف إلا القسوة والعذاب اللانهائي ،لتصحو مذعورة وتصرخ وتخرج من غرفتها تبحث عن طيفه.
جاءها هذه الليلة في منامها بهيئة نورانية مبتسمة وبدأ يكلمها بصوت رهيف .
صحت فزعة من النوم وتجرّعت شربة ماء وأخذت تردد بعضا"من الآيات القرآنية فقد كان حلما" غريبا" لم تعتده فهي اعتادت أن تراه أسيرا"معذبا"ومشوها"
نهضت من فراشها بهدوء تام خشية أن توقظ أهل بيتها لم يقطع ذاك السكون سوى طرقات خفيفة على باب المنزل فهرعت مذهولة تنادي باسم طارق لتفتح الباب ومابين اليقظة والنوم رأت طيفه أمامها ؛ولكنها صحت تماما" حين لمسته بيديها وحين عانقها بقوة وبدأت تشم رائحته وتسمع دقات قلبه .
وتأكدت من حقيقة عودته وأرادت أن تصرخ لكن حنجرتها خانتها وركعت على الأرض؛
فصرخ هو (أنا رجعت يا أم طارق ،وغلاوتك أنا عايش )
انطلقخت حنجرتها بصوت عال (الحمدلله ،الحمدلله) وانهمرت دموعها الغائرة واستحال العزاء فرحا" بالطفل المدلل الذي لم يكبر بعد..



#بسمة_الصباح (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أفياء المعاني
- بزوغ قصيدة
- ذات حلم
- ابتسامة
- أنت عيدي
- أزلية العشق
- حلم القصيد
- مصير
- شاعرة أنا
- الغيرة
- مطر
- رحيل
- هجر
- دهشة حضورك
- محراب الهوى
- سلام الحب
- مستبد
- ترنيمة بقاء
- حب مستحيل
- صلوات العشق


المزيد.....




- “أحداث مشوقة في انتظارك” موعد عرض المؤسس عثمان الحلقة 195 ال ...
- نتيجة الدبلومات الفنية 2025 برقم الجلوس فور ظهورها عبر nateg ...
- صدر حديثا : محطات ديوان شعر للشاعر موسى حلف
- قرنان من نهب الآثار التونسية على يد دبلوماسيين برتبة لصوص
- صراع الحب والمال يحسمه الصمت في فيلم -الماديون-
- كيف يبدو واقع السينما ومنصات البث في روسيا تحت سيف العقوبات؟ ...
- الممثل عادل درويش ضيف حكايتي مع السويد
- صاحب موسيقى فيلم -مهمة مستحيلة- لالو شيفرين : جسد يغيب وإبدا ...
- دينيس فيلنوف يُخرج فيلم -جيمس بوند- القادم
- افتتاح معرض -قفطان الأمس، نظرة اليوم- في -ليلة المتاحف- بالر ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بسمة الصباح - الطفل المدلل