أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليمان جبران - نهضة الأدب الفلسطيني















المزيد.....

نهضة الأدب الفلسطيني


سليمان جبران

الحوار المتمدن-العدد: 8004 - 2024 / 6 / 10 - 16:29
المحور: الادب والفن
    




إذا كنّا نلحظ، في هذه الأيّام، فيضا من المقالات والدراسات والكتب، عن ألأدب الفلسطيني، والشعر الفلسطيني بوجه خاصّ، فقد كان الأمر مختلفا تماما في النصف الأوّل من القرن العشرين. ففي مقالة للشاعر اللبناني صلاح الأسير، في مجلّة ألأديب اللبنانيّة عام 1944، بعنوان "شاعر يتحدّث عن شعراء معاصرين" يورد الكاتب، بناء على طلب المجلّة، عرضا خاطفا للشعراء في البلاد العربيّة، في بضعة أسطر عن كلّ شاعر، من خلال "دراسة شاملة عن الشعر الحديث في البلاد العربيّة والمهجر" كان الشاعر منهمكا في إعدادها آنذاك، فيذكر في مقالته 6 شعراء من مصر، 3 من العراق، 3 من المهجر، 3 من سورية، 14 شاعرا من لبنان آخرهم صلاح الأسير نفسه[ ! ] أمّا شعراء فلسطين، في تلك الحقبة، فقد تجاهلهم الأستاذ الأسير، أو لم يعرف عنهم شيئا!
أثارتْ هذه المقالة "الظالمة" الأستاذ إبراهيم عبد الستّار من حيفا، فردّ عليها بعد شهرين في الأديب قائلا: يؤسفني أنّ الأستاذ صلاح نسي أو تناسى النهضة العربيّة في قُطر يساهم مساهمته الفعّالة في الحركة الأدبيّة العصريّة، ألا وهو فلسطين العربيّة [ .. ] إنّ نهضة الشعر العربي في فلسطين لا تقلّ عن نهضات شقيقاتها في ذاك الصدد". ثمّ أورد الأستاذ عبد الستّار أسماء 15 شاعرا فلسطينيّا [ أكثر من اللبنانيّين بشاعر! ] لم يذكر بينهم إبراهيم طوقان ، إذ كان توفّي قبل ذلك بثلاث سنوات، ولا عبد الرحيم محمود ، وكان يومها مازال حيّا يناضل ويكتب، ولا وديع البستاني ، الشاعر الفلسطيني من أصل لبناني !
ولعلّ مقالة الأسير ذاتها هي التي دفعتْ الأستاذ إبراهيم عبد الستّارأيضا إلى تأليف كتابه "شعراء فلسطين العربيّة في ثورتها القوميّة". صدر هذا الكتاب في حيفا عن "نادي الإخاء العربي" دون تاريخ، لكن يبدو أنّه صدر في أواخر الأربعينات. يورد الأستاذ عبد الستّار في كتابه الصغير هذا مقدّمة عن شعراء فلسطين العربيّة، ثمّ يتناول تسعة منهم، فيذكر بإيجاز بعض جوانب حياتهم، ثمّ يأتي بنماذج من قصائدهم. وفي نهاية المقدّمة يؤكّد ثانية " أنّ الفنّ العربي القلسطيني، والشعر بنوع خاصّ، اضطلع بما يضطلع به الفنّ الباعث المنقذ. فكما ذكرنا سيلمس القرّاء ذلك في صفحات كتابنا هذا الذي أقدّمه إلى أفراد الأمّة العربيّة الأخرى، ليروا ما هو في وسع الفنّ أنْ يوطّده في حقل القوميّة".
بعد سنة كاملة، ظهرتْ في "الأديب" نفسها مقالة أخرى أيضا للدكتور إسحق موسى الحسيني، تبدو كأنّها صدى للمقالين السابقين، يتناول فيها بإيجاز شديد "الحياة الأدبيّة في فاسطين" قديما وحديثا. المقالة عبارة عن صفحتين لا أكثر، من الملاحظات العامّة، بالإضافة إلى أسماء بعض أُدباء فلسطين، من القدماء والمعاصرين، لئلا يتوهّم بعض الناس "أنّ هذا القُطر الصغير بمساحته وعدد سكّانه، الكبير بمقامه الديني والسياسي، لم يُنتج أدبا في العصور الخوالي. وهو وهم تنقضه طبيعة الحياة بقدر ما ينقضه الواقع " . يذكر الحسيني من شعراء فلسطين كشاجم الرملي وأبا إسحق الغزّي والقاضي الفاضل من القدماء، ومن الشعراء المعاصرين يذكر إبراهيم طوقان الذي"عاش في قفص، ولكنّ تغريده وصل الآذان في كلّ قطر عربي". ثمّ يختم مقالته متفائلا بالنشء الجديد في المستقبل، بحيث " نشهد أدبنا في ربع القرن الأخيرفي مرتبة البدايات الأوّليّة، وإنّا لنتمنّى على الله أنْ يبزّ اللاحق السابق، وأن ينسخ الحديثُ القديم، كي نطمئنّ أنّ حياتنا وأدبنا سائران قُدُما في طريق الرقيّ والازدهار".
في مقالة أخرى للدكتور الحسيني نفسه، يبدو أنّه كتبها في مصر، بعنوان " هل ظهر في فلسطين أدب وأدباء؟ " يكرّر الحسيني ثانية أنّ فلسطين لم تعدم الأدباء والشعراء، قديما وحديثا، فيذكر مرّة أخرى من الشعراء القدامى كشاجم وأبا إسحق الغزّي والقاضي الفاضل أنفسهم، ومن الشعراء المعاصرين إبراهيم عبد الفتّح طوقان طبعا. وينهي الحسيني مقالته المذكورة بخاتمة "اعتذاريّة" تلفت النظر فعلا: وأودّ قبل الختام أن أشير إلى أمرين: الأوّل أنّ هذه اللمحة لا يصحّ أن تُحمل على أنّها من نوازع الإقليميّة. والثاني أنّ فضل مصر على أكثر مَن ذكرتُ أوضح من أن يحتاج إلى زيادة بيان. ولا ريب في أنّ المعوَّل بعد المَلَكة على التثقيف والتوجيه والبيئة الملهمة".
وفي سنة 1946 أيضا، أقامتْ لجنة الثقافة العربيّة في فلسطين معرضا للكتاب الفلسطيني، في نادي الاتّحاد الأورثوذكسي العربي في القدس، أصدرتْ بعده كرّاسا بكلّ الإصدارات العربيّة والأجنبيّة التي ظهرتْ في فلسطين حتى تلك السنة، خشية" أنْ ينتهي المعرض في العشرين من تشرين الأوّل 1946، وينتهي بانتهائه تفكير الناس في أجلّ ناحية من نواحي حياتهم، وهي الناحية الثقافيّة"
هنا أيضا كان للدكتور الحسيني دور هامّ في هذا المشروع الثقافي. فقد كان الأستاذ الحسيني سكرتير اللجنة المذكورة ، وهو الذي كتب مقدّمة هذا الكرّاس، ليؤكّد مرّة أخرى أنّ لفلسطين نصيبا في النهضة العربيّة والأدب العربي الحديث، إلا أنّ الحياة الثقافيّة فيها لم تظفر بالعناية التي تستحقّها: والواقع أنّ الناحية الثقايّة فيها [ فلسطين ] لم تظفر بما تستحقّ من عناية، ولم توضع في منزلتها من مظاهر الحياة الأخرى، ولم يُعرف مدى تأثيرها في حياة الأمّة، ومقدار اتّصالها بسائر النواحي [ .. ] يضاف إلى ذلك أنّ الحياة الثقافيّة في فلسطين حقيقة واقعة. أعني أنّ الأمّة العربيّة في فلسطين شاركتْ، في قديمها وحديثها، في التراث العربي مشاركة أصيلة. ولكنّ هذه الحقيقة كادتْ تحتجب عن الأنظار، وكان أبناء البلاد أنفسهم يشكّون فيها".
نريد القول بناء على كلّ ما تقدّم من "دفاع" إنّ الأدب القلسطيني، حتّى الأربعينات من القرن العشرين، لم يظفر باعتراف الأوساط الأدبيّة المهيمنة في القاهرة وبيروت، بل اعتُبر "رافدا" تابعا ، حتى في نظر بعض أبناء البلاد أنفسهم. قد يكون في تجاهل المراكز الثقافيّة العربيّة للأدب الفلسطيني حتى ذلك الحين، بعض "الإقليميّة" كما يُستشفّ من ردّ إبراهيم عبد الستّار السابق في الأديب،
إلّا أنّ النظرة الموضوعيّة تقتضينا الاعتراف بأنّ النهضة الثقافيّة في فلسطين تأخّرتْ فعلا، واختلفتْ تبعا لذلك، من وجوه عدّة، عمّا شهدته مصر ولبنان من انبعاث ثقافي أدبي في العصر الحديث، وذلك لعوامل تاريخيّة هامّة يجدر بنا الوقوف عليها بتجرّد وموضوعيّة.
أوّل هذه العوامل وأجلّها خطرا في رأينا هو أنّ فلسطين لم تكنْ كيانا جغرافيّا سياسيّا متميّزا حتّى الحرب العالميّة الأولى. فقد كانت فلسطين بحدودها "الانتدابيّة" منذ الفتح الإسلامي تشكّل مع الأردنّ جنديْن من أجناد بلاد الشام، "فالقسم الجنوبي شرقا وغربا، هو جند فلسطين، ثمّ يليه إلى الشمال منه ، شرقا وغربا أيضا، جند الأردنّ، فهو تقسيم أفقي أو عرضي، وليس طوليّا أو عموديّا". وفي الإمبراطوريّة العثمانيّة بقي التقسيم مرتبطا بوحدة بلاد الشام، إذ " قسّم العثمانيّون هذين الجُندين ، أي فلسطين والأردن، إلى أربعة ألوية أو متصرّفيّات: لواء القدس، لواء نابلس، لواء عكّا، لواء الكرك".
بل إنّ فلسطين لم تكنْ في الواقع كيانا مستقلّا ، أو شبه مستقلّ، لا قبل الفتح الإسلامي، ولا قبل المسيح في العصور القديمة أيضا. فقد كان موقعها الإستراتيجي المتميّز ، باعتبارها جسرا بي آسية وأفريقية، أو بين إمبراطوريّات وادي الرافدين وإمبراطوريّات وادي النيل، وعلى شاطئ البحر المتوسّط الشرقي بين أوروبة وآسية – كان هذا الموقع الهامّ "وبالا" على فلسطين على مرّ العصور، بحيث غدتْ في تاريخه الطويل ممرّا للغازين والمستعمرين، خاضعة لهذا الفاتح أو ذاك، دون أن تعرف استقلالا تامّا أو استقرارا حقيقيّا منذ فجر التاريخ. يُضاف إلى موقعها الاستراتيجي المذكور، بالطبع، مكانتها الدينيّة الرفيعة، في الأديان الثلاثة، وضيق رقعتها الجغرافية ، وانعدام السهول الخصبة الواسعة والمياه العذبة الوفيرة، كما هي الحال في مصر والعراق؛ ممّا حال أيضا دون استقلالها سياسيّا، أو الظفر بكيان ذاتيّ متميّز فعلا.
العوامل الموضوعيّة أعلاه حالتْ على مرّ العصور دون "تميّز" فلسطين جغرافيّا وسياسيّا، فكانتْ تبعا لذلك من معوّقات النهضة في فلسطين أيضا؛ النهضة بوجه عامّ، والنهضة الثقافيّة الأدبيّة بوجه خاصّ. يقول الدكتور الحسيني: والنهضة الحديثة بدأتْ متأخّرة في فلسطين، ويتظرّف بعضهم فيؤرّخها سنة 1939" .
لا جدال حول تأخّر النهضة في فلسطين، ولكنّنا حين نفتّش عن المرحلة التي يعتبرها الباحثون بداية النهضة الأدبيّة نجد الأمر مختلفا. فالدكتور عبد الرحمن ياغي يذكر أنّ " كلّ هذه العوامل في هذه السنوات الأخيرة من القرن التاسع عشر تجعلنا نتّخذها بداية للنهضة الأدبيّة في هذا الوطن العربيّ الصغير". و يعود بعد بضع فقرات أيضا فيذكر أنّ بذور النهضة كانتْ في النصف الثاني من القرن التاسع عشر : كلّ هذه البدايات في المدارس.. والإرساليّات الأجنبيّة .. وعلم الآثار.. والمطابع .. والجامعات.. والنشاط المعادي لما تقوم به الصهيونيّة .. والحركات السياسيّة.. تجعلنا نطمئنّ إلى أنّ بذور النهضة الحديثة في فلسطين قدْ مدّتْ جذورها في النصف الثاني من القرن التاسع عشر". الدكتور ناصر الأسد
أيضا، يذكر أنه "كان من الطبيعي أن يخلو القطران في القرن التاسع عشر من العوامل التي تبعث النهضات الفكرية الأدبية في الأمم"، ثم يذكر مرة أخرى بعد بضعة أسطر "أن البذور الأولى للنهضة الأدبية في ذينك القطرين قد غرست في هذا القرن [ التاسع عشر] " .
الدكتور كامل السوافيري أيضًا جعل المرحلة الأولى من الأدب الفلسطيني تمتدّ من سنة 1850 حتى 1907، قائلاً "إنه عثر في هذه الفترة على طائفة من القصائد لنفر من الشعراء الذين تجاوزت شهرة بعضهم حدود فلسطين إلى الأقطار العربية والإسلامية"، ثم يضيف في الصفحة التالية أن "النبهاني أوسعهم شهرة لغزارة مادته الشعرية، وكثرة مؤلفاته في التصوّف وعلم الكلام ومصطلح الحديث، وتعدّد دواوينه في النواحي الإسلامية والمدائح النبوية " وهي موضوعات تقليدية لا تحمل سمات فلسطينية طبعا.
لا نعرف السبب الذي جعل مؤرّخي الأدب الفلسطيني يصرّون على منتصف القرن التاسع عشر بداية لمرحلته الأولى. لعلّ السبب يكمن في اعتبار هذا التاريخ، عادة، بداية لظهور وانتشار مفاهيم القومية العربية، أو لعلّها محاولة لدفع رأي "المتظرفين" الذين جعلوا سنة 1939 بداية النهضة الأدبية في فلسطين، أو لعلّه سبب آخر. ولكننا نرى أنّ الشعر الفلسطيني، بمعناه الوطني الدقيق، لم يُكتب قبل مطلع القرن العشرين، أمّا شعر القرن التاسع عشر فهو، وإن كتبه شعراء من فلسطين، إلا أنّه لا يعكس مجتمعاً فلسطينيًا وانتماء فلسطينيا، وإنما هو شعر إسلامي في معظمه، لم يجدّد في مفاهيم الشعر أو مضامينه أو أساليبه شيئًا. ففي حديث السوافيري عن أغراض الشعر في الفترة 1850-1918، يورد 16 غرضًا من أغراض الشعر آنذاك لا ذكر فيها لفلسطين أو للشعب الفلسطيني، وجلّ ما فيها "السخط على الدولة العثمانية والفخر بالأمة العربية" و لم تختلف أساليب هذا الشعر عن أساليب القدماء، فقد كان من الطبيعي أنْ يسير الشعر، في آخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين على النهج الذي سار عليه الأدب عامة آنئذ، وأن يكون انقطاع اتّصاله بالشعر العربي القديم، وجهل الشعراء بالشعر الأوربي والاتّجاهات الشعرية والحركات الفنيّة المختلفة، وجريهم على المسالك التي عبّدها لهم شعراء العصور المتأخرة، وضعف استجابتهم للحوادث التي تصطرع من بين أيديهم - كان من الطبيعي أن تشوه هذه العوامل جميعها صورة الشعر ومضمونه وتُحيله نثرا منظوما أشبه ما يكون بنظم الفقهاء والنحاة حين يصبّون قواعدهم في ما عرفوه من بحور مقفّاة".
لا نريد الاسترسال في مناقشة هذه القضيّة، بل تخلص إلى القول بأنّ بداية الشعر الفلسطيني الحقيقية كانت في مطلع القرن العشرين، استجابة لأحداث كبرى في هذه المنطقة، أهمّها المشروع الصهيوني الذي أخذ يتحقق للعيان، ثم الدستور العثماني سنة 1908، وأخيرا نشوب الحرب العالمية الأولى وما رافقها من "الثورة العربية الكبرى" بقيادة الشريف حسين سنة 1916، ثم وعد بلفور سنة 1917، حتى بداية الانتداب البريطاني رسميّا على فلسطين سنة 1922. هذه هي الأحداث الكبرى التي هزّت المجتمع الفلسطيني من الأعماق، وأحدثت ثورة في الظروف الموضوعية؛ السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فكانت عاملاً حاسما في بلورة الانتماء الفلسطيني بعيدا عن الانتماء الإسلامي العثماني، متميزا عن الانتماء القومي العربي. ابتداء بمطلع القرن العشرين يمكننا الحديث عن الانتماء الفلسطيني وعن الشعر الفلسطيني الحقيقي أيضًا. فالشعر الفلسطيني بمفهومه الوطني لم ينشأ في رأينا، إلا من خلال تحدّي المشروع الصهيوني والانتداب البريطاني والحكم الأجنبي الذي لم يكنْ في نظر الفلسطينيين إلا استعمارا غربيّا، ومظلّة للمشروع الصهيوني في فلسطين، يعوق تقدّمهم ويحول دون استقلالهم.
مطلع القرن العشرين إذنْ هو الإطار الزمني لظهور الشعر الفلسطيني، بمعناه القومي. ففي هذه المرحلة الحاسمة من تاريخ فلسطين أحسّ أبناؤها بخطر الحركة الصهيونية وبداية استيطانها المنظّم في فلسطين، وفي هذه المرحلة أيضا بدأ انحسار الولاء الإسلامي - العثماني لينتهي بنشوب الحرب العالمية الأولى وتفكيك الامبراطورية العثمانية إلى دول عربية متميّزة تفصل بينها الحدود التي أقامها البريطانيون والفرنسيون، وفقًا لاتفاقية سايكس بيكو سنة 1916. وفي هذه المرحلة أيضا، وهذا ما يهمّنا، بدأتْ بالظهور طلائع الأدب الوطني الفلسطيني، شعرا ونثراً. لا يتّسع المجال هنا لتعداد عوامل هذه النهضة منذ مطلع القرن، من مدارس ومطابع وصحف وترجمات وجمعيّات سياسية وثقافية، بل نكتفي بذكر أهمّ الأدباء الذين مثّلوا هذه المرحلة في رأينا، وهم: محمد إسعاف النشاشيبي (1885 1947)، وخليل السكاكيني (1878-1952)، وإسكندر الخوري البيتجالي (1973-1890)، وخليل بيدس (1874-1949)، وهم جميعا تثقفوا ثقافة عصريّة، فعرفوا اللغات الأجنبية، الإنجليزية والروسية بوجه خاصّ، فكان ذلك عاملا هامّا في تشكيل وعيهم السياسي والاجتماعي، قبل الأدباء والشعراء الآخرين من محايليهم. ولعلّ النشاشيبي بالذات هو أوّل من كتب سنة 1910 شعرا فلسطينيا، يذكر فيه فلسطين والاستعمار، بل يحذّر أيضا من بيع الأراضي*:
يا فتاة الحيّ جودي بالدماء بدل الدمع إذا رمتِ البكاءْ
فلقد ولّت فلسطين ولم يبقَ يا أختَ العلا غيرُ ذماءْ
إنّ الاسْتعمارَ قد جازَ المدى دونَ أنْ يعدوه عنْ سيْرِ عداءْ
إنّها أوطانكمْ فاستيقظوا لا تبيعوها لِقَومٍ دخلاءْ
أذكروا إنْ غرّكمْ مالُهُمُ عزَّةَ الأَنْفسِ دومًا والْإباءْ


* [ من قصيدة باسم "فلسطين والاستعمار الأجنبي" نُشرت في النفائس العصريّة
سنة 1910 ]




[ كتاب "نظرة جديدة على الشعر الفلسطيني في عهد الانتداب" 2006، ص. 9 –
18 ].



#سليمان_جبران (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشعر الفلسطيني في إسرائيل
- السخرية في الفارياق
- الشعر في كتاب الفارياق
- المقامات في كتاب الفارياق
- لم أتغيّر .. وقفت على الرصيف!
- في -التواصل- ومشتقّاته
- من الجملة إلى الموضوعة في التعبير
- ناسك قتلوك يا جول!
- سالم لأنّه ظلّ . . سالما!
- لائحة الدفاع
- صغار لكن..
- الشاعر جورج نجيب خليل
- مقدّمة كتاب الفارياق: مبناه وأسلوبه وسخريته
- يهود لا يعرفون العبريّة!!
- القناعة كنز لا يفنى؟!
- كيف تصير في هذه الأيام، أديبا مرموقا، وبأقل جهد ؟!
- -الجمرة- المتّقدة على الذوام في شعر الجواهري
- حِكَم من الحياة والتراث!
- من الحِكم الخالدة للشاعر الفيلسوف أبو العلاء المعَرّي ( 973 ...
- الذئبُ ذئب!


المزيد.....




- افتتاح معرض للأعمال الفنية المنتجة في محترفات موسم أصيلة ال4 ...
- روسيا.. مجمع -خيرسونيسوس تاورايد- التاريخي يستعد لاستقبال ال ...
- نجل ممثل سوري معروف يكشف أسرارا عن والده الراحل وعن موقف نبي ...
- فنان الراب -كادوريم- يعلن الترشح لانتخابات الرئاسة في تونس ( ...
- أغنية ثورية بأسلوب موسيقى -الميتال- في حفل افتتاح الأولمبياد ...
- مصر.. مخطوطة عمرها 500 عام تعرض بجناح الأزهر بمعرض الإسكندري ...
- المؤشرات بتبشر بالخير.. موعد تنسيق الدبلومات الفنية 2024 الج ...
- مصر.. حملة مقاطعة كبيرة لفيلم -الملحد- على مواقع التواصل الا ...
- -يزرعون الأرض شعرا- في نادي أدب قصر ثقافة الزقازيق
- عبر الموقع الرسمي azhar.eg طريقة الإستعلام عن نتيجة الثانوية ...


المزيد.....

- Diary Book كتاب المفكرة / محمد عبد الكريم يوسف
- مختارات هنري دي رينييه الشعرية / أكد الجبوري
- الرفيق أبو خمرة والشيخ ابو نهدة / محمد الهلالي
- أسواق الحقيقة / محمد الهلالي
- نظرية التداخلات الأجناسية في رواية كل من عليها خان للسيد ح ... / روباش عليمة
- خواطر الشيطان / عدنان رضوان
- إتقان الذات / عدنان رضوان
- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليمان جبران - نهضة الأدب الفلسطيني