أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض ممدوح جمال - مسرحية الكل هباء














المزيد.....

مسرحية الكل هباء


رياض ممدوح جمال

الحوار المتمدن-العدد: 8001 - 2024 / 6 / 7 - 14:27
المحور: الادب والفن
    


مسرحية من فصل واحد
تأليف : رياض ممدوح جمال

مقتبسة من قصة ”رؤيا اليقين” للكاتب سلام ابراهيم

الشخصيات :
الام.
الابن.

الزمان : بعد عمليات الانفال في شمال العراق عام 1988 .

المكان : دار في احدى المدن العراقية.

المنظر : (غرفة خافتة الاضاءة، طلاء جدرانها متاكل. في وسط الغرفة قبرين. يدخل الغرفة خلسة، وينزوي في زاوية، ويخفي نفسه. تدخل امرأة عجوز، أوقدت عود ثواب واشعلت فتيل شموع بيضاء موضوعة على الضريحين. وتركع بينهما وتتمتم... ثم يقف الشاب، فتراه هي وتجمد مبحلقة فيه).

الام : هل ما اراه، هو حلم ام حقيقة؟!
الابن : امي.. ٲ.. ه.. ٲه.. (يسجد على الارض امامها).
الام : (انتفضت، هبت اليه راكضة، انهضته، عانقته وبكت) لا ٲ صدق.. لا ٲصدق.. انت بلحمك ودمك!! (تحتضنه.. تمسد بكفها على وجهه وعنقه وصدره وذراعيه) يا حبيبي كم هزلت؟ ٲجائع انت؟ ٲعطشان؟
الابن : اني تعب.. وليس بي رغبة للماء والزاد.
الام : اتود الرقاد؟
الابن : لا.. يا امي.. حدثيني عما جرى أثناء غيابي.
الام : (تتطلع اليه بصمت) جرى الكثير.. الكثير.. كم غبت يا ولدي؟
الابن : ....
الام : دهرا غبت.. استرح الان.
الابن : لمن هذين الضريحين؟
الام : ٲولم يخبروك؟
الابن : ....
الام : هذا لأبيك، وذاك لأخيك. يا ولدي.
الابن : (بانكسار) علمت بموتهما، ولكن لا أعلم كيف.
الام : لقد حصل ما حصل، وليس هذا اوان الحديث عنه. ما هذا الرماد الخانق وجهك يا ولدي؟
الابن : ....
الام : ٲٲصابك وهن؟
الابن : ليس بي وهن يا امي، لكنني مذبوح!
الام : حدثني عن حالك، ما الذي اتى بك يا ولدي؟
الابن : ضاقت بي السبل يا امي! دفنت قبل ليلتين جثث اربعة من رفاقي الأنصار الذين خنقتهم الغازات الكيمائية، ودفنت بندقيتي وبقيت وحيدا، محاصرا، فتسللت اليك متخفيا ومكتضا بجروحي. انهار كل ما بنيناه في لحظات، وكان شيئا لم يكن.
الام : ما الذي اخركم في الجبل كل تلك السنين؟ تاركين الاشياء تحترق في انتظاركم؟ لم؟ ٲٲنستم الى الصخور والاودية البعيدة، وبعد ذلك الانتظار المر طوال تلك السنين العجاف تعود مستريبا ؟ وعدت تقول، ضاقت بي السبل؟
الابن : لقد تحملنا اهوالا تفوق اهوال الجحيم، يا امي.
الام : نعم لقد تحملهم الكثير، ولكن هل يساوي الثمن الذي دفعناه جميعا؟ وما النصر الذي حققتموه؟ هل هو اثبات قدرتكم على تحمل ضربات الاعداء؟ وقدرتكم على التضحية بأنفسكم وبعوائلكم؟ وهل من الحكمة ان تناطح معزة ثورا؟
الابن : لم يكن هناك بديل، يا امي.
الام : بل كان هناك الكثير من البدائل امامكم، ولكنكم جعلتم قضيتكم هي الهروب من وجه عدوكم وترك الساحة له.
الابن : عن أي بدائل تتحدثين يا امي؟
الام : البدائل التي قررتم اتخاذها بعد فوات الأوان. عودة بعضكم للعمل في الداخل بعد أن كشفوا هناك أمام الاعداء تماما. كيف يمكن لمن حمل السلاح ضد السلطة ان يعود للعمل في مناطق نفوذها؟!
الابن : كانت السلطة ستبيدنا.
الام : وهل ابادت كل من بقي وضحك على ذقونها؟ وان الذين حاولوا التسلل منكم خفية، من الجبال للمدن، ٲليس للملمة الباقين هنا؟ ٲليس هذا دليل على أن ساحة المعركة هي هنا؟
الابن : ولكن هناك وضعنا بصمة في تاريخ النضال، يا امي.
الام : اه لو أنكم تتخلون عن هذه العبارات. ولكن قل لي لماذا تخليت عن دراستك في أوربا وعدت الى الجبال؟
الابن : انه قرار فوقي.
الام : ما اخطٲه من قرار!
الابن : من اين لك كل هذه المعلومات، يا امي؟
الام : كانت تصلنا اخباركم وصحفكم إلى اخيك الأصغر، رغم انه كان جنديا في الجيش. حتى أنه حين قتل في الشمال وجدوا جريدتكم في جيبه.
الابن : (مصدوما) ماذا تقولين يا امي؟!! هل اخي قتل في الشمال وكانت صحيفتنا في جيبه؟!! نعم، اذكر شيئا من هذا القبيل. ان رفاقنا قتلوا جنديا يحمل في جيبه صحيفتنا، وانا لم اكن معهم ولكننا حزنا عليه جميعنا.
الام : اذن كنتم تقتلون الجنود، ٲليس كذلك؟
الابن : ....
الام : اذن كان اقتتال الديكة. احدهما تدفعه افكارا للقتال والاخر مجبر على ذلك. وكلا الديكين اخوين. والرابح الأكبر هم المقامرون على أحد الديكين. لقد قتلت اخوك الذي عانى مثلك وربما أكثر في جبهات قتال ومع قادة لا يرحمونه. كم كان يشكو الوحدة بينهم..! بينما أنت كنت بين رفاق تأتلف معهم كثيرا. كم كان يشكو الوحدة بينهم! اه كم كان وحده يتعذب.!
الابن : ....
الام : فاصبح هو الميت القريب وانت الحي البعيد.
الاب : وابي كيف مات، يا امي؟
الام : ابوك عاد من احدى استدعاءات الاجهزة الامنية له، ومرض مرضا شديدا ولم يعرف الأطباء السبب، فقد هزل بدنه جدا ومات. وعرفنا انه مات مسموما، بعد تكرار حالات موت كثيرة مشابهة له.
الابن : كم تحمل عذابا من أجلي! اه يا امي.
الام : وكم حورب من قبل جماعتك أنفسهم سابقا، حين سبقكم بحمل السلاح في الاهوار، واخذتم تنظرون بان ميزان القوى غير متكافئة، ولابد من فشل الكفاح المسلح! فما الذي افشلكم الان، ٲليس نفس الميزان؟ ابيك ورفاقه حملوا السلاح في وجه اضعف حكومة عرفتها بلادنا، بينما انت من كان توقيته خاطئ، وحملتم السلاح في وجه اشرس حكومة عرفها العالم. فمن كان الاحكم منكما؟
الابن : ليس هذا اوان الحساب، يا امي.
الام : بل هذا اوانه. لقد صدمتني نتيجتكم، وجعلتني وكأني اليوم اعيد دفن اخيك وابيك من جديد. فقد ماتوا بلا ثمن. وانت اليوم تأتيني لاجئا لا منقذا! تبقى انت ولدي، ولكني ارفض ان تكون انت رب هذه الدار، على حساب هذين الضريحين.

ستار



#رياض_ممدوح_جمال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسرحية العقم
- مسرحية (يوم خاص)
- مسرحية -النافذة-
- مسرحية (ريح السموم)
- مسرحية العامل
- مسرحية الدائن والمدين
- الرعب قصة قصيرة
- مسرحية زواج مُرتّب
- مسرحية -لا مثيل له-
- مسرحية سِرُّ ذو القوى الخارقة
- مسرحية -التكملة-
- مسرحية - زهور في الصحراء -
- مسرحية -السيدة آوى-
- مسرحية اللغز
- مسرحية -السيدة الغريبة-
- مسرحية حلاوة العشرين من العمر
- ثلاث مسرحيات مترجمة
- مسرحية (عدة أيادي على ساعة واحدة)
- مسرحية -الراحل العزيز-
- مسرحية (ماري الملطخة بالدماء)


المزيد.....




- لمتابعة أفضل أفلام الكرتون.. تردد قناة كرتون نتورك الجديد عل ...
- “موقع التنسيق الالكتروني tansik.digital.gov.eg“ نتيجة تنسيق ...
- الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني في -الجانب الآخر- على الجزيرة ...
- ديمي لوفاتو تدعو لحماية الفنانين الأطفال في فيلمها الوثائقي ...
- انطلاق فعاليات -مهرجان السينما الكردية- في موسكو
- استـــعلم هُنـــــا.. نتيجة تنسيق الدبلومات الفنية 2024 للمع ...
- مطالب بترجمة ملموسة للقرار الأممي بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي ...
- فعاليات متنوعة ببرنامج موسم الخريف للعام الثقافي -قطر ـ المغ ...
- شاهد.. هدف كوميدي غريب للاعب أستون فيلا بدوري أبطال أوروبا
- -إميليا بيريز- للمخرج جاك أوديار يمثل فرنسا في جوائز الأوسكا ...


المزيد.....

- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى
- ظروف استثنائية / عبد الباقي يوسف
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل ... / رانيا سحنون - بسمة زريق
- البنية الدراميــة في مســرح الطفل مسرحية الأميرة حب الرمان ... / زوليخة بساعد - هاجر عبدي
- التحليل السردي في رواية " شط الإسكندرية يا شط الهوى / نسرين بوشناقة - آمنة خناش
- تعال معي نطور فن الكره رواية كاملة / كاظم حسن سعيد
- خصوصية الكتابة الروائية لدى السيد حافظ مسافرون بلا هوي ... / أمينة بوسيف - سعاد بن حميدة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض ممدوح جمال - مسرحية الكل هباء