أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريان علوش - الحرب العالمية الثالثة














المزيد.....

الحرب العالمية الثالثة


ريان علوش
(Rayan Alloush)


الحوار المتمدن-العدد: 7997 - 2024 / 6 / 3 - 21:37
المحور: الادب والفن
    


كان للتوتر و الاكتئاب الذي أصابني جراء ما يصلني من أخبار علاج وحيد، و كان هذا العلاج يتلخص بالخروج للتريض على الدرب بمحاذاة النهر الذي يخترق المدينة و كان ذلك الدرب يعج بالعدائين و الدراجين، و كذلك بمن ينشد التنزه .
كنت خلال رحلتي هذه أتبادل التحيات مع بعضهم و مع البعض الآخر أكتفي بتبادل الابتسام .
كنت أشعر بجو من الأمان، الأمان الذي لم اعشه في بلدي حتى في أيام السلم .
في الأيام الأخيرة زاد توتري و اكتئابي نتيجة الأخبار القادمة من شرق اوروبا والتي تنبئ عن حروب قادمة أكثر عنفا و وحشية .
هذا الأمر دفعني لزيادة جرعة خروجي للتريض بعد أن قررت مقاطعة وسائل الإعلام بشكل شبه كامل .
لكن و على ما يبدو أن الحدث الأخير كانت ضحاياه أعداد لا تحصى و لقد أدركت ذلك من خلال التغير الحاصل على رواد الدرب، حيث التجهم قد غزا الوجوه و التجاهل كان سيد الموقف لدرجة أنني شعرت بأن كارثة قد حلت على البشرية أو تكاد .
البارحة لم أستطع تمالك نفسي نتيجة الأخبار المتواترة و التي تنبئ بحدوث أمر فظيع فخرجت إلى الدرب .
كنت متجهما أيضاً، تجاهلت من كان يعبر من جانبي كما كانوا يتجاهلونني ايضا، هذا الأمر جعلني أضاعف المسافة التي اعتدت على قطعها حتى وصلت إلى منطقة لم أصل إليها من قبل ووقد أدركت ذلك بعد أن بدأت ألمح لافتات لقرى بلغة لا أفهمها .
كنت قد قرأت من قبل بأن المنطقة التي أقطن فيها كانت محلا لنزاع طويل و دموي بين الجارتين و رغم ذلك اكتفوا بخط عريض على الإسفلت يفيد بنهاية حدود و بداية أخرى، أي لا أسلاك شائكة، و لا حقول ألغام و لا جدران عزل و لا حتى حرس حدود .
غريب أمر هؤلاء كيف استطاعوا تجاوز كل الأحقاد و وصلوا إلى ما وصلوا إليه من رقي ووتحضرو_ هكذا حدثت نفسي بعد أن تلتفت حولي _ .
كل شيئ متشابه، النهر و الاشجار، الدراجون و العدائون الذين كانوا يقطعون الحدود ذهاباً و إياباً بسلام .
النهر حاله كحال بقية أركان الطبيعة الاصليين، كالأشجار و الحيوانات و غيرها ، لذلك كان مستمراً بالتدفق بأسماكه التي كانت تعبر الحدود أيضاً جيئة و ذهابا غير مكترثين بكل ما قرره بنو البشر .
جلست على ضفة النهر مسندا ظهري إلى شجرة ضخمة و أخذت أتمعن بالنهر و اسماكه، الجبال وواشجارها مستغرباً كيف استطاعوا أن يفرقوا بين الجبل وواخيه ، بين الشجرة و أختها، أية حجج قدموها لهم ليقنعوهم بأنهم من بلدين مختلفين .
فجأة تعكر النهر و علا هديره و غابت الأسماك عن ناظري . السماء أيضاً تلبدت بالفيوم السوداء، اختفى العدائون و الدراجون عن ناظري، تلفت حولي مرتعبا فرأيت الدرب و قد قطعته حواجز الجند الذين كانوا يطلقون النار بشكل عشوائي، كما انتشرت على الجسر المقابل عربات عسكرية و دبابات .
كان المشهد أشبه بيوم القيامة، يشبه إلى حد كبير ما عايشته في بلدي، أو ما يصلنا من صور قادمة من أوروبا الشرقية، أطفال و نساء و رجال يحملون ما تيسر لهم و يهربون في كل الاتجاهات، أبنية مدمرة، حرائق مشتعلة، أصوات انفجارات لا تنقطع، كل هذا حدث في غمضة عين.
تساءلت مرتعبا عن سبب هذه الوحشية التي كنت أعتقد أنهم تجاوزوها منذ سنين .
تابعت متسائلا: هل ما يحدث له علاقة بالنزاع على إحدى المستعمرات! أم أنه امتداد لحريق أوروبا الشرقية؟! و ختمت قائلا: الحروب هي صراع بين الأغنياء و بين أصحاب الشركات الكبرى المتوحشة على الذهب و الماس منذ القدم، و الآن تحول إلى صراع على النفط و الغاز ، لكنهم يقنعون الفقراء و العوام على أن الصراع متعلق بالحرية و الكرامة و السيادة فيفنون حياتهم سعياً للحصول على ذلك السراب .
التصقت أكثر بالشجرة فطوقتني بذراعيها ثم أخذت تهدهدني كطفل في أحضان امه فغفوت .
عندما استيقظت كان جسدي يرتعش، لم أستطع تحديد سبب ذلك، هل هو بسبب البرد، أم أنه بسبب الخوف .
تطلعت نحو الدرب بحذر ، و نحو الجسر المقابل أيضاً ، كانت مظاهر العنف قد اختفت تماما، حيث لا جند و لا عربات عسكرية ، لا حرائق، و لا خائفون يقطعون الجسر جيئة و ذهابا.
بصعوبة بالغة استطعت الوقوف على قدمي، اتجهت نحو الدرب ، عبرت الحد الفاصل الذي كان مايزال عبارة عن خط عريض، قطعته متجهاً نحو المدينة .
عندما وصلت إليها كان الليل قد أخذ بلملمة خيوطه الأخيرة و كانت المدينة قد بدأت تستعيد حيويتها، أدركت بأن الهدنة ما زالت سارية المفعول في هذه البلاد.



#ريان_علوش (هاشتاغ)       Rayan_Alloush#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لقد فات الآوان
- نباح قبل النوم
- مجتمعات اخرطي
- أصحاب العمامات
- السوريون مرتزقة
- حمير الشرق
- نبوغ مبكر
- الماركسيون لا يمثلون الماركسية!!
- الضحية
- أمارجي


المزيد.....




- من قال إن الفكر لا يقتل؟ قصة عبد الرحمن الكواكبي صاحب -طبائع ...
- أروى صالح.. صوت انتحر حين صمت الجميع
- السعودية تخطط لشراء 48 فدانا في مصر لإقامة مدينة ترفيهية
- هل يشهد العالم -انحسار القوة الأميركية-؟ تحليل فالرشتاين يكش ...
- التمثيل النقابي والبحث عن دور مفقود
- الفنان التونسي محمد علي بالحارث.. صوت درامي امتد نصف قرن
- تسمية مصارعة جديدة باسم نجمة أفلام إباحية عن طريق الخطأ يثير ...
- سفارة روسيا في باكو تؤكد إجلاء المخرج بوندارتشوك وطاقمه السي ...
- كتاب -رخصة بالقتل-.. الإبادة الجماعية والإنكار الغربي تحت مج ...
- ضربة معلم من هواوي Huawei Pura 80 Pro.. موبايل أنيق بكاميرات ...


المزيد.....

- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريان علوش - الحرب العالمية الثالثة