أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ريان علوش - نباح قبل النوم














المزيد.....

نباح قبل النوم


ريان علوش
(Rayan Alloush)


الحوار المتمدن-العدد: 7989 - 2024 / 5 / 26 - 06:28
المحور: كتابات ساخرة
    


منذ أن وصلت إلى ألمانيا شعرت بأني فقدت شيئا ثميناً، بل اشياء كثيرة، لدرجة أني بت أشعر بأني شخص آخر لا يشبه ما كنته، بمعنى آخر شعرت بأني فقدت حريتي باختيار الطريقة التي أستطيع فيها هدر أيامي كما أريد.
لقد بت عبد للوقت. الوقت الذي لم أهتم به يوماً، و الذي بات هنا بطل أيامي، أو إلهي الذي يقض مضجعي خوفاً منه، رغم أني أصلي له الصلوات الخمس، واذكره في أدعية خاصة كي لا يخذلني.
البارحة وبعد عودتي من العمل قمت بذات الحركات الآلية التي اعتدتها، دخلت الحمام، أو تدوشت لأن الوقت لا يسمح لي سوى بذلك، تناولت وجبتي بسرعة خوفاً من أن يأتي الوقت ويتنزعها مني، ثم جلست أمام التلفاز متنقلاً بين المحطات الكثيرة دون أن أتابع برنامجاً محددا، لأن الوقت ليس لديه المزيد من الوقت، ثم حاولت القراءة فلم أستطع لأن الوقت أمرني بالذهاب إلى النوم كي لا يفوتني في الصباح باص العمل .
لم أستطع النوم رغم محاولاتي الكثيرة، فالصوت الذي يطن في أذني أرقني فغادرني النعاس.
- ما هذا الصوت؟! هل هو صوت بكاء طفل! أم صوت تألم مريض؟!
- لا، لا أظن، إنه لا هذا ولا ذاك، لأنه عبارة عن نباح كلب
- وكيف حسمت أمرك بأنه نباح كلب؟!
- نعم إنه نباح كلب.
قلت هذه الاخيرة، ثم بدأت أقلد صوت نباح الكلاب مقارنا بينها وبين الصوت. تارة أنبح بصوت كلب غاضب، وأخرى بصوته جائعا، وثالثة بصوته مهددا، و أخيرة بصوته متألما بعد أن تلقى ضربة حجر.
هنا اكتشفت خطأي لأني كنت أنبح بصوت الكلاب الجعارية التي ترعرعنا معها سوية في القرية.
وجدت صعوبة بتذكر أصوات نباح الكلاب الألمانية المدجنة، ففرق كبير بين نباح كلب حاصل على كل شيئ، ونباح آخر منبوذ محروم من أي شيء.
بدأت بالنباح بصوت كلب جارتنا الصغير المائع الذي رفض كل محاولاتي التقرب منه، فاكتشفت بأن صوتي الأجش لا يتناسب وميوعة صوته، وهذا ما سبب لي مشكلة جديدة
حدثت نفسي قائلا: إن أكثر ما نعانيه في ألمانيا هو العدد الكبير للكلاب غير المتشابهة، لا بالشكل ولا بالأصوات، لدرجة أنك أحياناً تقف حائرا وسط الشارع متسائلاً: هل ما أراه قطة، أم فأرة، أم جاموس، أم أسد؟!
تضحك بسبب حيرتك هذه التي تنتابك في كل مرة، لأن ما تراه ليس إلا كلب، وتعترف بأنك كنت في بلادك أكثر تصالحا ولا تنتابك هذه الحيرة بسبب التجانس التام بين كل الكلاب وكأنها كلب واحد.
كان الوقت يرفرف فوق رأسي حاملاً سوطه بيده، مهدداً منذرا إياي عبر فرقعاته، بمعنى أن صبره قد نفذ ولن يعد يسمح لي بالنوم.
أشحت بنظري عنه لأن الصوت عاد من جديد إلى مسمعي، فقلت: لا بد من أن هذا الصوت صوت نباح كلب ضخم، فبدأت بالنباح ككلب ألماني ضخم، الأمر الذي حدا بجاري للطرق على الجدار، مهدداً بأن إن لم أتوقف عن النباح فسيتصل بالبوليساي.
توقفت فوراً عن ذلك، لأنه بدا من نبرة صوته بأنه جاد وعازم على فعل ذلك، ولأن البوليساي هنا تافهة فاضية الأشغال، فلو اتصل بهم بالفعل في مثل هذا الوقت شاكيا من نباحي، فستأتي دورية بكامل عدتها لتستطلع الأمر.
البوليساي،،، يااااه كيف لم يخطر على بالي ذلك منذ بداية الأرق!! فلو كان ما اسمعه نباح كلب، لتلقت البوليساي عشرات الإتصالات من ملهوفين على الكلب.
هنا تحول القلق الى خوف، ماهذا الصوت إذا ؟!
الحنين؟!
-نعم إنه الحنين، مرة أخرى يأتيني متنكراً، يااااه، إلى متى!!
و هنا سقطت دمعة من عيني، ثم تدحرجت نحو المخدة .
فرقع الوقت بسوطه معلنا بأن الوقت قد حان.
نهضت، ارتديت ثيابي، ثم غادرت مسرعاً إلى العمل، لأفعل ما فعلته يوم امس، وما سأفعله غدا.



#ريان_علوش (هاشتاغ)       Rayan_Alloush#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مجتمعات اخرطي
- أصحاب العمامات
- السوريون مرتزقة
- حمير الشرق
- نبوغ مبكر
- الماركسيون لا يمثلون الماركسية!!
- الضحية
- أمارجي


المزيد.....




- مستقبل السعودية..فنانة تتخيل بصور الذكاء الاصطناعي شكل الممل ...
- عمرو دياب في ضيافة ميقاتي.. ما كواليس اللقاء؟
- في عيد الأضحى.. شريف منير -يذبح بطيخة- ليذكر بألوان علم فلسط ...
- ممثل مصري يشارك في مسلسل مع إسرائيليين.. وتعليق من نقيب المم ...
- فنانة مصرية تبكي على الهواء في أول لقاء يجمعها بشقيقتها
- فيلم -Inside Out 2- يتصدر شباك التذاكر في أمريكا الشمالية مح ...
- أحدث المسلسلات والأفلام على المنصات الإلكترونية في العيد
- السعودية: الوصول لـ20 مليون مستفيد ومستمع لترجمة خطبة عيد ال ...
- ولاد رزق 3 وقاضية أفشة يتصدر إرادات شباك التذاكر وعصابة الما ...
- -معطف الريح لم يعمل-!.. إعلام عبري يقدم رواية جديدة عن مقتل ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ريان علوش - نباح قبل النوم