أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - داخل حسن جريو - ديمقراطية االعراق في الميزان















المزيد.....

ديمقراطية االعراق في الميزان


داخل حسن جريو
أكاديمي

(Dakhil Hassan Jerew)


الحوار المتمدن-العدد: 7980 - 2024 / 5 / 17 - 11:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم يمارس العراق حكومة وشعبا يوما ,النظام الديمقراطي حقا, منذ نشأة دولة العراق الحديث في مطلع القرن العشرين حتى يومنا هذا , بل شهد العراق بعض محاولات شذرات ديمقراطية بين حين وآخر والتي سرعان ما يخفت بريقها . فقد سعت سلطة الإحتلال البريطاني عند تأسيس نظام الحكم الملكي الهاشمي عام 1921 إلى أن يكون نظام الحكم نظاما ديمقراطيا دستوريا مدنيا , يكون فيه الملك رمزا للسلطة مصونا غير مسؤولا , وتمارس السطة فيه حكومة مدنية بتكليف رئيسها من الملك , ويختار رئيسها وزرائه لعرضهم على مجلس النواب لإستحصال مصادقته . أما مجلس النواب , ينتخب أعضائه من الشعب مباشرة, بموجب قانون إنتتخابي يحدد شروط العضوية ومدتها .
تمارس الحكومة وظيفتها على وفق القوانين التي يشرعها مجلس النواب ,وتخضع الحكومة لمراقبة المجلس الذي يمتلك الحق بطلب إقالتها من الملك إن إرتأى ذلك .يساعد مجلس النواب , مجلس أعيان يختاره الملك من وجهاء العراق وقادة الرأي فيه , مهمته تدقيق القوانين التي يشرعها مجلس النواب كي تكتسب صيغتها النهائية .كما أن هناك سلطة قضائية مستقلة لتنفيذ القوانين التي تصدرها الحكومة . وبذلك هيأت سلطة الإحتلال البريطاني ألأرضية المناسبة لإرساء مرتكزات نظام حكم ديمقراطي , ممثلة بدستور مدني ونظام إنتخابي وسلطة قضائية مستقلة ومجلس نواب منتخب ومجلس أعيان ,لتشريع القوانين ومراقبة أعمال الحكومة وممارسة مهامها بموجب تلك القوانبن .
وبموجب الدستور تأسست أحزاب سياسية وصدرت صحف محلية للتعبير عن وجهة نظرها في شؤون البلاد المختلفة بقدر معقول من الحرية , آخذين بنظر الإعتبارظروف العراق يومذاك حيث يسوده الجهل والأمية وبعض أشكال الشعوذة والخرافات المتفشية في أوساط شرائح واسعة من الشعب . ولعل هذا النظام أفضل النظم السياسية التي شهدتها الدولة العراقية على الرغم من كل شوائبه وعدم تطبيقه بالشكل الصحيح , والتي ربما كان بالإمكان تجاوزها بمرور الوقت بنضوج التجربة وزيادة الوعي السياسي ,نتيجة إنتشار التعليم والثقافة في المجتمع .لكن ذلك لم يحصل لسوء الحظ حيث أسقط النظام الملكي عبر إنقلاب عسكري دبر في جنح الظلام .
وبتحول نظام الحكم من نظام ملكي إلى نظام جمهوري في الرابع عشر من تموزعام1958, تشكلت حكومة برئاسة قائد الثورة عبد الكريم قاسم ,ضمت عسكريين من قادة الثورة ومدنيين ممثلين لأحزاب الجبهة الوطنية المساندة للثورة ( الحزب الوطني الديمقراطي وحزب الإستقلال والحزب الشيوعي العراقي وحزب البعث العربي الإشتراكي ) . ألغي الدستور ليحل محله دستور مؤقت تمت صياغته في بضعة أيام . مارست الأحزاب السياسية المساندة للثورة نشاطاتها السياسية بصورة علنية , حيث أفرج عن جميع السجناء السياسيين ,وأطلق العنان للصحف والمجلات والجمعيات والنقابات والإتحادات لتمارس أنشطتها بكل حرية . فماذا كانت النتيجة ؟ فوضى عارمة عمت العراق من أقصاه إلى أقصاه , عشرات الضحايا جراء تصفية الخصوم بعمليات سحلهم أحياء , تبعتها عمليات إغتيال وتمرد عسكري في الموصل نجم عنه حمام دم وإغتيالات بشعة وإعدامات ومحاولات إنقلابات عسكرية فاشلة, نجح أحدها بتصفية نظام حكم عبد الكريم قاسم ومؤيديه بصورة وحشية يندى لها جبين الإنسانية . وهكذا تحولت الأحزاب السياسية التي توصف نفسها بالوطنية وتطالب بالديمقراطية , من حمل وديع إلى وحش كاسر في أول لحظة سنحت لها ممارسة نشاطها السياسي بكل حرية .
وهكذا أسدل الستار على فصل آخر من فصول التجربة الديمقراطية في العراق , ليتسيد العسكر المشهد السياسي عبر إنقلابات عسكرية مدعومة من دول أجنبية وشركات النفط الأجنبية العاملة في العراق , وطلاب السلطة والجاه والنفوذ من محترفي السياسة , لينتهي بنا الحال إلى أبشع نظم إستبدادية , لأكثر من نصف قرن من الزمان ما زال الشعب العراقي يأن من وطأتها حتى يومنا هذا, حيث ما زال ينتظر المنقذ القادم من وراء الأفق .
ويدشن العراق فصلا جديدا من فصول الديمقراطية التي جاء بها إليهم الأمريكان عند غزوهم وإحتلالهم العراق عام 2003, ليكتبوا دستورا على وفق مقاساتهم , ويؤسسوا نظاما ديمقراطيا وصفوه بالنظام الديمقراطي التوافقي , قائم على المحاصصة الدينية والطائفية والأثنية , نظاما يكرس الفرقة والتناحر بين القوى السياسية تحت غطاء ديمقراطي مهلل , الأمر الذي دفع القوى السياسية المتصدية للمشهد السياسي , الإتكاء على قوى خارجية ممثلة بصورة أساسية بالولايات المتحدة الأمريكية وإيران والمملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي , بحيث بات متعذرا تشكيل أية حكومة عراقية دون توافق هذه الدول بصورة أو بأخرى . وهذه أعجوبة أخرى من عجائب الديمقراطية العراقية المصنعة في الولايات المتحدة الأمريكية , التي يفترض أن يكون فيها الشعب مصدر السلطات .
لم يجن العراق من هذه الديمقراطية المشؤومة سوى المزيد من الفرقة والتناحر والتقاتل بين العراقيين , وهجرة الملايين منهم في بلاد الله الواسعة طلبا للأمن والآمان والعيش الكريم أسوة بعباد الله الآخرين , بعد أن تفشى المرض والجوع والحرمان والتجهيل في صفوفهم , وسلبت ممتلكات الكثيرين منهم بعد أن فقدت سلطة القانون وإنهارت منظومة القيم والأخلاق المجتمعية وتفككت الكثير من عرى وروابط الأسر الكريمة , ناهيك عن صولات وجولات عصابات المافيا والمخدرات والجريمة المنظمة دون رادع أو حسيب . كيف تستطيع حكومات ضعيفة ينخرها الفساد في معظم مفاصلها المدنية والعسكرية والأمنية , حماية أرواح الناس وممتلكاتهم, وبعض كبار قادتها غاطسين أنفسهم بوحل الفساد ونهب ممتلكات الدولة وسرقة المال العام وإبتزاز الشركات الأجنبية بدفع عمولات لإحالة المشاريع التي توصف بالمشاريع الإستثمارية لهذه الشركات , والذي إتضح فيما بعد أن الكثير منها مشاريع وهمية محالة لشركات وهمية دفعت لها مبالغ دون أي سند قانوني . أرواح تزهق وأموال تنهب وحرمات تنتهك ,والقوم في غيبوبة يلفهم سبات أهل الكهف لا يسمع لهم صوت , وإذا ما فاق البعض منهم فأنه يثرثر عن منجزات لا وجود لها وعن ديمقراطية فضفاضة تتسع لكل صوت نشاز .
أين يكمن الخلل يا ترى , هل في النظام الديمقراطي نفسه, أم في المنظومة السياسية التي تطبق النظام ؟ . وهنا نقول بكل موضوعية أن الخلل يكمن في المنظومة السياسية التي فرض عليها تطبيق الديمقراطية فرضا من الإدارة الأمريكية ,وقادتها أميون لا يفقهون في الديمقراطية شيئا لا في الشكل ولا في المضمون , والأهم من كل ذلك أنهم لا يؤمنون أساسا بالديمقراطية , حبث يعتقدون زيفا إنهم وحدهم من يفهم فنون السياسة ودهاليزها ولا أحد سواهم , وبعضهم فوض نفسه مهمة تمثيل الإرادة السماوية في الأرض وتطبيق قوانينها , بينما يمارس نفسه الكثير من المفاسد والموبقات . وواقع الحال الذي آل إليه العراق يؤكد ذلك لمن ما زال يراوده شك بذلك .
وهكذا أضاعوا العراق وأضاعوا أنفسهم في متاهات ,وحرموا العراق على مدى أكثر من عقدين من الزمان من فرص إزدهاروتقدم على جميع الأصعدة وتنمية حقيقية مستدامة, لاسيما أن العراق قد عانى كثيرا من ويلات صراعات وحروب عبثية على مدى أكثر من ثلاث عقود, وحصار ظالم لأكثر من عشرة سنوات طال جميع مفردات الحياة , وإذا به يعود القهقرى سنوات طويلة .



#داخل_حسن_جريو (هاشتاغ)       Dakhil_Hassan_Jerew#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المثلث العربي التركي الإيراني ... ركيزة أمن الشرق الأوسط
- أين تقف الدول العربية من ألتكتلات الإقتصادية الدولية ؟
- هشاشة منظومة الأمن القومي العربي
- نظرة في العلاقات العربية الفارسية عبر العصور
- صيانة شرف المهنة الجامعية
- التنشئة الأجنبية لأطفال دول الخليج العربية .. وأثرها في بلور ...
- هشاشة التركيبة السكانية الخليجية ..ومخاطرالتواجد الأجنبي
- الشعوبية تبعث من جديد
- الحقوق تنتزع ولا تعطى
- شيطنة المقاومة الفلسطينية ... لمصلحة من ؟
- القضية الفلسطينية ... قراءة واقعية
- صفقة القرن ... تهجير سكان غزة
- أحزاب سياسية أم إقطاعيات عائلية ؟
- تحية إجلال وإكبار للشعب الفلسطيني
- أمراض سياسية عربية مزمنة .. لكنها ليست مستعصية
- يا للعار ...أنهم يتراقصون على أشلاء الشهداء
- غزة تستصرخ ضمائركم
- الحق الفلسطيني ثابت لن يسقط بالتقادم أبدا
- القضية الفلسطينية ... قراءة تأريخية موضوعية
- الوظيفة الحكومية ... تسلط أم خدمة


المزيد.....




- مسؤول دفاعي أمريكي يكشف عن موعد استئناف العمل بالرصيف العائم ...
- رئيس بوليفيا ينتقد ممارسات -الناتو- في أمريكا اللاتينية
- وزير المالية السوداني يكشف لـRT آخر تطورات اتفاق إنشاء قاعدة ...
- -أزمة بوينغ- مستمرة.. فهل تعالج الشركة مشكلات طائراتها؟
- -مُلهمة مسلسل بيبي ريندير- تقيم دعوى تشهير ضد منصة نتفليكس ...
- -انهيار إسرائيل قادم إذا لم تُوقَف الوحشية- - هآرتس
- باريس تثّبت الحلقات الأولمبية على برج إيفل وتبدأ العد التناز ...
- انفجار في متجر لمستلزمات تحسين المنازل في رومانيا
- الخارجية الروسية: لا صلة بين مؤتمر سويسرا والسلام لا من قريب ...
- -الوقت لم يحن بعد-.. نتنياهو يرفض تشكيل لجنة تحقيق رسمية حول ...


المزيد.....

- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - داخل حسن جريو - ديمقراطية االعراق في الميزان