أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - السمّاح عبد الله - أحمد أمين يعاصر المخترعات كلها














المزيد.....

أحمد أمين يعاصر المخترعات كلها


السمّاح عبد الله
شاعر

(Alsammah Abdollah)


الحوار المتمدن-العدد: 7970 - 2024 / 5 / 7 - 03:45
المحور: الادب والفن
    


عاصر الكاتب "أحمد أمين" الاختراعات كلها، واندهش لها، وفرح بها، وحكى لنا عن دهشته وفرحته.
الاختراع الأول الذي عاصره هو وابور الجاز، كان الطعام يتم طهوه على الخشب في المواقد الطينية، ثم تطور الأمر وأصبح الطعام يطهى على الفحم، وكانت أمه تجد صعوبة بالغة إذا ما زارهم ضيف ما، وطلب أبوه منها إعداد كوب من الشاي، وكان الأمر يستغرق وقتا وجهدا كبيرين من أجل تسوية كوب الشاي هذا، حيث لا بد من التهوية بمروحة ريشية على الفحم حتى يتوهج، وحتى تخفت النار العالية، ثم يوضع براد الشاي حتى يفور، حتى دخل عليهم أبوه ذات نهار مشمس، وفي يده وابور نحاسي ماركة بريمس، يملأ بالكيروسين، كان الأمر أشبه بالمعجزة، إذ لا يحتاج الموضوع لأكثر من تحريك الكباس للداخل والخارج بعضا من الوقت، ليخرج من الفونية خيط جاز رفيع، يملأ رأس الوابور المعدني، فيتم الإشعال، ثم إعادة تحريك الكباس مرة أخرى، الأم فرحت جدا بهذا الاختراع الذي سيريحها كثيرا، ويا أهلا بالضيوف.
الاختراع الثاني الذي عاصره، هو الصنبور.
كان السقاءون يمرون في الحارة التي يسكن فيها، فتطل واحدة من المشربية الخشب، وترقق صوتها وهي تنادي على السقاء طالبة منه قربة، وكان ترقيق صوتها وتدليل أنغامها في الكلام، فتنة للسامعين ما بعدها فتنة، حتى أن الرجال كانوا يمصمصون شفاههم من فرط الفتنة، وكثيرا ما كان نزاع ما ينشأ ما بين السقاء وما بين السيدة التي طلبت منه الماء، فهي تؤكد أن الماء المجلوب للدار ست قرب فقط، بينما السقاء يؤكد بما لا يدع مجالا للشك، أنها سبع بالتمام والكمال، ومن كثرة هذه المنازعات، تم التوصل إلى بعض الحيل، فمنها أن يتسلم السقاء من ربة البيت بعد كل قربة خرزة، ثم يعد ما في يده من الخرز، ومنها أن يخط بحجر أبيض على جدار البيت خطا كلما أفرغ قربة، وكثيرا ما كانت ربة البيت تتهم السقاء بأنه خط خطين بدلا من خط واحد، وكثيرا ما كان السقاء يتهم ربة البيت بأنها مسحت خطا من الخطوط، حتى سطعت شمس يوم ما من أيام عام بدايات القرن العشرين، فإذا الدنيا مقلوبة، والحارة حفرت فيها حفر كثيرة طولية وعرضية، ومدت فيها مواسير، ووصلت داخل البيوت، واختفت داخل الحوائط، وبرز من الحائط صنبور يحركه الواحد ناحية اليمين، فينزل الماء، ويحركه يسارا فينقطع، وغرابة الأمر، أن هذه الصنابير لم تكن في الطابق الأرضي فقط، بل كانت في الطابق العلوي، وفي الطابق الأوسط، حتى إذا ما أتت خادمة ريفية لتعمل في البيت، كانت تنظر بالساعات لهذا الماء الذي يتدفق من الحائط، ولا تستطيع أن تجد له تفسيرا، وكأن هذا الحائط مسكون بجني خفي، وكانت هذه الخادمة عندما تسلمت عملها في البيت، قد رأت السقف بلا عروق خشبية تحمله، فصعدت للطابق الثاني لعل السقف مقلوب، ولعلها ترى العروق الخشبية هناك، ولما لم تجدها، فوضت أمرها لله، فالأمر أكبر من قدرتها على الفهم.
الاختراع الثالث الذي عاصره "أحمد أمين"، هو الكهرباء.
كثيرا ما كانت لمبة الجاز تنكسر، وليس ثمة بائع في الليل، وكثيرا ما كان "أحمد أمين" وهو صغير يأخذ علقة من أبيه لأنه وهو عائد بلمبة الجاز نمرة عشرة، شُرخت منه أو كسرت، حتى خرّمت الأسلاك جدران البيت، موصلة الكهرباء لكل حجرات البيت، وأصبح الواحد لا يحتاج لإضاءة المكان غير أن يضغط على زر، وقد كانت الخادمة الريفية المندهشة من خروج الماء من الحائط، أكثر اندهاشا من جلب النهار في الليل بضغطة على الزرار، فإذا ما تمت خطبتها، وحان أوان زفافها، طلبت من سيدة الدار بكل بساطة، أن تمنحها لمبة أو لمبتين من هذه اللمبات العفريتية، لكي تنير بيتها الجديد بضغطة واحدة.
وهكذا تتوالى الاختراعات، وصولا إلى الراديو الذي كان بمثابة الثورة في البيت، إذ لا يحتاج الإنسان لكي يستمع إلى الصوت الساحر للشيخ "محمد رفعت" إلا إلى ضغطة واحدة على زرار الراديو، وينساب الصوت الشجني الآسر، دون مشقة الخروج والسفر للاستمتاع بالصوت الأثير، أما "منيرة المهدية" والشيخ "أبو العلا محمد"، فقد صار غناؤهما متاحا ومجانيا، وكانت حتى نسوة البيت يستطعن بكل سهولة الجلوس على أطراف الكنبة، وهن يترنمن مرددات (مضناك جفاه مرقده وبكاه ورحم عوده)، وغيرها من الألحان العجائبية.
ويتساءل "أحمد أمين":
ماذا لو بعث جدي من قبره في قرية سمخراط ورأى كل هذه الاختراعات الغرائبية؟.
يجيب بيقين كامل:
لا بد وأنه كان سيجن جنونا.

• لتحميل مؤلفات السمّاح عبد الله:
https://www.kotobati.com/author/%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%85%D8%A7%D8%AD-%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87



#السمّاح_عبد_الله (هاشتاغ)       Alsammah_Abdollah#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فتحي محفوظ يكتب عن قصيدة الزائر للشاعر السمّاح عبد الله
- قراءة في قصيدة إجابة للشاعر السمّاح عبد الله.
- قراءة في قصيدة نذر
- قراءة في قصيدة حواف الحرقة
- افتراض الحديقة
- أحلام الثراء
- صوت الروح .. محمد أبو المجد
- أنا امرأةٌ قديمةٌ 4 – 6
- أنا امرأةٌ قديمةٌ 3 – 6
- أنا امرأةٌ قديمةٌ 2 – 6
- أنا امرأةٌ قديمةٌ 1 – 6
- لتحطمهم مثل الإبريق الخزف
- فِي نَامُوسِ الرَّبُّ مَسَرَّتَهُ
- الرجل ذو الجلباب الأزرق الباهت
- عن ضرورة البطل
- الدكتور جمال التلاوي، بين المبدع الصديق ورئيس مجلس الإدارة
- المثقفون والثورة
- بيان للناس
- أمير الشعراء أحمد شوقي ( 16 أكتوبر 1886 – 13 ديسمبر 1932 م ) ...
- الشاعر ولي الدين بك يكن


المزيد.....




- روسيا.. تصوير مسلسل تلفزيوني يتناول المرحلة الأخيرة من حياة ...
- اعلان توظيف وزارة الثقافة والفنون والتخصصات المطلوبة 2024 با ...
- هل تبكي عندما تشاهد الأفلام؟.. قد تكون معرضا بشكل كبير للموت ...
- مهرجان نواكشوط السينمائي الدولي يطلق دورته الثانية
- “نزل Wanasah الجديد” تش تش ???? وقت الدش.. تردد قناة وناسة ن ...
- فنان غزة الذي لا يتكلم بصوته بل بريشته.. بلال أبو نحل يرسم ح ...
- هاريس فرحت بدعم مغنية لها أكثر من دعم أوباما وكلينتون.. ما ا ...
- -الغرفة المجاورة- لبيدرو ألمودوفار يظفر بجائزة الأسد الذهبي ...
- النيابة تواجه صعوبة في استدعاء الفنان المصري محمد رمضان للتح ...
- فيلم اليكترا: تجربة بصرية وحسية لأربع ممثلات وكاتبة في بيروت ...


المزيد.....

- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - السمّاح عبد الله - أحمد أمين يعاصر المخترعات كلها