أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - آدم الحسن - ظهور الدواعش عبر التاريخ















المزيد.....

ظهور الدواعش عبر التاريخ


آدم الحسن

الحوار المتمدن-العدد: 7941 - 2024 / 4 / 8 - 00:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يتحدث الكثير عن داعش و كأنها وليدة مؤامرة خارجية على المجتمعات الاسلامية , لكن حقيقة الأمر أن لداعش جذور عميقة في تاريخ هذه المجتمعات حيث ظهرت عبر التاريخ بأشكال و مسميات مختلفة لكن جوهرها كان واحد و هو تكفير كل مَنْ ليس معهم أو لا يتفق معهم في المنهج العقائدي , فإذا نظرنا الى داعش من منظار تاريخي سنجد أنها في فترات مختلفة من التاريخ حملت اسماء لمذاهب اسلاموية عديدة .
من المؤكد أن الدول الاستعمارية تبحث دائما عن أي وسيلة تعزز من هيمنتها و نفوذها على الدول الاخرى , إذ ليس للمبادئ و الأخلاق مكانة في سياسة الاستعمار القديم و الحديث , حيث تدرس الدول الاستعمارية طبيعة المكونات الاجتماعية لشعوب الدول الأخرى لتشخيص نقاط الضعف في نسيجها الاجتماعي من اجل توظيف التناقضات و السلبيات فيه معتمدة على استخدام نهج " الغاية تبرر الوسيلة " لتقوية نفوذها و هيمنتها و إضعاف خصومها في ساحة السياسة الدولية .
توجد في التاريخ الحديث شواهد عديدة لاستخدام الدول الاستعمارية لنهج الغاية تبرر الوسيلة , ابرز هذه الشواهد هو تقديم المخابرات الأمريكية و البريطانية الدعم لتنظيم القاعدة الذي شكله بن لادن بكل ما يحتاجه هذا التنظيم من سلاح و عتاد و معدات و معلومات مخابراتية و تمويل مالي و سند اعلامي لتمكينه من محاربة قوات الاتحاد السوفيتي السابق التي دخلت افغانستان لنصرة النظام فيها الذي كان يؤيد النهج الاشتراكي , كانت النتيجة هي انتصار تنظيم القاعدة و اندحار القوات السوفيتية و انسحابها من افغانستان , و حين انقلب تنظيم القاعدة على امريكا و شكل خطرا عليها صنفته الإدارة الأمريكية كواحد من التنظيمات الإرهابية .
ظهرت في عصرنا الحالي تنظيمات أسلاموية متشددة و كان تشددها و تطرفها يتصاعد من جيل الى جيل آخر , كل جيل له مستوى من التشدد و التطرف في العقائد التكفيرية بدرجة محددة , كان الخط البياني لهذا التشدد و التطرف في تصاعد مستمر حتى وصل في زمننا الحالي الى مستويات عالية من القساوة و الوحشية في سلوك هذه التنظيمات التكفيرية .
يمكن تناول التدرج في النهج التكفيري بشكل سريع و مختصر عبر الأجيال التالية :
الجيل الأول : الجناح المتطرف في حركة الإخوان المسلمين في مصر الذي شكله سيد قطب , تمكن هذا الجناح من نقل نهج حركة الإخوان المسلمين من نهج " الدعوة " الى نهج الجهاد المسلح و تشكيل فصائل مسلحة تحت قيادة هذا الجناح , قامت هذه الفصائل بعمليات عسكرية ضد قوى الأمن للدولة المصرية و محاولة لاغتيال الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر حيث تسبب ذلك الى انتقال العلاقة بين النظام الناصري و حركة الإخوان المسلمين في تلك المرحلة من علاقة التنافس السياسي السلمي الى المواجهة الشاملة التي ادت الى قيام النظام المصري بمحاولة اقتلاع حركة الإخوان المسلمين من جذورها حيث تم اعدام سيد قطب بتهمة التآمر لقلب نظام الحكم , لكن جذور هذه الحركة بقت في المجتمع المصري و في عدد من الدول الأخرى منها حزب الدعوة في العراق الذي كان يعتبر عند تأسيسه فرع من فروع حركة الإخوان المسلمين ثم تحول لاحقا الى حزب شيعي .
الجيل الثاني : الجهاد الاسلامي في مصر , و هي جماعات انبثقت من حركة الإخوان المسلمين في مصر و تسلقت الى درجة اعلى في التكفير بعد أن اعتمدت اكثر على نهج السلفية الجهادية , إلا أن تكفيرها اقتصر على النخب الحاكمة في مصر , و اشتد الصراع بين هذه الجماعات و النظام المصري و وصل هذا الصراع الى ذروته حين قامت احدى فصائله المسلحة باغتيال الرئيس المصري الراحل انور السادات .
الجيل الثالث : جماعة الدعوة و الهجرة في مصر أو كما يسميها النظام المصري بجماعة التكفير و الهجرة , وصل مستوى التكفير عند هذه الجماعة درجة اعلى , حيث شمل تكفير هذه الجماعة الدولة المصرية بكامل عناصرها المدنية و العسكرية , لذلك اختار عناصر هذه الجماعة الابتعاد عن الدولة المصرية و عدم التعامل معها بأي طريقة باعتبارها دولة كافرة لذلك تم تسمية هذا الابتعاد بالهجرة .
الجيل الرابع : تنظيم القاعدة , شكل هذا التنظيم بن لادن و رفيقه في الجهاد الإسلاموي ايمن الظواهري في المناطق الحدودية بين باكستان و افغانستان , و قد نمى هذا التنظيم في حضن و رعاية المخابرات الأمريكية و البريطانية لغرض محاربة النهج الاشتراكي .
اختار بن لادن اسم " القاعدة " لهذا التنظيم ليكون قاعدة تستند عليها كل فروع التنظيم الذي ستتشكل في العديد من دول العالم , كما مزج ثلاث مكونات اساسية لتكون نهجا و عقيدة لهذا التنظيم , هذه المكونات هي : الإسلام السياسي المتطرف الذي اسسه سيد قطب و السلفية الجهادية و عقائد المذهب الوهابي , و بهذا المزج بين هذه المكونات الثلاثة تصاعد التشدد و التطرف و النهج التكفيري الى مستويات قياسية جديدة .
الجيل الخامس : تنظيم الدولة " داعش " , خلال حرب تنظيم القاعدة للقوات السوفيتية في افغانستان ظهر في هذا التنظيم جناح اكثر تشددا يدعو لإقامة دولة الخلافة الإسلامية على الأجزاء من الأراضي الأفغانية التي يتم السيطرة عليها , في حين عارض هذا النهج جناح آخر قاده ايمن الظواهري يرفض فكرة اقامة دولة الخلافة على تلك الأراض و يدعو الى ابقاء نشاط القاعدة كتنظيم مسلح و ليس كدولة , لأن دولة الخلافة في نظر ايمن الظواهري ستقضي على تحالف تنظيم القاعدة مع التنظيمات الأحرى , فالدولة تفرض على التنظيمات الأخرى السمع و الطاعة و سيقود هذا الى صراع بين الدولة و تلك التنظيمات .
لم يتبلور النهج الداعشي إلا في العراق على يد ابو مصعب الزرقاوي الذي اعلن عن تشكيل دولة الخلافة على بعض من اراضي العراق , لكن هذه الدولة انهارت بسرعة بعد أن تحالفت ضدها الصحوات العربية التي تشكلت من عشائر غرب العراق مع حكومة نوري المالكي و تلقى هذا التحالف الجديد كل اشكال الدعم من قبل قوات الاحتلال الأمريكي للعراق .
بعد سقوط مدينة الموصل العراقية بيد الجماعات الأسلاموية المتطرفة تشكلت الدولة الإسلامية في العراق و الشام التي يطلق عليها اختصارا " داعش " .
قد يقول البعض أن النهج الفقهي لداعش يتطابق في بعض الجوانب الأساسية مع العقيدة و الشريعة الإسلامية التي طبقها المسلمون الأوائل و يطرحون سؤالا في غاية الخطورة و هو :
هل أن نهج داعش و أحكامها تعتمد على ما يسمونه بالثوابت للإسلام الاصولي , أم إن نهج داعش و سلوكها و احكامها بعيدة جدا عن هذه الثوابت و بالتالي يمكن دحضها بسهولة ... ؟
إن الخطورة التي تواجه العالم اليوم و التي لم يتنبأ بها كبار المحللين الاستراتيجيين في الغرب هي أن داعش قد تصبح لدى نسبة ليست قليلة من المسلمين النموذج الأسلاموي المقبول باعتبارها الأكثر قربا من الإسلام الحقيقي , إن هذه الخطورة قد تأسس لصراع مرير بين من يعتبر ان دولة الخلافة الإسلامية التي تدعو لها و تجاهد من اجل تحقيقها داعش هي الحل و بين من يعتبر ان الصورة الداعشية للإسلام هي المشكلة الكبرى للبشرية و بشكل خاص للمسلمين .
سيستمر و سينتشر خطر داعش في جميع دول العالم دون تمييز رغم أن انتشاره سيكون اسرع في الدول المتهيئة فقهيا و عقائديا لتقبل الفكر التكفيري لتكون حاضنة له .
لغرض محاربة داعش لا يكفي اتهامها بالإرهاب فقط , فداعش تفتخر كونها حركة ارهابية و لا تجد أي مانع اخلاقي أو عقائدي في ممارسة اقسى انواع الإرهاب , إذ إن الدواعش يقولون صراحة ان الله هو الذي طلب منهم أن يكونوا ارهابيين مستندين في ذلك على الآية القرآنية " و أعدوا لهم ما استطعتم من قوة و من رباط الخيل ترهبون به عدو الله و عدوكم .... " .
ربما أن الدمار الداعشي الكبير على شعوب العالم لم يبدأ بعد , و ما حصل في العراق و سوريا من كوارث انسانية على يد الدواعش كان مجرد البداية .
إن غسيل أدمغة الدواعش بالفكر التكفيري جعلهم يؤمنون أنهم ينفذون ارادة الله على الأرض و انهم حال موتهم ستستقبلهم حوريات الجنة بالأحضان , لذا صاروا مقاتلين اشداء لا يهابون الموت , بل بالعكس إن الدواعش يبحثون عن الموت في سبيل عقيدتهم السوداء التي سنها لهم ربهم الذي لا نعرف عنه شيء .
لا شك أن داعش تشكل خطر هائل على البشرية , فحين اشتد خطرهم في العراق و سوريا و اعلنوا عن تشكيل دولة الخلافة الداعشية و اتخذوا من مدينة الموصل العراقية عاصمة لتلك الخلافة بعد أن سقطت بأيديهم هذه المدينة و معها مدن و مناطق عديدة في سوريا و العراق كان عدد المقاتلين الدواعش قليل " بضعة الاف فقط " , تطلب اسقاط عاصمة خلافتهم تعاون اطراف عديدة في تحالف دولي واسع النطاق منها دول عظمى مع القوات المسلحة العراقية و الحشد الشعبي العراقي و حشود العشائر العربية لمناطق غرب العراق و البيشمركة الكوردية و الجيش السوري و المعارضة السورية المعتدلة و قوات " قسد " الكوردية السورية و فصائل من الحرس الثوري الأيراني و غيرها من التشكيلات العسكرية و الأمنية , كل هذه الحشود العسكرية لمحاربة بضعة الاف من الدواعش , فماذا سيكون الحال لو أن عدد الدواعش صار بعشرات الالاف أو ربما مئات الألاف ...!؟
السؤال الأخطر , ماذا سيكون حال العالم في حالة ظهور جيل جديد من التنظيمات الأسلاموية المتشددة , جيل ما بعد داعش , منبثقا من داعش لكن اكثر تطرفا و وحشية ...!؟
من المؤكد أن البشرية لن تعيش بسلام دون تخلي حكومات جميع الدول و خصوصا حكومات الدول الغربية عن نهج " الغاية تبرر الوسيلة " و أن تصبح غايتها و وسيلتها واحدة و هي القضاء على الإرهاب التكفيري بكل اشكاله .



#آدم_الحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سقوط بغداد ... الأسباب و التداعيات ( 4 )
- سقوط بغداد ... الأسباب و التداعيات ( 3 )
- سقوط بغداد ... الأسباب و التداعيات ( 2 )
- سقوط بغداد ... الأسباب و التداعيات ( 1 )
- التجاوز على السيادة الوطنية العراقية ... حقيقة أم وهَمْ ...؟
- حق تقرير المصير لأكراد العراق .... بين الحقيقة و الوهم (2)
- حق تقرير المصير لأكراد العراق .... بين الحقيقة و الوهم (1)
- هل لنتائج الانتخابات الرئاسية التي جرت في تايوان مستجدات ج ...
- الاتصالات السلكية و اللاسلكية في العراق و العداء للقطاع الحك ...
- الفساد المالي و الإداري في العراق ... الأسباب و النتائج ( 2 ...
- الفساد المالي و الإداري في العراق ... الأسباب و النتائج ( 1 ...
- هل ستحمل الانتخابات الرئاسية القادمة في تايوان مستجدات جيوسي ...
- هل تَتَشَكَلْ حاليا حضارة عالمية جديدة ...؟
- الأرجنتين تحت رحمة الفوضى الاقتصادية القادمة
- الاستعمار الحديث و نظامه النقدي
- إبادة الجيش العراقي اثناء انسحابه من الكويت
- إيران من تصدير الثورة الى بناء الدولة ( 3 )
- إيران من تصدير الثورة الى بناء الدولة (2)
- ايران من تصدير الثورة الى بناء الدولة (1)
- في سبيل إصلاح النظام النقدي المتبع في العراق ...؟ (2)


المزيد.....




- بعد لقاء محمد بن سلمان وبلينكن.. مسؤول أمريكي: نقترب من التو ...
- مسؤول أمريكي يكشف مكونات اتفاق التطبيع بين السعودية وإسرائيل ...
- شبح -الحي الميت- السنوار يخيم على قراءة الإعلام الإسرائيلي ل ...
- غزة : هل تبددت آمال الهدنة ؟
- تونس.. تواصل غلق معبر راس جدير الحدودي مع ليبيا واكتظاظ كبير ...
- هل تفجر انتفاضة الجامعات حربا أهلية في أمريكا؟
- - أشعر أنني منبوذة لأنني لا أريد إنجاب أطفال-
- بايدن: احتجاجات طلبة الجامعات لم تجبرني على إعادة النظر في س ...
- الولايات المتحدة تتهم روسيا باستخدام أسلحة كيميائية في أوكرا ...
- أردوغان غاضب من -نفاق الغرب-.. وأنقرة تعلن تعليق التعاملات ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - آدم الحسن - ظهور الدواعش عبر التاريخ