أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - حسن أحراث - بولمهارز -بُقعة- سوداء في الذاكرة..














المزيد.....

بولمهارز -بُقعة- سوداء في الذاكرة..


حسن أحراث

الحوار المتمدن-العدد: 7931 - 2024 / 3 / 29 - 19:58
المحور: سيرة ذاتية
    


كان سجن بولمهارز بمراكش (مغلق الآن) مقبرة "أحياء" بكل معاني الكلمة. وكلُّ من مرّ بزنازينه وسراديبه وحالفه "الحظ" ليرى النور لا يمكن أن ينسى قساوة سجانيه وبشاعتهم. بولمهارز اسم على مُسمّى..
كان لي "شرف" السقوط بين مخالبه صبيحة يوم الاثنين 28 مارس 1984، وذلك بعد حوالي شهر من التعذيب بالأقبية النّتِنة بكوميسارية جامع الفنا (منذ 27 فبراير 1984) مُقيّد اليدين ومعصوب العينين تحت قيّادة الجلاد الخليلي وفريقه "المجتهد".
نُقلت أولا الى مستشفى ابن طفيل (سيفيل) بسبب التعذيب الذي تعرضت له، خاصة استعمال الكهرباء بمناطق حساسة من الجسم ومنها الأعضاء التناسلية، ومكثت به خمسة أيام رفقة الحسين الجمودي (الفصيل الطلابي رفاق الشهداء، حُكم ابتدائيا بسنتين سجنا نافذا) الذي كان في ضيافة نفس الأقبية وتعرض بدوره لتعذيب وحشي يوم 03 مارس (عيد العرش) نتج عنه كسر بيده، لأعود مساء الجمعة 25 مارس 1984 الى نفس الكوميسارية (Geôle، هذه المرة).
والجميل بمستشفى ابن طفيل هو التعاطف الكبير من طرف النزلاء (Patients) والزوار وحتى من قبل عناصر الحراسة وطاقم التمريض. أما الأجمل، فهو زيارة والدتي بعد إخبارها سرّاً من طرف أحد عناصر الحراسة. حضرَت برباطة جأش ولم تذرف ولو دمعة واحدة، علما أنها قد أذرفت أنهارا من الدموع بداخلها. لقد كنت أول معتقل سياسي بالعائلة من جهة الأب والأم. كان عناقها حارا، تزوّدت من دفئها بالكثير من الطاقة الإيجابية ومقومات الصمود والمزيد من الصمود. حقّاً، إنّهُن أمهات من ذهب..
وبعد الكوميسارية، نُقلت من هذه الأخيرة الى محكمة الاستئناف، حيث قاضي التحقيق، ثم مباشرة الى بولمهارز..
استقبلني السجان/الجلاد الهراوي والشر يتطاير من عينيه، وتكلف تلميذه البركاوي بإغلاق باب الزنزانة الانفرادية في وجهي وبشراسته المعهودة، وكأنه يريد أن يقول لي "حذاري، أنا سجّانك"، "أنا ربّك الأعلى".
كانت التغذية (اسماً فقط) مُذِلّة وعفِنة تعافُها حتى قطط السجن. لا أقول إنها غير كافية، لأن الجوع أرحم وأهون من مكوناتها. كانت التغذية الحقيقية وبسخاء، ورغم الظروف المادية الصعبة للعائلة، هي ما كنت أتوصل به من طرفها.
أما "فسحتي" بباحة السجن فكانت قصيرة لا تتجاوز مدتها خمس دقائق، لكن الباحة كانت لي كاملة. فلم يكن يشاركني فيها أحد، زنزانة انفرادية وباحة انفرادية. إنها عزلة منهكة، بل قاتلة..
قضيت بالزنزانة الانفرادية "صحبة" السجان البركاوي أربعين (40) يوما بدون جرائد أو مجلات أو كتب..
كانت مدة الزيارة دقائق معدودة ومرة واحدة في الأسبوع. وكانت تتم عبر شباكين بينهما ممر (Parloir)، وكانت بدورها زيارة انفرادية..
وبعد تلك المعاناة الصامتة، أي يوم انطلاق أطوار المحاكمة (07 ماي 1984) التحقت بباقي الرفاق، أي ما يُعرف بمجموعة مراكش 1984. وحصدت ليلة 25 ماي من نفس السنة حصتي كاملة 15 سنة سجنا نافذا، لتنطلق من دهاليز بولمهارز المعركة الكبرى، معركة الشهيدين بوبكر الدريدي ومصطفى بلهواري التي استمرت أطوارها القاسية (إضرابات محدودة ولا محدودة، التعذيب، منع الزيارة، التنقيل من سجن الى آخر...) حتى يوم 16 غشت 1991؛ آخر محطة/محنة بمستشفى ابن رشد (موريزكو) بالدار البيضاء..
بالفعل؛ سجن بولمهارز، وحتى بوزراوط (من الزرواطة، أي العصا الغليظة)، اسم على مُسمّى...



#حسن_أحراث (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوم الأرض (30 مارس)، بل أيام الأرض..
- انتفاضة 23 مارس 1965..
- ذكاء أم تذاكي: موقف سياسي لن يمُرّ..
- المجلس الأعلى للحسابات -يحاسب- الاتحاد الاشتراكي..
- حوارٌ شيِّق مع صديقٍ عزيز..
- محمد عباد: رفيق من زمن مضى..
- ساحة البرلمان: حرب الخصوصية ضد الكونية..
- وقفة تعويضات التكوين..
- مُزْحةٌ سوداء: كُسْكُس يد الميّت..
- -الضّالَة- السياسية أو تسقيف الحياة السياسية..
- المنتدى مات، المنتدى -عاش-!!
- -الغرانيق- وفسحة الاحتجاجات الشديدة؟
- التّخليد الرّوتيني للمحطّات النضالية: إلى متى؟!!
- 20 فبراير: انتفاضة أم حركة؟
- وداعا الرفيق حسون..
- المسيرات المُخدِّرة..!!
- المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف: الغائب وغير الحاضر. ...
- جلبةٌ بالشرق وهجومٌ بالغرب..
- ذكرى كذبة -الإنصاف والمصالحة-..
- مِن شَلّ المؤسسات التعليمية إلى العجز عن إرجاع الموقوفين..!!


المزيد.....




- أعاصير قوية تجتاح مناطق بالولايات المتحدة وتسفر عن مقتل خمسة ...
- الحرس الثوري يكشف عن مسيرة جديدة
- انفجارات في مقاطعة كييف ومدينة سومي في أوكرانيا
- عشرات القتلى والجرحى جراء قصف الطيران الإسرائيلي لمدينة رفح ...
- القوات الأوكرانية تقصف جمهورية دونيتسك بـ 43 مقذوفا خلال 24 ...
- مشاهد تفطر القلوب.. فلسطيني يؤدي الصلاة بما تبقى له من قدرة ...
- عمدة كييف: الحكومة الأوكرانية لا تحارب الفساد بما فيه الكفاي ...
- عشرات الشهداء والجرحى في غارات إسرائيلية متواصلة على رفح
- الجامعات الأميركية تنحاز لفلسطين.. بين الاحتجاج والتمرد والن ...
- بايدن يؤكد لنتنياهو -موقفه الواضح- بشأن اجتياح رفح المحتمل


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - حسن أحراث - بولمهارز -بُقعة- سوداء في الذاكرة..