أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالكريم القيشوري - قراءة في مجموعة قصصية: تكلم كي لا أموت















المزيد.....

قراءة في مجموعة قصصية: تكلم كي لا أموت


عبدالكريم القيشوري

الحوار المتمدن-العدد: 7928 - 2024 / 3 / 26 - 20:13
المحور: الادب والفن
    


" تكلم كي لا أموت "
الأدب الوجيز: بين - بين
عند القاص : حسن البقالي
===////=====

عن مطبعة وراقة بلال بفاس / المغرب. تم إصدار المجموعة القصصية: " تكلم كي لا أموت " للقاص حسن البقالي في طبعة أولى من السنة الجارية 2024.

1- عن لوحة غلاف الكتاب:
لوحة الكتاب تتقاطع ومضامين النصوص حيث طيف كائن بشر/حيوان " أنثوي" مجسد في شجرة " . الشجرة مصابة باليباس والجفاف المؤدي إلى الموت، وفوق فرع من فروعها يتربع طائر- الغراب تجسيدا لرمز يحيل على السردية التي تحكي ما أقدم عليه أحد أبناء سيدنا آدم من وضع حد لحياة أخيه- قتل قابيل لهابيل - ودور طائر " الغراب " في تقديم فعل كيفية الدفن، بحكم تجربة سابقة.
هذا المشهد تتخلله ظلال أشجار خافتة الألوان ، حيث يتداخل اللون الأصفر" الجفاف" بحمرة تشي ب " الحريق " ب" النار " وبشبه خضرة قليلة كغبش منثور على الهامش.
في أعلى صفحة الكتاب يتربع العنوان في المنتصف: " تكلم كي لا أموت " بخط بارز باللون الأسود، تحته كتب جنس المكتوب. قصص. وبخط أقل بروزا من العنوان، وأسفل قدم لوحة الغلاف أشير إلى اسم الكاتب: حسن البقالي بخط رقيق، وفي هذا العرض التراتبي التشكيلي/ الفني إحالة إلى المتضمن في النصوص، والمعبر عن :
"الموت في مختلف تجلياته".
وفي خلفية الكتاب صورة " فوتوشوب "للكاتب بزي صحراوي يمتطي حيوانا بريا ضخما كوحيد القرن أو البيسون الأمريكي الذي يعتبر ثاني أكبر أنواع البقريات على وجه الأرض بعد الغور الآسيوي، ونص بيان يصدر عنه كاعتراف بموت القصة القصيرة جدا، وهي إحالة ذكية إلى الحجم تمثيلا بالحيوان الضخم.
2- العنوان وسيميائيته :
إن قيمة كل نص لا تتحدد فقط بمتنه ومضمونه،بل أيضا بسياجاته،أو ما اصطلح عليه النقاد ب" عتبات النص" وأول عتبة تطالع القارئ عند أول وهلة قبل الولوج لفناء النص هي " العنوان" .
يعد العنوان مفتاحا إجرائيا ومدخلا أساسيا لأي نص، وحلقة أساسية ضمن حلقات بنائه الاستراتيجي، كما أنه يمثل نواة دلالية تؤسس للنص وتهبه مشروعية الوجود، ومنه تنطلق الشرارة الأولى للقراءة.
عنوان المجموعة القصصية " تكلم كي لا أموت " لم يختره الكاتب اعتباطا، بل إشارة إحالية للقارئ لمفتاح الدخول إلى فناء النصوص، وأيضا توازيا مع مقولة الفيلسوف سقراط " تكلم حتى أراك " وكلمة الإمام علي- رضي الله عنه - الذي أراد من خلالها إعادة تشكيل المعنى الذي قصده سقراط " الرجال صناديق مغلقة مفاتيحها الكلام" بل المقصود ردود فعل القراء والنقاد مع ما يقدم لهم من نصوص قصصية بين- بين.
3- عن مفتتح المجموعة القصصية :
افتتاحية الكتاب دبجت بأقوال بعض الفلاسفة عن تيمة - الموت - كنيتشه وسقراط، على اعتبار أن مضمون المؤلف يتناول نفس التيمة عبر معالجات أسلوبية قصصية قصيرة جدا، تتنوع حكيا أداتيا وتقنيا وجماليا.. اعتمادا على قوة الخيال من زوايا نظر تختلف في الأزمنة والأمكنة، مع تعدد في الرسائل والغايات عبر آلية تشكيل عجين اللغة وتطويعها أملا في خلق نبض حياة نصية تليق بمقام المتلقي / القارئ المفترض، وإمتاعه بعيدا كل البعد عن تعكير صفو مزاجه لكي لا يكون سببا في موت النص، بل توريطه في نفث روح حياة جديدة في النص .
4 - عن التصدير - البيان-
:
التصدير القصصي الذي قدمه القاص " حسن البقالي" عبارة عن تقديم يضم وجهة نظر حول كتابة القصة القصيرة جدا، باعتباره رقما أساسيا في منظومتها، متمكنا من عدة كتابتها،ومتمرسا على أدوات مختبره القصصي، وعالما بأسرار فتنة الكتابة القصصية، ومهووس بسحرها.. فكما هو معلوم فالقصة وحدة عضوية للغات التعبير الإنساني المتنوعة. يقول العارف بخباياها العالم والناقد ذ الأجيال أحمد بوزفور :" وأنا أكتب أكون مترعا بتجربتي الخاصة،وكل أدوات الغير تبدو لي ناقصة ومعوقة،لأنها ليست أدوات فقط. ليست خصائص أسلوبية فقط. إنها ملامح نفسية. لكل منا أرضه ، هذا معروف، ولكن، أيضا لكل منا بذوره ومحراثه، وإلا لم تنبت الأرض إلا الزوان ".
فالتصدير المقدم من قبل المؤلف
فرضه الوضع الخاص لهذه المجموعة باعتبارها السابعة له ضمن هذا الجنس طري العود الذي اتفق على تسميته " القصة القصيرة جدا "
والرقم سبعة يمثل كما في الحكايات والمخيال الشعبي عموما سقف الطموحات ومختتم الرحلات كما يشير الكاتب. فهناك 7أيام د لباكور، و 7 أيام في الأسبوع،و 7 ألوان في قوس قزح، و 7 بحار ،و7 قارات. و 7 أقزام في فيلم " بياض الثلج " ، و 7 عجائب الدنيا، و 7 مواهب الروح القدس، و...
لهذا يريد القاص حسن البقالي لهذه الباقة القصصية القصيرة جدا التي جمعها في خمسين نصا قصصيا ، أن تكون الأخيرة، على أساس أنه لا يرى مجديا ( ولا مجزيا) أن يمتهن الكاتب القصة القصيرة جدا ، بل الأجدر أن تكون مجرد استراحة محارب قصيرة وعابرة بين جولتين.
هذا الطرح وهذا الاختيار الذي جعل الكاتب يعتبر هذا الإصدار في مجال القصة القصيرة جدا، مجرد استراحة محارب قصيرة بين جولتين. جعلنا نستفهم : لِم..؟ وكيف..؟
- للتذكير والتعريف والإشارة : فحسن البقالي ككاتب مبدع، فهو كاتب متعدد. كتب في الرواية والقصة القصيرة والقصة القصيرة جدّا، كما كتب في الشعر، فهو يشكل علامة من العلامات الفارقة - كإسم - في مدونة السرد المغربية خاصة " القصة القصيرة والقصيرة جدا".فهو ذو موهبة إبداعية متقدة، مثقف، قارئ نهم، باحث عن الجمال ودارس لتجلياته من حيث التجديد والتجريب..
من إصداراته في :1- الرواية : * ماء الأعماق.
2- في القصة القصيرة: * سبعة أجراس.* قتل القط .* الإقامة في العلبة.* جبة بورخيس.* وهل سليمان يحكم الريح ؟.* حكاية جميلة الجميلة.
3- في القصة القصيرة جدا: * الرقص تحت المطر. * مثل فيل يبدو عن بعد. *قط شرودنجر .* هو الذي رأى. * كالعزف على القيثارة. * الغابة شاسعة والأجنبي صغير. * تكلم كي لا أموت.
4 - في الشعر: * قالت مريم.
======
هل يمكن اعتبار الخبرة في ممارسة الكتابة السردية بتشكيلاتها الثلاث، تجعل من الكاتب المبدع أن يتخذ موقفا من الكتابة في شأن جنس أو شكل من الأشكال؟ أم أن فكرة الكتابة في موضوع ما تتبلور في ذهن الكاتب من خلال آليات طبيعة تصريف الموضوع وتمثله من أحداث ومواقف وشخوص و.. اختيار الشكل / القالب المناسب الحامل لجسم الجنس الذي يلد النص إن قصيدة أو قصة أو رواية ؟ أم لاقتناع الكاتب بأن جنس القصة القصيرة جدا لم يعد يف بالمطلوب على اعتبار ما أشار إليه كاتبنا في التصدير بقوله : " إن القصة القصيرة جدا أصبح وضعها جد مزر بل مخجل أحيانا بالنظر إلى ما تطالعنا به الصفحات والمنتديات من منشورات تحسب على هذا الجنس الأدبي ولا تقابل بالتقريظ، بينما هو في الواقع مجرد تأتآت لغوية تقف على تخوم السرد، وبالنظر أيضا إلى انحسار صوت النقد وخفوته وتراجعه عن التتبع والتأطير.
من هذا المنطلق يعتبر القاص حسن البقالي القصة القصيرة جدا جنسا خديجا لا يقوى على البقاء.
بحكم التوجه الذي ينحو إليه الكثير ممن وجد فيه ضالته استسهالا للكتابة في هذا الجنس الوجيز بأقل الكلمات الممكنة إسوة ب " ديناصور" مونتيروسو ، أو "حذاء " همنجواي..
على اعتبار أن الكتابة بهذه الكيفية تساهم في زيادة فقدان الشهية وتجويع النص، بما يميت الحكي في المهد ويعلي من شأن الخرس النصي.
لهذا ارتأيت يقول حسن البقالي : " أن أسلك الاتجاه المعاكس. فعوض تجويع النص إلى أبعد حد، عملت على تغذيته وتسمينه، مع إجازة بعض الاستطراد والجمل الاعتراضية والانطلاق المريح ضمن الفسحة الضرورية لإحدات الأثر، بما نتج عنه قصص تستقر جماليا في منطقة وسط بين القصة القصيرة جدا والقصة القصيرة، لكن دون الخروج من دائرة الأدب الوجيز.
يذهب خلاف ما اعتقده القاص حسن البقالي، ويتقاطع معهم في الرأي من حيث قلة حتى- لا نقول ضعف- المواكبة النقدية لهذا الجنس المستحدث، على اعتبار أنه فن قائم بذاته، ولا يجب اعتباره مجرد استراحة محارب..
فهذا أستاذ النقد د محمود الضبع رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب، يرى :" أن القصة القصيرة جدا فن قائم بذاته فهو شكل أدبي جديد، له ضوابطه وآلياته وفنياته التي تعتمد على السرد المكثف المبني على اتساع الرؤية وضيق العبارة وكثافة المعنى والمعتمد المفارقة في كثير من أبنيته، وإن لم تكن المفارقة اللغوية فقط بالمفهوم الكلاسيكي، وإنما باتساعها الذي يشمل مفارقة الحالة ومفارقة الدلالة ومفارقة البنية والمفارقة المشهدية، وغيرها من الأشكال التي طرحتها الحداثة وما بعدها وبتأثير من ثقافة الصورة والميديا والإعلام والتكنولوجيا والمعلوماتية وغيرها». ويشير إلى أنه «على مستوى النقد المواكب لهذا الفن، فن القصة القصيرة جدا، فإن الحركة النقدية العربية تخضع للعقلية العربية التي تنشغل كثيرا بالبحث عن أصول الأشياء والاختلاف حول أزمة التسمية والمصطلح، ناهيك عن الخوف من تجريب أي جديد ليست له مرجعيات تراثية، دون أن تستثمر الجهد المهدر في ذلك لصالح التقدم خطوة للأمام من أجل دراسة الوضع الحالي، ورصد أبعاده وآلياته، ومن ثم فإن الحركة النقدية قد تستغرق زمنا من أجل استيعاب أو قبول هذا الفن، وعلى الرغم من ذلك فقد نجح أصحاب هذا الفن في استثمار تكنولوجيا التواصل الاجتماعي لمناصرته، وتكونت جماعات أدبية بتسميات مختلفة تنتمي إلى القصة القصيرة جدا، في بيئة الواقع الافتراضي عبر الإنترنت، والخلاصة أن هذا الفن لم يستطع النقد أن يتعامل معه بالدرس التحليلي كما يجب وما يزال الباب مفتوحا لرصد أبعاده وتحديد جمالياته».
هناك أخذ ورد في الآراء تتقاطع بين مؤيد لأحقية ظهور فن الققج وتبوئه مكانته ضمن شجرة السرد، ومعارض له بسبب - كما أشار القاص حسن البقالي- إلى الإمكانية التي أتاحتها وسائل التواصل الاجتماعي في النشر ، فأصبح كل من يتأتؤ كلمات يعتبر نفسه كاتبا/ قاصا في غياب المواكبة النقدية من قبل المختصين.. بالرغم من تأسيس العديد من الهيئات المهتمة بفن القصة القصيرة جدا، إن وطنيا أو مغاربيا أو عربيا، وخلق ملتقيات ومنتديات ومسابقات وجوائز خاصة بها، إلا أن شعلتها بدأت تأفل كما يرى بعض الكتاب والنقاد نتيجة هذا التسيب - المشار إليه آنفا - في الانتساب إلى حظيرتها.
من هذا المنطلق نجد أن القاص حسن البقالي يريد أن يبرئ ذمته بالعودة إلى كتابة القصة القصيرة ، معزيا فن الإبداع في القصة القصيرة جدا بهذا الإصدار البين- بين ماهو قصير ، وقصير جدا، معتبرا إياه فترة استراحة محارب.

المجموعة القصصية تعرض نصوصا توحدت في التيمة " الموت" إلا أنها اختلفت في المعالجة بآليات كتابية حديثة، تميزت بإنتاج نسقي فني متدرج، وبخلق دهشة ماتعة بصيانة إبداعية لعب في بنيتها الحكائية الجمع بين الأسطوري والتراثي، والفانتاستيكي/ العجائبي/ الغرائبي، وبين الواقع والخيال، وبين الاقتباس والحكمة، وبين الخير والشر..
الفيلسوف نيتشه يقول :" يموت كثير من الناس في وقت متأخر، ويموت بعضهم في وقت مبكر. مت في الوقت المناسب " نيتشه يأمرنا بالموت في الوقت المناسب
والقاص حسن البقالي يأمرنا بالكلام : " تكلم كي لا أموت "
فمع اختلاف الصيغتين هناك إحالة رمزية إلى ثنائية " الحياة/الموت" فالموت واحد وإن تعددت طرقه كما
قال الشاعر نباتة السعدي :
ومن لم يمت بالسيف مات بغيره
تعددت الأسباب والموت واحد.
فالقاص حسن البقالي من خلال الخمسين قصة التي توزعت على الكتاب، والتي يعالج من خلالها تيمة الموت - كما أسلفنا- باعتباره أشد قضا لمضجع البشرية،محاولا التفرد في مسلكيات القبض على تجلياته المختلفة، بكتابة قصصية نوعية، أداتها اللغة المطوعة، ومرتكزها الحكي، وأساسها تمثلاته ووعيه بالمفردات التي تدخل في إطار التمكن من التعبير بكلام بليغ، يشي بقدرة الكاتب على الاختيار، وكما يقول أهل البلاغة : " مطابقة الكلام لمقتضى الحال" فهو يأمر من خلال العتبة الأولى- عنوان الكتاب- المتلقي/القارئ..أن ينفث في روحه الحياة، إن بالقراءة أو بالكتابة..لاستمراره في العطاء والبذل الإبداعي، وعكس ذلك سيؤدي حتما إلى الموت.
الموت القاهر لكل الكائنات الحية من إنسان وحيوان ونبات..بله إلى الأدب وبالأخص الأجناس الإبداعية ومنها القصة القصيرة جدا كما اعتبرها صاحب الأمر بالتكلم.
فالكلام ترجمته كتابة، على اعتبار أن الكتابة حاجة روحية في الإنسان، وهي تجل لنعمة البيان التي ميز بها الله الإنسان" خلق الإنسان علمه البيان " . الكتابة تعني أن تتجاوز حدود ذاتك في الزمان والمكان،وأن تفيض على الناس من روحك وتنثر عليهم من بذورك فتسري كلماتك من قلب إلى قلب، وتجد لها أنصار يتبنونها، فتنتصر بذلك على خوفك من الفناء وتشق طريقا للبقاء بعد الموت.
فهل الإحساس بالخوف من الموت قتلا هو ما يجعل الحكي متدفقا عبر الأزمنة ،
كما جاء في قصة ؛ " أنت أيضا يا ولد " ص 42 - 43،والتي تم توظيف الأسطورة الإغريقية فيها بشكل منتقى لإبراز نوع من التطرف بما في ذلك القتل في اللعبة السياسية ؟ " طعنة بروتوس لصديقه يوليوس قيصر".
أم هي اللعنة التي سنها شهريار لحكي العالم حفاظا على البقاء ؟
قصة : " فرح" ص53
والتي يعتمد الحكي فيها بشكل مكثف لما بعد أربعين سنة، حيث "يسأل الحفيد الجد عن سبب كل تلك الدماء في الحرب الطويلة بين المملكتين والتي كان سبب اشتعال نيرانها كلبة عوت أو سرقت، أو ماتت ميتة مشبوهة لعلها كلبة الزعيم..كان الحفيد يريد كلبة يربيها ويسميها فرح، بعد الحكاية ثارت ثائرة الحفيد
وأصبح لا يريد كلبة، لا يريد ال "فرح".
" تكلم كي لا أموت" مجموعة قصصية تتيح إمكانية قراءتها من زوايا متعددة ومن مستويات متنوعة لاتساع قاعدة خصوصيتها ووسمها بمجموعة من السمات أبرزها :
- التصدير الذي يبين من خلاله القاص موقفه من كتابة الققج، ومن كتابها الذين كان لوسائل التواصل الاجتماعي سببا في نشر غسيل تأتآتهم، وتنبؤه بموت هذا الفن من خلال إصداره لهذه المجموعة التي تتخذ تيمة الموت مرتكز الفكرة الأساس، بعدما تداول في الأمر مع ثلة من الأصدقاء الممارسين لفعل الكتابة والمهتمين بالأدب ، والتي كانت إجاباتهم منطلقة من مبدأ واضح :" إذا كان الموضوع واحدا فينبغي التنويع في التناول دفعا لأية مونوتونية قاتلة للنصوص ولمتعة التلقي "
- اختلاف هوية الكتابة من قصة إلى أخرى.
قصة : لكن كيف ترى الموت ؟
الاستفهام الذي طرح على الفيلسوف المحاضر في موضوع السعادة من قبل أحد الحاضرين، بعدما حلق كفراشة في حقول المعرفة والأنساق وأنشطة التخييل في علاقة ذلك بسعادة الإنسان ورفاهيته، جعل منه شاذا، حيث حدق مليا في السائل وبدأ يعرض عليه قيمة كتاب اختلف كثيرا في هوية مؤلفه وتاريخ التأليف..إلى أن شعر بخدر يسري في جسده وتوسد ذراعه ونام.
نام الفيلسوف ولم يستيقظ أبدا . قصة فلسفية تنم عن خبرة في السرد، وتمكن من التعبير المسبوك، والتخييل المرن..
- تنوع آليات الكتابة وأدواتها من قصة إلى أخرى.
- اختلاف أحجام قصص المجموعة .
- تنوع لغة السرد بتمتيعها بخاصيات العجائبي/ الغرائبي، الحكمي/ التاريخي..
- توظيف البياض بشكل ملفت للنظر عدديا وهندسيا. في قصة : "جدوى الأدب" ، مقارنة مع قصة : "حب "
وقصة : " خبط عشاء " مع قصة :" احتياط ضروري" وقصة : " شر محض" مع قصة :" تعاطف"..
- تكثيف الجملة السردية في قصص وتمطيطها في أخرى .
هذه القراءة العاشقة/ الثقافية- إن صح التعبير- تدخل في إطار الاستجابة لتلبية أمر الكاتب بالكلام. فالكلام عن المجموعة لا تكتمل إلا باستحضار إنجازاتها الجمالية، تأتي اللغة في مقدمتها باعتبارها تراهن على المعنى لتنتج قيمة جمالية مضافة للنص تأسر بانسيابها ، وتلف في عذوبتها كل مفتتن بهذا الجنس الأدبي الذي هو فن الإيحاء والتضمين والاستبطان..
قصة : " شر محض" ص 89
قصة تحكي عن سمكة تنتقم من بني جنسها، لشعورها بأنها أذكى، وبأنها من طينة غير طينة الأسماك، وبطبيعتها الشريرة كانت تسحب الأسماك لحتفهم..ولما عادت لطبيعة "وعيها"بعد إحساسها باقتراب أجلها،أرادت أن تنتقم من القاتل الأكبر ، أن تقتل آدميا، فازدردت من عشبة سامة ما يكفي لقتل رجل في سويعات وارتمت داخل شبكة للصيد..لم تكن تشعر بأي قلق أو توتر.. هذا القصة نموذج يفسر استناد بعض نصوص المجموعة إلى مرجعيات تناصية عديدة تسمح بالإبقاء على الإنساني في التجربة دون الاقتصار على التوازيات المتقاطعة التي قد لا تسمح باختراق النصوص ومساحتها . ونص قصة : " كبيت له بابان" ص17 المعبرة عن قصة سيدنا نوح عليه السلام عندما سئل من قبل ملك الموت كيف رأيت الدنيا ؟ فقال : " كرجل بني له بيت له بابان،فدخل من واحد وخرج من الثاني. تم توظيف الحكي التراثي بالوضع الذاتي للسارد،أي نقلها من سياق إلى سياق يتوافق مع خلاصة
الحدث- الموت.
وقصة : " جدوى الأدب" ص19.
التي وظف فيها الكاتب إحدى الحكايات الشعبية التي تحكي أن رجلا وأسدا اختلفا في الإجابة عن سؤال من هو الأقوى : الأسد أو الإنسان ؟ وبينما هما كذلك ،تأتي الإجابة من خلال رسم على الجدران عثرا عليه كشمس مشرقة، عبارة عن رجل يقتل أسدا.. ماذا لو كان الرسام أسدا ؟ فجدوى الأدب والفن في تمثل المعرفة وإدراك المعنى. .يكفيان حياة الكائن ،ويمنحان قيمة لحياته..
وحتى لا نحرم القارئ من متعة القراءة والاستمتاع بفن صناعة الحكي بلغة رشيقة ، وأساليب تمتح من البلاغة صورها المجازية والتشبيهية..بعناية فائقة تشي بقدرة الكاتب على تطويعها، وإلباسها لبوسات تتوافق والمراد من توصيل الفكرة - المعنى- للمتلقي..
فكل نص قصصي من المجموعة هو فسيفساء لعمل توحد في التيمة واختلف في أدوات بنائه على اعتبار ملكة إدارة اللغة التي يتميز بها القاص حسن البقالي، وعلى أساسها يضع الأساليب ، تجعل من كل نص له متعته الخاصة، وإدهاشه الماتع..



#عبدالكريم_القيشوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كورونا المدجن .
- الحجر الصحي احتراز من محنة؛ أم بلاء بمنحة ؟ مع المبدع القاص ...
- كورونا : حدث القرن
- عن -كورونا -قال صديقي :
- الدجاجة المغرمة
- - ندوة القصة وسؤال الترجمة - وبيت المبدع الدولي
- حوار مع الشاعرة والقاصة المغربية فاطمة الشيري
- قضية لغة التدريس بالمغرب بين ال- مع- و - ضد- في ندوة صحفية ب ...
- شبكة المقاهي الثقافية تحتفي ب - نصيبنا من الظلمة - ديوان شعر ...
- حوار خاص مع الشاعرة الفلسطينية هيام مصطفى قبلان
- شاهد عيان على ميلاد قصيدة.
- قراءة في ديوان الزجل للشاعرة/الزجالة إحسان السباعي. -يالمهزو ...
- احتفاء بالكاتب المغربي محمد أديب السلاوي بنكهة رمضانية بمدين ...
- ندوة بيت المبدع - طنجة في الإبداع المغاربي -..
- قراءة في فيلم-ملاك- للمخرج عبدالسلام الكلاعي.
- قراءة في ديوان-الشمس لا تهبك نهارا مرتين - للشاعر العراقي عل ...
- 8 مارس. -عيد- بأي حال عدت ياعيد.
- كاتب أدب الطفل -العربي بن جلون- في احتفاء بمدينة سلا.
- الجمعية الفرنكوفونية للفن والإبداع المغاربي بالمهجر تخلق الح ...
- نهاية أسبوع باذخة لبيت المبدع.


المزيد.....




- الضحكة كلها على قناة واحدة.. استقبل الان قناة سبيس تون الجدي ...
- مازال هناك غد: الفيلم الذي قهر باربي في صالات إيطاليا
- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالكريم القيشوري - قراءة في مجموعة قصصية: تكلم كي لا أموت