أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد نجيب وهيبي - كيان ... ( انعكاس ام حقيقة )














المزيد.....

كيان ... ( انعكاس ام حقيقة )


محمد نجيب وهيبي
(Ouhibi Med Najib)


الحوار المتمدن-العدد: 7928 - 2024 / 3 / 26 - 19:32
المحور: الادب والفن
    


كَيَانْ...

"إنعكاس أم حقيقة"
أفاق من النوم كعادته باكرًا ومنزعجا على صوت منبّه الهاتف بصوته الاعتيادي الرتيب وكأنّه يُجاهد ليخرج من أغوار بئر سحيقة ، نهض متثاقلا من فراشه المخملي المريح ...
قصد الحمام غسل وجهه ونظّف أسنانه على عجل ، عاد الى غرفته ارتدى حلته الرسمية السوداء الأنيقة ورابطة عنق حمراء وحذائه الجلدي وكلها ماركات عالمية باهضة الثمن تعادل او تفوق اجور مجموعة من العاملين في إحدى الشركات المتوسطة ...
إتّجه الى المرآة لِيُصفّف شعره و يتفقّد هندامه ويسوي ربطة عنقه ، فاليوم لديه موعد مهم على أعلى مستوى من أجل إنجاز صفقة إقتصادية وسياسية تُعتبر "صفقة القرن " بالنسبة له ولجماعته الذين لا تَكُفّ ثرواتهم عن طلب النمو و التسلّط ...
مرّر المشط على شِعره ، فانغرست أسنانه بين خصلاته وكأنها تأبى التحرْك دون إقتلاعها من جذورها ، مثلما تُقتلع الشجرة من أرضها ليتم تهيئتها لمشاريع قوالب الطوب الاسمنتي السكني و الصناعي ، عجبا لما شعره قاسٍ ومجعّد الى هذا الحدّ وهو الذي الفه طيلة نصف عقد من الزمن شعرا أملس حريريٌّ ومسترسل ...
إنّه ليس شَعْره ، ربّاه !! العينان أيضا ما بهما ؟ حمراوان بٍلون الدم ؟ دون بؤبؤ وحتى القرنية فقدت شكلها الدائري وصارت مشقوقة طوليا وكأنّه ثُعبان يستعدُّ للانقضاض على فريسته ، إنّهما حتما ليستا عيناه فَقدْ حُسِدَ عليهما طيلة حياته لتناسقهما مع سمات وجهه ونظرتهما الجذّابة الصارمة اغلب الوقت ...
ولكن كيف يرى دون بؤبؤ للعين ؟
تصاعد توتره وهو يتفحّصُ وجهه الذي علته التجاعيد والبثور الدامية و وترهّلت وجنتاه وتشققت شفتاه وكأنّه عجوز منسي منذ سنين على أعتاب قبر مهجور في أطراف مدينة منسية ...
إنّه ليس وجهه ! إنّه ليس هو ! إنّها المرآة حتما
ولكِنّه كُلّما تمعَّن في الانعكاس أدرك من أعماقه أنّه هو ، حركاته سكناته و توترّه والتفاتاته حتى أنفاسه متطابقة مع الانعكاس !!!
ربّاه حتى كتفاه تثقلان وتتهدّلا حتى بات يسبح في بذلته الغالية الأنيقة وكأنّه جرذ صغير يتخبّط في مصيدة ، لقد صار اشبه باحدب " نوتردام " او كأنّه أحد عملته البائسين في مصنع الحياة البائس تقوّس ظهره من ركوب أرباب العمل عليه وجفّت عروقه من دمائه التي يمتصّونها منه يوميا ...
اراد أن يُحرّكَ قدميه هروبا من المرآة ولَكِنّ رُكبتيه تيبّستا و ثَقُلتا ببطنه التي انتفخت فجأة وبرزت خالعة أقفال قميصه حتى صار اشبه بعجوز مائوية شمطاء او مشعوذة او ساحرة من قصص العصور الوسطى يرفض جنينها مغادرة بطنها منذ عقود خوفا من فاتورة مستشفى التوليد ورعبا من فاتورة الحياة ...
ندّت منه صرخة مكتومة هذه المرّة فلمح أسنانه التي برزت حادّة مبرودة يعلوها السواد ويتقاطر منها الدم وكأنّه ذئب دخل لتوّه مزرعة للنعاج السمينة او هي أسنان منشار ماكينة رديئة لمصنع فخم لعبت لعبة اسيادها في أجساد مُشغّليها ...
انطلقت صرخته مدويّة مُنتحبة ما هذا الشيطان؟ ما هذا الشيطان ؟ ، إقتلعت زوجته من الفراش فزعة .
- ماذا بك يا رجل .
- وجهي !! المرآة !! الشيطان !!
- أعوذ بالله ! أية مرآة ؟ إنّك تقف امام حائط مسمط !! هل نسيت ليس لدينا اية مرآة في الداخل ، إنّك تمنعها علينا مُنذُ ..
لقد تذكّر إنّه يمنع وجود مرآة في الداخل ، إنّه يخاف أن يتجوّل بوجهه داخل المنزل ، المرآة الوحيدة التي لديها وضعها جانب الباب الخارجي لحديقة الفيلا ، حتى يحمل من عليها وجهه كُلّما خرج ليقضي مصالحه ويُشرف على صفقاته وأعماله ويُقابل صفوة القوم ...
هرع مُسْرعًا الى الخارج وهو يحاول الطيران مثل ديك مذبوح ، وصل إلى المرآة وفتح عينيه عن آخرهما وهو يتحسس كامل خلايا وجهه بارتياح ، إّنه هو بوسامته الخمسينية الاستثنائية و كامل اناقته الباهضة و قوامه الممشوق وعينا الصقر مرّر يده بين خصلات شعره التي التمعت عرقا و ابتلع نظرة الخوف و القلق التي اكتسحت عيناه بإرادة قرصان مُخضرم ، وغادرَ عازما على إقتلاع الحياة ولو من أصحابها كما يفعل دوما ...
- مُراد ، هتفت فيه زوجته مُرتبكة ، ولم يَزُل انزعاجها من نبرة صوتها بعد
التفت اليها غاضبا فهو يكره العودة على الأعقاب او النظر الى الخلف
- ماذا بك ؟
- لقد نسيت وجهك في المرآة !
ارتدّ كالمصعوق وقفز امام المرآة !! بلى إنّه لا يزال هناك على سطحها ، وجهه يأبى مُرافقته ، حسنا سيحمله عنوة ، تصبّب عرقه غزيرا ومعه دموعه انهارا ووجهه يتمنّع ، ازدادت حدّة الممانعة مع قوة إصراره ، حتى قرّر مغلوبا في النهاية أن يلحق هو بوجهه ...
بكلّ عنف تشضّت المرآة الى آلاف الوجوه البائسة غائرة الملامح و انتشرت على الارض مثل جماجم لامعة في مقبرة مهجورة تعكس سماءًا داكنة الغيوم تتقاطر منها أمطار دموية حمراء قانية ويتوسّطها بؤبؤ عينٍ يبحث عن شعاعٍ نور في الافق حتى يمكنه أن يرى ...
-----
26/04/2024



#محمد_نجيب_وهيبي (هاشتاغ)       Ouhibi_Med_Najib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رؤيا
- 2 مارس 2024 موعد جديد من أجل إنقاذ تونس
- فقّإعة الاقتصاد التونسي تُبشّر بكارثة
- طابور خامس لا يعلم ... اكثر خطرا من طوابير الخبز الطويلة على ...
- حكومة الحاكم بامره وحده لا شريك له !! تعتدي على الحق النقابي ...
- مائوية الحركة الشيوعية في تونس .. ماركسي مُعترفٌ ومنضبطُ
- لا -ثورة- دون تنظيم ثوري : تونس بعد 25 جويلية
- عذرا رئيسنا لا احب لك غياهب النسيان ... فلا تزجّوا بي في غيا ...
- دردشة حول فلسطين ( مُتشنِّجة بهدوء ) ...
- صندوق الدعم مكسب اجتماعي وطني لا يجب التفريط فيه!!
- برلمان بائس لكنه حقيقي وضروري
- تونس : رئيس الجمهورية لا يؤمن بقيم الجمهورية
- دون ضمان حياد القاضي لا معنى لاستقلالية القضاء
- الانتخابات الامريكية : انهزم ترامب فهل انتصرت امريكا مع فايد ...
- في المقاطعة الاقتصادية ، جدواها وأهدافها ( مثال فرنسا )
- كورونا والدولة السفيهة !!
- لبنان - الطائفية- جرح عفن لا تداويه الا ثورة شعبية
- هل تكون أمريكا بوابة الثورة العالمية ؟
- في هوجة -سورة الكورونا - : ين تقف حرية الفكر ؟ والى أين تمتد ...
- طريق


المزيد.....




- مازال هناك غد: الفيلم الذي قهر باربي في صالات إيطاليا
- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد نجيب وهيبي - كيان ... ( انعكاس ام حقيقة )