أوكرانيا : الحرب العالمية ام الهدنة ؟

محمد رضا عباس

الحوار المتمدن-العدد: 7925 - 2024 / 3 / 23 - 18:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

قال الرئيس الصربي الكسندر فوتشيتش , ان الاحداث في أوكرانيا قد تتطور وفقا لسيناريوهين , اما ان يدخل الغرب في صراع مباشر مع روسيا او يتوصل الى هدنة في أوكرانيا .
الرئيس الصربي لم يتحدث بدون معلومات او رجما بالغيب , وانما عن حقائق على الأرض اصبح كل من يتابع اخبار الحرب يعرف نهايتها . اوروبا وعلى لسان كبار قادتها اعلنوا صراحة انهم لن يدخلوا جيوشهم في الحرب . هذا القرار دعمه أيضا جو بايدن , حيث أعلنت ادارته عدد من المرات بانها سوف لن ترسل قواتها لمجابهة القوات الروسية . اذن , الغرب و الولايات المتحدة الامريكية غير مستعدان في خوض حرب مدمرة من اجل حماية نظام لم يعرف التعامل مع الازمة قبل وقوعها , ولم يخض الغرب و أمريكا حرب قد يكون دمارها اعظم على اوروبا من روسيا . " الناتو " يسيطر على 95% من أوروبا , ولا مانع العيش بسلام بناقص 5%.
من طرف اخر , فان حال القوات الأوكرانية ليست بأحسن حال . جميع المراقبين وصلوا الى قناعة ان بقاء الحرب قائمة , يعني انهيار الجيش الاوكراني و ضم أوكرانيا الى الام , روسيا . لقد كان رد روسيا على شروط زيلنيسكى للسلام قاسية كما اذاعها الرئيس الروسي السابق دميتري ميدفيديف قبل أيام وعلى راسها اعتراف أوكرانيا بالهزيمة , اعتراف المجتمع الدولي بالطابع " النازي للنظام " , تجريد الأمم المتحدة أوكرانيا من جميع صفاتها القانونية ومنع أي تحالف عسكري تقوم به الا بموافقة موسكو , حل جميع السلطات الدستورية في أوكرانيا واجراء انتخابات فورية , تشكيل برلمان مؤقت وتشريع قوانين بدفع تعويضات الحرب لروسيا , اعتراف هذا البرلمان بان كامل أراضي الإقليم ارض روسية واعتماد قانون إعادة توحيد أراضي أوكرانيا السابقة مع روسيا , و حل البرلمان المؤقت نفسه واعتراف الأمم المتحدة بإعادة توحيد أراضي روسيا .
ربما لا يحصل ميدفيديف على كل ما يريده , ولكن الاستنتاج عما يدور من تقهقر للقوات الأوكرانية على جبهات الحرب امام القوات الروسية هو ان لا خيار لقائد أوكرانيا الا قبول وقف اطلاق النار . القوات الأوكرانية تعبت وأصبحت تعاني من نقص في عدد المقاتلين و من قلة امداداتها من السلاح . فقد حث الجنرال الأمريكي ديفيد بتريوس فلاديمير زيلنيسكي على تجنيد المزيد من شعبه للقتال بعد الفاقد البشري الكبير في جيشه وبلوغ متوسط اعمار المجندين 40 عاما. فيما اعلن منسق الاتصالات الاستراتيجية في مجلس الامن القومي بالبيت الأبيض جون كيري ان ذخيرة القوات المسلحة الأوكرانية التي تقاتل في الدونباس نفدت , ما اجبرها على التراجع.
الغرب والولايات المتحدة لا تستطع توريد كل احتياجات كييف من الذخيرة , فيما ان الروس قد تحضروا لهذه الحرب من زمن بعيد , وهذا يعد فشل اخر على قدرات الاستخبارات الغربية , حيث صرح ميخائيل بود ولياك مستشار رئيس مكتب الرئاسة الأوكرانية , بان الجيش الروسي يستخدم يوميا المدفعية الثقيلة في منطقة القتال مرتين الى ثلاث مرات اكثر من القوات الأوكرانية .
الحرب الحديثة لا يمكن ربحها باستخدام سلاح عمره 20 عاما , حيث جاء في National Interest ان دول " الناتو" صارت تزود نظام كييف بأسلحة قديمة غير فعالة لا تسمح لها بمواصلة القتال ضد روسيا . واستنتجت المجلة , ان " مساعدات الناتو " لأوكرانيا لم تقدم مساعدة حقيقية وان الحرب لن تسير لصالح كييف على أي حال من الأحوال.
هذا الهم هو الذي حدا بالضابط الأمريكي المتقاعد بريان بيرليتيك يطالب " الناتو " ارسال قواته الى أوكرانيا لتفادي الهزيمة رغم خطورة ذلك , او الاعتراف بخسارة المواجهة مع روسيا . الضابط الأمريكي شدد على ان الجيش الاوكراني يعاني من نقص الافراد وضيق الوقت لأعداد الوية إضافية . متساءل " من اين ستحصل أوكرانيا على جنود جدد ؟ لا يمكن تسريع هذه العملية باي شكل من الاشكال".
التخوف من الهزيمة هو الذي دعا مجلة Responsible Statecraft الامريكية انه على الغرب دفع كييف نحو المفاوضات مع موسكو قبل انهيار أوكرانيا بالكامل , مشيرة الى دعوة بابا الفاتيكان مؤخرا الطرف الخاسر للاستسلام . المجلة شددت على ان الغرب لا يستطع التضحية بما حققه من ازدهار اقتصادي وعمراني على مر العقود , الخلافات السياسية الداخلية في أوكرانيا , و نقص السلاح , فيما ان روسيا تنتج الذخيرة بكميات اكبر مما يمكن للناتو نقلها لأكرانيا .
المجلة دعت الى تبني موقف البابا فرانسيس الذي دعا الطرف الخاسر في النزاع الاوكراني للتحلي بالشجاعة , ورفع الراية البيضاء, واعتقد هذا ما سيجري في قادم الأيام .

#محمد_رضا_عباس (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل