أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أسماء غريب - الشّجرةُ الشّافيّة (حكاية فلاديمير ميغري وأناستازيا)















المزيد.....



الشّجرةُ الشّافيّة (حكاية فلاديمير ميغري وأناستازيا)


أسماء غريب

الحوار المتمدن-العدد: 7924 - 2024 / 3 / 22 - 14:04
المحور: الادب والفن
    


(1)
الموعد الأول في غابة الأسرار
*
صورة 01: أسماء غريب وبين يديها (أشجار أرز روسيا الرنّانّة)
في فيلّا جوليا بشهر تمّوز من عام 2022
*
((في عام 1990 بدأ عهد البيريسترويكا، وحصل الناس على حقّ ممارسة الأعمال التّجاريّة لحسابها الخاصّ. وقد اعتبرت شعوب الاتحاد السوفييتي هذا النّوع الجديد من الحرّية كخطوة ثوريّة، لا سيما أنّ ريادة الأعمال كانت إلى ذلك الحين من الأنشطة التي يعاقب عليها القانون (حتّى بالسّجن في كثير من الأحيان).
وبدأ ما يقارب من ثلث السّكّان، وخاصّة منهم المقيمون في العاصمة والمدن الكبرى، وتحت تأثير دوافع قويّة، يحلمون بمستقبل تكون فيه الحياة شبيهة بتلك التي يعيشها أثرياء الغرب.
وحتى في نوفوسيبيرسك، المدينة التي كنتُ أعيش فيها آنذاك، وبالرغم من أنها كانت تبعد عن العاصمة موسكو بثلاثة آلاف كيلومتر، فإنّ سكّانها تحفّزوا للعمل حتّى لا يبقوا متأخّرين عن أقرانهم من أهل موسكو، وأعطوا الانطلاقة لأنشطتهم التّجاريّة.
وكانت تجارة رواد الأعمال السيبيريين الأوائل في مجملها ضئيلة الشأن وتتلخّص غالباً في بعض الخدمات الاجتماعية المشتركة، أو في عمليات البيع بالتّقسيط. وفتحَ بعضُهُم الحانات والمَتاجر. أمّا أولئكَ الّذين نجحوا في إصلاح بعض الآلات القديمة وشرعوا داخل أقبية البيوت في إنتاج الحليّ البلاستيكية التي كانت موضةَ تلك الفترة، فكانوا في أعين الآخرين من أصحاب الصّناعات الصّغيرة.
أمّا بالنّسبة لي، فقد كنتُ أرى نفسي محظوظاً، بحيث استطعتُ أن أؤجِّرَ من شركة الملاحة النّهرية لسبيريا الغربيّة السّفن الكبرى الثّلاث لديها. ولأنّ إحداها كانت تتكوّن من ثلاثة طوابق وتحتوي على مطعم وحانة وقاعة للمحاضرات، حرصتُ على أن أجعل منها سفينة للرّحلات السياحيّة، وقاعة للندوات الخاصّة بروّاد الأعمال السّيبيريّين. في تلك الفترة كنت قد انتُخِبتُ للتوّ رئيسًا للرّابطة الإقليميّة لرجال الأعمال والتي كان اسمها (المتعاون السيّبيريّ).
كنتُ أشْعُرُ بأنّي رجل أعمال محظوظ وناجح! وإن كان هذا لا يعني أنه لم تكن تظهرُ في الأفق بعضُ المشاكل الّتي كان معظمها بسبب الموقف العدائيّ الّذي كانت شريحة معيّنة من المجتمع المدنيّ تتّخذه تجاه رجال الأعمال الجُدُد.
في بداية عهد البيريسترويكا، كان المُجتمع المدنيُّ الرّوسيّ يبدو منقسماً إلى قسمَيْن مُتنافريْن. فمن جهة كان هناك مِن النّاس مَنْ يرغبُ في إقامة مشاريع فرديّة وخاصّة، ولا يرون في النّظام الرّأسمالي أيّ إشكال، ويحلمون بالعيش في مجتمع بالأسلوب الغربيّ. ومن جهة أخرى كان هناك قدماء المُحاربية وأبطال العمل، وهم المعارضون بشكل كامل لهذا التّجديد الّذي ظهر في البلاد. ولقد كانوا هُم أيضاً على صواب...
قبل البيريسترويكا، كان كلّ شخصٍ من قدماء المحاربين وأبطال العمل الاشتراكيّ يُعَلّقُ على صدره ميداليّاتهِ في الأعياد، ويُشاركُ في المسيرات ويستدعي ذكريات الزّمن الماضي أمام شباب المدارس وتلاميذها. وليس هذا فحسب، بل كان يرى أن حياته تستحقُّ أن تُحتَرَمَ وتُعاش بكلّ فخر واعتزاز في خدمة المجتمع الاشتراكيّ. ثمّ فجأة جاءت هذه التّغييرات الجذريّة، ووجد نفسه مُتّهَماً بأنّه لم يُساهم بالشّكل المطلوب في بناء مجتمع عادل، في الوقت الّذي كانَ يُنْتَظَرُ منه أن يعمل على تأسيس مجتمع يكون رأسماليّاً لا اشتراكيّاً. وإضافة إلى هذا أصبحَ يُنظَرُ إلى قضيّة إبعاد قيصر روسيا في عام 1917، وتصفيّة عائلته بالكامل خطأً فادحاً. وعليه فإنّ ميداليّات العجوز المُحارِب، لا تشهد الآن على أهمّيته في المجتمع بقدر ما أنّها تدلُّ في أقصى الأحوال على أنّه كان عاملاً جيّداً مهتمّاً ببناء شيء قد يُكتَشفُ فيما بعد أنّه غير ذي قيمة أو شأن. فكيف بعد هذا كلّه سينظرُ في عينيّ أبنائه وأحفاده؟ وبالحديث عن هذه الشّريحة، فإنّ أناساً مثل هذا النّوع من قدماء المحاربين هُم من كانوا ينظّمون المظاهرات في الشّوارع مع بداية عهد البيريسترويكا. وقد حدث لي ذات مرّة أن حضرتُ واحدةً منها، وأذكرُ أنّ ذلك كان حينما كنتُ في اجتماع مع بعض من رجال الأعمال الأتراك، فأخبرتني السكرتيرة بأنّه أمام مقرّ الحزب الشّيوعيّ للاتحاد السوفييتي في مدينة نوفوسيبيرسك، تشكّلت بشكل تلقائيّ مظاهرة كانت الشّعارات فيها مرفوعة ضدّ رجال الأعمال. فاعتذرت من الوفد التّركيّ، وقرّرتُ وزملائي الذّهاب إلى مكان المظاهرة. أذكر أنّنا كنّا مدفوعين في هذا بالخوف من أنْ تتطوّر الأمور إلى أعمال تخريبيّة قد تطال محلّات اللّحوم المشويّة والوجبات الجاهزة، والمتاجر الخاصّة.
- ربّما من الأفضل لكَ أن تُغيّر ملابسكَ ـــ نصحني أحد الزّملاء ــــ فإذا ما ذهبنا بهذا المظهر الّذي قد يبدو في أعينهم خاصّا بالحفلات الاستعراضيّة، فإنّ الحشود هناك ستهيج أكثر فأكثر.
- عليّ أن أفعل هذا؟ لا، ليس هناك وقت.
ذهبنا إلى المظاهرة بسيّارتيْن؛ الأولى مرسيدس مستوردة، والثّانية سيارة دفع رباعيّ روسيّة "عاز"، وهي من صنع شركة أوليانوفسك.
نزلنا من السيّارتيْن بملابسنا الأنيقة جدّاً، وقمصاننا البيض، وربطات العنق. وكنتُ أنا بشكل خاصّ أبدو كرجل يبالغ في أبّهَتِه على طريقة داندي لندن، وذلك لأنّ كلّ لباسي كان أبيض اللّون.
وكنّا ننظر إلى المتظاهرين ولا نعرف ما الّذي علينا أن نفعله، فقد اجتمع منهم ما يقارب الألف وخمسمائة أو الألفَي شخص. وفوق هذه الحشود كانت ترفرف أعلام حُمر وقد كُتِبَ فوقها شعارات من قبيل: "لا للرّأسماليّة!"، "رجال الأعمال؛ مصّاصو دماء الشّعب"، ثمّ "القصاص من خونة قضيّة الحزب".
وفوق منصّة أُعْلِيَتْ خشبتُها بشكل عشوائيّ، وقف رجلٌ مُسنٌّ بصدرٍ تغطّيه الميداليّاتُ، وبدأ في الحديث بكلّ ما فيه من قوّة وحماس قائلاً:
- لقد تعرّض جيلنا للخيانة! جيلنا بأكمله! سكبنا دمائنا في الخنادق، ولم نسمح للفاشية المارقة بأن تضع يدها على وطننا. عانينا من الجوع، وسكنّا في الخِيَام، وفي مقابل هذه التّضحيات الجليلة بنينا المصانع والمدن! لقد أعلينا صرح الاشتراكية وكنّا نحلمُ بالشّيوعيّة!
رجل من ذوي الاحتياجات الخاصّة، مُتّكأً على عكّازتَيْهِ كان يضيف من حين لآخر كلمات يشدُّ بها أزره ويقول:
- لم نهتمّ بحياتنا!
عجوزان آخران كانا يصيحان معا وفي وقت واحد:
- التّقاعد! التّقاعد!
وكان واضحاً كيف أنّ هذه الهتافات كانت تُشعل أكثر فأكثر قريحة الخطيب الّذي كان يواصل كلماته ويقول:
- لا نريدهم بيننا. مصّاصو الدّماء والبورجوازيّون! لم نعد نجد اللّحم في الأسواق، لقد أخذوه كاملاً من أجل أكل الشّيشليك. ما الّذي يُمكن أن نقوم به أمام أعشاش الهيدرا المائيّة؟! أضاف الخطيب محرّضاً الحشود للزّيادة في حماسها واشتعالها.
فصرخ الجمهور:
- لنسحقهم! لنسحقهم! لنسحقهم!
لقد ضحّينا بحياتنا من أجل أبنائنا، وليس من أجلهم! ـــ صرخ الكثير منهم، وهم يشيرون إلى المجموعة التي كنتُ بينَها ـــ
وعندئذ التفت المتظاهرون إلينا، وهناك أرخى الصّمتُ سدوله. وبدأوا في الاستعداد لمواجهتنا. وكانت تلك هي اللّحظات الّتي أخذتُ فيها مكبّر الصّوت وصعدتُ فوق سقف السيّارة الرّباعيّة الدّفع، وأنا لا أعلمُ شيئاً عمّا أريد قوله.
شرعتُ في الكلام مباشرة وبدون مقدّمات:
- أنتم تقولون إنّكم مِن أجل أبنائكُم قاسيتُم كلّ أشكال الحرمان، وتجرّعتُم العلقم من كأسه، وهاهُم أبناؤكم: إنّهم نحن! ونريد أن نكون روّاد أعمال لنبني لنا حياة لا تكون أقلّ قيمة من الحياة الأمريكيّة. واليوم يسمح لنا القانون بممارسة الأعمال التّجاريّة. وهذا لا يعني أنّنا نسينا ما قُمتم به، بل على العكس من ذلك، فنحن نشكركم على مجهوداتكم الجبّارة، على الرّغم من أنّها لم تُساعدنا في شيء، وقد حان الوقت لكي نعيش بطريقتنا الخاصّة.
ولربّما أنتم لا تعلمون أنّكُم إذا قضيتُم علينا، فلن تحصلوا أبداً على التّقاعد، فنحن من ندفع المال من أجل معاشاتكم. ورجل الأعمال هو من يحاول أن يقوم بشيء جديد من أجل بلده، وكذلك من أجل نفسه، هذا أمر أكيد.
في الوقت الّذي كنت أتحدّث فيه، بدأ الرّجل الّذي كان فوق الخشبة في الكلام بدون مكبّر صوتيّ، ولكي يركبَ أو يغطّيَ على صوتي، بدأ في الصّراخ قائلاً:
- ها هو، انظروا إليه، إنّه زعيمُ مصّاصي دماء الشّعب! هُم من أخذوا كلّ الطّعام الّذي كان مرصوصًا فوق الرّفوف. إنّهم يشترون كلّ اللّحوم ليصنعوا منها الشيشليك، ثمّ يبيعونه بأسعار مضاعفة لثلاث مرّات. وبسببهم اختفى اللّحم من السّوق لثلاثة أيّام.
لم أسكت أمام ما سمعتُ، وعلّقتُ بكلّ هدوء عبر مكبّر الصّوت:
- ماذا تقول يا رجل؟ ألم تكن قبل قليل تتحدّث عن التّضحيات الّتي بذلتها طيلة حياتكَ، والآن حينما نقص اللّحم لثلاثة أيّام فقط، بدأت تئنُّ وتشكو؟
توقّف صراخ الجمع، وبدأ المتظاهرون يلتفتون إلى رجل الخشبة كلّما سمعوه يتحدّث، فهو وإنْ لم يعقّب على ما قلتُه إلّا أنّه بدأ في الصّراخ من جديد قائلاً:
- أمسكوه! مصّاص الدّماء! انظروا إلى لباسه، إنه خسيس محتال!
من وسط زمرة النّاس، بدأتْ تُحلّق في الجوّ أشياء باتّجاهي. فوق لباسي الأبيض التصقتْ بندورتان مُتَبَّلتيْن وبيضة، وطماطم أخرى سقطتْ فوق رأسي. في حين حرصَ جنود الميليشيا الحاضرين في المظاهرة على خلق طوق أمنيّ يفصلُ بين الحشود وبين سيّارتي التي كنتُ قد صعدتُ فوقها. وصرخ رئيس الميليشيا في وجهي قائلاً:
- انزل أيّها الشّاب، واختفِ من هنا! لن نستطيع أن نتحكّم في حركتهم لوقتٍ أطول من هذا.
وبدون أدنى نيّة منّي في النّزول، وجدتُني أصيح مرّة أخرى عبر المُكبّر الصّوتيّ:
- أهذه هي حياة الذّلّ والحرمان التي كنتم تريدون أن يعيشها أبناؤكم؟ أمن أجل هذا كنتم تناضلون؟
اخترق بعضُ المتظاهرين الطّوق الأمنيّ، وركضوا نحو سيارتي ثمّ بدأوا يهزّونها ذات اليمين وذات الشّمال. وفي تلك اللّحظة، لا أعرف كيف بدأتُ أتلو أبياتاً شعريّة لماياكوفسكي مهداةً إلى لينين:
أيّها الزّمن،
لقد بدأت
حكاية لينين.
ليس لأنه
لم يعُد هناك
حزن،
أيّها الزّمن؛
ولكن
لأنّ هذه الغصّة الجارحة
أصبحَتْ
وجعاً أكثر وضوحاً ووعياً.
أيُّها الزّمن،
أطلق مرّة أخرى عنان
الكلمات اللّينينيّة.
هل علينا
أن ننشرها
في بركة من الدّموع؟
لينين،
اليوم أيضاً،
هو حيٌّ أكثر من كلّ الأحياء.
إنّه علمنا،
قوّتنا
وسلاحُنا.
صُعق النّاس من هول المفاجأة. وتوقّف حتّى أولئك الّذين كانوا يهزّون سيّارتي ورفعوا رؤوسهم نحوي. وعلى الجانب الخالي من العشب في السّاحة كانت تقتربُ شاحنة صغيرة محمّلة بالفودكا. ولمرآها بدأتُ أفكّر وزملائي بأن نقوم بمحاولة صلح مستعينين بهذه الفودكا. وفي الوقت الّذي كانت تتقدّم فيه الشّاحنة نحونا أكثر فأكثر، واصلتُ إلقاء الأبيات الشّعرية قائلاً:
النّاسُ قوارب.
حتّى فوق الأرض.
لا يُمكنُكَ أن تعيش
ما هو لكَ،
إذا كانت
كلّ أنواع
القواقع المُتّسخة
معلّقة
فوق
وركَيْكَ.
ولكن يُمكنُكَ بعدَ،
أن تمرّ
العاصفة الهوجاء،
أنْ تجلسَ
تحتَ الشّمس،
وتكْشِطَ
لحية الطّحالب
الخضراء
وهلام قناديل البحر.
أمّا
أنا
فقد سَحَجَني لينين
لكي أُبْحرَ
وأمضى قُدماً في الثّورة.
حينما أصبحت الشّاحنة الممتلئة بالفودكا قريبةً من سيّارتي، قفزتُ إلى الدّاخل، وهناكَ فقط، صرختُ:
- أيّها الشّباب، بهذه الطّريقة لا يُمكننا أن نصل إلي أيّ مكان! من أجل جيل جديد، نحتاج إلى ثورة جديدة!
صرخ خطيب الخشبة معقّباً على كلماتي:
- كيف لا تفهمون؟ إنّه بصدد خداعكم! ألقى أبياتاً حول لينين، لكي يسحركم. وأنتم وقعتم في شباكه بهذه البساطة!
- الأبيات الشّعرية تعلّمتها بكلّ جدّ في المدرسة. ودائما بكلّ جدّ وإخلاص ألقيتها أمامكم علّكم تستوعبون بأنّ جيلي على علم كامل بأحلام الآباء. في حين مازلتم أنتم تحاولون على مضض أن تفهموا طموحاتنا.
- بحركة الأبيات هذه شوّش على الجميع، إنّه هيدرا مائيّة، استغلاليّ ومصّاص دماء! لماذا أنتم صامتون؟ أسحقوه! اقضوا على الهيدرا! لقد تخفّى خلف قناع لينين، والأبيات الشّعرية!
جزء من الحشد بدأ في الصّراخ من جديد وحاول مرّة أخرى أن يخترق الطّوق الأمنيّ.
- صحيح، لقد استظهرتُ بعض ما كنتُ أعرفُ من الأبيات الشّعريّة، أردتُ بهذا أن أفتح فقط بابا للحوار الودّي والمسالم. لماذا لا نشربُ كأساً من الخمرة ونتناقش معاً بشكل طيّب وعفويّ كما عادة يفعلُ الرّوسيّون.
خفضتُ حافة الشّاحنة الخلفيّة المخصّصة عادة لنقل البضائع، وجلستُ فوق أحد الصّناديق، فتحتُ قارورة من الفودكا، ثمّ قنّينة أخرى سكبتها في الكؤوس البلاستيكيّة. رفعتُ كأساً وشربتُ منها جرعةً صغيرة. ثمّ استدرتُ حيثُ يقفُ أولئك الّذين كسروا الحاجز الأمنيّ، وكانوا منهمكين هذه المرّة في هزّ ودفع سيّارتي، وقلتُ لهم:
- يا شباب هل تريدون، كأساً من الفودكا، وإلّا فإنّنا لن نصلَ إلى حلٍّ، ماذا قلتم؟
اقترب بعضهم، وبدأوا في الشّرب.
- أنت مُحقٌّ فيما تقول، أنا لا أفهم لماذا نحن على هذا القدر من التنمّر؟ يمكننا أن نتناقش بشكل هادئ جدّاً كما عادة يفعل كلّ النّاس الطّبيعيّين. (قال رجل قصير القامة وحليق الذّقن، ثمّ أضاف بعده صديق له):
- بالضّبط، لماذا لا نتناقش، إذا كانت الرّفقة جيّدة؟
استدرت هذه المرّة نحو الجنود الّذين كانوا يُحاولون إيقاف وتهدئة الجموع المضطربة، ثمّ التفتُّ لواحدٍ منهم كان جالساً معنا وقد قبل دعوة شرب الفودكا وسمعته يقول:
- أيُّها الجنود الشّباب، حاولوا أن تتماسكوا وتصبروا أكثر فأكثر، وإلّا فإنّهم لن يدعونا نتحدّثُ بسلام.
- لن يدعونا، لا! أيّ حوار تريد أن يكون مع عامّة النّاس؟ فوضى فقط لا غير. (ثمّ أيّده آخر في كلامه وقال مُعقّباً):
- الآن، سنعيد نحن الكلام، وهكذا نساعدكم.
- نعم، لنساعد الجنود. هيّا أدر كأس الفودكا من جديد!
قالوا لي. وأنا سكبتُ كأساً أخرى.
- وأنت، أيّة أبيات أخرى تعرف من الشّعر؟
سألني رجل ضخم وحليق الرأس، بصوتٍ فيه بحّة.
- عن ظهر قلب؟ فقط تلك الّتي حفظتها أيّام الدّراسة. (أجبته)
- هيّا استظهر شيئاً ممّا حفظته في المدرسة، وأنا سأغنّي معك في الميكروفون، ففي كلّ مرّة أشربُ الخمرةَ أشعر برغبة في الغناء.
- البحر أزرق، وفوقه بين الضّباب الكثيف، يتهادى وحيداً، شراعٌ يشعُّ من شدّة البياض. هل يدري أيّ قدر ينتظرهُ، وهو يُحلّقُ نحو الشّواطئ البعيدة.
اخترقت الحشود الطوق الأمنيّ، وبدأت مجموعة تتكوّن في معظمها من الرّجال، في الرّكض نحو الشّاحنة الصّغيرة، والرّجل الحليق الضّخم أوقف غناءه وقال بصوته الجهوري:
- هيّا، اصطفّوا جميعكم بنظام! نحن هنا نتناقش بطريقة مهذّبة، وليس كما يحدثُ في الأسواق.
وفعلا وقف كلّ من التحق حديثاً بشكل منتظم، بين الصّفوف، إلّا ذلكَ المنشقُّ المُسنُّ، شرع فوق خشبته بالكلام مع من بقي أمامه من النّاس:
- انظروا أيّها النّاس، إنّهُ يُسْكِرُ الحشود، أيّتها النّساء، إنّهُ يُسْكِرُ أزواجكُنّ!
حينما لاحظتُ سخط النّساء المتظاهرات وتذمّرهنّ بأصوات عالية، أخذتُ المكبّر الصّوتيّ من جديد وتوجّهتُ إليهنّ بالكلام:
- عذراً أيّتُها السيّدات، لقد فاتني أن أخبركنّ بأنّه في الجانب الآخر من السّاحة توجد سيّارة تتبرّع بأفخاذ الدّجاج المقلية؛ إنها هديّة اتحاد رجال الأعمال كشكر وامتنان لكنّ على الهدنة التي تفضّلتنّ بها علينا لكي تمرّ النّقاشات بهدوء وسلام. أنتنّ محقّات، فلربّما تقلن إنّ سيارة واحدة لن تكفيكنّ جميعاً، ولكن هذا لن يمنع من أنّ بعضكن سيفدن من هذه الهبة المجّانيّة، وهذا في حدّ ذاته جيّد جدّاً.
بين نساء يمشين بخطى سريعة، وأخريات يهرولن، انكببن جميعهنّ على السيّارة التي توزّعُ أفخاذ الدّجاج المقليّة، وهكذا انقسم المتظاهرون إلى قسمين: قسم ذهب إلى شاحنة الفودكا، وآخر ذهب إلى سيّارة الدّجاج. وحينما لاحظتُ أنّ الحشود قد استعادت هدوءها، صعدتُ وزملائي إلى السيّارة، وبينما كنتُ بصدد الابتعاد رويداً رويداً عائداً إلى الباخرة، سمعتُ أحدهم يقول في الطّريق:
- رجل بمثل هذا اللّطف، ما كان يستحقُّ منّا كلّ هذا، لقد كنّا على وشك أن نحاكمه شنقاً بدون أدنى مبرّر معقول.
خلال الفترة التي ظلّت فيها الباخرة راسية على رصيف ميناء النّهر، استُخدِمَ المطعمُ كمكان يلتقي فيه رجال الأعمال. وغالبا ما كان يأتي لحضور هذه اللقاءات جمع من الشّباب والشّيوخ من أجل مناقشة بعض المشاكل وتبادل التجارب والخبرات، مدفوعين في ذلك بنوع من الحماس والأمل في غد أفضل، إلّا أنّ هذا لم يكن يمنع من وجود بعض الأشخاص الّذين كانوا يشكّكون في كلّ شيء ويحاولون إحباط الجميع والتقليل من شأن الحلم بحياة أجمل وأروع.
وفي يوم من الأيّام زارنا في الباخرة "خطيب خشبة السّاحة"، أوقفه الحارس عند المدخل، لكنّه أصرّ على موقفه، وطلب الحديث معي. وافقت على اللقاء به، وهكذا تعرّفنا. كان اسمه بيوتر إيفانوفيتش، وحينما طلب منّي الإذن بزيارة النّادي، قلتُ له:
- ولماذا أسمح لكَ بالدّخول، وأنا أعلمُ أنّك تعارض رجال الأعمال، ولا تؤيّد الملكيّة الخاصّة؟
أجاب بيوتر:
- الصّدق أقول، أنا لست فقط لا أوافقكم الرأي، بل لا أؤيّد كلّ شيء أجده عبثيّاً ومستحيلاً في هذه الحياة. وأرغبُ في التّعبير عن رأيي أمامكم أنتم روّاد هذا الجيل الجديد. أم تراك تخشى الندّية والمنافسة؟
عند سماع ردّه هتف أحد الزّملاء:
- لندعه يدخل، وليقل كلمته، هذا أفضل من أن ينظّم المظاهرات ويُهيّج الحشود في الخارج!
وافقتُ أنا أيضاً، وهكذا بدأ بيوتر إيفانوفيتش يزور النادي كلّ أسبوع، واتفقنا معه على ألّا يتجاوز في مداخلاته خمس دقائق.
كان بيوتر في سابق أيّامه أستاذا لمادّتي التاريخ والفلسفة، إلّا أنّ انخراطه في نادي رجال الأعمال لم يكن مثيرا لدينا للاهتمام، ولكن يمكن أن أن نقول إنه كان على الأقلّ يحثّنا في كثير من الأحيان على التفكّر في معنى الحياة. أذكر في إحدى المرّات، حدث أن أخذ الميكروفون كعادته وقال لرجال الأعمال:
- ما الّذي يجعلكم متأكّدين من أنّ النّجاح سيكون حليفكم؟ في أمريكا يمارس التجّار أنشطتهم منذ زمن بعيد، وعدد رجال الأعمال عندهم أكبر بكثير من عددهم عندنا في روسيا، هذا يعني أنّه ثمّة احتمال أن نصل إلى مستوى عيشهم في غضون عشرين سنة. وفي هذا الوقت سيكون هم قد تقدّموا علينا بعشرين سنة أخرى. صحيح أنّ عدد رجال الأعمال في روسيا سيزداد، لكن هذا لا يعني أنّ عدد السّعداء سيرتفع أيضاً.
في تلك الفترة من تاريخ البيريسترويكا، لم نكن نحن رجال أعمال الدّفعة الأولى، نفكّر في معاني الحياة العميقة، كنّا نريد فقط أن نعيش بشكل جيّد.))
///
(2)
ماذا حدث بعد اللّقاء؟!
الصورة 02: الموسوعة الرّوائيّة (أشجار أَرز روسيا الرّنّانة)
*
كان ما قرأتَ عزيزي؛ الفصلَ الأوّل من موسوعة فلاديمير ميغري القصصيّة (أشجار أَرز روسيا الرنّانة)، وأذكرُ أنّني حينما اطّلعتُ عليه، كتبتُ مباشرة إلى فلاديمير، في عام 2022 طالبة الإذن بترجمة العمل إلى اللّغة العربيّة، ثمّ بعد ذلكَ إلى دار النّشر الرّوسية المتواجد مقرّها في إيطاليا والتي تفرّدتْ بترجمةِ الموسوعة بأجزائها العشرة إلى اللّغة الإيطاليّة. وبينما كانتِ المراسلات قائمة على قدمٍ وساقٍ بيننا جميعاً بما في ذلك دار النّشر العراقيّة التي تعهّدتْ بطباعة ونشرِ ترجمتي العربيّة، إذا بها تتعقّد الظروف السّياسية في أوكرانيا، وتزداد الحرب ضراوة وينقطع حبل التّواصل بيني وبين السيّدة أورلوفا؛ المسؤولة عن شؤون الدعاية والترجمة لدى فلاديمير، فما كان أمامي سوى طلبِ النّسخ الإيطاليّة واقتنائها بأجزائها الكاملة، وهكذا عكفتُ على قراءتها إلى أن ظهرتْ لي معاني عرفانيّة هائلة أصبح من الضّروري تدوينها في هذا الكتاب الّذي خصصته للحديث عن الأديب وقرينه الرّوحي، فكما رأينا في حكاية بّول فيرلين وآرثر رامبو، وبعدهما قصّة شارل بودلير وجين دوفال، حان الوقت للحديث عن فلاديمير وأناستازيا. فمن تكون أناستازيا هذه؟ ولماذا هذا الارتباط العجيب بفلاديمير ميغري؟!
في الفصل الأوّل الّذي وضعتُ بين يديْكَ الترجمة العربيّة له، حاول فلاديمير أن يقدّم السبب الحقيقيّ الّذي دفعه إلى تأليف روايته: إنّها الأزمة الاقتصادية الكبرى التي مني بها المعسكر الرّوسيّ وما تلاها من محاولات للخروج من بين براثن الانهيار الكامل خلال عهد البيريسترويكا، فكان أن اتجه العديد من رجال الأعمال إلى المشاريع الخاصّة وميغري كان واحداً منهم، إلّا أنّ محاولته هذه منيت بالفشل، ووجد نفسه فقيراً معدماً، وما غيّر حياته سوى لقاؤه في التّايغا الرّوسيّة بالفتاة العابدة الزّاهدة أناستازيا، التي قدّمها لنا كابنة لعائلة عريقة تقيم في عمق الغابة الرّوسية بمنطقة نوفوسيبيرسك، وتعيش حياة منعزلة بعيدة عن كلّ ما يمتُّ بصلة إلى التمدّن والتقدّم التكنولوجيّ الذي يعيشه بقية الناس في المدن الكبرى والعاصمة موسوكو، وذلك لأنّها ابنة الأدغال، حافظت على تقاليد أجدادها ووطّدت علاقتها بالغابة وأسرارها، إلى أن أصبح كلّ ما في الطبيعة والكون تحت إمرتها من حيوانات وأشجار ومياه ونباتات. إنّها سيّدة ذات قدرات خارقة، تجول في أعماق الفكر الكونيّ، وتقدّم مساعداتها الشّفائيّة لكلّ من هو بحاجة لها في الكون بأسره دون أن تغادر قريتها الصّغيرة.
إنّ كلّ من سيقرأ رواية فلاديمير، لا بدّ سيتساءل عن هذه الفتاة، هل توجد حقّاً في الواقع؟ ولا شكَّ ستستغربُ الأمر يا عزيزي، إذا ما عرفتَ أنّ بعد ظهور الجزء الأوّل من الرّواية حجَّ الكثير من النّاس والقرّاء والعلماء والنقّاد إلى روسيا بحثاً عنها في تلك القرية المرمية في أطراف الغابة الموغلة في منطقة نوفوسيبيرسك! لكن ماذا لو دخلت إلى أسرار اللغة الهيروغليفيّة للكاتب؟ ماذا لو قرأته بعينِ من يخلقُ ويصنعُ الكلمة؟ لا شكَّ سوف يظهر لكَ مثلي، أنّ أناستازيا قرينة روحيّة، ولا وجود لها في عالم الواقع!
إنّ أناستازيا صنعة عالم الجان الخاصّ بفلاديمير، عالم الخلق الباطنيّ، عالم الأفكار والخيال والإبداع، وهي بالنّسبة للكاتب الكلمة التي تجسّدت وأصبحت إلها، إنّها الفكرة التي فيها خلاص البشريّة من كلّ أسقامها، وقد قرأ من أجل خلقها كحقيقةٍ تسلب الألباب العديد من الكتب، وطالع الكثير من المراجع في شتّى العلوم ليصوغ لنا جميعاً حلّاً يراه الأمثل والأفضل لمن يريدُ تحقيق نوع من النّهضة الرّوحيّة والوعي الخلّاق للخروج من أقبية الظّلام التي دفن الإنسانُ فيها نفسه منذ زمن سحيق.
ولأنّ فلاديمير ميغري ابن سيّدة هي في الأصل معالجة بالأعشاب، ولأنّه عايش الكثير من الزّلازل الفكريّة والاقتصادية التي مرّت بها روسيا وبالتالي العالم منذ البريسترويكا إلى اليوم، فإنّ ما حدث بداخله هو تحوّل عميق دفعه إلى أن يبحثَ عن قبس من النّور في لجج من الظّلام الرّهيب، وكانت النتيجة أنْ قدّم لنفسه ولنا برنامجاً بل خطّةً تستدعي إعادة تأهيل دور المرأة في المجتمعات الإنسانيّة باعتبارها كائناً طاقيّاً وروحيّاً لهُ من الكفاءات ما يجعله قادراً على قيادة الأمم إلى النّجاح والفلاح، وهو الأمر الّذي لن يتحقّق ما لم نعد بها إلى علوم الأجداد الأولى في شتّى الميادين، مع الحرص على إعادة ربط الفكر الإنسانيّ بالطّبيعة الأمّ من أجل تفجير أسرار الكون وطاقاته الكامنة، واستخدامها في شفاء الإنسان من كلّ علله وأسقامه، وهو أيْ فلاديمير إذ يقدّمُ لنا أناستازيا كناسكة عالمة زاهدة فإنّه يتوّجُها ملكة للغابة الكونيّة الكبرى وحاكمة فيها، لها القدرة على تربية النشء الصّالح وفقاً لنواميس الطّبيعة الأولى، وما الغابة إلّا رمزٌ لعوالم الإنسان الدّاخليّة، وما أناستازيا سوى إشارةٍ للنّفس البشريّة التي يرغب فلاديمير في الرقيّ بها إلى أعلى مستويات التنوّر والصّلاح، وقد استخدم العديد من الأدوات الأدبيّة والفنّيّة واللّغويّة من أجل تحقيق هذا الهدف، فخلقَ الشّخصيّات والأماكن والأحداث، واستثمر وقائع من حياته الخاصّة ومزجها بعناصر خياليّة أخرى، حتّى يكسب العمل طابعاً واقعيّاً يرتكز على ما في الحياة من أسرار تقود إلى عالم الماورائيات، ممّا أسهم في نجاح العمل على المستوى الأدبيّ والفكريّ. وهو لأنّه رجل أعمال وله عقلية اقتصاديّة فكريّة تعتبر الأدب أيضاً مشروعاً يجب الوصول به إلى أقصى درجات المنفعة، فإنّه ضمن لروايته من قنوات الترويج ما سمح له بإيصال فكرته إلى أكبر عدد من الجمهور وبأكثر اللغات انتشاراً في العالم. وهذا إن دلّ على شيء فإنّما يدلُّ على نجاح الأيقونة التي اختارها كبطلة لكافة أجزاء روايته، والتي على لسانها أفصح عن العديد من العلوم والأسرار التي يمكن أن تنفع الإنسان في حياته اليومية وتعيد لفكره الرّونق المفقود.
إنّ أناستازيا هي نفسها فلاديمير ميغري، والعكس صحيح، إنّها الكينونة التي بدأت فكرة وأصبحتْ قرينة ذات جسد وروح وصوت، إنها عصاه السّحريّة التي بها فتح العديد من الأبواب وحقّق الكثير من الانتصارات، ولعلّ أهمّها هي اعتلاء عرش الكتابة والتّأليف الرّوائيّيْن، مقدّماً لنا بذلك نوعاً جديداً من الرواية الرّوسيّة التي تقف بقدمين راسختَين على أرض الواقع، لكنها تحلّقُ في الوقت نفسه بالفكر في عالم من الخيال الخصب الخلّاب.
من أين أتى فلاديمير ميغري بكلّ هذا الصّبر ليكتب على مدى أزيد من عشر سنوات كلّ أجزاء روايته؟ إنّها المحبّة التي زرعها الخالقُ في قلبه تجاه الإنسان، إنّه رجل محبٌّ، والمُحِبُّ هو مربٍّ فاضل صالحٍ، وموسوعته هذه قاربتُها من هذا الباب، وأعني بها باب التربية الجيّدة للنشء الصّالح، وما من فراغ نشأت بعد روايته جمعيات جعلت من الأناستازية مذهباً جديداً للعيش، وهو بلا شكٍ مذهب ترفضه العقليّة الرّأسمالية، لأنّه يشجع الإنسان على العودة إلى ارتباطه الحميم بالطّبيعة الأمّ، ورفض كلّ هذا الدّمار الّذي أتى به التقدّم التكنولوجيُّ الرّهيب في كافّة المجالات.
لكن هناك سؤال أخير أريد أن أختم به حديثي عن فلاديمير وقرينته الرّوحيّة أناستازيا: هل نجحت حقّاً الرواية الفلاديميرية في تحقيق الصّحوة المطلوبة؟
وبكلّ فخر واعتزاز أقول نعم، إن الدبّ الرّوسيّ قد صحا من جديدٍ حقّاً ويعدُ الإنسان في العالم كافّة بالعديد من الانتصارات والعدالة والسّلم والأمان، يكفي التسلّح ببعض من الصّبر والأمل: هذا ما تقوله أناستازيا، صاحبة الكتاب الغابويّ العجيب والمتدفّق بالأسرار التي لن يفهمها إلّا ذو عقل لبيب وقلب بصير، يستوعب للعمق لماذا شجرة الأَرز الرّوسيّة هي شجرة الكون الشّافيّة من الأمراض والأسقام!



#أسماء_غريب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حلمٌ هيروغليفيّ: شارل بودلير وأقماره السّودُ
- جثّة في المرآة: بول فيرلين وآرثر رامبو: قراءة عرفانية جديدة ...
- جُثّةٌ في المرآة / بول فيرلين وآرثر رامبو: قراءة عرفانيّة جد ...
- رأسي في الدّلو
- الهدهد يبني ويهدم: ميتاسرديّات الخاتم السّليمانيّ في رواية ( ...
- سَفَر على بساط الفِكْر في مملكة سليمان (ع): قراءة في رواية ( ...
- أنا النّقطة (رواية)
- العارفة الأخيرة (رواية)
- السيّدة كُركُم (رواية)
- أكلتُ الشّمس (قراءات في روايات صقليّة) (2)
- أكلتُ الشّمسَ (قراءات في روايات صقليّة) 1
- قراءات عرفانيّة في فكر عبد الجبّار الرّفاعي
- في الشرّ وقضاياه
- تجليات الجمال والعشق عند أديب كمال الدين / الفصول الأخيرة
- تجليات الجمال والعشق عند أديب كمال الدين / الفصلان الثاني وا ...
- ترجمة (عشق سرّي / حكاية إينيسّا ولينين) لريتانّا أرميني (3)
- تجليات الجمال والعشق عند أديب كمال الدين / الفصل الأول (2)
- ترجمة (عشق سرّي / حكاية إينيسّا ولينين) لريتانّا أرميني (2)
- تجلّيات الجمال والعشق عند أديب كمال الدّين / المقدمة (1)
- ترجمة (عشق سرّي / حكاية إينيسّا ولينين) لريتانّا أرميني (1)


المزيد.....




- التضييق على الفنانين والمثقفين الفلسطينيين.. تفاصيل زيادة قم ...
- تردد قناة mbc 4 نايل سات 2024 وتابع مسلسل فريد طائر الرفراف ...
- بثمن خيالي.. نجمة مصرية تبيع جلباب -حزمني يا- في مزاد علني ( ...
- مصر.. وفاة المخرج والسيناريست القدير عصام الشماع
- الإِلهُ الأخلاقيّ وقداسة الحياة.. دراسة مقارنة بين القرآن ال ...
- بنظامي 3- 5 سنوات .. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 الد ...
- مبعوث روسي: مجلس السيادة هو الممثل الشرعي للشعب السوداني
- إيران تحظر بث أشهر مسلسل رمضاني مصري
- -قناع بلون السماء-.. سؤال الهويّات والوجود في رواية الأسير ا ...
- وفاة الفنانة السورية القديرة خديجة العبد ونجلها الفنان قيس ا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أسماء غريب - الشّجرةُ الشّافيّة (حكاية فلاديمير ميغري وأناستازيا)