الحروب تجارة مربحة للمملكة المتحدة

عبد الستار الخفاجي

الحوار المتمدن-العدد: 7900 - 2024 / 2 / 27 - 15:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

الولايات المتحدة والغرب بصورة عامة ينظرون بحذر إلى القوات
المسلحة في المملكة المتحدة حيث يرونها أنها تعاني من نقص في التمويل والتقلص في الإعداد والتجهيزات رغم ذلك فإن تجارة الأسلحة المملكة المتحدة تقوم بالقتل والتدمير، حيث يتم تسليم مليارات الجنيهات من أموال دافعي الضرائب إلى مصنعي الأسلحة وبالتالي يوفرون للمستثمرين أرباح وعوائد كبيرة0
المملكة المتحدة في سياستها الذيلية والتابعة للولايات المتحدة تأخذ زمام المبادرة إلى جانب الولايات المتحدة، في العمل العسكري ضد
الحوثيين في اليمن، وإرسال طائرات الاستكشاف إلى غزة محاولة منها في تعزيز صورتها كقوة عسكرية "من المستوى الأول"، مع وجود بحرية وجيش وقوة جوية قادرة على الانتشار في أي مكان في العالم، ومع ذلك في الواقع، انها في مواجهة أزمة تمويل ونتيجة لذلك تم تخفيض قوات الجيش بدرجة كبيرة . حتى ان جنرال أمريكي بارز صرح هذه الأيام أن الجيش البريطاني المتقلص ليس كما كان مثل قبل0"
وفي الوقت نفسه، فإن تجارة الأسلحة في المملكة المتحدة تقتل وتدمر وكما اشرنا, ويتم تسليم مليارات الجنيهات من أموال دافعي الضرائب في المملكة المتحدة إلى مصنعي الأسلحة، الذين يوفرون للمستثمرين ارباحا خيالية. صناعة الأسلحة المدعومة للغاية تقوم بتزويد دول الخليج العربية بالأسلحة، وأبرزها وأكثرها ربحا هي المملكة العربية السعودية. من خلال علاقات التصدير، تساعد حكومة المملكة المتحدة بشكل فعال بعضا من أكثر دول القمع عنفا للمدنيين في البلدان في جميع أنحاء العالم، مع انخفاض قدرة ومصداقية هذّه القوات المتعطشة
للمال 0
يثبت الصراع المدمر في أوكرانيا والشرق الأوسط انه مكاسب غير متوقعة لمصنعي الأسلحة في المملكة المتحدة،مدعومين بأموال دافعي الضرائب حيث يبدو ان الحرب للأسف لا تزال سمة متكاملة لنموذج النشاط الحكومي0
هنا نطرح تساؤل: أين تكمن أولويات الحكومة؟ هل أن فكرة السياسة الخارجية المبنية على أسس( اخلاقية) والتي تم النقاش حولها قبل أكثر من عقدين من الزمن ،قد لا تكون ممكنة في عالم اليوم الخطير،فتقوم المملكة المتحدة لتقديم المساعدات لأوكرانيا واستمرار بيع الأسلحة للأنظمة الديكتاتورية رغم تراكم الإخفاقات البارزة في البرنامج الدفاعي0
في الشهر الماضي خصصت صحيفة ساندي تلغراف مقالتها في الصفحة الأولى للسفن الحربية البريطانية التي لديها "نقص في الصواريخ لضرب قواعد الحوثيين". وفحوى القصة هو أن أيا من المدمرات والفرقاطات التابعة للبحرية الملكية ليس لديها القدرة على إطلاق الصواريخ على أهداف على الأرض، مما يترك الولايات المتحدة لتنفيذ غالبية الضربات على أهداف الحوثيين. مسؤول دفاعي سابق كبير ، كانت "فضيحة" أن سفن البحرية لم تكن مجهزة بصواريخ أرض-أرض0.
قبل فترة قريبة اصطدمت سفينتان حربيتان تابعتان للبحرية الملكية في البحرين بسبب (تركيب خاطئ للأسلاك) في حين رفضت وزارة الدفاع التعليق على أسباب الحادث مفيدة أن تحقيقها في الأمر مستمر.
فيما نفى احد المسؤولين ان الحادث بين السفينتين الحربيتين كان نتيجة عدم كفاءة وقال"نحن لا نقول انعدام كفاءة عندما نرى طائرة تسقط" بشكل غريب إلى حد ما بالنظر إلى أن خطأ الطيار يعتبر دائما سببا محتملا لحوادث الطائرات0
الرئيس السابق للجنة الدفاع في مجلس العموم، حذر من أن الوضع "غير مستدام" ويحث وزير الدفاع على إجراء مراجعة عاجلة. بقوله: "لا يمكننا الاستمرار في القيام بذلك مع أسطول سطحي صغير جدا ولا يمكنه إطلاق النار على الأرض في المدى المتوسط."..
في حين رفض ريشي سوناك رئيس الوزراء دعوة من رئيس الأركان العامة للتحضير "لحشد الأمة" لحرب تلوح في الأفق مع روسيا، مصرا على أن الجيش البريطاني سيظل قوة متطوعة. كما كان قد اشتكى سابقا من التخفيضات الدفاعية وسط خلاف شرس حول المزيد من التخفيضات المقترحة للقوات البرية، هدد الجنرال بالاستقالة. وأخبر وزير الدفاع آنذاك أنه "لا يستطيع التسليم دون المزيد من عدد الموظفين وزيادة التخصيصات في الميزانية0".
يشير الصحفي ستيفن أرمسترونغ بأن تعليق رئيس الأركان هذا كان صرخة طلبا للمساعدة، لأنه مع الجيش البريطاني الذي يعاني من نقص الموظفين وسوء تجهيزه، فإن المملكة المتحدة "لم تستطع رفع جيش مجند لمحاربة روسيا حتى لو أرادت ذلك0".
ان برنامج التقشف أثر على الجيش البريطاني الذي واجه سنوات من التخفيضات ولم يعد يعتبر قوة قتالية رفيعة المستوى. فمنذ عام 2010، واجهت القوات المسلحة تخفيضا في الأجور. قالت إميلي ثورنبيري من حزب العمال في عام 2019: "نطلب منهم تقديم التضحية القصوى وأقل ما يمكننا القيام به هو منحهم بعض الأجر اللائق0".
أصدر وزير الدفاع في الظل،ردا لاذعا على تقرير مكتب التدقيق الوطني الذي تم نشره مؤخرا (NAO) خطة المعدات 2023 - 20 والذي يحدد استثماره المقصود في المعدات ومشاريع الدعم على مدى السنوات العشر المقبلة0 يحبط المحافظون القوات البريطانية ودافعي الضرائب البريطانيين0" حيث يتم الآن تأجيل قرارات الدفاع الرئيسية إلى ما بعد الانتخابات القادمة، وليس لدى الوزارة خطة للسيطرة على ميزانيات الدفاع. ويضيفون انهم مع الحرب في أوروبا وصراع الشرق الأوسط، فإن هذا يخاطر بترك القوات المسلحة بدون المعدات والقوات التي يحتاجونها للقتال والوفاء بالتزاماتها في حلف شمال الأطلسي0
بينما ينظر الحلفاء بحزن إلى القوات المسلحة المتقلصة التي تعاني من نقص التمويل في المملكة المتحدة، كما وصف برونوين مادوكس، الرئيس التنفيذي لمركز أبحاث تشاتام هاوس، فإن الآخرين يجنون ثروات من تجارة الأسلحة البريطانية0."
في أيلول مع وصول الإنفاق العسكري العالمي إلى مستوى قياسي، أقيم أكبر معرض للأسلحة في العالم في لندن. حيث تعقد المنظمة الدولية لمعدات الدفاع والأمن (DSEI) في المملكة المتحدة كل عامين. تتجمع حوالي 1500 شركة تبيع القنابل والبنادق والأسلحة الأخرى، وبمشاركة وفود عسكرية من جميع أنحاء العالم في لندن0.
تم خلال الحدث رفع السرية عن المملكة المتحدة، التي تكشف عن السياسة الخارجية للمملكة المتحدة والدور الحقيقي للوكالات العسكرية والاستخباراتية في العالم. تحدثوا عن كيفية الفوز بعقود جديدة ومربحة حي فازت شركات بريطانية بعقود من وزارة الدفاع البريطانية للصواريخ والدعم الفني للمركبات المدرعة في أعقاب الحرب في أوكرانيا. وأشاروا إلى أن أكبر شركات تصدير الأسلحة في المملكة المتحدة،أنشأت مكاتب لها في أوكرانيا، و ضمنوا لأنفسهم صفقات جديدة، ومنذ حرب أوكرانيا قفز سعر أسهم شركات إنتاج الأسلحة بأكثر من 75 في المائة0.
استمرار المملكة المتحدة في صب الأسلحة إلى أوكرانيا، فإن الصراع المدمر يوفر نعمة للصناعة العسكرية للمملكة المتحدة وحلف شمال الأطلسي”0.
يفيد تقرير لأبحاث صناعة الأسلحة إنتاجها بشكل كبير من قبل دولة المملكة المتحدة وتبيع معظم أسلحتها إلى دول الخليج العربية . تخضع الصناعة لمجموعة مختلفة من القواعد عن بقية اقتصاد المملكة المتحدة وهي متلقية لتدخل كبير من الدولة يقلل من المخاطر على المستثمرين. وزارة الدفاع ليست عميلها الأساسي فحسب، بل إن تكاليف البحث والتطوير لشركات الأسلحة تدفعها في الغالب الدولة وعملاء التصدير كعنصر من عناصر عقود الشراء.
أنفقت بي أيه إي سيستمز، أكبر شركة أسلحة مقرها في المملكة المتحدة، ملياري جنيه إسترليني على البحث والتطوير في عام 2022، ومع ذلك لم تدفع الشركة نفسها سوى 14 في المائة. في ذلك العام، تباهت الشركة بإيرادات بلغت 21.25 مليار جنيه إسترليني. إلى جانب أسترا زينيكا وبي بي، تم تسمية بي أيه إي سيستمز كمنظمة فوتسي 100 مع أعلى راتب للرئيس التنفيذي (الرئيس التنفيذي) في عام 2022، وفقا لبحث أجراه مركز الأجور المرتفعة. في ذلك العام، حقق تشارلز وودبورن من بي أيه إي سيستمز 10.69 مليون جنيه إسترليني0
تدفع QinetiQ، وهي شركة تصنيع أسلحة خاصة خاصة أخرى في المملكة المتحدة يبلغ حجم أعمالها السنوي 1.58 مليار جنيه إسترليني، 4.5 في المائة فقط من تكاليف البحث والتطوير0
وفي الوقت نفسه، شهد المستثمرون في الشركتين عوائد هائلة في ذلك الوقت - كان عائد QinetiQ بنسبة 23.2 في المائة على رأس مال المستثمر ضعف متوسط مؤشر فوتسي البالغ 11.7 في المائة تقريبا.

تمتلك ثلاث شركات استثمار فقط (BlackRock وVanguard وState Street) متوسطا إجماليا يبلغ 16.3 في المائة من الأسهم المدرجة في قائمة شركات الأسلحة الرئيسية العاملة في المملكة المتحدة. تسيطر شركتان استثماريتين فقط - بلاك روك ومجموعة كابيتال - معا على أكثر من ربع المورد الرئيسي لوزارة الدفاع بي أيه اي سيستمز0
أن قاعدة تصدير الأسلحة في المملكة المتحدة أصبحت أكثر تركيزا مع مجموعة محدودة من شركاء التصدير والاعتماد على العلاقات السياسية مع الممالك الخليجية، وأبرزها وأكثرها ربحا هو مع المملكة العربية السعودية. في عام 2022، ذهب 47 في المائة من قيمة تراخيص التصدير الفردية القياسي الأسلحة إلى دول الخليج - البحرين والكويت وعمان وقطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة0
قالت آنا ستافرياناكيس، أستاذة العلاقات الدولية في جامعة ساسكس، وواحدة من اثنين من الأكاديميين الذين أيدوا التقرير: "شركات الأسلحة هي شركات خاصة رسميا، ولكنها مدعومة من الدولة بطريقة لا يوجد قطاع اخر0
"يمتلك مديرو الأصول مثل بلاك روك وفانجارد ومجموعة كابيتال نسبة كبيرة من صناعة الأسلحة، مما يعني أن إنتاج الأسلحة هو نظام فعال لرفاهية الشركات." وأضافت أن التكاليف اجتماعية ولكن الأرباح تتم خصخصتها0
.QinetiQ، شركة التكنولوجيا العسكرية المملوكة للقطاع الخاص غير المعروفة نسبيا، مثيرة للاهتمام بشكل خاص في هذه المناقشة. كانت الشركة ذات يوم جزءا من وزارة الدفاع قبل خصخصتها وطرحها في البورصة في عام 2006. أصبح منذ ذلك الحين منجم ذهب، حيث دفع أكثر من 500 مليون جنيه إسترليني للمساهمين في العقد الماضي. بالإضافة إلى وجود علاقة تعاقدية مستمرة مع وزارة العزال، فإن أكبر مساهم واحد فيها يوفر دعما ماليا كبيرا لحزب المحافظين0
قدم كريستوفر هاربون، وهو رجل أعمال تايلاندي له مصالح في وقود الطيران وتجارة العملات المشفرة، تبرعا قياسيا بقيمة مليون جنيه إسترليني لمكتب بوريس جونسون في نوفمبر 2022، وهي شركة يسيطر عليها رئيس الوزراء السابق. كان يعتقد أنه أكبر تبرع تم تقديمه لنائب فردي في تاريخ المملكة المتحدة. تم التكهن بأن التبرع لجونسون كان يهدف إلى تمويل عودته المحتملة إلى قيادة حزب المحافظين0.
منذ عام 2001، قدمت هاربورن ما لا يقل عن 15.5 مليون جنيه إسترليني من التبرعات السياسية - 1.8 مليون جنيه إسترليني للمحافظين والباقي لحزب الإصلاح (حزب خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي سابقا)0
تمتلك هاربورن أكثر من 10 في المائة في QinetiQ، مع حيازة بقيمة 193 مليون جنيه إسترليني. تمتلك الشركة العديد من المواقع في المملكة المتحدة، والتي توظف حوالي 5500 شخص. عمل وزير الدفاع السابق بن والاس كمدير خارجي للشركة في قسم الأمن والاستخبارات لمدة عامين حتى انتخابه للبرلمان في عام 02005.
مثل العديد من شركات الدفاع، شهدت QinetiQ ارتفاعا في المبيعات منذ االحرب في اوكرانيا في فبراير 2022. في يناير 2023، أعلنت الشركة أنها حصلت على عقد لتكنولوجيا المعلومات لمدة عشر سنوات مع وزارة الدفاع بقيمة 80 مليون جنيه إسترليني0
.حدث صانعوا السياسات ومصنعوا الأسلحة الذين يسعون للحصول على ربح تجاري من الحروب المدمرة في المملكة المتحدة منذ عقود. عندما غزا العراق الكويت في عام 1990، على سبيل المثال، تطلع وزير مشتريات الدفاع في المملكة المتحدة، آلان كلارك، إلى الفرص التجارية، وأخبر رئيسته، مارغريت تاتشر، أن المملكة المتحدة وحلفائها يجب أن يعتبروا غزو العراق "فرصة لا مثيل لها" لصادرات الأسلحة البريطانية0
دعا النائب العمالي ريتشارد بورغون الحكومة إلى نشر المشورة القانونية حول سبب استمرار تصدير الأسلحة إلى إسرائيل. لم يكن رد بيني موردون مقنعا، بأن المعايير التي لا تمنحها الحكومة تراخيص تصدير الأسلحة إلى البلدان التي تعتقد أنه سيتم إساءة استخدام الأسلحة فيها لم يتم الوفاء بها في حالة إسرائيل0
يثبت الحروب المدمرة في أوكرانيا والشرق الأوسط أنه مكاسب غير متوقعة لمصنعي الأسلحة في المملكة المتحدة، مدعومين بأموال دافعي الضرائب، حيث يبدو أن الحرب، للأسف، لا تزال سمة متكاملة لنموذج النشاط الحكومي0

#عبد_الستار_الخفاجي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات