أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد عبد الكريم يوسف - كيف صور كريستوفر مارلو اليهود في مسرحية -اليهودي المالطي- ، محمد عبد الكريم يوسف














المزيد.....

كيف صور كريستوفر مارلو اليهود في مسرحية -اليهودي المالطي- ، محمد عبد الكريم يوسف


محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث

(Mohammad Abdul-karem Yousef)


الحوار المتمدن-العدد: 7900 - 2024 / 2 / 27 - 00:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كيف صور كريستوفر مارلو اليهود في مسرحية "اليهودي المالطي"


تقدم مسرحية كريستوفر مارلو، يهودي مالطا، صورة معقدة ومثيرة للجدل لليهود. إن تصوير مارلو لليهود في هذه المسرحية هو انعكاس لمعاداة السامية المنتشرة في عصره، ولكنه مشبع أيضا بفروق دقيقة تتحدى الصور النمطية وتقدم فهما أكثر دقة للشخصيات اليهودية. ومن خلال شخصية باراباس، يرسم مارلو صورة ليهودي ماكر وحاقد، يدفعه الانتقام والجشع. ومع ذلك، يصور مارلو أيضا شخصيات يهودية أخرى تتحدى هذه الصور النمطية، وتسلط الضوء على إنسانيتهم والظلم الذي يواجهونه. وبشكل عام، فإن تصوير مارلو لليهود في يهودي مالطا يُبرز المفاهيم المعادية للسامية في عصره، بالإضافة إلى فحص أكثر تعقيدا للهوية اليهودية والتصورات المجتمعية.

أولا، تجسد شخصية باراباس الصورة النمطية لليهودي الماكر والانتقامي. طوال المسرحية، يظهر باراباس كتجسيد للشر، يتآمر ويخطط لتحقيق أهدافه. إنه مدفوع بالانتقام من سوء المعاملة التي تعرض لها، وتتميز أفعاله بالافتقار إلى ضبط النفس الأخلاقي. على سبيل المثال، يسمم ابنته ويتلاعب بالآخرين لتحقيق مكاسب شخصية. إن تصوير مارلو لباراباس يديم صورة اليهودي كفرد مخادع وعديم الرحمة، مما يعمل على تعزيز المواقف المعادية للسامية السائدة في المجتمع الإليزابيثي.
ومع ذلك، يقدم مارلو أيضا شخصيات يهودية أخرى تتحدى هذه الصور النمطية وتقدم صورة أكثر تعاطفاً. على سبيل المثال، في شخصية أبيجيل، ابنة باراباس، تقدم مارلو امرأة شابة عالقة بين الولاء لإيمانها وحبها للمسيحي. تقدم شخصية أبيجيل تمثيلا دقيقا للصراعات الداخلية والمعضلات الأخلاقية التي واجهها اليهود خلال تلك الفترة. إنها ممزقة بين واجبها تجاه معتقدات والدها الدينية وعاطفتها الحقيقية تجاه المسيحي، مما يسلط الضوء على تعقيدات الهوية اليهودية في مجتمع ينفرهم ويميز ضدهم.

علاوة على ذلك، يسعى مارلو إلى إضفاء الطابع الإنساني على الشخصيات اليهودية من خلال تصوير معاناتهم والظلم الذي يواجهونه. وهذا واضح في القمع الذي تعرض له باراباس، الذي وقع ضحية مظالم مختلفة مثل التحول القسري ومصادرة ثروته. على الرغم من أن مارلو يظهر أفعاله الشريرة، إلا أنه يدفع الجمهور أيضا إلى التساؤل عن مدى كون هذه الأفعال مدفوعة بالتهميش والاضطهاد المجتمعي. ومن خلال القيام بذلك، يتحدى مارلو الجمهور للنظر في تأثير التحيز المجتمعي على الأفراد، وتشجيع فهم أكثر تعاطفا للشخصيات اليهودية.

بالإضافة إلى ذلك، يستكشف يهودي مالطا أيضا موضوعات النفاق الديني، ويسلط الضوء على العيوب داخل المجتمع المسيحي. يصور مارلو شخصيات مسيحية مثل فيرنيز، حاكم مالطا، يقودها الجشع وشهوة السلطة. وهذا يعمل على تقويض فكرة أن اليهود هم التجسيد الوحيد للشر، مع التأكيد على أن الفساد الأخلاقي والخداع موجودان عبر الحدود الدينية. يشير تصوير مارلو للمسيحيين في المسرحية إلى أن الهوية الدينية وحدها لا تحدد الأخلاق، مما يزيد من تعقيد فهم الشخصيات اليهودية ويتحدى الافتراضات المعادية للسامية.

علاوة على ذلك، فإن تصوير مارلو لليهود في يهودي مالطا يتحدث أيضا عن موضوعات أوسع تتعلق بالصراع على السلطة والتلاعب السياسي الذي يتجاوز الهوية الدينية. طوال المسرحية، تنخرط شخصيات مختلفة، بما في ذلك اليهود والمسيحيين، في التنافس على السلطة والثروة. وهذا يؤكد فكرة أن الأفراد يمكن أن يكونوا مدفوعين بالطموح والجشع بغض النظر عن خلفيتهم الدينية. من خلال تصوير اليهود وسط هذه الصراعات على السلطة، يقترح مارلو أن دينهم ليس هو ما يجعلهم موضع شك أخلاقيا، بل السياق السياسي والمجتمعي الذي يجدون أنفسهم فيه.

ومن الأهمية بمكان أن نعترف بأن تصوير مارلو لليهود في "يهودي مالطا" لم يفلت من المواقف المعادية للسامية في عصره. وفي حين أن هناك حالات تُضفي طابعًا إنسانيًا على الشخصيات اليهودية وتتحدى الصور النمطية، إلا أن التمثيل العام يظل سلبيًا إلى حد كبير. من خلال تقديم باراباس كشخصية خبيثة وعديمة الضمير، قام مارلو بإدامة الاستعارات الضارة المعادية للسامية التي كانت سائدة خلال العصر الإليزابيثي.

في الختام، فإن تصوير كريستوفر مارلو لليهود في يهودي مالطا هو تصوير معقد ومثير للجدل. بينما يعزز مارلو الصور النمطية السائدة عن اليهود من خلال شخصية باراباس، فإنه يتحدى أيضا هذه المفاهيم من خلال شخصيات يهودية أخرى تتحدى الصور النمطية وتقدم فهما أكثر دقة للهوية اليهودية. علاوة على ذلك، فإن تصوير مارلو للنفاق المسيحي والصراع على السلطة داخل المسرحية يضيف شيئا آخر.



#محمد_عبد_الكريم_يوسف (هاشتاغ)       Mohammad_Abdul-karem_Yousef#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا تثق أبدا برجل سياسي، تأثير جماعات الضغط ، محمد عبد الكريم ...
- هل يمكن أن تكون ثورة الحليب الهولندية نموذجا للثورات ، محمد ...
- لا تثق أبدا في رجل سياسي: عدم الوفاء في الوعود ، الحلقة الثا ...
- الطلاق في العصر الرقمي
- الغد مجرد فكرة، محمد عبد الكريم يوسف
- ترانيم على وتر الطائفية، والقبيلة، والمناطقية، وحكم الأقلية ...
- لغة المنصب(3) (المحامون، القضاة، الأطباء، المعلمون) محمد عبد ...
- فتاة غسان ، قنديل من بلدي سورية محمد عبد الكريم يوسف
- لغة المنصب (1) (فلاسفة ورجال أعمال ومديرون)،
- لغة المنصب (2) الدبلوماسيون والكتاب والشعراء والنساء في السل ...
- كيف تفكر القبيلة؟ (المنهج الموضوعي)
- فهم أنماط تفكير المجتمع الطائفي والعشائري
- الشرق الأوسط في عام ٢٠٢٤: السيناريو ...
- امنح الآخر فرصة: قوة التعاطف والتفاهم
- ما الذي يريد بوتين أن يريد أن يقوله عبر مقابلة تاكر كارلسون؟
- الغرف الخلفية ودورها في صنع القرار في صناعة النفط محمد عبد ا ...
- إذا لم تدافع عن الحرية في دارك ، دافع عنها في دار جارك
- ثورة الحليب في هولندا، محمد عبد الكريم يوسف
- مقابلة افتراضية مع هنري كيسنجر بعد رحيله إلى العالم الآخر (ب ...
- من يملك الرصاصة الفضية سيحكم العالم


المزيد.....




- في السعودية.. مصور يوثق طيران طيور الفلامنجو -بشكلٍ منظم- في ...
- عدد من غادر رفح بـ48 ساعة استجابة لأمر الإخلاء الإسرائيلي وأ ...
- كفى لا أريد سماع المزيد!. القاضي يمنع دانيالز من مواصلة سرد ...
- الرئيس الصيني يصل إلى بلغراد ثاني محطة له ضمن جولته الأوروبي ...
- طائرة شحن تهبط اضطرارياً بمطار إسطنبول بعد تعطل جهاز الهبوط ...
- المواصي..-مخيم دون خيام- يعيش فيه النازحون في ظروف قاسية
- -إجراء احترازي-.. الجمهوريون بمجلس النواب الأمريكي يحضرون عق ...
- بكين: الصين وروسيا تواصلان تعزيز التعددية القطبية
- إعلام عبري: اجتياح -فيلادلفيا- دمر مفاوضات تركيب أجهزة الاست ...
- مركبة -ستارلاينر- الفضائية تعكس مشاكل إدارية تعاني منها شركة ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد عبد الكريم يوسف - كيف صور كريستوفر مارلو اليهود في مسرحية -اليهودي المالطي- ، محمد عبد الكريم يوسف