أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شقير - القدس في كتابات الأسيرات والأسرى6















المزيد.....

القدس في كتابات الأسيرات والأسرى6


محمود شقير

الحوار المتمدن-العدد: 7899 - 2024 / 2 / 26 - 14:30
المحور: الادب والفن
    


تحظى القدس بشكل عام وسجن المسكوبية الكائن في الجزء الغربي من القدس بشكل خاص بذكر وافر في كتابات الأسيرات والأسرى. فقد أمضت مي الغصين ما يقارب ست سنوات في سجون المحتلين الإسرائيليين، وكما ورد في روايتها "حجر الفسيفساء" فقد جاءت إلى شارع صلاح الدين المقدسي في سيارة نقل الأسرى لكي تمثل في المحكمة الواقعة بمحاذاة الشارع، ومن الفتحات الصغيرة في جسم السيارة تنظر بلهفة إلى الشارع الذي حرمت جراء الاعتقال من المشي فيه، ثم تصف سجن المسكوبية، وهو سجن سيء السمعة بسبب وحشية التعذيب التي يتعرض لها الأسرى والأسيرات في مكاتب التحقيق التابعة له، تصف زنزانة العزل التي وضعت فيها في المسكوبية ومطالبتها المستمرة في الانتقال من هذا السجن، وبعد طول مطالبات واحتجاجات تُنقل إلى مركز التوقيف في عسقلان.
مرة أخرى تجيء إلى المحكمة وتكتب في كتابها عن القدس:
"من جديد في المسكوبية 10 / 02/ 1992 ، لأقضي ليلة قبل المحكمة،
والتي كما أخبرني المحامي ستكون الجلسة الأخيرة للنطق بالحكم، لم
يكن ذلك الحكم ما يشغل بالي، وإنما تلك المدينة المقدّسة. أتساءل وأنا
في طريقي للمحكمة: تُرى متى ستعود قدمي لتطأ أرضها من جديد؟!
سيارة البوسطة تجوب الطرقات، وتلك الغيمات المقدسية هناك في
السماء، لها ألف يدٍ ويد، كرحم أمّ تحتضنني، تمنّيت لو أنني جنينٌ
يسكن جوفها فتلدني كرذاذٍ صباحي يعانق القباب"ص71.
ولدى مغادرة المحكمة في سيارة البوسطة تكتب مي ما يلي:
"شقّت سيارة البوسطة طريقها في شوارع القدس، تلك المدينة التي لها
سحرها الخاص، والتي لا تعود فيها دقّات القلب منتظمة، لها حضور
لا يُقاوم، سحرٌ غير محرّم، حبٌّ لا يزول، غزلٌ لا خجل فيه، مدينة
المتناقضات، حرّة رغم الأسر، فرح رغم الحزن، على كلّ شرفة من
شرفاتها تركت نبضة، وتحت كلّ قبة دعوة، وفي كلّ درب زرعت خطوة،
وعلى كلّ نافذة علّقت أملاً، وفي سمائها نثرت روحي كفراشة تحترق
بأنوارها، أقدامي مكبّلة، غير قادرة على أن تطأ ثراها، لكنّ روحي ما
زالت تشتمّ عبقها.
كم تمنّيت لو أنني حجر في جدرانها، أو جذر شجرة يمتد في باحاتها،
(...) عهداً لك يا مدينة الحكايات أن يبقى هذا القلب مُرابطاً بحبّك،
ويدعو الله كلّ ليلةٍ بأن أقضي شيخوختي فوق أدراجك القديمة."ص72/73
***
هو السجن ذاته الذي ورد ذكره في بعض شهادات الأسيرات المحررات في كتابهن: "ترانيم اليمامة" الذي صدر حديثًا عن دار طباق للنشر والتوزيع في رام الله، وهن عشر أسيرات: مي الغصين، تغريد سعدي، شريفة أبو نجم، عطاف عليان، أريج عروق، لينا جربوني، جيهان دحادحة، نهاد صالحية، منى قعدان، عهود شوبكي.
وهو السجن ذاته الذي وصفه الكاتب المقدسي طلال أبو عفيفة في كتابه "ذكريات الماضي.. سيرة ومسيرة" حين اعتقلته أجهزة الأمن الإسرائيلية على جسر اللنبي أول مرة مدة ثلاثة أسابيع عام 1979، ثم حين اعتقلته للمرة الثانية ثلاثة أشهر عام 1980 بتهمة الانتماء لحركة فتح.
***
وللروائي أسامة العيسة الذي اعتقل عددًا من المرات لمدد غير طويلة رواية بعنوان "المسكوبية" كتبها من وحي تجربته في الاعتقال وتجربة مناضل آخر معتقل، وفيها تفاصيل عن القدس وعن سجن المسكوبية الكريه، الذي دخله الآلاف من المناضلين الفلسطينيين واكتووا بجحيمه وصمدوا أمام قسوة المحققين والسجانين الإسرائيليين.
يكتب أسامة: "لا أعرف كم مضى من الوقت وأنا أقف خارج الغرفة التي يصعب نسيان ما كان يجري فيها، وكلما حاولت أن أحرّك أحد أطرافي، أتعرّض
للكمة على رأسي أو جنبي، أو رفسة على إحدى رجليّ. مِن الصعب
تحديد الزمن أو مَعْرِفَة الوقت. الزمن في السجن غير الأزمان في الخارج،
وزمن الزنزانة غير زمن الشبح، وهذا غير زمن التحقيق، وهذا غير زمن
شبح الكرسي، وهذا غير زمن تعذيب الخزانة، وهذا غير ذاك وذاك غير
هذا. الزمن نسبيّ، فكيف عرف آينشتاين ذلك دون أن يُسجن؟" ص 13
ويكتب: "الدماغ لا يكفّ عن التفكير في الزنازين، ستتذكر أمورًا كنت نسيتها
، وتفاجأ بأنك تذكرها أو أنها حدثت معك فعلا. الدماغ يبقيك على
قيد الحياة في السجن. دون هذا العضو العجيب في الجسم، لا توجد
حياة. كل أعضاء الجسم تتألم من آثار الجروح والرّضوض، وهو وحده
يسليك، يُؤْنِس وحدتك، يُيفك ويُشجّعك، يحضر لك وجوه عائلتك،
والفتاة التي تحبّها، والتي ابتسمت لك ذات يوم بِخفر، ولا تعرف أين
أصبحت الآن، والتي تمنيتها ولم تطلْها، والتي أحببتها وكرهتك، والتي
أحبتك ولم تراعِ مشاعرها. يُذَكِّرك بوجوه الأصدقاء الذين ينتظرونك،
ويفخرون بصمودك، ستكون لهم مثلا، يقنعك بأنك قوي، أقوى مما
كنت تتصور عن نفسك، بأنك ما زلت تعيش، رغم كل ما حدث
معك، من يستطيع أن يبقى لو مَرّ بتجربتك؟." ص 14
***
الأمر ذاته ينطبق على المناضلة عائشة عودة التي اعتقلت عام 1969 وصدر ضدها حكم بالسجن مدى الحياة وبعدة مؤبدات، لكنها تحرّرت من السجن بعد عشرة أعوام في صفقة تبادل عام 1979، وقد ورد ذكر سجن المسكوبية في كتابها "أحلام بالحرية" الذي وصفت فيه جلسات التحقيق والتعذيب التي تعرضت لها في هذا السجن المقيت وفي غيره من السجون.
كتبت عائشة: "تنبه أحدهم إلى شعري المربوط على هيئة ذنب فرس. أمسك به وطوح بي عاليًا في الهواء ورماني على الأرض. أقدام كثيرة بدأت تركلني. من جديد سحبني من شعري ورفعني عاليًا وخبطني في الأرض لتركلني الأقدام من جديد كأنما يمارسون لعبة. تكرر ذلك ثلاث أو أربع مرات.
لا أذكر أنني كنت أتألم، ولكني كنت أشحن إرادة الصمود والتحدي مع كل صفعة أو ركلة مكررة في نفسي: هذا ثمن المواجهة، هذا ثمن المواجهة."ص64.
وكتبت: "ركز نظره في عيوني من جديد، وأخذ ينقلهما بالتناوب بين (الأنبوبتين) وعيوني، وأخيرًا قال: (...) لا حاجة لأن تعذبي نفسك، خير لك أن تضعي كل ما لديك على هذه الطاولة.
-ليس لدي شيء لأضعه على الطاولة.
-ذنبك على جنبك.
ناول الأنبوبتين للواقف خلفي، بدأ يضربني بهما على رأسي كما يفعل قارع الطبل. رفعت يدي لأحمي رأسي، فضربني فوقهما."ص65.
يتبع...



#محمود_شقير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القدس في كتابات الاسيرات والأسرى5
- القدس في كتابات الأسيرات والأسرى4
- القدس في كتابات الأسيرات والأسرى3
- القدس في كتابات الأسيرات والأسرى2
- القدس في كتابات الأسيرات والأسرى
- تحية وسؤال
- للحلم بقية/ مجموعة قصصية للأسير سائد سلامة
- رواية وليد أبو بكر: العدوى... دفاع عن الأمل ضد اليأس
- على هامش الحرب الأخيرة2
- عن كتاب محمود شقير: غسان كنفاني... إلى الأبد/ بقلم: سعيد مضي ...
- القدس وحدها هناك/ لا شيء في القلب غير القدس/ للكاتب محمود شق ...
- عن كتابين لمحمود شقير/ على خطى سندباد مقدسي/ د. بروين حبيب
- تأملات على هامش الحرب
- اسمها سكينة/ ثلاث قصص قصيرة جدًّا
- قصص قصيرة جدًّا
- محمود شقير بين القص الساخر والقصة الومضة/ د. اعتدال عثمان
- رواية جبينة والشاطر حسن والعودة إلى الطبيعة
- مدن فاتنة وهواء طائش/ ظلال مدينة أخرى
- مدن فاتنة وهواء طائش/ أيام متعاقبة
- مدن فاتنة وهواء طائش/ أيوا البحث عن إيقاع ما


المزيد.....




- أفلام كرتون طول اليوم مش هتقدر تغمض عنيك..  تردد قناة توم وج ...
- بدور القاسمي توقع اتفاقية لدعم المرأة في قطاع النشر وريادة ا ...
- الممثل الفرنسي دوبارديو رهن التحقيق في مقر الشرطة القضائية ب ...
- تابع مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 22 .. الحلقة الثانية وا ...
- بمشاركة 515 دار نشر.. انطلاق معرض الدوحة الدولي للكتاب في 9 ...
- دموع -بقيع مصر- ومدينة الموتى التاريخية.. ماذا بقى من قرافة ...
- اختيار اللبنانية نادين لبكي ضمن لجنة تحكيم مهرجان كان السينم ...
- -المتحدون- لزندايا يحقق 15 مليون دولار في الأيام الأولى لعرض ...
- الآن.. رفع جدول امتحانات الثانوية الأزهرية 2024 الشعبتين الأ ...
- الإعلان الثاني.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 158 على قناة الفجر ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شقير - القدس في كتابات الأسيرات والأسرى6