أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إيرينى سمير حكيم - توما أغسطينوس دوستويفسكي .. امنعوا الشك














المزيد.....

توما أغسطينوس دوستويفسكي .. امنعوا الشك


إيرينى سمير حكيم
كاتبة وفنانة ومخرجة

(Ereiny Samir Hakim)


الحوار المتمدن-العدد: 7880 - 2024 / 2 / 7 - 02:47
المحور: الادب والفن
    


توما أين أنت؟
أعلم أنَّك هنا

لا تختبئ عني فأنَّا أسمع صوت شكُكَ! لا تخف .. فقط دعني أُعلِمكَ برفق .. ما يدور الآن في عصرنا .. يؤسفني أن أخبرك أنَّه لم يعد مسموحاً لكَ .. بأن تحمل سمات خاصة بك في شخصيتكَ .. وعليك أن تكون نسخة في خانة قولبت لكَ .. والمساحة التي سبق وأعطاها المسيح لكَ .. من البركة واستحقاق الخدمة وختم التفهم والمغفرة .. لم تعد بعد متاحةً لك وسُلِبَت من حقكَ ..

توما عفواً فهناك رعاة لا يصغون للراعي الأعظم .. بل تركوا ما دوَّنه ومزقوا شيكاته ووصاياه .. وينصون على الرعية ما أملَت عليهم ضمائرهم المنحازة لأمجادهم وفرصهم ..

توما سامحني .. فقد أخذوا عنك فرصة لقائك مع الديان الرحيم .. الذي سمح لك بشككَ .. وعزلوك عن إجابته ووضعوا حاجزاً بينك وبينه .. معتقدين أنَّ لهم الحق في الاحتكار والحَجر على اختياره في حبنا والسماح لنا .. وتقديره لتشكيلات طبائعنا واختلافاتنا!

توما ليس هنا مَن تضع يدك المغموسة صلواتها بالشكوك في جنبه .. فليس مِن مجروح لأجل الحب .. فحجرية قلوبهم ونيَّاتهم أصبحت أشرس من قبول الشك وتقدير البحث .. اذهب ارفع يديك على مذبح الحب بصدق .. فإلهه كفيل أن يلامسها بحق .. وربما يرسل لكَ من بين وديان الوعر .. راعياً حسب قلبه .. يُجيد كيف يقف في الثغر .. يفتقدك كـ"ملكي صادق" .. ويُقدِّرك مثلما فعل مُعلمه .. ويحمل لكَ رعاية الحب.

أغسطينوس ... وَيحي .. ماذا أقول لكَ؟

لا تُعرِب عن شكوككَ عن استفسارتكَ! .. ولا تتركك أمك عرضة لاحتقار دموعها .. فأحد الرعاة القساة .. سيركل توسلات أمومتها لأجلك .. ويرفض بكراهية الحقد أن يُسلمك لأحضانها .. ليلة عيدٍ أو قهر .. ويفضل إيذاءكَ وتعذيبها ..

أغسطينوس ليس في هذا العصر كثيرون مثل "أمبروسيوس" سيحتونك .. ويقبلون حضورك المُشكِّك في عظاتهم .. وتجلّي فلسفتكَ في أروقة خطواتهم .. فأنتَ مرفوض .. وفكركَ مرفوض .. والتفلسف مرفوض .. والشك مرفوض .. فعروشهم تأسست على الطاعة والصمت .. والواعظون باطلاً به .. يبكي وحيداً في جثسيماني .. يخشى عليهم من عقابٍ عظيم .. ويُشفق عليك من خطرٍ أليم ..

انتبه يا أغسطينوس .. إذا أعلنتَ شكوككَ .. فقد يطاردونكَ ويفضحون ستركَ .. لا .. ليس كعصرك ستصمت الأفواه لتلقى وحدكَ مصيركَ .. بل سيقطفون تفاح الحب .. ويرجمونكَ به كالحجارة حتى تلقى حتفكَ .. وإن نجوت واستمر إنكاركَ .. سيمزقون أشجار الوعر ويصلبون ارتفاعها .. ويطرحونها في طريقكَ .. فتصعُب عليك فرصة التوبة والعودة .. وحقكَ في القداسة .. وفي تجديد فلسفتك ونقل خبراتك الروحية للأجيال من بعدِكَ.

حدِّث بطرس .. فوحده من يعرف حقيقة موقفكَ .. من يعلم جيداً كيف يتجرأ بكل شجاعة .. ويتحدث عن الضعف البشري كما يتحدَّث عن المعجزات والقداسة .. في وجه النفوس المتعجرفة ..

ابحث عن بطرس واشكِ له .. ذاك التلميذ الأمين .. الباكي العظيم .. الذي تكشَّف له ضعفه .. فصار قديساً بنعمة سيده التي جعلته يُقدِّر في ضعف الآخرين حب الله لهم .. ويرى في بشاعة إنكارهم له جمال انتظاره لهم .. وحقيقة قبوله بهم .. وقدرة احتضانه لطبيعتهم وضعفاتهم.

دوستويفسكي .... آآآآه أيها الإنسان الشقيّ

أيها المُرتجف الضعيف .. مَن يكسو ظهرك المحني .. الُمرتعش من قشعريرة الارتباك والخوف برداء الطمأنينة .. في هذا العصر الأكثر عهراً من عصرِكَ؟

يا ويلي .. كيف أنقل لكَ حقيقة هذه الأيام .. التي تسحق الإنسانية .. التي طالما تعذَّبت بها وسألت من أجلها .. شككتَ بشأنِّها وبحث عنها .. ورُحت تفك شفرات تعاملات الله مع طبيعتها ...

أين دفاتركَ؟ .. أمازالت تولد في عصرنا؟

خبئها كما كان يُخبئ "جدعون" الحنطة .. فسلوكيات "مديان" تسرَّبت إلى نفوس تدَّعي الروحانية .. فسيأكلون كالجراد أوراقكَ .. ويمنعون عنكَ مؤونة الاستمرار وينزعون عنكَ حق الحرية ..

اقتُل فيك "ميتشجن" واكتُم أنفاس "إيفان" .. ولا داعِ أنَّ أوضح لكَ .. أنَّ إنسانية "روديون" المتناقضة المُشتَّتة .. ليس لها رحمة الآن بيننا .. فإذا رأوا هذه الكتابات عن الإنسانية المُعذَبة .. وشخصياتها تلك المتسائِلة ..
سيدوسونها بأقدامهم ويلتفتون لتمزيقكَ وتمزيقهم ..

صلّ في مخدعكَ يا دوستويفسكي وفض بأسئلتك لإلهكَ
ربما يأتيك حُلم يرد على استفساراتكَ كما جاء "للرجل المضحك" في إحدى قصصِكَ ..

وربما يزورك فيه أحد الرعاة الحقيقيين .. الذين رحلوا عن أرضنا كـ"الأنبا إبرام" أو الأب "بيشوي كامل" "ومتى المسكين" .. ومثلهم ممَن عرفوا كيف يحفظون الرعية في يد الراعي لا في أيديهم تحت سطوة طاعتهم .. وتخويفهم من أن يكونوا لاعنيهم لا مباركيهم ..

بل ربما يأتيك أحد الأحياء كـ"حنانيا" .. فيزور حيرتكَ وعماكَ وعجزكَ .. وينزع عن عينيكَ قشور استفساراتكِ .. ربما وربما وربما .. ولكن الأكيد أنّ إلهكَ لن يترككَ وحيداً .. وأنَّه سيصنع مع شكوك وحدتكَ لقاءاً عظيماً ..

هذا ما أوَّد أن أقول ... ولكنّي لن أتوارى عن أن أقول لكم أيضاً:

أيها النماذج المُتعَبة المتجددة في كل زمان .. مَن يُعانون من الشكوك في الإيمان
أنتم لستم وحدكم
فهو حي يرفق ويرافق بحنانٍ أوجاع أذهانكم
ويعلم جيداً كيف يحفظ لنفسه شاهداً في كل مكانٍ وزمان

فيا توما الشك
وأغسطينوس السخرية
ودوستويفسكي الأسئلة

إن كنتم الآن مُعرَّضون للعثرة والسُخرة من قِبَل بعض الرعاة ذوي القلوب القاسية .. مَن يتسترون باسم الراعي ويستغلون الرعية الضعيفة أو الجاهلة ..
فإنَّ إله الرعية لن يترككم فريسة .. تبتلعكم تلك القبور المبيضة الفاشية .. إن كنتم أمناء حقاً مع البحث والأسئلة

أما هم فقد قال عنهم .. إنَّهم ملعونون منه ومرفوضون .. فهو يقاوم المستكبرين ويفضح الفريسيين .. هو من يُنزِل الأعزاء عن الكراسي ويرفع المتضعين.



#إيرينى_سمير_حكيم (هاشتاغ)       Ereiny_Samir_Hakim#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هزالة المراحل الانتقالية!
- سيركية الساحات الثقافية ومَسرحتها
- الثبات الانفعاليّ للإيمان
- محطات الموت وميكانيزمات النجاة
- الحجارة وأولاد إبراهيم
- لا تتركوا الحياة لقَتَلة الحياة
- يا صخرة جثسيماني
- تشابهات رصد المجتمع بسجن النساء في المسلسل المصري وفيلم شيكا ...
- المعمودية هي اللقاء .. فلاقينا!
- أحزمة العفة في القرون الوسطى أحد أقنعة ختان الأنثى!
- النسخة الأثقل منك ألقِها عنك!
- في مناخٍ آخر العجز يُصبح قدرة مُجدداً!
- الآلام والضيقات!
- المواطن الذي تُشرِق لأجلهِ الشمس!
- قاتل كارمن هو قاتل نيرة!
- نيرة تحت التهديد منذ قتل خوزيه لكارمن!
- دموع مريم!
- اتجاه عالمي لتعهير مظهر المرأة!
- الشمس لا تُشرِقُ لك وتَغرُبُ لي!
- لماذا يستحق محمد صفاء عامر لقب إمبراطور الدراما الصعيدية؟!


المزيد.....




- السفارة الروسية في بكين تشهد إزاحة الستار عن تمثالي الكاتبين ...
- الخارجية الروسية: القوات المسلحة الأوكرانية تستخدم المنشآت ا ...
- تولى التأليف والإخراج والإنتاج والتصوير.. هل نجح زاك سنايدر ...
- كيف تحمي أعمالك الفنية من الذكاء الاصطناعي
- المخرج الأمريكي كوبولا يطمح إلى الظفر بسعفة ذهبية ثالثة عبر ...
- دور النشر العربية بالمهجر.. حضور ثقافي وحضاري في العالم
- شاومينج بيغشش .. تسريب امتحان اللغة العربية الصف الثالث الاع ...
- مترو موسكو يقيم حفل باليه بمناسبة الذكرى الـ89 لتأسيسه (فيدي ...
- وفاة المخرج السوري عبد اللطيف عبد الحميد عن 70 عاما
- بسررعة.. شاومينج ينشر إجابة امتحان اللغة العربية الشهادة الا ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إيرينى سمير حكيم - توما أغسطينوس دوستويفسكي .. امنعوا الشك