أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إيرينى سمير حكيم - الحجارة وأولاد إبراهيم















المزيد.....

الحجارة وأولاد إبراهيم


إيرينى سمير حكيم
كاتبة وفنانة ومخرجة

(Ereiny Samir Hakim)


الحوار المتمدن-العدد: 7791 - 2023 / 11 / 10 - 00:02
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في ظل الأحداث المُظلمة المؤلمة، التي تجتاح العالم العربي، ويتشابك فيها العالم الغربي في خريف 2023م العاصف، أُلقي الضوء على "جانب" من حقيقة "بعض" الأفكار "الروحية"، التي تلعب دوراً رئيسياً وخاصاً، في تحريك الأحداث، في كواليس المشهد العام.

حدث عند دخول السيد المسيح إلى أورشليم، في إنجيل لوقا إصحاح (19) هذا ...

36 وَفِيمَا هُوَ سَائِرٌ فَرَشُوا ثِيَابَهُمْ فِي الطَّرِيقِ. 37 وَلَمَّا قَرُبَ عِنْدَ مُنْحَدَرِ جَبَلِ الزَّيْتُونِ، ابْتَدَأَ كُلُّ جُمْهُورِ التَّلاَمِيذِ يَفْرَحُونَ وَيُسَبِّحُونَ اللهَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ، لأَجْلِ جَمِيعِ الْقُوَّاتِ الَّتِي نَظَرُوا، 38 قَائِلِينَ: "مُبَارَكٌ الْمَلِكُ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ! سَلاَمٌ فِي السَّمَاءِ وَمَجْدٌ فِي الأَعَالِي!" 39 وَأَمَّا بَعْضُ الْفَرِّيسِيِّينَ مِنَ الْجَمْعِ فَقَالُوا لَهُ: "يَا مُعَلِّمُ، انْتَهِرْ تَلاَمِيذَكَ!" 40 فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: "أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ إِنْ سَكَتَ هؤُلاَءِ فَالْحِجَارَةُ تَصْرُخُ!"

ثم ....
41 وَفِيمَا هُوَ يَقْتَرِبُ نَظَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَبَكَى عَلَيْهَا 42 قَائِلًا: "إِنَّكِ لَوْ عَلِمْتِ أَنْتِ أَيْضًا، حَتَّى فِي يَوْمِكِ هذَا، مَا هُوَ لِسَلاَمِكِ! وَلكِنِ الآنَ قَدْ أُخْفِيَ عَنْ عَيْنَيْكِ. 43 فَإِنَّهُ سَتَأْتِي أَيَّامٌ وَيُحِيطُ بِكِ أَعْدَاؤُكِ بِمِتْرَسَةٍ، وَيُحْدِقُونَ بِكِ وَيُحَاصِرُونَكِ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ، 44 وَيَهْدِمُونَكِ وَبَنِيكِ فِيكِ، وَلاَ يَتْرُكُونَ فِيكِ حَجَرًا عَلَى حَجَرٍ، لأَنَّكِ لَمْ تَعْرِفِي زَمَانَ افْتِقَادِكِ". 45 وَلَمَّا دَخَلَ الْهَيْكَلَ ابْتَدَأَ يُخْرِجُ الَّذِينَ كَانُوا يَبِيعُونَ وَيَشْتَرُونَ فِيهِ 46 قَائِلًا لَهُمْ: "مَكْتُوبٌ: إِنَّ بَيْتِي بَيْتُ الصَّلاَةِ. وَأَنْتُمْ جَعَلْتُمُوهُ مَغَارَةَ لُصُوصٍ!" 47 وَكَانَ يُعَلِّمُ كُلَّ يَوْمٍ فِي الْهَيْكَلِ، وَكَانَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةُ مَعَ وُجُوهِ الشَّعْبِ يَطْلُبُونَ أَنْ يُهْلِكُوهُ، 48 وَلَمْ يَجِدُوا مَا يَفْعَلُونَ، لأَنَّ الشَّعْبَ كُلَّهُ كَانَ مُتَعَلِّقًا بِهِ يَسْمَعُ مِنْهُ.

قبل هذا الحدث .. وفي يوم معمودية يسوع .. قيل عن يوحنا المعمدان في إنجيل متى إصحاح (3) ...
7 فَلَمَّا رَأَى كَثِيرِينَ مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ وَالصَّدُّوقِيِّينَ يَأْتُونَ إِلَى مَعْمُودِيَّتِهِ، قَالَ لَهُمْ: "يَا أَوْلاَدَ الأَفَاعِي، مَنْ أَرَاكُمْ أَنْ تَهْرُبُوا مِنَ الْغَضَبِ الْآتِي؟ 8 فَاصْنَعُوا أَثْمَارًا تَلِيقُ بِالتَّوْبَةِ. 9 وَلاَ تَفْتَكِرُوا أَنْ تَقُولُوا فِي أَنْفُسِكُمْ: لَنَا إِبْراهِيمُ أَبًا. لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ اللهَ قَادِرٌ أَنْ يُقِيمَ مِنْ هذِهِ الْحِجَارَةِ أَوْلاَدًا لإِبْراهِيمَ. 10 وَالآنَ قَدْ وُضِعَتِ الْفَأْسُ عَلَى أَصْلِ الشَّجَرِ، فَكُلُّ شَجَرَةٍ لاَ تَصْنَعُ ثَمَرًا جَيِّدًا تُقْطَعُ وَتُلْقَى فِي النَّارِ".

والحقيقة أنَّ بين هذه الحجارة وتلك، في الاستخدام الروحي اللفظي، من قِبل السيد المسيح، والقديس يوحنا المعمدان، ذاك الذي قال عنه الكتاب، إنَّه الملاك المُرسل من الله ليهيئ الطريق قدامه، نجد مقاومة الله لكل تكبر و"عنجهية" روحية، مِن كل مَن هم يعتقدون ويتوهمون، أنَّ ليس عند الله مثلهم!
وهذا يتسق مع ما يقوله الكتاب المقدس، في أنَّ الله يُقاوِم المُستكبرين (يعقوب 4 : 6)، لذا جاءت المقارنة الإلهية ما بين تراب هؤلاء، أي طبيعتهم البشرية، وبين الحجارة، لتذكيرهم أولاً بحقيقة إنسانيتهم الفانية، وهذا لأنَّهم غير روحيين، فهُم ماديون وأرضيون للغاية، ولم يرتقوا حسب غاية الله، إلى أن يكونوا حقاً أولاداً لإبراهيم بحسب خطاه في الإيمان، فجاء برمزية الحجارة هنا، عوضاً عن التراب، والتي هي كناية مغايرة عن التشكيل الإلهي في ترابية الإنسان، للارتقاء به إلى ما فوق الماديات والجسديات، نحو الروحانيات والسماويات، ولكن باستخدام الحجارة هنا ككناية غير مباشرة، عن التراب الذي كان من المتوقَع أن يكون هو الكناية المباشرة، فذلك تعبير صادم لوهمهم وغفلتهم، ويفضح بلا مواربة مدى زيفهم، وفشل ادعاءاتهم، بأنَّهم تابعون وخادمون لله، في ظل نسبهم الجسدي لإبراهيم.

ثانياً للإشارة إلى أنَّ الإنسان المنبوذ المرفوض منهم، والذي يَرونه قاسياً، وأرضاً بوراً لا تعرف الله، سيكون بعمل النعمة أكثر طواعية، وخشوعاً لعمل الله فيه، طالما أنَّه يقبل هذا التشكيل، ويخضع لهذا التشكيل، وهي رمزية لأناس الأمم، الذين لم يكونوا من النسل الجسدي لإبراهيم، ولم يحملوا في أجسادهم عهد الختان الجسدي، بل ختان القلب، أي قلب قَبِل الله، وأحب الله، واستجاب لدعوته له بخشوع، ولإتمام عمله فيه.

هؤلاء هم مَنْ في نظر الله حقاً أولاد لإبراهيم، فهُم أبناء العهد والحب، وهم من ساروا مَسبيين خلف دعوة الحب الإلهي، طوعاً وحباً، وهم من أكملوا الطريق، ولم يتوقفوا عند تعاليم الفريسيين البشرية، التي سدَّت الطريق أمامهم، في اتجاه المسير نحو معرفة الله الحقَّة، وتدرج إعلاناته للبشر، واستكمال الرؤية، فتوقف نموَّهم الروحي فيه، وحدث أنَّهم كما قال لهم المعمدان، قُطعوا عن الطريق الحق، وأُلقوا في نار البُعد عن الله، كنتيجة لاختيارهم هذا، إرادةً ورغبةً.

ولكن تبقى الفرصة سانحة واسعة، للعودة إلى الأحضان الأبوية لله، إنَّما الأمر يعود إليهم في الاختيار، كما تظل النهاية مفتوحة، ومعتمدة على قرار الابن الأكبر، في قصة "مثل الابن الضال"!

وفي الإشارة المباشرة للحجارة هنا، ومقارنتها بهؤلاء الفريسيين، نجد دلالة واضحة على أنَّ الحجارة أكثر إنسانية منهم في ميزانه، والتي هي برغم مظهرها القاسي، إلا أنَّها قابلة للتشكيل والخضوع بطاعة، أكثر من ترابهم، الذي تلطَّخ بآثار القتل الجسدي والمعنوي، لمَن هم ليسوا على مقاييسهم، ومَن هم من خارج خانتهم، التي قولبوا إيمانهم فيها، ذاك التراب الذي تكبَّر وتجبَّر، ورفض زمن افتقاد حب الله له.

هؤلاء الذين أصبحوا نموذجاً وعبرة، للتعالي الروحيّ، والغباء الإيمانيّ، لمن يشابه تطرُّفهم في كل فئة، من كل اختلاف ومكان وعصر، هؤلاء الذين قتلهم الحرف، وذبحتهم تفسيراتهم الفريسية الأنانية المتعالية، الرافضة لحقيقة الخلاص، الصانعون وهماً عنصريا ًبائساً، يُزيِّف لهم المفاهيم والمعايير الحقَّة لخلاص الله، هؤلاء الباحثون عن مجدهم في الله .. لا عن مجد الله فيهم.

والحقيقة أنَّ تلك الحجارة اللينة الخضوع لأنامل الله فيها، هي أكثر حقاً واستحقاقاً لعملهِ، من أُناس قلوبهم حجارة، وأفكارهم حجارة، ولكنَّها حجارة لا تملُك عليها طبيعة البناء والحياة، إنَّما طبيعة الرجم والموت.

أما هذا الإله المُحب لكل البشر
فهو إلهي الحبيب، الذي أؤمن أنَّه ينظر للقلب، وأنَّه يدعو الإنسان بتواضع وحب.

ولا فرق أمامه بين فئة وأخرى، ولا يهتم بانتماءات الجذور البشرية، كما يظن البعض، بل بالجذور الإيمانية، ومدى امتداد ثمارها الحقَّة الحقيقية، وبصدق استجابة كل نفس بصورة فردية إنسانية، نقية .. قلبية، قبل أن تكون ذات مظاهر روحية .. دينية.
هذا الإله العادل في رحمة محبتهِ


الذي أسير خلفه حباً .. وأعبده روحاً لا حرفاً.



#إيرينى_سمير_حكيم (هاشتاغ)       Ereiny_Samir_Hakim#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا تتركوا الحياة لقَتَلة الحياة
- يا صخرة جثسيماني
- تشابهات رصد المجتمع بسجن النساء في المسلسل المصري وفيلم شيكا ...
- المعمودية هي اللقاء .. فلاقينا!
- أحزمة العفة في القرون الوسطى أحد أقنعة ختان الأنثى!
- النسخة الأثقل منك ألقِها عنك!
- في مناخٍ آخر العجز يُصبح قدرة مُجدداً!
- الآلام والضيقات!
- المواطن الذي تُشرِق لأجلهِ الشمس!
- قاتل كارمن هو قاتل نيرة!
- نيرة تحت التهديد منذ قتل خوزيه لكارمن!
- دموع مريم!
- اتجاه عالمي لتعهير مظهر المرأة!
- الشمس لا تُشرِقُ لك وتَغرُبُ لي!
- لماذا يستحق محمد صفاء عامر لقب إمبراطور الدراما الصعيدية؟!
- هَلُم أيها البحر العَنيد!
- لعبة الاختيارات
- ليس كل شَعر بقوة شمشون يا أبشالوم!
- صليب هامان!
- أستميلُ الفجرِ!


المزيد.....




- المرصد الفرنسي للهجرة: الجزائريون أكثر المهاجرين تمسكا بالهو ...
- فرحة العيال رجعت.. تردد قناة طيور الجنة toyour eljanah 2024 ...
- المقاومة الإسلامية للعراق تستهدف ميناء حيفا بأراضي فلسطين ال ...
- بوتين يحضر قداس عيد الفصح في كاتدرائية المسيح المخلص بموسكو ...
- قمة إسلامية في غامبيا وقرار منتظر بشأن غزة
- بالفيديو.. الرئيس بوتين يحضر قداس عيد الفصح في كاتدرائية الم ...
- استعلم الآن … رابط نتيجة مسابقة شيخ الأزهر 2024 بالرقم القوم ...
- شاهد.. الغزيون يُحَيُّون مقاومة لبنان الإسلامية والسيد نصرال ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف بيّاض بليدا والراهب والرا ...
- الاحتلال يقيد وصول المسيحيين لكنيسة القيامة بالقدس في -سبت ا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إيرينى سمير حكيم - الحجارة وأولاد إبراهيم