أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - كيف يقرأ الشارع الروسي ما يحدث في بلادنا – صدام وأمريكا – من التعاون إلى المقصلة















المزيد.....

كيف يقرأ الشارع الروسي ما يحدث في بلادنا – صدام وأمريكا – من التعاون إلى المقصلة


زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 7870 - 2024 / 1 / 28 - 00:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


نافذة على الصحافة الروسية
نطل منها على أهم الأحداث في العالمين الروسي والعربي والعالم أجمع



*اعداد وتعريب د. زياد الزبيدي بتصرف*


صدام: العلاقات مع الولايات المتحدة خلال الحرب العراقية الإيرانية - من التعاون إلى المقصلة

إيغور خوداكوف
كاتب صحفي وناشر روسي
بوابة Military Review بالروسية

18 يناير 2024

لماذا دعمت الولايات المتحدة العراق؟


لقد كتب الكثير عن آخر حرب كلاسيكية في القرن الماضي، الحرب الإيرانية العراقية، على الرغم من أن المواجهة تنطوي على عدد من النقاط العمياء، كما هو الحال في مثل هذا النوع من الصراعات واسعة النطاق.

وأنا بدوري أود أن أتطرق بشكل عام إلى تأثير الحرب على طبيعة العلاقات بين بغداد وواشنطن.

في النهاية، التاريخ، كما لاحظ بوكروفسكي بشكل صحيح، هو "سياسة ألقيت إلى الماضي".

والوضع الحالي في الشرق الأوسط هو، إلى حد كبير، نتيجة مباشرة للسياسات التي اتبعتها الولايات المتحدة تجاه العراق منذ أواخر السبعينيات.

هذه السياسة كان لديها طبيعة مزدوجة. فمن ناحية، بعد سقوط الشاه، استفزت واشنطن صدام للدخول في صراع مع إيران ودعمته، لثلاثة أسباب:

1) أولاً: إضعاف إيران لأقصى قدر ممكن ، حيث تحولت بين عشية وضحاها من الحليف الرئيسي للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وحليف لإسرائيل، إلى عدو وجودي، علاوة على ذلك، وجهت للمجتمع الأمريكي ومؤسساته السياسية، التي كانت قد بدأت للتو في التعافي بعد فيتنام، صفعة قوية على الوجه في شكل أسر طاقم السفارة الأمريكية من قبل الطلاب الإيرانيين (بالمناسبة، كانت بينهم تشكيلة واسعة من التوجهات السياسية والدينية) وفشل العملية الخاصة لتحرير الرهائن وانتشار الصور الفوتوغرافية لعواقب عملية "مخلب النسر" الفاشلة.

2) والسبب الثاني هو ضمان إمدادات النفط دون انقطاع إلى أوروبا. والنصر السريع للعراق، والذي بدا ممكنا بسبب قمع الضباط الإيرانيين المتعاطفين مع الشاه المخلوع، استجاب لهذا الهدف تماما. ولم يكن بوسع البيت الأبيض إلا أن يخمن ما قد يتبادر إلى ذهن آية الله. فهو قد يقرر، على سبيل المثال، إغلاق مضيق هرمز أمام السفن الأمريكية.
١
لا، كان الأمر صعباً من الناحية الفنية، لكن إذا حاول الإيرانيون، فلن يعدموا الوسيلة. لكن الولايات المتحدة لم ترغب في التورط في صراع عسكري جديد في نهاية السبعينيات، بعد فيتنام المذكورة أعلاه. لذا، فمن الأفضل أن يعمل أحد سكان ديترويت الفخريين – الذي أصبح صدام واحداً منهم في الثمانينات – على كبح جماح إيران.

3) السبب الثالث. لقد حدثت القطيعة الحادة في العلاقات بين إيران والولايات المتحدة خلال الفترة التي كانت فيها الأخيرة تقيم حواراً مع العراق. لماذا، في الواقع، كان لا بد من استئناف الحوار؟ دعونا نعود خطوة إلى الوراء إلى عام 1967.

في ذلك العام، قطع العراق علاقاته الدبلوماسية مع الولايات المتحدة احتجاجًا على دعمها لإسرائيل خلال حرب الأيام الستة. لكن لم يكن من المعقول للبيت الأبيض أن يتشاجر مع ثاني أكبر دولة لديها احتياطيات نفطية في المنطقة، خاصة على خلفية تقارب محتمل بين بغداد وموسكو.

ولم تكن هذه المخاوف عبثا: فعملية تطبيع العلاقات مع العراق، والتي بدأت بمبادرة من الولايات المتحدة، تم منعها بوصول حزب البعث إلى السلطة في عام 1972(واضح ان الكاتب أخطأ في تاريخ وصول حزب البعث إلى السلطة والصحيح هو 1968-المترجم). وفي الوقت نفسه، تم التوصل إلى معاهدة الصداقة والتعاون العراقية السوفياتية، وقام صدام، الذي كان في ذلك الوقت الشخص الثاني في الدولة، بزيارة إلى الاتحاد السوفياتي.

وفي العام التالي، شعر العراقيون بدعم الاتحاد السوفياتي، وقاموا بتأميم ممتلكات الشركتين الأمريكيتين إكسون وموبيل أويل. ولم يكن لدى الولايات المتحدة، في الجوهر، ما يمكن الرد عليه.

ومع ذلك، لعب لصالح واشنطن طموح صدام نفسه، الذي أصبح السيد المطلق للعراق عام 1979، لتحقيق استقرار العلاقات، بهدف تلقي المساعدة العسكرية الأمريكية، وتقليل الاعتماد على الاتحاد السوفياتي من خلال تنويع موردي الأسلحة.

في الطريق إلى القيادة في العالم العربي، أو لعبة صدام المزدوجة
@
من خلال اللعب على التناقضات بين القوتين العظميين، أراد صدام أن يقود بلاده إلى قيادة العالم العربي، حيث كان الدور المهيمن في منتصف السبعينيات من القرن الماضي لمصر الحليفة للولايات المتحدة، بعد توقيع اتفاقيات كامب ديفيد.

مثل هذه الأهداف الطموحة والقابلة للتحقيق تمامًا لبغداد لم تتوافق مع خطط الولايات المتحدة – ذو الشخصية الطموحة والكاريزمية أيضًا، ولكنه أكثر اعتمادًا على المساعدة الأمريكية والتي تسيطر عليها الكابيتول هيل، ويميل، كما أظهر الاتفاق مع بيغن، إلى التسوية، كان السادات يعتبر في واشنطن بحق شخصية أفضل من صدام حسين كزعيم اسمي للعالم العربي.

وفي عام 1982، كان من المفترض أن يصبح العراق رئيسًا لحركة عدم الانحياز، وهي حركة أقرب إلى الاتحاد السوفياتي من الولايات المتحدة بسبب طبيعتها المناهضة للاستعمار والإمبريالية، وهو لم يكن بوسعه أيضًا إلا أن يثير قلق البيت الأبيض.

وقد فكروا بشكل صحيح في الكابيتول هيل – إذا انتهت الحرب الإيرانية العراقية بانتصار صدام، فأين هي الضمانات بأنه سيتوقف عند هذا الحد ولن يحاول توسيع مجال نفوذه، على سبيل المثال، لن يرغب في الإنتقام من الأسد بسبب دعم سوريا لإيران أم المبادرة إلى تشكيل تحالف مناهض لإسرائيل؟

ومن بين العرب، كان الخميني لا يزال يتلقى دعم القذافي، لكنه كان بعيدًا عن متناول القوات العراقية. وبالمناسبة، فإن قائد الجماهيرية ادعى أيضاً الزعامة في العالم العربي، ولكن بسبب تورطه في الصراع مع دول أفريقيا السوداء -في المقام الأول مع تشاد- فإنه لم يشكل خطراً على المصالح الجيوسياسية للولايات المتحدة التي كان بإمكان صدام أن يسببها من خلال تحقيق طموحاته. رغم ذلك، كما أظهرت الأحداث اللاحقة، أصبح القذافي بمثابة عظمة في حلق الأمريكيين في البحر الأبيض المتوسط.

العقدة الإيرانية

فيما يتعلق بإضعاف إيران المذكور أعلاه، هناك توضيح مهم: في العام ونصف العام الأول من الحرب، في الكابيتول هيل، لم يسعوا كثيرًا إلى هزيمة الجمهورية الإسلامية، بل إلى نقل السلطة فيها إلى القوى السياسية الموالية للولايات المتحدة – في 1979-1981 ما زال ذلك يبدو ممكنا.

ومع ذلك، في عام 1981، بعد هزيمة الجبهة الوطنية بقيادة كريم سنجابي (يشبهون الضباط الروس بقيادة ميليوكوف في بداية القرن العشرين) على يد أنصار الخميني، أصبح إنشاء حكومة ائتلافية تقريبًا مستحيل. لا، لا تزال هناك قوة عسكرية سياسية مؤثرة ومعادية للخميني، تتمركز، بالمناسبة، على أراضي العراق – منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، التي قتل مسلحوها أيضًا الرئيس محمد علي رجائی ورئيس الوزراء محمد جواد باهنر في عام 1981.

لكن مجاهدي خلق التزموا بالآراء اليسارية المتطرفة، مما جعلهم حلفاء للاتحاد السوفياتي بدلا من الولايات المتحدة. كان البيت الأبيض يخشى إدخال القوات السوفياتية إلى إيران، بعد أفغانستان، وإنشاء نظام صديق لموسكو على أساس مجاهدي خلق؛ إذا تم تنفيذ مثل هذه الخطة، فإن الوضع الاستراتيجي في الشرق الأوسط سوف يتغير ليس لصالح الغرب والولايات المتحدة.

ومن المثير للاهتمام أن الاتحاد السوفياتي كان يخشى في ذلك الوقت أيضًا من التدخل العسكري الأمريكي المفتوح في الأحداث التي هزت إيران.

"الأوبرا" قدمت ليس فقط لإسرائيل

لقد ظهر تناقض الموقف الأميركي فيما يتعلق ببناء العلاقات مع صدّام بوضوح في يونيو/حزيران 1981، عندما تم تدمير مفاعل أوزيراك النووي الذي زوّده الفرنسيون للعراق، نتيجة لعملية "أوبرا" التي تم تنفيذها ببراعة.

حينها، انتهكت طائرات F-15A وF-16A الإسرائيلية الأجواء الأردنية والسعودية. ومع ذلك، كان لدى تل أبيب سبب للاعتماد على رد فعل منضبط من جانب هذه الدول، وحتى لو لم يتم الإعلان عنه، يتمثل بعدم معارضة تدمير المفاعل، لأن عمان والرياض، اللتين أصبحتا أقرب بشكل متزايد إلى الأمريكيين، تخشيان من أن صدام قد يفكر في الإطاحة بممالك الشرق الأوسط.

من الجدير بالذكر أن العراق، على عكس إسرائيل، التي ربما أجرت التجارب ذات الصلة في عام 1979، وقع على معاهدة بشأن حظر انتشار الأسلحة النووية.

وعلى المستوى الكلامي، أدانت واشنطن الضربة الإسرائيلية، بل والتزمت بنوع من "الانحناءة" تجاه صدام. وهكذا نشرت على صفحات صحيفة نيويورك تايمز بتاريخ 9 يونيو 1981 السطور التالية:
"وفقاً لإدارة ريغان، كان العراق يتبع مساراً أكثر تأييداً للغرب في الأشهر الأخيرة، وبدأ المفاوضات لتوسيع العلاقات مع الولايات المتحدة. ولم يكن هناك يقين أيضًا من أن العراق سيصنع قنبلة نووية، على الرغم من أن المسؤولين قالوا إن الاحتمال قائم".

وأدلى مستشار الأمن القومي الرئاسي بريجنسكي بتصريح مماثل:
"لا نعتقد أن مصالح الولايات المتحدة والعراق تتعارض من حيث المبدأ. ونحن نتفهم رغبة العراق في الاستقلال. فهو يرغب في رؤية الخليج الفارسي آمناً، ونحن لا نعتقد أن العلاقات الأميركية العراقية لابد وأن تتطور بروح من العداء. ولا نريد أن يستمر هذا الوضع غير الطبيعي في علاقاتنا، رغم أننا ندرك أن الطريق أمامنا طويل لتحسينها".

ومن الواضح في الوقت نفسه أن الأميركيين، مثلهم في ذلك كمثل السعوديين والأردنيين، لا يملكون إلا أن يشعروا بالسعادة: فقد أصبحت احتمالات تحويل العراق، من خلال تحقيقه الوضع النووي، إلى قوة إقليمية رائدة، تكاد تكون معدومة.

والمهم أن الأمر (أي تدمير المفاعل) تم على يد شخص آخر. بالنسبة للولايات المتحدة، في إطار مبدأ نيكسون، الذي لا يزال محتفظًا بأهميته، اعترفت بالتكافؤ مع الاتحاد السوفياتي في الشرق الأوسط، وبشكل عام، لم تسعى إلى زيادة وجودها العسكري في المنطقة: شبح فيتنام لا يزال قائمًا يحوم في المكتب البيضاوي في ذلك الوقت، ومشهد إسقاط المروحيات في المحيط أثناء إجلاء المواطنين الأمريكيين من سايغون لا تغيب عن الذهن.

ومن جانبه، فهم صدام تمامًا ازدواجية السياسة الأمريكية تجاه العراق، لكنه قبل قواعد اللعبة، كما قال في مقابلة أجريت معه عام 1981 – عشية إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في طهران:
"الولايات المتحدة لا تقوم بتصحيح سياساتها بشكل جذري، بل بشكل جزئي وعلى شكل اختبارات صغيرة ومؤقتة وعابرة. لا ينبغي الخلط بين التغييرات الصغيرة والتغييرات الجذرية الكبيرة، ولكن ينبغي تشجيع التغييرات الإيجابية".

قيل ذلك على خلفية التقارب المستمر مع موسكو: ردًا على تدمير أوزيراك، رفع الاتحاد السوفياتي حظر الأسلحة عن العراق. وفي عام 1981 أيضًا، وصل وفد سوفياتي إلى بغداد للاحتفال بعيد الثورة. وفي العام التالي، زودت موسكو العراق بالفعل بـ 70% من وارداته العسكرية.

والأهم من ذلك كله، أن الدعم السوفياتي صار ممكنا بسبب انتقادات آية الله الخميني (مع العلم، انتقد الزعيم العراقي أيضًا الأمر) لدخول القوات السوفياتية إلى أفغانستان واضطهاده لحزب توده الماركسي الإيراني.

لكنني سأؤكد مرة أخرى: من خلال التحرك نحو التقارب مع الاتحاد السوفياتي، لم يصبح صدام على الإطلاق ممثلاً لإرادة موسكو في المنطقة، مثل الشاه أو السادات اللذين لعبا الدور المقابل فيما يتعلق بواشنطن.

ولم يتظاهر الكرملين ببذل المزيد من الجهد – فقد كانت هناك مخاوف كافية في أوروبا الشرقية: فقد تميز شهر ديسمبر/كانون الأول عام 1981 بفرض الأحكام العرفية في بولندا، ولم يكن الوضع في أفغانستان يتطور كما نود.

ولكن تبين أن مبدأ نيكسون لم يدم طويلا بالمعايير التاريخية. بالإضافة إلى ذلك، ينبغي النظر إليها في سياق عقيدة أخرى كانت موجودة بالتوازي معها ولم ترتبط بها بأي شكل من الأشكال – عقيدة شليزنجر، التي أصبحت رد البنتاغون المستتر على اتفاقية الحد من الأسلحة الإستراتيجية-1.

ريغان وصدام – استئناف العلاقات الدبلوماسية

بعد وصول إدارة ريغان إلى البيت الأبيض، استؤنف سباق التسلح (مع روسيا) بشكل أساسي. نعم، في الواقع، لا يمكن لأي مبدأ أو إعلان – هلسنكي على سبيل المثال – أن يلغي المواجهة السوفياتية الأميركية بشكل عام وفي الشرق الأوسط بشكل خاص.

وحاول صدام استغلال المواجهة بين القوتين العظميين لصالحه. ولحسن الحظ، واصلت الإدارة الأميركية الجديدة مسارها نحو تطبيع العلاقات مع العراق، وهو ما أعطى نائب رئيس الوزراء العراقي آنذاك طارق عزيز سبباً للإشارة إلى الجهود الأميركية
لفهم الوضع العربي وحل المشاكل بشكل مشرف وعادل وقانوني.

بعبارة أخرى:

على الرغم من عدم وجود علاقات دبلوماسية، كما كتبت المؤرخة K. A. Belousova، كانت هناك قفزة في العلاقات التجارية والاقتصادية بين الولايات المتحدة والعراق. بلغت الواردات من الولايات المتحدة إلى العراق 18 مليون دولار في عام 1970، و370 مليون دولار في عام 1975، و797 مليون دولار في عام 1980، و931 مليون دولار في عام 1982.

وفي عام 1982، قام البيت الأبيض بإزالة العراق من قائمة الدول التي تدعم، من وجهة نظره، الإرهاب الدولي. وبعد ذلك بعامين، استعادت واشنطن وبغداد العلاقات الدبلوماسية؛ وقبل ذلك بعام، قدم الأمريكيون قرضًا رائعًا للعراق، الذي كان يعاني من أزمة اقتصادية حادة، لشراء القمح من الولايات المتحدة.

إضافة إلى ذلك، اتجه صدام نحو التقارب مع الولايات المتحدة أيضاً بسبب المخاوف من تطبيع العلاقات الأميركية الإيرانية وتقديم المساعدة القانونية لطهران، مما قد يؤدي إلى نقطة تحول في الحرب ليس لصالح بغداد.

ويتعين علينا أيضاً أن نأخذ في الاعتبار رغبة الجمهورية الإسلامية ـ ولم يغفر الخميني لصدام على طرده من العراق في العام 1978 ـ في إطلاق أعمال مناهضة للبعث بين الشيعة العراقيين.

وهذا لا يتعارض فقط مع مصالح بغداد، بل أيضا الولايات المتحدة، لأنه خلق الظروف لانتصار الجمهورية الإسلامية وتوسعها في لبنان وسوريا. بشكل عام، في نهاية الثمانينيات، تدهورت العلاقات الأمريكية الإيرانية بشكل كبير، وصولاً إلى الاشتباكات العسكرية في الخليج الفارسي.

في الكابيتول هيل، لم تكن لديهم أوهام بأن صدام يلعب على التناقضات بين القوى العظمى، وبالتالي كانوا خائفين من احتمال قيام العراقيين بإغلاق مضيق هرمز.

وكان السعوديون متوترين بشكل خاص بشأن هذا الأمر، وطلبوا الحماية من الولايات المتحدة. ولم يتوان البيت الأبيض عن تقديم المساعدة، فحدد مسارا لزيادة تواجده العسكري في الخليج والشرق الأوسط ككل، ناهيك عن الدعم السري لإيران الذي تحول إلى فضيحة(ووتر غيت)، لأن أحد الأطراف، من وجهة نظر واشنطن، كان من المفترض أن يضعف الآخر بشكل كبير، لكن دون تدميره بالكامل. لذلك تم إلقاء الأسلحة إلى الجانبين.

وفي الوقت نفسه، كان السعوديون يخافون من إيران أكثر من العراق، وساعدوا الأخير من خلال تقديم قرض بقيمة 16 مليار دولار، ودعموه بشكل عام على المستوى الدبلوماسي خلال الحرب.

وفجأة، على العالم كله كما ينهار الثلج على الرأس كان وقع تفكير غورباتشوف الجديد ، وبدأت إحدى القوى العظمى تفقد مكانتها في العالم بسرعة ودون ضغوط خارجية، بما في ذلك في الشرق الأوسط.

في البداية، اندهش البيت الأبيض من السعادة التي حلت بهم، ثم بدأوا في إعادة صياغة الأوضاع على طريقتهم، بما في ذلك في الخليج. وبدا صدام هنا وكأنه عائق أكثر من كونه شريكًا صعبًا، لكنه لا يزال شريكًا.

لماذا تشارك وتجري مفاوضات صعبة عندما يمكنك أن تأخذ كل شيء لنفسك؟

في ظل الأزمة الاقتصادية التي أنهكتها الحرب، والحرمان من الدعم السوفياتي والحلفاء، بدا العراق فريسة سهلة، وكانت احتياطياته النفطية جاهزة للسقوط في الأيدي الأمريكية المنتظرة بالفعل.

صدام: "اكيلا أخطأ الهدف"، أو الطريق إلى المقصلة

كل ما كان مطلوبا هو الذريعة، ويمكن العثور عليها بسهولة في شكل استفزاز الزعيم العراقي للعدوان على الكويت، التي دعمت، بالمناسبة، بغداد خلال الحرب العراقية الإيرانية.

لقد أخطأ السياسي ذو الخبرة صدام في هذه الحالة، عندما لم يأخذ في الاعتبار اختلال توازن القوى في المنطقة، وبالغ في تقدير قدرات جيشه وأخطأ في حساب خطوات الرد الأمريكية عشية غزو الإمارة. وقد خدعه الأمريكيون بكل بساطة.

اللعبة، التي نفذها البيت الأبيض بكفاءة، قادت القوات الأمريكية إلى بغداد، والعراق إلى انهيار الدولة، وصدام إلى المقصلة.

مراجع:ض
بيلوسوفا ك. أ. الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988) وسياسة الولايات المتحدة في العراق
أباليان أ. النزاع المسلح بين إيران والعراق 1980-1988. وتأثيرها على نظام العلاقات الدولية في منطقة الشرق الأوسط



#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طوفان الأقصى 113 – قراءة سريعة في قرار محكمة العدل الدولية ح ...
- طوفان الأقصى 112- عيوننا شاخصة إلى المحكمة في لاهاي
- كيف يقرأ الشارع الروسي ما يحدث في بلادنا – طوفان الأقصى 111- ...
- كيف يقرأ الشارع الروسي ما يحدث في بلادنا – طوفان الأقصى – 11 ...
- كيف يقرأ الشارع الروسي ما يحدث في بلادنا – طوفان الأقصى 109 ...
- طوفان الأقصى 108- كيف يبرر الإعلام الغربي لإسرائيل تدمير الا ...
- كيف يقرأ الشارع الروسي ما يحدث في بلادنا – طوفان الأقصى 107 ...
- ألكسندر دوغين: نحو ثورة أوروبية!
- اليوم 100 عام على وفاة لينين
- طوفان الأقصى 106 – موقف ألمانيا من حرب غزة حسب الصحافة الألم ...
- كيف يقرأ الشارع الروسي ما يحدث في بلادنا – طوفان الأقصى 105- ...
- ألكسندر دوغين: حول الجغرافيا السياسية لمنطقة القوقاز
- كيف يقرأ الشارع الروسي ما يحدث في بلادنا – طوفان الأقصى 104 ...
- طوفان الأقصى 103 – بيان بايدن بعد 100 يوم
- ألكسندر دوغين: أسس الأيديولوجية الروسية
- كيف يقرأ الشارع الروسي ما يحدث في بلادنا – طوفان الأقصى 102 ...
- طوفان الأقصى 101 – ميغان ستاك – لا تتراجعوا عن اتهامات الإبا ...
- كيف يقرأ الشارع الروسي ما يحدث في بلادنا – طوفان الأقصى 100 ...
- كيف يقرأ الشارع الروسي ما يحدث في بلادنا – طوفان الأقصى 99 – ...
- طوفان الأقصى 98 – نيلسون مانديلا وفلسطين


المزيد.....




- لماذا لجأت الولايات المتحدة أخيرا إلى تعليق شحنات الأسلحة لإ ...
- كيف تؤثر سيطرة إسرائيل على معبر رفح على المواطنين وسير مفاوض ...
- الشرطة الأمريكية تزيل مخيما مؤيدا لفلسطين في جامعة جورج واشن ...
- تقارير: بيرنز ونتنياهو بحثا وقف هجوم رفح مقابل إطلاق سراح ره ...
- -أسترازينيكا- تسحب لقاحها المضاد لفيروس -كوفيد - 19- من الأس ...
- قديروف يجر سيارة -تويوتا لاند كروزر- بيديه (فيديو)
- ما علاقة قوة الرضوان؟.. قناة عبرية تكشف رفض حزب الله مبادرة ...
- مصر.. مدرسة تشوه وجه طالبتها بمياه مغلية داخل الصف وزارة الت ...
- مدفيديف بعد لقائه برئيسي كوبا ولاوس.. لامكان في العالم للاست ...
- السفارة الروسية لدى لندن: الإجراءات البريطانية لن تمر دون رد ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - كيف يقرأ الشارع الروسي ما يحدث في بلادنا – صدام وأمريكا – من التعاون إلى المقصلة