أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد الحليم عليان - مُغمَضةُ العَينين















المزيد.....

مُغمَضةُ العَينين


محمد عبد الحليم عليان
كاتب و مؤلف للقصة القصيرة

(Eng.mohamed Abdelhaleim Alyaan)


الحوار المتمدن-العدد: 7869 - 2024 / 1 / 27 - 23:20
المحور: الادب والفن
    


مغمضةٌ عيني مُستلقية على السرير مُدعيةً النوم محاولةً الهرب مِنهُ وقتما يعود مترنحاً تفوحُ مِنهُ رائحة كريهة أمقُتها كصاحبها
أشّتمُ رائحته تقترب فأتمنى لو أن أنفاسي تتوقف فلا يستطيعُ إيقاظي ،بطرفِ أناملهُ يهُزُني فأفتح عيني مُرغمة خائفة من سيلٍ من السُباب والوعيد إن تماديت مُدعية النوم
وبدون تمهيد يَمُد يَده ليسحب سِروالي ليبدأ في إختبار ذكورته المفقودة ؛دقائق تمر عليَّ
وكأنها دهر بأكمله وكأني فريسة سقطت في براثن ذئب ينهش لحمها ويلتهمها دون كلمة واحدة منه وكأني جثة هامدة أمامه وما أن ينتهي حتى يرتمي بجواري على السرير حتى الصباح أستيقظ مُنهكة مُنفطرة القلب أُعد بعض الطعام له وأتركه يغطُ في نوم عميق
ساعيةً ككلِ صباح وراء رزقي أنا وإبنتي الصغيرة التي لولا وجودها لهربتُ من تلك المأساة التي أحياها معه .
نشأت في أسرة بسيطة الحال في حجرة بحي شعبي وسط عدد من الأخوة والأخوات كنت أكبرهم لوالد مكافح يبذل أقصى ما يستطيع ليوفر لنا ما يسد جزءً من نفقاتنا وفي مثل ظروفنا ما إن يطرق الباب طالب للزواج من إحدى فتيات البيت فتلك فرصة يجب إغتنامها دون تدقيق أو بحث عن سيرته طالما سيوفر مسكناً به أساسيات الحياة وله مصدر دخل حتى لو لم يكن ذلك المصدر ثابت ؛ وكان هو أول من طرق بابنا طالباً يدي للزواج
كنت في سنتي النهائية من التعليم التجاري
وهو شاب عائد من سنوات عمل بإحدى الدول العربية لديه مسكن صغير وعد بتأثيثه دون أن يحمل والدي أي أعباء فوافق والدي وكذلك وافقت وتم الزفاف ومنذ الليلة الأولى ظهر الذئب داخله حيوان سكير ذهبت المخدرات بعقله يراني جارية إمتلكها ليُرضي من خلالها وهم الذكورة الذي يعيشه.
مرت أيام الزواج الأولى وأنا أنعي حظي التعيس وإنتهت وقد تَكَوَن في أحشائي جزء منه إنتظرت أن يسعى ويباشر عمله المزعوم ككل رجل إلا أنه فاجئني بأنه لم يستقر في عمل منذ عودته من الخارج وأنه يبحث عن فرصة أخرى للسفر لأن مدخراته التي ينفق منها أوشكت على النفاذ ومضى الحال هكذا نائمٌ طوال النهار وما إن يستيقظ حتى يخرج مع رفقاء السوء ليقضي سهرته ويعود ثملاً ينقض على فريسته دون مراعاة أي مشاعر أو آلام تنتابها بسبب الحمل إلى أن جاء المخاض
ووضعت مولودتي الجميلة التي حمدت الله أنها لم تحمل من ملامحه أي شئ وإلا كنت كرهتها هي الأخرى ونفذت مدخراته وأصبحت في حيرة من أمري ماذا أفعل ؟أأترك له منزله وأفر بإبنتي لأهلي وأزيد العبء على والدي والذي كان يئن منه وأنا بمفردي وسط إخوتي فما بالنا ومعي رضيعة تحتاج الكثير و الكثير
كان خياري الآخر أن أبحث عن عمل أنفق منه على نفسي وعلى إبنتي وحملت إبنتي على كتفي وبدأت السعي أطرق كل الأبواب بحثاً عن عمل وجميع الأبواب مغلقة فالشركات تطلب مؤهلاً عالياً والمحلات تطلب إمرأة متفرغة بدون إبنة والتجارة في أي شئ تحتاج رأس مال لأبدأ به ؛أيام كثيرة مضت في البحث دون مبالاة منه أو حتى محاولة البحث عن عمل له
أشارت عليَّ زميلة سابقة على عِلم بظروفي بالعمل كخادمة أنظف المنازل لمن يرغب مقابل أجرة يومية ورشحتني لسيدتين من معارفها
ولم يكن لدي رفاهية التفكير أو الرفض فالبنت تتضور جوعاً على يدي وإصطحبت إبنتي
وبدأت العمل وأبديت نشاطاً ودقة ونظافة نالت إستحسان السيدتين وأجزلتا لي العطاء شفقة منهن على حالي ،لم تكن نفقاتي ونفقات إبنتي هي العبء الوحيد على كاهلي بل كان علي إطعامه وتوفير سجائره وبعض من الأموال في يده وإلا نالني كمٌ من السباب وبذاءة اللسان
وأحياناً الضرب منه ودفعني الخوف أن يشتبك معه والدي أو أحد إخوتي إذا علموا بما آل إليه حالي معه فيتأذى أحدهم أن أستسلم له وألبي طلباته وإستمر الحال أعمل وأَكِدُ في عملي طيلة النهار وأصطحب إبنتي خوفا عليها من تركها مع ذلك السكير المُغيَّب ورشحتني السيدتان لأخريات وأخريات وأنا أتنقل من منزلٍ لمنزلٍ لمنزل وفي إحدى الأيام طلبت مني سيدة أعمل لديها أن تصطحبني لمنزل أخيها لتنظيف المنزل المغلق منذ سنوات لإقامة صاحبه بالخارج وعودته فجأة ذهبت معها شقة فاخرة متعددة الغرف أثاث فخم جدا يبدو كالجديد وأخيها رجل في نهاية عقده الخامس يبدو عليه الحزن علمت منها أن سبب حزنه فقدانه زوجته وطفلته الوحيدة في حادث سيارة فقرر تصفية عمله بالخارج والعودة ليستقر في بلده ، قُمت بتنظيف الشقة على أكمل وجه وكذلك عاونت شقيقته في تجهيز عدد من الوجبات يمكنه تسخينها وقتما يحتاج الأكل وكان سخياً جداً معي وفاجئني بعرضه أن أُباشر العمل لديه بصورة يومية أنظف له بيته يوميا وأُعد طعامه وأهتم بملابسه نظير أجر ثابت شهرياً يقارب ما أجنيه ورُبما يزيد
ولا مانع لديه أن أستمر في تنظيف شقق أخرى ما لم أُقصر في طلباته ،، راقت الفكرة لي فهي ستضمن لي دخلاً ثابتاً وستوفر عليَّ عناء التنقل من منزل لمنزل والرجل يبدو عليه الوقار مما طمأنني من ناحيته وقبلت عرضه وأخفيت ذلك عن زوجي حتى لا يُعارض وبدأت في التوجه يومياً لمنزله مصطحبة إبنتي الصغيرة
وقد أعطاني نسخة من مفتاح المنزل كيلا أوقظه مبكراً وأصبحت أقضي كل ما يحتاجه المنزل من تنظيف مبكراً دون أن يشعر بوجودي وأٌجهز له طعام الفطور قرب موعد إستيقاظه
وكذلك أُجهز له حمامه الدافئ الذي إعتاد أن يبدأ به يومه وبعدها يتناول فطوره ويقضي ساعات طويلة في القراءة في ركن خصصه لذلك وجهز به ماكينة لإعداد المشروبات الساخنة والقهوة وبعدما أنتهي من إعداد طعام الغداء وتقديمه وتجهيز بعض الطعام الخفيف للعشاء أنصرف ومضى الحال هكذا وبدأت إبنتي في الحبو وإحداث بعض الضوضاء
وخشيت أن تكون سبباً في إنزعاجه لإعتياده الهدوء لكنه أبداً لم ينزعج بل بالعكس كان سعيداً جداً و إهتم بها وبمتابعتها بدلاً مني
وشعرت به يُغْدِق عليها حناناً لم تراه من والدها ويعاملني برفق لم أعتاده من رجل فبذلت قُصارى جهدي كي أحافظ على عملي لديه وإهتممت بكل ما يخصه وبدأنا نتبادل الحديث في أمور عامة وتطرقنا شيئاً فشيئاً لحياتي
وإستنكر تحملي لتلك الحياة التي يراها تأكل من روحي وشبابي وإستاء من سلبيتي تجاه زوجي و حثني أن أتخلص من ذلك الزوج المحسوب إسماً رجلاً عليَّ وأن أستقل بحياتي وبإبنتي ولدي مصدر دخل ثابت أعيش أنا
وهي منه ولا مانع لديه أن ننتقل للعيش الدائم معه وأن يرعاني وإبنتي رعاية كاملة ،، كان لكلماته وقع أحدث بلبلةوحيرة  كبيرة داخلي هل أجرؤ على إتخاذ ذلك القرار الذي راودني كثيرا ؟
وماذا لو قرر هو العودة للخارج مرة أخرى وإستئناف حياته التي تركها بعد أزمته ؟
حينها أين سأجد مكان يأويني وإبنتي وماذا سيكون مصيري ؟وكيف سينظر لي الناس إن إنفصلت عن زوجي وأقمت مع أرمل في شقته دون رابط يربطني به ؛ إن كانت نظرة الناس لا تعنيه بما تشكلت عليه أفكاره بعدما قضى عمره بالخارج فأنا أعيش بسمعتي ولا مجال لي أن أخاطر بها وربما تلومني إبنتي بعدما تكبر إن حرمتها من أب حتى وإن كان وجوده كعدمه سواء ، رفضت إقتراحه و إستمريت أؤدي عملي وأعود كل ليلة لتبدأ رحلة الشقاء مُغمضة العينين على السرير مُدعية النوم مُحاولة الهرب منه إلى أن ينتهي ويستلقي بجواري فأشرُد بخيالي مُتدثرة برجلٍ آخر أُهرول للعمل لديه كل صباح .



#محمد_عبد_الحليم_عليان (هاشتاغ)       Eng.mohamed_Abdelhaleim_Alyaan#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المسرحية الهزلية
- شيطان سوزي
- الشعوب العربية
- ثمنٌ بخس
- أنا وكيتي
- سأعود
- أحببت البكاء
- بعد منتصف الليل
- الاحتياج
- دفاتر الذكرى
- لو عادوا
- أفيقي
- أنا وأنت
- رسالةإلى أمي الحبيبة
- أدركت النعمة
- للخوف ثمن باهظ
- العصا السحرية
- لست بهيمتك
- ضياع
- عصر الفتن


المزيد.....




- قمصان بلمسة مغربية تنزيلا لاتفاق بين شركة المانية ووزارة الث ...
- “ألحقوا اجهزوا” جدول امتحانات الثانوية العامة 2024 للشعبتين ...
- الأبعاد التاريخية والتحولات الجيوستراتيجية.. كتاب -القضية ال ...
- مهرجان كان السينمائي: آراء متباينة حول فيلم كوبولا الجديد وم ...
- ركلها وأسقطها أرضًا وجرها.. شاهد مغني الراب شون كومز يعتدي ج ...
- مهرجان كان: الكشف عن قائمة الـ101 الأكثر تأثيرا في صناعة الس ...
- مسلسل طائر الرفراف الحلقة 70 مترجمة باللغة العربية بجودة HD ...
- السحر والإغراء..أجمل الأزياء في مهرجان كان السينمائي
- موسكو تشهد العرض الأول للنسخة السينمائية من أوبرا -عايدة- لج ...
- المخرج الأمريكي كوبولا على البساط الأحمر في مهرجان كان


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد الحليم عليان - مُغمَضةُ العَينين