رسالة إلى جدي آدم

محمد العرجوني
كاتب
(Mohammed El Arjouni)

الحوار المتمدن-العدد: 7867 - 2024 / 1 / 25 - 17:34
المحور: الادب والفن
    

(1)
جدي آدم
عليك السلام
وإليك التحية والإكرام. أظنك تعي معنى التحية ما دام لم تعد للسلام
أية نكهة ولا سجية.
وبعد
ترددت كثيرا قبل أن تهتدي أناملي طوعا ومحبة إلى الأزرار وما تسطره على لوحة حاسوب، بفضل نور فوار يؤذي العين والأبصار. تسطره تماما مثلها مثل يراع وهو يحفر الحرف على لوح من طين، وبدون أضرار، أو يسطره بصمغ تحت تهديد قضيب اقتطعه الفقيه من زيتونة بدون منشار. إليك إذا فيما يشبه طقطقات مطر تسربت عبر المسام كتلك التي سالت على أوراق التوت، تلك التي قيل ، بها سترت عورتك، إليك زوبعة من كلام من غير أن أكون كليما ولا فصيحا ولا صاحب بلاغة ولا رأي سديد، لكنني محتار....محتار...
إليك
ما يخالج ذهني من عواء أفكار كأنها ذئاب تفترسني إذا ما تركتها بداخلي تعوي وأنا أنهار.
إليك
صدى أقوال حول العالم ترددت بجمجمتي فكادت بحجمها أن تؤدي إلى الانفجار. أخذت إذا على عاتقي، من غير أن يطلب مني ذلك أحد، مكاتبتك حول الآلام. آلام الإنسانية طبعا. أبناؤك أو حفدتك، أو إذا شئت، من يطلق عليهم، تيمنا بك، سلالة آدم، عليك السلام، كما يقال، كأن هناك –أعوذ بالله-سلالات أخرى أنجبها غيرك عساني ألملم آلامي تلك التي شغلت كل الفلاسفة عبر الدهور وبجميع الأمصار.
إنهم كثر جدي، حفدتك، طبعا، ولا يمكنك أن تتخيل كم هم الآن. ضاقت بهم أرضك تلك التي حرثت بمحراث خشبي، وأحببت من قلبك، أنت وذريتك بعد نفيك وتجريدك من كل ما كان سترة لك، كما تصوروك من جاؤوا بعدك. عبثوا بما تركت. لم تعد المياه صالحة كما عرفت. لا للوضوء ولا للطهارة ولا للطهي و لا لغسل القربان والأواني. تصور جدي أن مشكلتهم الكبرى، وهم حيارى،كيف التخلص من أوساخ بطونهم المنتفخة والحبلى بغازات وعجائب أطعمة لا تحصى. وقاذوراتهم المنتشرة عبر المجاري والأزقة والجبال والعيون والبحار.
آه! كم كانت طاهرة في وقتك وأصبحت ملوثة، كما يقولون في لهجاتهم الملتوية. وأصبحت تعقد قمم ومؤتمرات قيل عنها تحد من الغازات. فانفضح زيفهم وأصبحت تلك المؤتمرات، مؤامرات على الأشجار والطيور ونمل حفيدك سليمان وهدهده صاحب الخبر اليقين.(يتبع)

#محمد_العرجوني (هاشتاغ)       Mohammed_El_Arjouni#          

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل