أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد العرجوني - علاقة الطبيعة بمفهومي التنوير والظلامية














المزيد.....

علاقة الطبيعة بمفهومي التنوير والظلامية


محمد العرجوني
كاتب

(Mohammed El Arjouni)


الحوار المتمدن-العدد: 7600 - 2023 / 5 / 3 - 17:19
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ش؛ مرغوب فيه بقوة بما له من مزايا على النفسية التي تنتشي وتتفتح كزهرة بكل انشراح. هذا في نظري المتعسف، ما جعل المفكرين يستلهمون تلك الثنائية الظلام / النور للتعبير عن فكرهم الذي تحرر من طغاة الكنيسة المتحالفين مع النبلاء، والذين يشكلون الكآبة في كل تجلياتها، بالنسبة لعامة الناس، حسب منطق التنويريين. وباختيارهم هذه الصورة التي تُغلب العقل/النور على الجهل/الظلام، حببوا تلك الثورة الفكرية للإنسان الأوروبي الذي لم يعد يستحمل الظلمات مع حلمه الدائم بالنور. هكذا، في نظري لعب التأثير النفسي دورا مهما في تقبل تلك الثورة الكوبرنيكية، إن صح التعبير. فتقبل الإنسان هناك قوة العقل، اي النور، فأصبح ينعم بالاكتشافات العلمية والتقنية وحقق سعادة نسبية دنيوية بما توصل إليه إلى حدود الساعة.
ماذا عنا نحن؟ بطبيعة الحال، حدث تفاعل نتيجة التعامل مع هذه الأفكار الغربية، التي فاجأتنا في وقت كنا فيه في سبات عميق، سواء عن طريق الحرب أو عن طريق السلم. فأصبحنا نتداول أيضا هذه الثنائية بشكل آلي، ونحاول ربطها بثقافتنا. فهناك من اقتنع بفكرة "مسح الطاولة" (tabula rasa) أي التخلص من إرثنا الثقافي واعتماد ما توصل إليه الغرب بصفته انتاجا إنسانيا ، وهناك من تحدث عن "أزمة العقل العربي" وحاول تلقيحه بما توصل إليه الفكر الغربي. وهناك من رفض الفكر الغربي جملة وتفصيلا، وراح يبحث عن "الصحوة" بالغوص في تراثنا، متناسيا لغرض في نفس السياسة أن التنوير الذي شع بأروبا أصله مفكرين من ثقافتنا وتراثنا مع الأسف منهم من تم حرقه ومن تم تقطيع أوصاله ومن تم طرده وحرق كتبه ومن تم صلبه ومن تم اختراقه بالخازوق وووو... . ومن خلال تطورات الأحداث يبدو أن فكر "الصحوة"، هو الذي يؤطر مجتمعاتنا منذ ما سمي بالنهضة. الصحوة، التي تعني الرشد واليقظة، يقابلها الإهمال والنسيان. كلمات إذن تعبر عن ما اعتبره "الصحويون" بدءا بالافغاني ومحمد عبده ومرورا بجماعة الاخوان المسلمين إلى الفكر الوهابي، عن حالة خمول للفكر العربي الإسلامي ما أدى إلى الابتعاد عن التدين نتيجة للغفوة التي عاشتها الشعوب العربية الإسلامية ثم نتيجة للتصادم الثقافي مع الغرب. تصادم له ما يبرره ويقوي أيديولوجية الصحويين بما أن التنوير الأوروبي ببلدان الضباب والصقيع أدى إلى استعمار بلدان الشمس والحرارة. وأمام هذا التناقض، بطبيعة الحال سوف يؤدي هذان المصطلحان :تنوير/ظلامية إلى تقزز نظرا للنفاق الذي يتجلى في تصرفات من اسسوا لهذين المفهومين. خاصة وأن الغرب لم يعتبر الكنيسة ظلامية حينما تكلفت هي بالدعاية "التنويرية" من خلال تبنيها خطاب "تحضير الشعوب المتخلفة" خدمة للحركة "التنويرية" المستعمِرة لاستغلال خيرات بلدان "المتخلفين" خدمة لتطور علمهم وصناعتهم. أضف إلى ذلك أن علاقة الشعوب التي توجد تحت الخط الاستوائي بالطبيعة، علاقة مختلفة عن تلك التي نجدها عند شعوب ما فوق الخط الاستوائي. فلا تغريهم الأنوار لأنهم يعيشون طول الوقت تحت حرارة الشمس و نورها الساطع. وربما ما يستهويهم أكثر هي الرطوبة ونسيم الليل. لهذا حتى من ناحية التعابير اللغوية، فنحن نقول مثلا :"هذا يثلج صدري..." وهم يقولون :"هذا يدفئ قلبي.." (ça me réchauffe le cœur) وإذا حدث أن قالوا :"هذا يثلج قلبي = ça me glace le cœur، فمعناه مختلف تماما، لأنه تعبير عن الخوف. لهذا أعتقد، ولو تعسفا، أن ثنائية التنوير /الظلام، لا تستقيم مع فكرنا. فنفسيا، وبما أن الشمس بنورها من نصيبنا على طول السنة، وبما أنها تؤدي إلى التعب والتراخي أكثر، نتوق ربما إلى شيء من الرطوبة والبرودة، ما نجدهما بالليل. لهذا لم يجد هذان المصطلحان تجاوبا نفسيا لدينا. فحياتنا كلها حرارة وانفعال، سرعان ما يخبو انفعالنا تحت مسكن الظلال، تماما كما نفعل حينما ننفعل تحت الحرارة وطنين الذباب ما يجعلنا ربما نقلب الطاولة ونكسر ما في الأرجاء، وبعدها نصبو أكثر إلى الهدوء الروحي، عوض صخب الحياة. ما يجعلنا نتساءل هل حققت صحوتنا تقدما نضاهي به من آمنوا بالتنوير، أم أدت إلى غيبوبة تامة امام حركية تاريخية متسارعة يتحكم فيها من تشبثوا بشعاع من نور به اخترقوا ضباب الجهل؟ هل لازالت طريق الصحويين تزرع آمالا لشعوب ضاقت بها الدنيا ام ترانا وصلنا إلى نهاية الطريق فاصطدمنا بقوة مع حضارة غربية لا ترحم المستضعفين، بل أصبحت تؤجج فكرهم المثالي وتزرع بينهم من يؤثر فيهم بقوة ويسرع بالتحاقهم بالحوريات؟



#محمد_العرجوني (هاشتاغ)       Mohammed_El_Arjouni#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -إيقاف- الديالكتيك عند انتصارات مزعومة
- بين الرأسمالية والاشتراكية


المزيد.....




- كوريا الشمالية تدين تزويد أوكرانيا بصواريخ ATACMS الأمريكية ...
- عالم آثار شهير يكشف ألاعيب إسرائيل لسرقة تاريخ الحضارة المصر ...
- البرلمان الليبي يكشف عن جاهزيته لإجراء انتخابات رئاسية قبل ن ...
- -القيادة المركزية- تعلن إسقاط 5 مسيرات فوق البحر الأحمر
- البهاق يحول كلبة من اللون الأسود إلى الأبيض
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /29.04.2024/ ...
- هل تنجح جامعات الضفة في تعويض طلاب غزة عن بُعد؟
- بريكس منصة لتشكيل عالم متعدد الأقطاب
- رئيس الأركان الأوكراني يقر بأن الوضع على الجبهة -تدهور- مع ت ...
- ?? مباشر: وفد حركة حماس يزور القاهرة الاثنين لمحادثات -وقف ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد العرجوني - علاقة الطبيعة بمفهومي التنوير والظلامية