|
المعارضة العراقية وخيار الممر الواحد
سامي البدري
روائي وكاتب
(Sami Al-badri)
الحوار المتمدن-العدد: 1746 - 2006 / 11 / 26 - 06:53
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
افرزت حالة الاحتلال الامريكي للعراق ومارافقها من تغيير سياسي،ظهور شكل جديد من اشكال المعارضةالسياسية ليحل محل المعارضة القديمة التي وصل جزء منها الى هرم السلطة.الملفت للنظر في حالة التغيير السياسي التي قادتها الولايات المتحدةفي العراق،وعلى عكس توقعات العراقيين والمراقبين،هواحتضان الادارة الامريكية للاحزاب الدينيةوايصاها الى هرم السلطة،الى الحد الذي اضطرها الى تصنيع احزاب دينية او احزاب تتبنى (الايديولوجيات الدينية)ـ كما في حالة التي صنعت لتمثيل العرب السنة،على سبيل المثال ـ على حساب القوى والاحزاب الليبرالية والقومية واليسارية؛الامر الذي اضطر هذه القوى ،في بعض الحالات، واختيارا في حالات اخرى،الى التحول الى جبهة معارضة للنظام الجديد.اذن فالادارة الامريكية هي التي صنعت جبهة المعارضة لنظامها ومشروعها في العراق، سواء عن قصد او بدونه،وهي التي اختارت واصرت على ان يظهر شكل (نظامها الجديد)في العراق بالصبغة والغطاء الدينيين.ترى،لماذا حرصت الادارة الامريكية على مثل هذه الصبغةلقادة مشروعها العراقي؟ولماذا همشت دور القوى الاخرى،رغم ابداء بعض عناصرها الاستعداد للعمل في مشروعها هذا،كما في حالة الشكل الجديد للحزب الشيوعي الذي يقوده حميد مجيد،وحالة المثال الليبرالي الذي يقوده رجل القانون المخضرم عدنان الباججي واياد علاوي؟الملفت للنظر هو اصرار الادارة الامريكية على تجاهل حجم المعارضة لنظامها الجديد في العراق،رغم ان عدد وحجم هذه الاحزاب لايمكن تجاوزه او الاستهانة بدوره،تكتيكيا ومستقبليا،على الاقل. في البداية لندفع (التهمة) عن صندوق الاقتراع،باعتباره كان المسؤول والحكم في وصول احزاب الواجهة الحالية الى سدة الحكم.فهذا الصندوق الذي نسي العراقيون حتى شكله خلال حقبة الحكم الجمهوري ،لم يكن السبب الحقيقي لوصول هذه الاحزاب الى السلطة،وانما حالة التخندق الطائفي التي صنعتها مطابخ الادارة الامريكية،ونجحت في تمريرها على الشعب العراقي،عن طريق هذه الاحزاب ،كانجح واقصر طريق لشق وحدة الصف الوطني،عن طريق دغدغة المشاعر الدينية لدى بسطاء الناس ودعوى ضمان كل مكون (لحقه)و(حصته)في السلطة.اذن،فقد استغلت الادارة الامريكية الاحزاب(الدينية)،ونجحت من خلالها ـ وانا لست هنا في معرض التشكيك او التخوين طبعا ـ في تمرير مشروعها التقسيمي والتهميشي للعراق وقواه،عن طريق تهميش دور الشعور الوطني وتغليب دور الهويات الفرعية(طائفية وعرقية) عليه؛هذا الدور الذي لم يكن من المقدر ان تنجح في اداءه الاحزاب والقوى العلمانية،ان قبلت الضلوع فيه من الاساس.في تقديري ان هذه الاحزاب ،التي ارتجل بعضها وصنع البعض الاخر منها،خلال سنة الاحتلال الاولى،قد راح ضحية اغراء مراكز السلطة ومفاتنها،وهو بعد ان (تورط)في تنفيذ وتميرير استراتيجية مرحلة الاحتلال المباشر ،علق في منتصف طريق العودة او المناورة باتجاهه،بالنسبة لمن لم يستحلي اللعبة ويغرق في عسلها حتى الاذنين طبعا!لقد استغلت الادارة الامريكية مرحلة(المراهقة السياسية) للمرحلة العراقية الحالية ـ بعد عقود الاستبداد ونظام الحزب الواحد ـ ابشع استغلال، ونجحت من خلال ادواتها،في تمرير الجزء التاسيسي من مشروعها في العراق،وان افرز جبهة معارضة من باقي القوى التي ـ بحسب التصور الامريكي ـ لن تتمكن من فعل شئ ذي قيمة،مادامت قواها تغني خارج السرب الامريكي وبلا دعمه، الذي اثبتت تجارب كثيرة ،من شبه المستحيل نجاح تغيير سياسي بدونه في أي من دول العالم ،فكيف الحال اذا ما كانت الولايات المتحدة تحتل ذلك البلد وتتحكم في كل شاردة وواردة على ارضه ،كما في الحالة العراقية ؟الامر المهم ويتوجب التركيز عليه في حالة المعارضو العراقية الجديدة هو حالة التشرذم التي تعيشها قوى هذه المعارضة وهي في منافيها الداخلية ،برفضها الانضواء تحت خيار الهويات الفرعية ،ومنافيها الخارجية وهي بلا سقف سياسي موحد ولاظهر يقدم لها الدعم المادي والمعنوي.والسؤال المهم هو كيف ستتمكن فصائل هذه المعارضة من ممارسة دورها وهي بعيدة عن الوطن ـ اضطر اغلب عناصر هذه الفصائل الى ترك العراق بسبب المطاردة والتهديد بالتصفية الجسدية ـ وعن رعاية قوى شعبية وجبهة برلمانية تقارع باقي القوى ـ والقوة الامريكية تتقدم بالمشروع العراقي في كل لحضة عشر خطوات باتجاه ما تريد ، وعلى الضد من توجه وما تبغي هذه المعارضة؟ اذن فالغرض من اعتماد خيار (الاحزاب الدينية )كان لضرب عدة عصافير بحجر واحد ،اولها هو تمرير طبخة شق وحدة الصف الوطني ،عن طريق ترويج خيار الهويات الفرعية ،وثانيها السيطرة على اوسع مساحة من الشارع العراقي ـ غير المثقف ـ من خلال تسليمه لخيار (رؤية وفتاوى المرجعيات الدينية)،باعتبار احزاب (الايديولوجيات الدينية) محصنة وفوق مستوى الاجتهاد الشخصي ،مادامت مباركة من قبل المرجعيات الدينية؛وهذا ما لم يكن بمستطاع الاحزاب العلمانية تحقيقه ،في مرحلة بمثل ضبابية مرحلة الاحتلال وما رافقها من ملابسات اصطنعت ادرة الاحتلال اغلب حلقاتها تحقيقا لمآربها الخاصة.
#سامي_البدري (هاشتاغ)
Sami_Al-badri#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هزيم الحماقات الليلية
-
قراءة افتراضية في ذهنية صانع قرار مشروع الشرق الأوسط الجديد
-
ماذا تبقى في جعبة د بليو بوش ؟
-
هامش على سفر(جدارية النهرين
-
الدور البريطاني في صناعة المستنقع العراقي (سياسة النملة العا
...
-
لعبة صناعة الأهداف
-
!بلد يبحث عن زعيم
-
ركود ثقافي أم ثقافة ركود
-
لعبة صناعة الاهداف
-
المشروع الامريمالكي يتارجح على قرن ثور
-
المصالحة .. سياسية ام وطنية؟
-
حكومة المالكي...المصيرالمجهول
-
دور بريمر في تهميش القوى الديمقراطية والليبرالية
المزيد.....
-
موسم الرياض الخامس يبدأ فعالياته بنزال -تاريخي- وحفل موسيقي
...
-
مشهد مروع يظهر حجم الدمار الذي خلفه إعصار ميلتون في فلوريدا
...
-
دبلوماسي إسرائيلي يوضح لـCNN سبب عدم رغبة نتنياهو بإنهاء الح
...
-
كينيا تواجه موجة احتجاجات ضد خطة بناء محطة نووية: قلق من الأ
...
-
-واشنطن بوست-: -طوفان الأقصى- اعتمد على 17 ألف صورة كانت بحو
...
-
ساسة ألمان: سياسات الغرب ضد روسيا أدت إلى تعزيز قوتها وإضعاف
...
-
الصحة المصرية: إصابة 20 شخصا في حصيلة أولية لحادث تصادم قطار
...
-
الضحك بلا سبب.. هاريس تتعرض لانتقادات لاذعة على قهقهتها المس
...
-
بعد قرون من الغموض.. العلماء يتمكنون من تحديد وجه أكبر حشرة
...
-
إعلام إسرائيلي: 35 مقذوفا من لبنان باتجاه الجليل الأعلى
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|