|
قراءة افتراضية في ذهنية صانع قرار مشروع الشرق الأوسط الجديد
سامي البدري
روائي وكاتب
(Sami Al-badri)
الحوار المتمدن-العدد: 1737 - 2006 / 11 / 17 - 07:15
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لم يعد ثمة مجال للشك في جدية المشروع الامبراطوريالامريكي ،وداب وتصميم دوائر الادارة الامريكية على تحقيق هذا الحلم الذي فرضه(الفراغ الاستعماري)الذي خلفته نهاية الحرب الكونية الثانية،وماالحقته من انهاك برمزي حقبة الاستعمار تلك:بريطانيا وفرنسا،وباقي دول المرتبة الثانيةـ في التسلسل من دول القارة الاوربية. مايثير الدهشة وعظيم الاستغراب هو ان تكون اولى (ضحايا)المد الامبراطوري الامريكي هي الدول الاوربية نفسها،والسبع الغنية على وجه الخصوص.فنحن،ومنذ نهاية الحرب العالمية الثانية لم نسمع بمن سق عصا الطاعة على الادارة الامريكية او خالفها بفيتوـ باستثناء الاتحاد السوفيتي السابق طبعاـ باستثناء بعض الممانعات الديكورية الفرنسية،والتي وصفتها ماركريت تاتشر،رئيسة الوزراء البريطانية السابقة،بما يشبه اللعب البهلوانية التي تستهدف حفظ ماء الوجه،حين قالت مخاطبة بوش الاب :الفرسيون هم هكذا دائما،يمانعون في البداية ولكن في النهاية يوافقون.الرفض والاعترض(المزمن)الوحيد الذي تواجهه السياسات الامريكية وحلمها الامبراطوري هو رفض الشرق الاوسط ـ والجزء العربي منه على وجه الخصوص ـ الكبير،بحسب توصيف كولن باول،والجديد،بحسب توصيف كوندليسا رايس.والرفض او الاعتراض الشرق اوسطي هذا ليس نابعا من رفض زعماء دول هذا الشرق لسياسات الولايات المتحدة او للتسليم والانضواء تحت عباءة السيادة الامبراطورية للولايات المتحدة بحد ذاته،كسياسة احتوائية،او تابعية لمركز الخلافة في واشنطن،او حتى استعمارية،بقدر ماتشكله تفاصيل هذا المشروع من تهديد لانظمة حكم هذه الدول،لكونها انظمة متخلفة واستبدادية ووراثية وراثة عمياء ـ استحواذية لاتتقيد بدستور،وهذه حقيقة متاصلة في طبا ئع هذا الشرق وحكامه اولا،ولان عملية ازالة انظمة هذه الدول او تغيير وجوهها الحاكمة اوتغيير نمطها الوراثي/الاستحواذي على السلطة،بكافة مرافقها ومستوياتها المؤسسية،يمثل احد شروط قيام هذاالشرق ـ الشرق الاوسط الجديد بهوية آيديولوجية امريكية ـ باعتبارها تمثل ـ الانظمة ـ اول اسباب سيادة ثقافة الانغلاق والتعصب(الاعمى)الرافضة لثقافة الانفتاح (الديمقراطية بالتوصيف الامريكي)ثانيا.واذا ما افترضنا ان عملية نسف برجي مركز تجارة نيويورك قد هيات الفرصة(اجبارية كانت)لتحقيق اولى خطوات هذا المشروع في الطرف البعيد من خارطة هذا الشرق(افغانستان)،لانها جاءت كرد فعل فرضه فعل تنظيم القاعدة،لان خطوة تغيير نظامي ايران وافغانستان كان يجب ان تكون ضربة واحدة في المرحلة الثانية من خطوات المشروع،باعتبار ان اولى خطوات المشروع كانت مكرسة لتقويض انظمة الحكم في سوريا والعراق والسعودية دفعة واحدة. اسباب(موجبة) """"""""""" اما الاسباب الموجبة في ان تكون اولى خطوات هذا المشروع في هذه الدول فتتلخص في: 1ـ ان انظمة الحكم في سوريا والسعودية وعراق صدام،هي من بين اكثر انظمة الحكم العربية استبدادا وتخلفا وشمولية ومعاداة للتغيير والتعددية والحرية والانفتاح،كنظام حياة قبل ان تكون نظام حكم. 2ـ ان هذه الانظمة ،بتخلف قادتها الايديولوجي،هي اكثر الانظمة معاداة واعاقة لتنفيذ هذا المشروع(النهضوى التنويري)الذي انما يهدف الى (انقاذ) شعوب دول الشرق الاوسط من تخلفها وظلمها لنفسها ولنهضة العالم ككل وارتقاءه في سلم الرقي الحضاري،لما تتوفر عليه بلدانها من ثروات مادية وبشرية ومواقع استراتيجية مجمدة او غير مستغلة بصورة صحيحة. 3ـ ان عملية تقويض هذه الانظمة مجتمعة كانت ستجعل الوضع اكثر امانا واقل كلفة وخسائر بالنسبة للقوات الامريكية،لان زعامات هذه الدول فقط هي التي تغني خارج السرب الامريكي ـ على خلاف شعوبها في بعض الحالات ـ الامر الذي سيجعل من عملية السيطرة عليها وتغييرها اسرع وباقل جهد ؛وذلك لعدم وجود من يساعد قيادات رد الفعل او زعامات استغلال الفرص من الطامحين الى كراسي السلطة ،بعد تقويض هذه الانظمة دفعة واحدة. 4ـ ان اعادة تشكيل وبناء هذه الدول وفق التوجه الامريكي (مشروع الشرق الجديد)سيوفر للولايات المتحدة وقواتها العسكرية قاعدة واسعة وغنية ،استراتيجيا،لللانطلاق لاتمام باقي مراحل المشروع بايسر السبل،لما ستوفره لها من هيبة وسطوة تلقي الرعب في نفوس قادة انظمة باقي دول المشروع. 5ـ ان عملية التغيير الجماعية كانت كفيلة بتجنيب القوات الامريكية خسائر ومآسي مالاقته في عملية التطبيق المنفرد في التجربة العراقبة ،والتي ماكانت لتوجد لولا دعم انظمة باقي دول الضربة الاولى في المشروع،المادي والمعنوي،ذلك الدعم الذي عمدت انظمة الحكم في سوريا والسعودية وايران من خلال توفيره لقيادات رد الفعل،اغراق الادارة الامريكية وقواتها في مستنقع حرب داخلية ،املا في تجنيب انظمتها المصير الذي لاقاه نظام صدام.
خيار(واجب) ................ ان عملية تغيير انظمة حكم دول(الشرق الاوسط الاسرائيلي)ـ وهي تسمية اكثر دقة ـ واعادة رسم جغرافية ارضه وتركيبته السياسية والاجتماعية والثقافية تفرضها جملة من الاسباب (الجوهرية)المتعلقة بالمستقبل الامبراطوري للولايات المتحدة،والتي يقف في طليعتها منابع النفط في حوض الخليج العربي واستمرار تدفقه والتحكم في اوجه تصديره واسعاره،وثانيها متعلق بضمان امن اسرائيل ومستقبلها كحليف تجمعه التطلعات الامبراطورية عينها مع الولايات المتحدة،وثالثها فرض معالم ومفاهيم الايديولوجية الامريكية،سياسيا واجتماعيا ،على شعوب دول المشروع ،تمهيدا لتذويب هوياتها وثقافاتها الوطنية ،(التي لا تعرف ماذا تفعل بها)،وايضا تقف حائلا بينها وبين مشروع عولمة الثقافة الليبرالية ،كمشروع ايديولوجي متكامل ومؤهل لانقاذ العالم منتخلفه وترديه في سلم الحضارة.وبما ان هذا المشروع ،وباهدافه ومقاصده الحقيقية،لايمكن تمريره على انظمة وحكام هذه الدول،لاستهدافه لاشخاصهم او قوالب حكمهمعلى اقل تقدير،ارتات الادارة الامريكية ان يكون البديل في شعوب هذه البلدان تحت دعوى الديمقراطية وتحرير هذه الشعوب من قهر واستبداد حكامهم الذين يجثمون على صدورهم منذ مالا يقل عن نصف قرن ويستاثرون لانفسهم بما لا يقل عن 50بالمائة من ثروات بلدانهم.وكان يمكن ان تلاقي خطوات هذا المشروع نصيبا من النجاح ،بل والقبول ايضا من بعض شعوب دول المشروع ،لولا خطوة زعيم تنظيم القاعدة التي لم تكن بالحسبان الامريكي،والتييرجع ،بعض المراقبين والمحللين،عائدية مخططها الى دوائر الموساد ،استنادا الى دقة تخطيطها واخلاء البرجين من الموظفين والمراجعين اليهود في يوم الحادث،والى تعدد زوايا رصدها من قبل كامرات التصوير التي رصد بعضها عملية التفجير من لحظتها الاولى. تلك الخطوة اللادنية التي قلبت ذلك الخطط راسا على عقب وخلطت اوراقه ببعضها ،الامر الذي اجبر صانع القرار الامريكي على تقديم بعض الملفات المؤجلة ،ليجد نفسه فجاة في مستنقع العراق الذي ما زال ـ وهو على مشارف العام الرابع من الاحتلال ـ بلا شواطئ ،بل وبلا مشحوف واحد ،وان كان مثقوبا!س
#سامي_البدري (هاشتاغ)
Sami_Al-badri#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ماذا تبقى في جعبة د بليو بوش ؟
-
هامش على سفر(جدارية النهرين
-
الدور البريطاني في صناعة المستنقع العراقي (سياسة النملة العا
...
-
لعبة صناعة الأهداف
-
!بلد يبحث عن زعيم
-
ركود ثقافي أم ثقافة ركود
-
لعبة صناعة الاهداف
-
المشروع الامريمالكي يتارجح على قرن ثور
-
المصالحة .. سياسية ام وطنية؟
-
حكومة المالكي...المصيرالمجهول
-
دور بريمر في تهميش القوى الديمقراطية والليبرالية
المزيد.....
-
روسيا.. مسؤول يهنئ ترامب ويعلق على توقعات الانتخابات الأمريك
...
-
ترامب لأنصاره: كثيرون أخبروني أن الرب أنقذ حياتي لسبب ما
-
أول تعليق لزيلينسكي بعد إعلان ترامب فوزه بالانتخابات الأمريك
...
-
دونالد ترامب واحد من أكثر الرؤساء إثارة للجدل.. بورتريه
-
مصر.. السيسي يعلق على تقدّم ترامب بالانتخابات الأمريكية 2024
...
-
بعد مؤشرات أولية لصالحه.. أمير قطر يهنىء ترامب بالفوز في الا
...
-
-ضيفوكم مغلي؟-.. ميقاتي يعلق على انتخاب ترامب
-
وزير الخارجية البولندي يعلق على فوز ترامب
-
مراسلتنا: إطلاق 11 صاروخا وصلت لمحيط مطار بن غوريون للمرة ال
...
-
على إسرائيل.. لبنان يرفع شكوى جديدة إلى مجلس الأمن
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|