كيف يقرأ الشارع الروسي ما يحدث في بلادنا – طوفان الأقصى 72 – اسرائيل تجر أمريكا إلى الحرب

زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 7829 - 2023 / 12 / 18 - 00:08
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

نافذة على الصحافة الروسية
نطل منها على أهم الأحداث في العالمين الروسي والعربي والعالم أجمع




*اعداد وتعريب د. زياد الزبيدي بتصرف*


كارثة على نطاق عالمي - إسرائيل تجر الولايات المتحدة إلى حرب كبرى

بيتر أكوبوف
كاتب صحفي وباحث وناشر
وكالة أنباء Regnum الروسية

16 ديسمبر 2023


لقد وصف فلاديمير بوتين ما يحدث في غزة بأنه كارثة، ولكن على الرغم من وحشية ما يحدث بالفعل، فإن الوضع قد يصبح أسوأ بكثير.

لقد تجاوزت النار غزة منذ فترة طويلة. وتجري إسرائيل عمليات تطهير في الضفة الغربية، حيث قُتل مئات الأشخاص واعتقل الآلاف، كما تخوض معارك بالنار مع حزب الله اللبناني. ويقصف اليمن ناقلات النفط المتجهة إلى إسرائيل في البحر الأحمر، وهو ما أدى بالفعل إلى توقف فعلي في عمل ميناء إيلات الإسرائيلي.

ومع ذلك، كان هناك أمل في إمكانية تجنب حرب كبرى في الشرق الأوسط. لكن مستشار الرئيس الأميركي جيك سوليفان، الذي وصل إلى إسرائيل في 14 كانون الأول (ديسمبر)، أعطى الضوء الأخضر لتصعيد الكارثة.

إن خطر نشوب حرب كبرى أمر خطير لأنه لا يمكن التنبؤ بمسارها وعدد المشاركين فيها على الإطلاق. ومن أجل تأمين إسرائيل على وجه التحديد، جلبت الولايات المتحدة قواتها البحرية، وهددت إيران بضربة إذا حاولت التدخل بشكل مباشر أو بمساعدة حزب الله اللبناني الذي تدعمه.

لقد ضمنت المظلة العسكرية الأمريكية لإسرائيل منع أي دولة إسلامية من التدخل في غزة بشن هجمات على الدولة اليهودية أو فتح جبهة ثانية ضدها. وبذلك أعطت الولايات المتحدة إسرائيل الوقت الكافي لتدمير حماس. لكن الأمور لم تسر كما خطط لها بنيامين نتنياهو.

تبين أن العملية العسكرية كانت صعبة وطويلة. على الرغم من التفوق الكامل للجيش الإسرائيلي، إلا أن تدمير قوات حماس العسكرية في أرضها تبين أنه ليس بالأمر السهل على الإطلاق.

لا أحد يعرف الوضع الحقيقي للأمور - لا يُسمح للصحافة الأجنبية بدخول القطاع، ولا يوجد سبب للثقة في تصريحات إسرائيل وحماس حول تحقيق النصر. لكن من الواضح أن الحرب على شكل معارك مدن في الأنقاض والأنفاق ستستمر لفترة طويلة جداً. ومع ذلك، لا تملك إسرائيل ولا الولايات المتحدة الوقت الكافي.

بما في ذلك الغارات الوحشية، والتدمير الممنهج للمساكن والبنية التحتية، وعدد القتلى الذي يقترب من 20 ألفًا (أغلبيتهم المطلقة من النساء والأطفال)، وأكثر من مليون لاجئ، ورفض توفير الأدوية، ونقص الغذاء – كل ذلك أدى إلى إلى كارثة حقيقية. والعالم أجمع تقريباً يحمل إسرائيل المسؤولية ويطالب بوقف إطلاق النار.

ولكن إسرائيل لا تستطيع أن توقف العملية العقابية ضد حماس، لأنها بذلك تعترف بالهزيمة. فالهدف المعلن - وهو تدمير بنية المقاومة الفلسطينية، لن يتحقق.

ولا تستطيع القيادة الإسرائيلية أن تعترف بأن الهدف كان بعيد المنال منذ البداية، لأنه لتحقيقه كان لا بد من تسوية قطاع غزة برمته بالأرض. ولذلك، فهي تريد مواصلة القتال ليس فقط مع حماس، بل أيضاً القصف الشامل.

فكيف تتصرف الولايات المتحدة في هذا الوضع؟ إنهم يضغطون من أجل تقليص العملية لطمأنة الناخبين المستقبليين لجو بايدن والعالم الإسلامي المتوتر بشكل متزايد. لكن نتنياهو رفض أكثر من مرة الاستماع إلى توصيات واشنطن، مدركا أن كل ذلك مجرد كلام. في الواقع، سيستمر الأمريكيون في توفير الأسلحة وتوفير الغطاء العسكري-السياسي لإسرائيل.

وهكذا اجتمع المستشار سوليفان يوم الخميس مع مجلس الحرب الإسرائيلي. وبحسب تسريبات في الصحافة الأميركية والإسرائيلية، فقد أعلن عن رغبة الولايات المتحدة في «إنهاء الحملة البرية والجوية واسعة النطاق على غزة» قبل حلول العام الجديد، والانتقال إلى العمليات المستهدفة ضد حماس.

وليس من الصعب تخمين ما أجاب عليه الإسرائيليون. وقبيل الاجتماع مع سوليفان، قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت إن العملية في غزة ستستمر لعدة أشهر. أي أنه لا يوجد حديث عن أي توقف.

علاوة على ذلك، هدد غالانت نفسه لبنان مرارا وتكرارا بأنه سيحوله إلى غزة ثانية إذا حاول حزب الله مهاجمة إسرائيل. ولا أحد يشعر بالحرج من التهديدات الموجهة إلى دولة مستقلة. وبما أن إسرائيل تصف حزب الله اللبناني بأنه منظمة إرهابية، فهل يعني ذلك أنها يمكن أن تحول لبنان إلى جحيم أيضا؟

ففي نهاية المطاف، يمكن تسمية أي شيء بهجوم على إسرائيل. فالقصف المتبادل على الحدود مستمر منذ شهرين، ناهيك عن حقيقة أن إسرائيل لم تراعي اي قانون من قبل عندما احتاجت إلى غزو لبنان.

المشكلة هي أن إسرائيل تريد ولكن تخشى أن تضرب لبنان أولاً ـ فقد أظهرت عملية 2006 أن حزب الله قادرعلى القيام برد جدي. منذ ذلك الحين، تعاظمت قوته، وهو الآن قوة أكثر جدية من حماس ذات التسليح الخفيف.

لماذا لا تزال إسرائيل تؤمن بقدرتها على هزيمة حزب الله؟ نعم، لأن الولايات المتحدة تقف وراءها. ويتوقع نتنياهو أن تنجر الولايات المتحدة إلى الحرب في لبنان.

للأسف، أصبح هذا السيناريو أكثر واقعية. ويتجلى ذلك في تصريح آخر أدلى به سوليفان خلال زيارته لإسرائيل. البيان غير علني، لكن لم يتم دحضه من قبل أي شخص حتى الآن. ووفقا لتصريحات في الصحافة الإسرائيلية، قال سوليفان إنه إذا فشلت الجهود الدبلوماسية لمعالجة خطر حزب الله، فإن الولايات المتحدة ستدعم إسرائيل إذا هاجمت الجماعة.

أي أن الولايات المتحدة أعطت نتنياهو تفويضا مطلقا لمهاجمة لبنان، لأن «الجهود الدبلوماسية» في إسرائيل يساء فهمها تماما. وبحسب الحكومة الإسرائيلية، يجب على حزب الله أن يسحب تشكيلاته من الحدود، وهو ما لن تفعله الجماعة الشيعية بطبيعة الحال.

ومن ثم تهاجم إسرائيل لبنان، مع وعد الولايات المتحدة بتقديم الدعم لها في جيبها. وبالاعتماد على حقيقة أنه إذا فشلت في كسر حزب الله – وهذا سيحدث – فإن الجيش الأمريكي سوف يتدخل في الصراع إلى جانب إسرائيل.

إذا حدث هذا فعلاً فسنجد أنفسنا على حافة كارثة لم تعد بحجم غزة ولا بحجم لبنان. إن التدخل الأميركي المباشر في الصراع من شأنه أن يجبر إيران على تغيير موقفها المتمثل في عدم التدخل القسري. ناهيك عن أن إسرائيل ستستفز إيران من أجل تعريضها للهجمات الأمريكية.

وقد يؤدي هذا إلى اندلاع حرب متعددة الأطراف واسعة النطاق في الشرق الأوسط، وهي كارثة على نطاق العالم كله.

#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل