أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سارة سامي - لقد سرقوا منَّا الخريف














المزيد.....

لقد سرقوا منَّا الخريف


سارة سامي
كاتبة وشاعرة عراقية


الحوار المتمدن-العدد: 7823 - 2023 / 12 / 12 - 02:54
المحور: الادب والفن
    


كلما أردتُ الكتابة عنهم يعتصرُني مالا أحتملُه من الألم فلا أُجيدُ رصفَ الحُروف على السَّطر. تتبعثرُ منِّي الأبجديات ومن هول الصَّدمة يُلازمني الخرس.
ترى هل تستطيع لغةٌ شاهقةٌ كالعربية وصف ما نعايشُهُ من وجع؟ وهل نجحت اللغاتُ يوماً برسمِ الألم لغير من تجرَّعوه بكُلِّ مرارته وقسوته؟
كُلَّما مرَّت أمامي صُورُ يوسف بلفائِف شَعره وتقاسيمُ رُوح الرُّوح وجدُّها يبحثُ عن بقايا حياةٍ بصوتها المقتول، يتجلد شيءٌ ما بأوداجي.
تتقعرُ جيوبها أكثر فأكثر وتتكورُ حول نَسقها كرياتُ دمي الحمراء.

كلما زُرتُ هياكل بيوتهم المهدومة، ورُفات أجسادهم المحروقة، أتسمَّرُ من الذُعر!
وكأن أطرافي هي التي بُترت وشراييني أنا التي أُجتُثَّت، من بين أشلاء الصور.

تبكي أسمالي وأحتضنُ صغيرتي. يهربُ الصباح مني وأنا أتأملُّ ألوان ثيابها وفوضى لعبها. لا يرحلون ولا تختفي صورهم .

لقد كان خريفاً قاسياً إصطبغ يقطينُه بلونِ الرَّماد وحفل الهالووين الَّذي وصلت زينتُه مع البريد، بقي في رُزَمه مُهملاً. فماعاد هناك من حاجةٍ للإحتفال. فقد كان الموسمُ هذه السَّنة رُعباً حقيقياً!

لقد سرقوا منَّا الخريف ورائِحتِه، هدوئه وألوانه. لقد سرقوا منَّا طُمأنينةً كُنا قد زرعناها وبموسمُ الحَصاد ترقبنا قطوفها.
لقد باغتوا اليقطين والتفاح وطعم الكُمَّثرى. وصوت فيروز ورائحة القُرفة. مضت الأيامُ مُسرعة، وعربةُ الوقتِ دهست فرحاً كنا نتهيَّأ لإيقاده.

وقد حلَّ الشتاء بأجراسهِ وهداياه، وصقيعه المُبكِّر ونحن مازلنا ننتظر. ننتظر هُدنة الخريف وكعكته. نتحرى الطمأنينة وقطوفها، وننظرُ بوجوهِ بعضنا:

ماذا يفعلُ فلاحٌ وقد أحرقوا بُستانه؟

لم نتقن يوماً عبادة الحُزن ولا طقوسه، لكننا نوقِّر وجُومه وعُزلته، ونُسدِلُ السِتار عن أفراحنا حتَّى يُهادننا الزَّمن. ولعل الذي أهطل الثَّلج أراد به فتح صفحاتٍ بيض تنطلي على أيامٍ جديدة، بلا ألمٍ ولا جَلَبة. لتُكمل الساعاتُ هُدنتها والمسكناتُ مُهمتها ويمتثل العصب.

#بلاألم
Painting by Alexandra Levasseur



#سارة_سامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لو بقي العراق مملكة
- حبّْ وقبَّان
- لكلِّ يومٍ خريف
- رحيل
- تليُّف
- أنتِ هلاله
- الحصان الأزرق
- نيسان الكاذب
- مغناطيسية عطر


المزيد.....




- رحيل -الترجمان الثقافي-.. أبرز إصدارات الناشر السعودي يوسف ا ...
- “فرح عيالك ونزلها خليهم يزقططوا” .. تردد قناة طيور الجنة بيب ...
- إنتفاضة طلاب جامعات-أمريكا والعالم-تهدم الرواية الإسرائيلية ...
- في مهرجان بردية السينمائي.. تقدير من الفنانين للدعم الروسي ل ...
- أوبرا زرقاء اليمامة.. -الأولى- سعوديا و-الأكبر- باللغة العرب ...
- ابنة رئيس جمهورية الشيشان توجه رسالة -بالليزر- إلى المجتمع ا ...
- موسيقى الراب في إيران: -قد تتحول إلى هدف في اللحظة التي تتجا ...
- فتاة بيلاروسية تتعرض للضرب في وارسو لتحدثها باللغة الروسية ( ...
- الموسم الخامس من المؤسس عثمان الحلقة 158 قصة عشق  وقناة الفج ...
- يونيفرسال ميوزيك تعيد محتواها الموسيقي إلى منصة تيك توك


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سارة سامي - لقد سرقوا منَّا الخريف