أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سارة سامي - لو بقي العراق مملكة














المزيد.....

لو بقي العراق مملكة


سارة سامي
كاتبة وشاعرة عراقية


الحوار المتمدن-العدد: 7609 - 2023 / 5 / 12 - 15:05
المحور: الادب والفن
    


كثيرةٌ هي الذِّكريات الَّتي نحملُها بحقائبنا من طفولةٍ عراقية وارفة، فمن القفزِ على مربعات التوكي مربعٌ فمربع، الى مِلء سِلال العنب من قمريةِ المنزل، حتى إستراحة الظهيرة في غرفة المعيشة، تتدلى الصور كعناقيدٍ من السُكَّر موشاةٍ بطبقةٍ رقيقةٍ من الغُبار.

كنَّا براعماً تفتَّقت للتو نبحثُ عن معنىٍ لأخضرنا البِكر ومسارٍ لعودنا الغضَّ فكانت الأمُّ قمريةَ أسقُفنا العالية نلتفُ من حولها كأوراقِ العنب. وكانت الخالاتُ وكانت العمَّة أماليدَ شجرةِ الصفصاف، تربو بحُنوِّهُن زقزقةُ عصافير الطفولة، فلكلِّ منهُنَّ دورٌ لا تتبؤهُ غيرها.
إلا إنَّ هناك من تسربْنَ الى غُرفنا الصَّغيرة دون أن نلتقيهُنَّ على أرضيةٍ او حائط، فعبرْنَ إلينا عبر شاشاتِ التلفاز فكان لهُنَّ تلك البصمةُ الجميلة الَّتي لا تُمحى.
من أبلغهُنَّ أثراً كانتا الأيقونتين "هند وهديل كامل" الأكثر شبهاً بتقاسيم أيامنا، فهُنَّ بناتُ الخالة الجامعيات المُتهندمات ووالدتهن السيِّدة فوزية الشِّندي صفصافةُ الفنِّ العراقي.

لعبيرهُنَّ شذا أيامٍ خَلَتْ وأصالةُ هزيعٍ لن يعود.

كُنَّا نفتقرُ الى أمثولةٍ عراقيةٍ حقيقية نستلهمُ منها معنى أن نكون عراقيات، فبناتُ الطبقةِ الحاكمة كُنَّ بعيداتٍ عن الأضواء لا نرى لهُنَّ خيالاً ولا نسمعُ لهُنَّ صوتا. لم يألين جُهداً للتعرُّفِ علينا ولا إهتمَمْنَ بهُمومنا كما تفعلُ أميراتُ اسكندنافيا وبريطانيا او حتى جارتُنا الأردن بشؤون شُعوبِهُن!

فكانت الكُرة بملعبِ أميراتِ الدِّراما العراقية هند وهديل، ولا نبالغ إن إدَّعينا بأنَّهُنَّ قد سددْنَ الهدف بمرماه، وكنَّ رمزاً لكلِّ ماهو عراقيٌ وجميل.

من هند تعلمنا العُنفوان ومن هديل العُذوبة، فهند تلك الغادةُ السَّمراء، أختنا الكُبرى التي تعتَّدُ بقامتها. لها جبروتُ ملكاتِ بابل وجنائِنِها المُعلَّقة، فهي الَّتي وصفها "يحيى الفخراني" بالأميرةِ السومرية في فيلم بابل حبيبتي، وهي التي لطالما مثَّلتنا في المحافل بثيابِ عراقتها وأصالتها المُزركشة.

أما هديل، أميرتُنا الصُّغرى الَّتي تضوعُ عذوبةً وغضارةً ودلال، زهرةُ البابونج التي تتفتَّح في حديقةِ كُلِّ بيت لتزيدهُ حلاوةً وشقار. هي أمنيةُ ضالَّة من بين أصابع الوقت، و"لميعةُ" أقدارهِ الملتهبة، تلك العروس التي تسرقُها الحربُ من ثيابِ عُرسها والتي كان يُهيَّءُ لها أن تكون "ندى" الحُلًم و"بشائِر" أمنياتهِ البيض.

والى أن دار الدُّولاب وأصبح العالمُ قرية، وهُنَّ كما عهدناهُنَّ،
بقُرب القلب، رئةٌ ثالثة لبناتِ جلدتِهُنَّ.
لا يسكُنَّ أبراجاً عاجيَّة ولا يزيدُهُنَّ الكعبُ العالي الا تواضُعاً وجمالا.

س.س.



#سارة_سامي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حبّْ وقبَّان
- لكلِّ يومٍ خريف
- رحيل
- تليُّف
- أنتِ هلاله
- الحصان الأزرق
- نيسان الكاذب
- مغناطيسية عطر


المزيد.....




- حماس: تصريحات ويتكوف مضللة وزيارته إلى غزة مسرحية لتلميع صور ...
- الأنشطة الثقافية في ليبيا .. ترفٌ أم إنقاذٌ للشباب من آثار ا ...
- -كاش كوش-.. حين تعيد العظام المطمورة كتابة تاريخ المغرب القد ...
- صدر حديثا : الفكاهة ودلالتها الاجتماعية في الثقافة العرب ...
- صدر حديثا ؛ ديوان رنين الوطن يشدني اليه للشاعر جاسر الياس دا ...
- بعد زيارة ويتكوف.. هل تدير واشنطن أزمة الجوع أم الرواية في غ ...
- صدور العدد (26) من مجلة شرمولا الأدبية
- الفيلم السعودي -الزرفة-.. الكوميديا التي غادرت جوهرها
- لحظة الانفجار ومقتل شخص خلال حفل محمد رمضان والفنان المصري ي ...
- بعد اتهامات نائب برلماني للفنان التونسي بالتطبيع.. فتحي بن ع ...


المزيد.....

- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سارة سامي - لو بقي العراق مملكة