أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - خالد فارس - عَلْمَنَةْ الميتافيزيقيا (1)














المزيد.....

عَلْمَنَةْ الميتافيزيقيا (1)


خالد فارس
(Khalid Fares)


الحوار المتمدن-العدد: 7815 - 2023 / 12 / 4 - 14:21
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ساد بين أوساط مثقفين ومفكرين أن القضية المركزية للعَلْمِنَة في القرن السابع عشر "علمنة أو دنيوة الوعي" أو أنها "دنيوة المقدس", فلا فرق جوهري بين الأولى والثاني لان كلاهما يقارب الأمر من ناحية المَعرفة-الإبيستيمولوجيا, و بما أن كل شيء ممكن أن يقوم به الإنسان هو عملية تطوير وعي, يفقد هكذا تعريف قدرته على تحديد القضية المركزية في المعرفة أو ما هو أساس المعرفة الجديدة. إضافة كلمة دنيوة أو علمنة للوعي أو المقدس, تبدوا إضافة للدلالة اللفظية-Semantic, أو محمولاً بدلالة اللفظ ليست تمييزاً للتاريخ في تلك المرحلة.

مشروع العلمانية, كونه واقع في التاريخ الحديث في القرن السابع عشر, يُمَثّل الإطار التاريخي إِسْتَنَدَ على العَلْمَنة التي تُمثل ديناميكية الإطار التاريخي, وحركة آلياته. في الإطار التاريخي نجد بزوغ العلوم الحديثة وأفكار المجتمع المدني والصناعة والسياسة والإقتصاد والثقافة, وفي الحركة والديناميكية نجد مفاعيل عَلْمَنَةْ للميتافيزيقيا. لهذا السبب لعبت الفلسفة دوراً كبيراً في مشروع العلمانية التاريخي, لأن هذا الإطار كان بحاجة الى تفلسف جديد, يغير من أصول الميتافيزيقيا الطاغية ما قبل عصر العَلْمانِية. وهذا التفلسف أنشأ وعي عام وثقافة محمولة على آلية علمنة للميتافيزيقيا. سؤال علمنة الميتافيزيقيا يشمل أيضا عَلْمَنَةْ الوجود: ماهو الوجود, وما هو موجود, وكيف يكون موجوداً, ولماذا وما هي أدواته, وجميع هذه الأسئلة تندرج في إطار الوجود-الأنطولوجيا. وحيث أن كل ما ينتجه الإنسان يمكن إيعازه الى المعرفة, الا أنه من الضروري تمييز المعرفة عن الميتافيزيقيا التي يمكن أيضا أن تتداخل مع المعرفة.

الميتافيزيقيا عبارة عن المُجَرّدْ في الموضوع. فالسؤال عن سبب شيء ما, سؤال معرفي, أما السؤال ماذا يعني السبب بذاته, سؤال حول طبيعة السبب أي ماهيته, لغة أخرى, تبحث في تجريده من محتواه العيني التجريبي, وإخضاعه الى مُجَرّدْ, لكي يصير سؤالاً ميتافيزيقياً. السؤال عن ماذا تَغَّيَرَ في موضوع ما, سؤال معرفي, أما سؤال الميتافيزيقيا: ماهي طبيعة التغيير بذاته, وماهو التغيير في أصله. بلغة أخرى, فإن الميتافيزيقيا تشير الى منشأ وأصل الأشياء, من أين تأتي وماهو مصدر وجودها, بحقيقتها المُجَرَّدَة, أو صافية الوجود كما يحاول بعض الفلاسفة تَمَلُّكُها.

دشن رينيه ديكارت (1596-1650) عصر الفلسفة الحديثة. في كتابه العُمْدَه تأملات ميتافيزيقية في الفلسفة الأولى, يُشَبّه ديكارت المعرفة بالشجرة، جذورها الميتافيزيقا، الفيزياء الجذع، والفروع هي العلوم الأخرى. وفقًا لهذه الصورة، فإن كتاب «تأملات في الفلسفة الأولى» يحتوي على الفلسفة الأولى، أو الميتافيزيقيا، التي تدعم فيزياء ديكارت الجديدة. ديكارت نفسه أخبر ميرسين أن التأملات تحتوي على جميع أسس فيزياءه، لكنه لم يرغب في معرفة ذلك في حال أثار معارضة الأرسطيين (CSMK 173, AT III 298). كما تظهر هذه الملاحظة، فإن التأملات لها أجندة خفية؛ إنها وسيلة لمبادئ مختلفة تمامًا عن تلك الخاصة بالفلسفة الأرسطية على نطاق واسع والتي نشأ عليها ديكارت. وضع ديكارت ثلاثة عناوين: العقل وطبيعته, الجسد وطبيعته, الله. وهذه العناوين تنخرط في طبيعة الأشياء واصلها ومكونها المجرد بلا منازع أو تناقض, فهي بحث ميتافيزيقي, في أصل الأشياء. أساس المعرفة الحديثة الميتافيزيقيا الحديثة.

في التأمل الأول سعى ديكارت الى إزاحة الأرسطية من طريق الميتافيزيقيا. فالأرسطية تؤمن بأن الحواس هي سابقة على الوعي, وأنه لا شيء في الوعي لم يأتي من الحواس. من أجل علمنة ميتافيزيقيا الوعي, سعى ديكارت الى التشكيك في قدرة الحواس على تقديم معرفة يقينية أو موثوقة, بمعنى أنها تقدم لنا معرفة صحيحة أي لا تخدع, لا تقدم معلومة ونقيضها, أو تغيرها بخصوص ذات الشيء. فمثلا قال أنه يواجه صعوبة في التمييز بين الحلم والإستيقاظ, ماذا يمكن أن تقدم له الحواس من يقين بأنه لا يحلم وأنه مستيقظ وهو جالس على الكرسي أمام المدفأة. لو تأملنا في مقولة ديكارت تجاه الحلم, سنجد أنه يحاول أن يثير الشك أكثر مما ينفي ويلغي الموضوع. هل إذا حرك يداه يستطيع أن يتيقن من أنه مستيقظ؟ يقول ممكن ولكن ليس يقينا, لماذا؟ لأنه يمكن له أن يحرك يداه وهو نائم اثناء الحلم, إذا حركة اليد لا تقدم له دليلا قطعيا يقينيا على أنه مستيقظ, بل تقوده الى الشك في ذلك.

ساقنا في التأمل الأول نحو منهج الشك في كل شيء, لكي نتخلص من الماضي المعرفي الذي إعتدنا عليه منذ طفولتنا في كيف نعرف الأشياء. وقال أنه على الإنسان أن يقوم بهذه العملية مرة واحدة في حياته لكي ينظف تراكمات الماضي, وينطلق من أسس جديدة. وهذه الأسس هي ميتافيزيقية تشكل أساس فيزياء ديكارت والمعارف الأخرى. بذا يكون ديكارت قد دشن مشروع الفلسفة الحديثة, بتغيير أُسُسُهُ الميتافيزيقية.

يُتْبَعْ



#خالد_فارس (هاشتاغ)       Khalid_Fares#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تيارُ ظُنون
- -إسرائيل- ماقبل الدولة وما بعدها
- شخصية العصر قانونية أم سياسية و إنسانية؟
- إكتشاف الثورة
- المُثُلْ العُلْيا الأفلاطونية ومُثل المُثَقّفْ العربي-آيات ا ...
- الحاضَرُ في الرّوحِ العاقِلَة -الجَدَلْ الهيجلي
- علاقة سياسة الطبقات بالاستلاب -Alienation. وحدة النظرية والم ...
- فِكْر طبقى أم نَحْو طبقى
- نطفو على بحر الهويات المتلاطمة: التلاطم الهوياتى أم التلاطم ...
- -نادى الفيصلى و الوحدات - ومشروع الدولة الأردنية بين الهوية ...
- مشروع المجتمع المدنى, المشروع السياسى, الربيع العربى والانقل ...
- السياسى بين الخصومة والعداء اصلاح مدنى أم تغيير سياسى, #حقوق ...
- كيف تشكل الاقطاع السياسى الذى يَتَعالى على مجتمعه, وألغى نشو ...
- النمط الاجتماعى, الانتقال من مجاميع سكانية الى مجتمع حديث. ا ...
- النمط الاجتماعى, الانتقال من مجاميع سكانية الى مجتمع حديث. ا ...
- المجتمع البروليتارى......قرائة فى مضمون البيان الشيوعى
- هل يتظاهر المواطن اللبنانى ضد نفسه أم ضد الطبقة السياسية؟ تح ...
- انسحاب ترامب من سوريا: صراع قومى-قومى.
- من حركة التضامن فى بولندا الى حركة الاحتجاج فى هونج كونج. صر ...
- الأمة والدولة 2/3-أ: علمانية بلا تنوير.... نحو مشروع فلسفى ع ...


المزيد.....




- هل تنجح إدارة بايدن في تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل ...
- -ديلي تلغراف-: ترامب وضع خطة لتسوية سلمية للنزاع في أوكرانيا ...
- صحيفة أمريكية: المسؤولون الإسرائيليون يدرسون تقاسم السلطة في ...
- رسالة هامة من الداخلية المصرية للأجانب الموجودين بالبلاد
- صحيفة: الولايات المتحدة دعت قطر لطرد -حماس- إن رفضت الصفقة م ...
- حسين هريدي: نتنياهو يراهن على عودة ترامب إلى البيت الأبيض
- ميرفت التلاوي: مبارك كان يضع العراقيل أمام تنمية سيناء (فيدي ...
- النيابة المصرية تكشف تفاصيل صادمة عن جريمة قتل -صغير شبرا-
- لماذا تراجعت الولايات المتحدة في مؤشر حرية الصحافة؟
- اليوم العالمي لحرية الصحافة


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - خالد فارس - عَلْمَنَةْ الميتافيزيقيا (1)