|
كيان استيطاني في أزمة
خليل قانصوه
طبيب متقاعد
(Khalil Kansou)
الحوار المتمدن-العدد: 7813 - 2023 / 12 / 2 - 22:24
المحور:
القضية الفلسطينية
الفصل الثاني : الملاحظ استنادا إلى معطيات تاريخية أن مصر و بلاد الشام و العراق والمناطق الساحلية في شبه جزيرة العرب ، كانت غالبا مفتوحة تتجول فيها الجماعات و الشعوب بحسب قانون ميزان القوى الذي يجعل بعضها مهيمنا إلى حين بينما بكون بعضها الآخر خاضعا إلى حين ، و لم يكن يعترض التجوال حدود سياسية ، بالمعنى الحديث لمفهوم الدولة ، او عوائق جغرافية . و لا شك في أنه كانت تتشكل أحيانا في ظروف ملائمة جماعة حول زعيم أو شيخ ، فتقصد مكانا مرغوبا وتحتله و تحاول استملاكه ، رافضة الاختلاط و الشراكة مع المقيمين الأصلين فيه أو مع الوافدين إليه ، فتقع الحروب بين الأطراف المتنازعة إلى أن تنهار السلطة أو يفنى أحد الأطراف ، أو يقتنع الناجون بضرورة الاختلاط و التشارك . كما تحسن الملاحظة أيضا بأن نسبة كبيرة من اليهود الإسرائيليين هم من السكان الأصليين في البلدان العربية ، حيث كانوا منتشرين في كافة هذه البلدان ، لا تخلو منهم بلاد . الغريب في الأمر أن رواد الدولة اليهودية في فلسطين ، حيث كان جلهم من أصول أوروبية ، استطاعوا إقناع اليهود الأصليين بمساعدة بريطانيا و فرنسا ، الدولتان الاستعماريتان آنذاك ، بالهجرة إلى فلسطين لحاجة لهم في تنفيذ مشروع الدولة اليهودية حيث منحوا بالمناسبة الجنسية الاسرائيلية . بكلام آخر لم يكن يميز اليمني اليهودي عن اليمني غير اليهودي إلا الديانة ، هذا معطى لا جدال فيه . هل أن الديانة هي التي جمعت في فلسطين تحت ظل الانتداب البريطاني بين اليمني اليهودي و بين الروسي اليهودي ، أم هي أسباب معيشية ؟ . مهما يكن فإن اللافت في هذه المسألة هو أن اليمنيين الوافدين إلى إسرائيل لم يلقوا على الأرجح معاملة عادلة ، أو بتعبير آخر لم يكن مرحبا بهم في بيئة المستوطنين الأوروبيين . نشير هنا ، على عجالة ،في سياق التلميح إلى تعقيدات هذه العلاقة ،إلى قضية اختفاء حوالى عشرة آلاف طفل من أبناء المستوطنين اليمنيين بين سنتي 1949 ـ 1950 في ظروف غامضة ، لم تتضح بعد ؟ نذكر في السياق نفسه قرار ا أصدرته السلطة الفرنسية في الجزائر سنة 1870 ، بعد إعلان هذه البلاد جزءا من فرنسا ، المعروف باسم قرار كريمييه ، وزير العدل آنذاك ، يقضي باعتبار السكان الجزائريين الأصليين أتباع الديانة اليهودية ، مواطنين فرنسيين ،كاملي الحقوق لهم ما للمواطنين الفرنسيين و عليهم ما عليهم . لم يشمل هذا القرار غيرهم من السكان الأصليين في الجزائر فهؤلاء " أصليون ، تنطبق عليهم قوانين خاصة بالأصليين ، و فيما يخص الاحوال الشخصية كانوا عربا أو مسلمين فقط " . هذا يقودنا إلى التساؤل عن أوجه الشبة و الاختلاف بين الجزائر و فلسطين في أطار سيرورة استعمارية استيطانية شهدها البلدان ؟ لنعود من بعد إلى موضوعنا الرئيسي ،و هو التفكر في طبيعة دولة إسرائيل بما هي دولة مستوطنين ، بدءا من الدوافع التي حدت بالمستوطن لمغادرة بلاده الأصلية بحثا عن و طن بديل يستوطن فيه . هنا ينهض السؤال عما إذا كانت الديانة هي التي فرضت على " المؤمن " واجب العودة إلى فلسطين و بعث الدولة اليهودية ، تطبيقا لسرديات ، يقال أنها جاءت في التوراة علما أن رواتها ليسوا مؤرخين و لم يعثروا بعد على آثار اركيولوجية (حفريات في أطار أبحاث علمية عن الآثار) تدعمها ، على عكس ما يؤكده بعض المؤرخين من وجود أثار و معالم تتناسق إلى حد ما مع السرديات المذكورة في شبه جزيرة العرب و اليمن . و لكن إذا كان الدافع دينيا بحت، لما ذا تضافرت الدول الغربية العلمانية ، على دعم إسرائيل ماديا و معنويا و سياسيا ، إلى حد اعتبارها جزءا منها و امتدادا لها . كما لو أن الديانة اليهودية تحولت في بلدان ذات سوابق إجرامية في مجال العنصرية عموما و معاداة السامية خصوصا ، إلى شريان بين كل منها و بين إسرائيل ، لتغذية و تقوية هذه الأخيرة ، لغاية في نفس يعقوب . من البديهي ، استنادا إليه ، أن المشروع الإسرائيلي مشترك ، ذو أبعاد استراتيجية من أجل بلوغ أهداف القطبية الغربية التي كانت بريطانية ثم صارت بقيادة الولايات المتحدة الأميركية . لا بد من الإشارة في هذا الصدد إلى دور الانتداب البريطاني على فلسطين في إنشاء دولة إسرائيل ،و إلى الدعم الفرنسي لهذه الدولة ، في سنوات 1950 ـ 1960 ، الذي تمظهر بوضوح في حرب قناة السويس سنة 1956 ، و في التعاون البحثي في مجال السلاح النووي ، وما من شك في أن إسرائيل حازت على ثقة الولايات المتحدة الأميركية ، الكبيرة بعد حرب حزيران 1967 ، حيث صارت الحليف الأول لها في جميع بلدان العرب وصولا إلى تخوم روسيا . مجمل القول أن إسرائيل لاعب غربي كبير على الصعيد الإقليمي ، و لكن دورها أكبر من حجمها ، ناهيك من أنها تقع في الشرق و ليس فيها شرقي إلا الديانة ، فالإٍسرائيليون الغربيون يوجدون في غالبيتهم في الولايات المتحدة الأميركية ، اما سكانها فإن نصفهم من غير اليهود ، و نصف اليهود أصلهم في البلدان العربية . بكلام أكثر وضوحا و صراحة ، نحن حيال بقعة استيطانية غربية في فلسطين غير مكتملة ، بمعنى أنها أقرب إلى القاعدة العسكرية و المنصة المخابراتية منها إلى الوطن القومي ، بانتظار إخلاء جميع السكان الأصليين غير اليهود منها . و لكن بلوغ هذا الهدف يبدو صعبا على الأقل في المدى المنظور ، أضف إلى أن المخزون العربي من السكان اليهود قد نفد و إلى أن المستوطنين الجدد ، الأوروبيون و الأميركيون ، هم في غالبيتهم ذوو ميول فاشية و بالتالي ستكون مساهماتهم سلبية في تمكين الدولة في إسرائيل ، كما يتضح في الراهن في الضفة الغربية و قطاع غزة . و إلى جانب هذه المشكلة السكانية التي لا يمكن حلها بواسطة سياسة التمييز العنصري و اسقاط أطنان القنابل على رؤوس الناس ، تواجه إسرائيل مشكلة حاجتها الضرورية لضم مزيد من الأرض لكي تمتلك فعلا مقومات الدولة الكبرى التي يتطلبها دورها الإقليمي و الدولي الذي ألمحنا إليه . من الواضح في الختام و استنادا إلى ما تقدم ، أن الذين يدعون إلى حل الدولتين هم في أغلب الظن غير صادقين ، كما أن الذين ينادون إلى حل الدولة الواحدة ، الديمقراطية العلمانية ، تنقصهم بحسب رأينا الدروس التي يمكننا استخلاصها من الحرب على قطاع غزة ، التي تواصلها السلطة الفاشية في إسرائيل ، امام أعين دول الغرب و بمساعدة منها و بتشجيعها غير المشروط ، في حين أن أغلبية الإسرائيليين يلوذون بالصمت نفسه الذي تلتزم به هذه الدول ،حيال سلوك المستوطنين في الضفة الغربية ، بالرغم من أن السياسة المتبعة تلامس النازية كما قال المؤرخ الإسرائيلي زييف سترنيل
#خليل_قانصوه (هاشتاغ)
Khalil_Kansou#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كيان أستيطاني في أزمة
-
كشف الكواشف
-
بناء الدولة الوطنية من مسافة صفر !
-
حرب النكبة 2
-
حرب النكبة
-
الذهنية القبلية و الذهنية الوطنية
-
قنبلة الوزير
-
الخاسرون و الرابحون 2
-
الخاسرون و الرابحون 1
-
من أجل أم نفهم ، انصر أخاك ظالما أو مظلوما
-
كل حرب إسرائيلية هي حرب أميركية أيضا
-
جولة جديدة
-
الصلف القاتل
-
ملحوظات على الزيارة
-
الفرد المهاجر و جماعة المهاجرين
-
المعارف التي لم تثمر
-
مقتلات تطييف البشر و الحجرّ!
-
بين فلسطين و أوكرانيا
-
بين لبنان و إسرائيل 2
-
بين لبنان و إسرائيل
المزيد.....
-
مقتل فلسطينيين اثنين برصاص الجيش الإسرائيلي شمالي الضفة الغر
...
-
مشاركة عزاء للرفيقة أسيل الملاح بوفاة والدها
-
القاهرة: شكري أطلع لافروف على تطورات الأحداث في غزة وموسكو ر
...
-
تقرير: واشنطن تدرس التوصل إلى اتفاق مع -حماس- لإطلاق سراح 5
...
-
-لوقايتها من النيران الروسية-.. كييف تتحدث عن مطارات آمنة لم
...
-
فيضانات وانزلاقات تربة توقع ضحايا شمال فيتنام (فيديوهات+صور)
...
-
الكويت تتخذ قرارا هاما بشأن جميع مواطني مجلس التعاون الخليجي
...
-
المكسيك.. نقل أكثر من 4 آلاف شخص إلى مراكز إيواء جراء أعمال
...
-
هل يتغير المشهد السياسي في أوكرانيا وفلسطين مع صعود اليمين ف
...
-
حملة لتنظيف جبل إيفرست.. إزالة أطنان من النفايات وجثث وبقايا
...
المزيد.....
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق
...
/ الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
-
حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية
/ جوزيف ظاهر
-
الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية-
/ ماهر الشريف
-
اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا
/ طلال الربيعي
-
المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين
/ عادل العمري
-
«طوفان الأقصى»، وما بعده..
/ فهد سليمان
-
رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث
...
/ مرزوق الحلالي
-
غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة
/ أحمد جردات
المزيد.....
|