أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالرحيم قروي - من أجل ثقافة جماهيرية بديلة85















المزيد.....

من أجل ثقافة جماهيرية بديلة85


عبدالرحيم قروي

الحوار المتمدن-العدد: 7812 - 2023 / 12 / 1 - 02:50
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


اَلنَّصُ اَلْمُؤَسِّسُ وَمُجْتَمَعُه
اَلسِفْرُ اَلأَوَّلُ وَاَلثَانِى
خليل عبد الكريم
الحلقة الرابعة
مقدمة

[ 1 ]
القرآن المقروء والمتلو
هل القرآن المقروء والمتلو الذى حفظه الصحابة فى صدورهم غير القرآن المدون فى المصحف الذى كتب فى عهد الخليفة الثالث عثمان بن عفان الأموىّ؟.
بداهة: الإجابة لا, بصورة جازمة لاتدع مجالاً لذرة من لبس ونعوذ بالله تعالى أن يفهم القارئ مما سطرناه فى الفرشة أنن عنينا أنهما قرآنان ونبرأ من مَن يدعيه, إذ هو محض زور وبهتان بل وأكثر.
كل ما فى الأمر أن القرآن المقروء والمتلو والمحفوظ فى صدور أول من تلقاه من " سيد بنى آدم " وهم صحابته اتسم بالحركة والديناميكية, لأنه ارتبط بحيواتهم ومشاغل معاشهم وشئون دنياهم, وقدم حلولاً نواجع لمشكلاتهم, وإجابات مستفيضة على تساؤلاتهم وردودًأ بواهر لإستفساراتهم, وهداهم إلى الصواب فى ما قطع عليهم مسيرتهم من عقبات كأداء أو عوارض غوامض فى كل منحى, بل إن الدائرة إتسعت بصورة لم تخطر لهم على بال, إذ شملت الخصوصيات الدقيقة مثل النكاح, والطلاق, والظهار, واللعان, ووقت معافسة النِسون فى الشهر الفضيل, وهجرهن, وضربهن ضربًا غير مبرّح, ومعملة الضرائر والمساواة والعدل, وحدد بدقة مكان حرثهن, وكيفية الإنفاق عليهن, ومن يدخل من الخدم والأتباع بيوت أسيادهم ووقته, إلى ما يماثلها أو ما هو دونها من الدقائق والتفصيلات الرفائع.
أما فى العموميات فقد غطت مجالات الحرب والسلام والهدنة والغنائم والأنفال والأسارى والقتال والزحف والمعاهدات والعفو عمن فرّ من العدو من الصحابة فى غزوة أو أكثر وولاهم دبره ومعاملة أهل الكتاب وأهل النفاق والشقاق وأعراب الأشد كفرًا ونفاقًا .. إلخ.
حتى أن المرء ليعتريه الدهش ويعلوه التعجب ويتملكه الإنبهار من تلك العلاقة الجدلية الحميمة التى نشأت واستمرت أقل قليلاً من ربعقرن بين القرآن المتلو وبين أحوال المجتمعين المكى واليثربى والأفراد الفاعلين فى كليهما, فقد تنولهما بشمولية فاذة ونسطر ونحن مطمئنون أنه لم يغادر صغيرة ولا كبيرة, وفى نطاق الأفراد لم يقتصر على تبع " أول من تنشق عنه الأرض" بل تعرض للمشركين ورموزهم وللمنافقين وصناديدهم وللأعراب وزعماءهم ولأهل الكتاب اليهود وأحبارهم والنصارى وقسسهم وللأصنام وسدنتها وعابديها..
[ 2 ]
تقصير القرآن فى العقيدة والعبادة
بداهة لم نعرّج على ما طرحه النبأ العظيم فى ناحيتى العقيدة والعبادة, لأن هذين الجانبين هما ميدانه الأصيل الرئيسى, فإذا لم يأت بهما فبأى شئ يجئ؟.
بيد أن الذى يلفت الأنظار بشدة ويثير الإنتباه بقوة ثم يدعو للتفكير ويتطلب التأمل ويستدعى مراجعة النظر, هو أن القرآن المجيد فى دائرة العبادة حصراً وحديدًا أجمل ولم يُفصل وأوجز ولم يُطل وإختصر ولم يُطنب, إذ يستحيل عليك أن تعرف منه كيف تؤدى الصلاة, وعلام تُزكى, وما مقدار الزكاة فى كلٍ؟, وما هى مناسك الحج؟.
ومن حق المسلم أن يسأل ـ وهذا على سبيل المثال ـ أيهما أشد خطرًا وأكثر أهمية, الصلاة أم اللعان؟.
ففى الذكر الحكيم ليس ثمة بيان عن أوقاتها أو عدد ركعاتها أو كيفية إقامتها, فى حين أن الملاعنة سيقت فى شأنها تفصيلات دقيقة.
والتقليديون أو التراثيون يجيبون على هذا التساؤل الجوهرى أن القرآن أوكل مهمة التبيين فى الصلاة والزكاة والحج .. إلى " أول شافع وأول مشفع", بيد أنه رد غير مقنع, إذ من الميسور التعقيب عليه بالآتى:
إذن لماذا لم يوكله فى مسألة اللعان وهى أهون شأنًا وادنى وأخفض درجة وأدنى مكانة بما لايقاس من الصلاة التى هى عمود الدين ومن تركها فقد هدم الدين؟!!.
إن القرآن العظيم باتفاق السلف والخلف منزه عن المطاعن إذن فلأى علة اختط هذا المنهج الذى يبدو للنظرة العجلى والتفكير الفطير والتدبر الناقص أنه محير أو مربك أو مشكل؟.
وقفت عند هذه النقطة من البحث مليًا وتمعنت فى قوامها طويلاً وتفرست فى خوافيها زمنًا , وأخيراً وفقنى الله وله المنة إلى الحل الصحيح:
نصوص الذكر الحكيم أى سوره وآياته انبثقت فى حنايا المجتمعين المكى واليثربى ومن ثم حملت همومهما وناءت بمعاناتهما فى كل ضروب الحياة كما أوضحنا, ومن هنا جاءت مُنجمة أو نجومًا أو متفرقة كلما قبت ( = من القبة) نازلة ( = واقعة أو حادثة ) قابلتها آية أو عدد من الآيات التى تفك عقدتها, وقد حدث أن المخاطب أو المخاطبين بالآية أو بضع الآيات إذا شعروا بأنها لم تفك من العقدة إلا شطرًا منها توجهوا إلى ( قطب الأقطاب ) وشرحوا له الموقف فأحيانًا فورًا وأخرى على التراخى تنبثق آية أو آيات تداوى ما بقى من المعضلة وتزيل ما اعترى نفس الذى تشكى له وفى أوقات أخرى يلمس هو بذاته الشريفة القلق الذى ضرب تبعه أو أصحابه دون تفوه منهم وهنا تبرز آية أو آيات شافية لكل هم, مزيلة لكل غم.
هذا هو التبيين السليم لعبارة إن القرآن المجيد جاء منجمًا وهو بدوره ما يكشف لنا الغطاء ويرفع لنا الستار ويزيح عنا العتمة فى معرفة السر وراء استمرار إنبعاث سور وآيات القرآن الحكيم لمدة ثلاثة وعشرين عامًا.
فى حين أن موسى صعد إلى احد جبال سيناء فأعطاه ربه ( لوحى الشريعة , لوحى حجر مكتوبين بإصبع الله ). [ الأصحاح الحادى والثلاثون من سفر الخروج ].
أى أن موسى أخذ من معبوده كتابه " عبارة عن لوحين" تفضل بنقشهما بإصبعه فى لحظة, أى لاتنجيم ولا تفريق, ومن هنا فقد صَفُر هذان اللوحان من المشاغل الحياتية والهموم المعاشية واقتصرا على ركنى العقيدة: " لاتسجد لإله آخر لأن الرب غيور إله غيور هو", والعبادة وطقوسها المتشابكة وقد حفلت بتفصيلات فى غاية التعقد ولولا ضيق المجال وأننا سنبتعد عن جوهر الدراسة لسطرنا للقارئ طرفًا ليطلع على تلك الأمشاج المعجبة.
غاية ما يعنينا فى هذه الخصوصية أن توراة موسى, إن صح أن ذينك اللوحين هما هى أو هى هما, انحصرت فى الركيزتين الرئيسيتين لأى ديانة ونعنى: العقيدة والعبادة, ولأنها هبطت من أعلى فقد خلت من شئون الدنيا ومشاكل الحياة ومغالبات العيش, ونذكر القارئ بأننا نتحدث عن اللوحين اللذين تفضل رب موسى بنفحهما إياه بعد أن تكرم برقمهما بإصبعه.
أما القرآن العظيم فلم يظهر مرة واحدة كاللوحين / التوراة, بل ظل يتنزل لما يقرب من ربع قرن من الزمان, والحق أنها حقبة مبهرة مضيئة لم تنل حظها من البحث والتنقير ومن ثم تشيأ فيه عنصر العناية المكثفة بالأفراد والجماعات بآيات بارزة ملموسة لا تخفى على ذى لب ولا تستبهم على صاحب بصيرة ولا تستشكل على من لديه ذرة من حجة, بل لا نغدو مغالين أنه ( = عنصر الاهتمام بالممارسات الحياتية ) يكاد يلمس باليد.
وبمفهوم المخالفة فإن حيز العقيدة والعبادة فى ( الشفاء الكريم ) برز محدودًا مع روعته وعظمته وأصالته.
هذا هو الفرقان بين التوراة والقرآن, فالأولى منهما ذكر صاحبها أو متلقيها انها انحدرت إليه من أعلى ونقرها بإصبعه ربه ومعبوده وتسلمها هو منه فى برهة يسيرة أو ربما امحة خاطفة, لأن هذه اللحظات الباهرة لاتقاس بالزمان المعروف لدى الناس بالزمن الوجودى.
أما الآخر, أى الذكر الحكيم, " فى الترتيب الزمنى والتحقيب التاريخى أما فى المرتبة فهو الأول والمهيمن", فقد صاحب بنى آدم فى حلهم وترحالهم, فى سفرهم وعدنهم, فى ظنعهم وإقامتهم, فى فرحهم وترحهم, فى حربهم وسلمهم, فى عداواتهم وصداقتهم, فى بيعهم وشرائهم, ورهنهم, فى فقرهم وغناهم, داخل بيوتهم وخارجها, فى علاقاتهم العائلية وأحوالهم الشخصية, فى أفعالهم الحميدة وممارساتهم الذميمة, فى أنسابهم وقراباتهم, ومع عبدائهم وإمائهم وحرائرهم, فى ماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم مع ىبائهم وأولادهم وجيرانهم وأصدقائهم وحولهم, مع السلطة التى تعلوهم والمستوى الخفيض عنهم, فى أسواقهم ومتاجرهم ... إلخ.
فى كل هذه المناحى الكثيرة التى تحصى بالعشرات لم تغفل عيناه عنهم:
أهدى لكل معضلة حلاً ولكل سؤال جوابًا, ولكل نازلة مخرجًا, ولكل حدث حديثًا, بل أحسن حديث, ولكل همّ فرجًا, ولكل ضائقة توسعة, ولكل عقدة فكًا, ولكل مغلاق مفتاحًا ولكل مسكوك منفذًا, ولكل جدب غيثًا ولكل إمحال خصبًا .... إلخ.
وترتيبًا على جماعة تفرشحت فيه مساحة النصوص التى غطت مغالبات الدنيا ومعالجات العيش ومراوضات الحياة.
وهى ميزة رائعة بخاصية فريدة, ومنقبة حميدة, وصفة شامخة تفرد بها القرآن العظيم عن سائر الكتب المقدسة المعزوة إلى الديانتين الإبراهيميتين اللتين تقدمتاه تاريجيًا لا منزلة فهو وحده ـ وهذه كلمة حق تقال ـ من بينها صاحب المقام المحمود والدرجة الرفيعة والمرتبة المنفية.
يتبع



#عبدالرحيم_قروي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة 84
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة 83
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة 82
- شرارة هامة من تاريخ النضال الحضاري لقوى التحرر4
- وانها لثورة حتى النصر 13
- وأنها لثورة حتى النصر 12
- وانها لثورة حتى النصر 11
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة81
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة80
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة 79
- وإنها لثورة حتى النصر10
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة 78
- في الحياة ما يستحق الذكرى 13
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة 77
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة 76
- ليس كل ما يلمع ذهبا 2
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة 75
- وإنها لثورة حتى النصر9
- في الحياة ما يستحق 11
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة 74


المزيد.....




- أبسطي صغارك بأغاني البيبي..ثبتها اليوم تردد قناة طيور الجنة ...
- لولو صارت شرطيه ياولاد .. تردد قناة طيور الجنة 2024 الجديد ع ...
- -المقاومة الإسلامية في العراق-: استهدفنا ميناء عسقلان النفطي ...
- بن غفير يعلن تأسيس أول سرية من اليهود الحريديم في شرطة حرس ا ...
- “ابسطي طفلك” تردد قناة طيور الجنة الجديد على نايل سات وعرب س ...
- سوناك يدعو لحماية الطلاب اليهود بالجامعات ووقف معاداة السامي ...
- هل يتسبّب -الإسلاميون- الأتراك في إنهاء حقبة أردوغان؟!
- -المسلمون في أمريكا-.. كيف تتحدى هذه الصور المفاهيم الخاطئة ...
- سوناك يدعو إلى حماية الطلاب اليهود ويتهم -شرذمة- في الجامعات ...
- بسبب وصف المحرقة بـ-الأسطورة-.. احتجاج يهودي في هنغاريا


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالرحيم قروي - من أجل ثقافة جماهيرية بديلة85