الحلبوسي من الرئاسة إلى الزعامة

حيدر الخضر

الحوار المتمدن-العدد: 7805 - 2023 / 11 / 24 - 18:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

هناك سمات وظروف معينة يجب توافرها في شخصية الزعيم وهذه السمات بعضها تتعلق بالشخصية وهي سمات فردّية منها : (الكارزما) ، والقبول ، واللباقة ، والحديث والجرأة في طرحه ، وغير ذلك من الأمور ، وبعضها الآخر تتعلق بالظروف والبيئة الحاضنة للشخصية ، والفرص التي تتهيأ للفرد ومن حوله من جماهير ويمكن القول أن ولادة شخصية الزعيم هي صناعة مجتمع، وصناعة أسرة ، وقبلها موهبة من الله - سبحانه وتعالى - على الإقناع والقبول عند المتلقي ، وبصرف النظر عن شخصيته سواء كانت خيرة تحميل نوازع الخير أو شريرة تحمل نوازع الشر فهنا ما يظهر من الشخصية السطحية ولا تظهر الشخصية الحقيقية ، ونحاول في هذا المقال نحلّل شخصية رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي بحيادية دون ميل له أو بغض عليه ذلك الشاب الفتي الذي جاء به جمال الكربولي وبعض القادة من المناطق الغربية ليسيطروا عليه ويستطيعون أن يمرروا عبره ما يريدون وإذا بهم ينصبوا لأنفسهم فخ ويسهموا في صناعة زعيم أو طاغية من الصعب التخلص منها . تولى الحلبوسي في عام ٢٠١٥ بعد وفاة د.أحمد الجلبي رئاسة اللجنة المالية خلفاً له ، وسطع نجمه ، ومن ثم تولى محافظة الأنبار ومن هنا كانت الانطلاقة في البروز والحضور السياسي المميّز ، وبعد انتخابات ٢٠١٨ البرلمانية اتيحت له الفرصة ليتسنم رئاسة البرلمان بمباركة جميع السياسيين والتطبيل له رغم أن المرشح المقابل له شخصية محترمة لها رزانتها وكياستها وهو د. خالد العبيدي ؛ لكن الجميع وقفوا ضده متصورين أنهم يستطيعوا السيطرة على الحلبوسي وتوجيهه حيثما شاءوا ؛ ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن وتنقلب المعادلة ليقود الحلبوسي المرحلة الجديدة وتظهر لديه الأنا المتضخمة ولا يخفى على المتابع والمراقب للشأن العراقي أن الدعم الخارجي الدولي والأقليمي له وضعه في ولادة أي شخصية سياسية أو زعيم شعبي . أدرك الجميع خطر الحلبوسي وعدم وضع ( كنترول ) عليه وخاصة القوى السياسية الراديكالية قبيل موعد انتخابات مجالس المحافظات التي أشارت الاستطلاعات حصوله على الأكثرية في بغداد بعد مقاطعة التيار الصدري فصار هناك اجماع للتخلص منه وذلك بتحريك قضايا عليه ؛ كي يخرج من البرلمان ومن بعدها يجر البلاد إلى فوضى وتظاهرات وعصيان على غرار ما يسمى بساحات العز والكرامة! حتى تستطيع القوى السياسية الراديكالية أصدار مذكرة قبض بحقه وحظر تحالف تقدم الذي يزعمه ؛ لكن هذا ( السيناريو ) المعد له فشل واحبط نتيجة ذكاء الحلبوسي وإذا به يتصرف بطريقة رجل دولة وزعيم حقيقي يريد وحدة البلد والحفاظ على الآمن المجتمعي ، ويدعوا أنصاره عدم الانصياع وراء العواطف وجر البلاد إلى فوضى فشل مخطط خصومه واعطوا له فرصة الزعامة من جديد فخسر المنصب وكسب الزعامة في نظر الكثير والزعامة هي أقوى خطراً من المنصب والزعيم باقٍ والمنصب زائل وثبت خصوم الحلبوسي مرة جديدة أنهم قاصرين في العمل السياسي ولا بد أن يحاكموا كما قال الرئيس محمد أنور السادات بتهمة الغباء السياسي. إن سبب فشل ثورة تشرين هو عدم ظهور زعيم لها فقتلت في مهدها لأن أغلب الذين فازوا في مقاعد مجلس النواب لا يمتلكون صفات الزعامة ولو كان ظهر زعيماً حقيقياً لها لعلى نجمها وحققت أغلبية مستقبلاً وغيرت الخارطة السياسية التي جثمت على أبناء الشعب العراقي وصارت عبئاً ثقيلاً عليه .

#حيدر_الخضر (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل