عبد المجيد السخيري
الحوار المتمدن-العدد: 7799 - 2023 / 11 / 18 - 01:24
المحور:
القضية الفلسطينية
التاريخ لا يعيد نفسه، لكن إن فعل ففي القصيدة يتجلى كاستبصار للقادم من الفعل التاريخي. من سيقرأ قصيدة نزار قباني من الجيل الصاعد لأول وهلة سيخال أنها نُظمت في أيامنا، وأن صاحبها ما يزال حيا بيننا يُرزق، بينما تعود إلى سنة 1988، على بعد أيام من تاريخ انطلاق الانتفاضة الفلسطينية الأولى، التي عُرفت إعلاميا وعلى أوسع نطاق بانتفاضة أطفال الحجارة، بعدما دخل الحجر إلى التاريخ كسلاح مقاومة، وتصدّر الأطفال المشهد الثوري بشكل غير مسبوق كقوة جديدة في مواجهة عدو غاصب ودموي لا يرحم. وكانت غزة، كما ظلت إلى يومنا، إحدى أهم ساحات الانتفاضة والمقاومة، يصنع فيها الثوار والمجاهدون ملاحم الصمود، وقد نقل الآباء إرث الشموخ للأبناء والأحفاد. وها هُم الأبناء من النساء والرجال، والأحفاد من الشباب والأطفال، يعيدون الكرة ويدشّنون لحظة مفصلية في تاريخ كفاح الشعب الفلسطيني وثورته المعاصرة، متحدين الخذلان والهزيمة والتطبيع، ويعلمون العالم دروسا في العزة والكرامة والمقاومة، يشبهون الآباء من بني جلدتهم في الشموخ، ويحررون المكبلين من العرب بشروط الاستسلام من أوهام السلام. ولذلك فهم يستحقون اليوم لقب أساتذة التاريخ.
يا تلاميذ غزة علّمونا
للشاعر السوري نزار قباني (1923-1998)
يا تلاميذ غزة
علمونا بعض ما عندكم فنحن نسينا
علمونا بأن نكون رجالا
فلدينا الرجال صاروا عجينا
علمونا كيف الحجارة تغدو
بين أيدي الأطفال ماسا ثمينا
كيف تغدو دراجة الطفل لغما
وشريط الحرير يغدو كمينا
كيف مصاصة الحليب
إذا ما اعتقلوها تحولت سكينا
يا تلاميذ غزة
لا تبالوا بإذاعاتنا ولا تسمعونا
اضربوا.. اضربوا بكل قواكم
واحزموا أمركم ولا تسألونا
نحن أهل الحساب والجمع والطرح
فخوضوا حروبكم واتركونا
إننا الهاربون من خدمة الجيش
فهاتوا حبالكم واشنقونا
نحن موتى لا يملكون ضريحا ويتامى
لا يملكون عيونا قد لزمنا جحورنا
وطلبنا منكم أن تقاتلوا التنينا
قد صغرنا أمامكم ألف قرن
وكبرتم خلال شهر قرونا
يا تلاميذ غزة
لا تعودوا لكتاباتنا ولا تقرأونا
نحن آباؤكم فلا تشبهونا
نحن أصنامكم فلا تعبدونا
نتعاطى القات السياسي والقمع
ونبني مقابرا وسجونا
حررونا من عقدة الخوف فينا
واطردوا من رؤوسنا الافيونا
علمونا فن التشبث بالأرض
ولا تتركوا المسيح حزينا
من شقوق الأرض الخراب
طلعتم وزرعتم جراحنا نسرينا
هذه ثورة الدفاتر والحبر
فكونوا على الشفاه لحونا
أمطرونا بطولة وشموخا
إن هذا العصر اليهودي
وهم سوف ينهار
لو ملكنا اليقينا
يا مجانين غزة
ألف أهلا بالمجانين
إن هم حررونا
إن عصر العقل السياسي
ولى من زمان
فعلّمونا الجنونا
#عبد_المجيد_السخيري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟