أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد السخيري - روسيا في مواجهة الغرب: ماذا يحدث بالضبط؟















المزيد.....

روسيا في مواجهة الغرب: ماذا يحدث بالضبط؟


عبد المجيد السخيري

الحوار المتمدن-العدد: 7214 - 2022 / 4 / 9 - 06:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أتقاسم مع عدد مهم من مثقفي ومناضلي اليسار في العالم، ومن بينهم أصوات من اليسار الروسي، أفكارا قد تبدو لأول وهلة متناقضة، لكن بالتمعّن جيدا في تحليل الأوضاع وبناء التقديرات والمواقف الدولية، ومهما بدت أحيانا انفعالية وعاطفية، سيتّضح أن نقد التوجّه الرأسمالي لروسيا الاتحادية والطبيعة الأوليغارشية لسلطة الدولة، التي تماثل إلى حد بعيد نظيرتها في أوكرانيا، لا يُرتّبُ بالضرورة الانخراط الأعمى في جوقة الإدانات المشخصنة(لهذا رفضت لأول مرة مشاركة "آفاز " في حملاتها الراهنة وتوقيع العرائض ضد "بوتين" بسبب انسياق الخطابات المدبّجة بالعرائض مع موجة التهييج الغربي المشحونة بالنبرات العنصرية والاستعلائية العرقية المقرفة)، أو الانسياق إلى اجترار الروايات التي يبثها الاعلام الغربي، اليميني والرجعي، بشأن "الهمجية الروسية"، مقابل مديح "المقاومة الأوكرانية" الباسلة و"أخلاق الشعب الأوكراني الأوروبي جدا". والحال أن هذا الاعلام، وبعض أتباعه وضحاياه في بلداننا، لا يبالي بالتكتيكات النازية التي ينهجها النظام الحالي في أوكرانيا، ولا يُدين الاستعانة بالمرتزقة ذوي السجل الاجرامي الذين يتم حشدهم للقتال مع الجيش والمليشيات الفاشية الحليفة له، ولا أيضا يجرؤ على استنكار الدعوات الخطيرة لحشد السلاح والدفع بالجيوش الأطلسية للتعبئة على الحدود مع روسيا، وما يمكن أن ينجم عن ذلك من تسخين لأجواء الحرب، بينما المطلوب هو العمل على منع أي تحول دراماتيكي في مسارات الحرب الحالية، أو بالأحرى العمل على وقفها بدعم جهود قوى السلام، والبحث عن حلول منصفة وعادلة لأطراف الصراع التي باتت معروفة لدى الجميع، ولم يعد ممكنا تجاهلها كما تفعل أمريكا وحلفائها للاستفادة من دوام الحال على ما هو عليه، وكسب مزيد من الأرباح من تأزيم الأوضاع الاقتصادية والأمنية من خلال إنعاش تجارة السلاح وإجبار أوروبا على الرفع من قيمة تجارتها الخارجية مع الولايات المتحدة على حساب روسيا أو شركاء آخرين. ولا شك أن الحرب الحالية في أوكرانيا هي بمعنى من المعاني حرب أمريكية أخرى لإحكام السيطرة على العالم، وهي في شكلها المعلن حرب يخوضها الغرب الأوروبي ضد روسيا بالوكالة لفائدة دركي الرأسمال العالمي، لتحجيم طموح الروس لاستعادة مكانة الاتحاد السوفياتي وإعادة كتابة تاريخ العلاقات الدولية.

ماذا يحدث بالضبط ؟

ما يحدث في الواقع حرب ليس لها إلا هذا الاسم، ولا يمكننا أن نبتدع لها وصفا آخرا. بالطبع توجد أوصاف أخرى تعج بها خطابات السياسيين ووسائل الاعلام الغربي المصطفة وراء حلف الناتو، مثل الغزو الروسي لأوكرانيا، أو "صدام الأوليغارشيات"، كما في يعض توصيفات التحاليل التي قدمها بعض اليسار في العالم وروسيا أيضا. لا بأس. روسيا تغزو أوكرانيا، هذا واقع لا ينكره إلا أعمى أو أبله. "صدام الأوليغارشيات"، نعم، فيه شيء من الحقيقة. حسنا، لكن ذلك ليس إلا الجزء المملوء من الكأس، وهو لا يكفي لبناء موقف مستقل ونقدي من الأحداث واتجاهات تطورها، وممّا يمكن أن ينفرج عنها من تغييرات جيوسياسية واصطفافات جديدة للقوى والتحالفات الدولية. فالجزء الفارغ هو الأهم بالنسبة إلينا، يكافح الاعلام الغربي المنحاز لتركه كذلك ليتسنى له ملأه عند الحاجة بالأكاذيب والأخبار المفبركة لمزيد من التصعيد والتأليب، وهو ما تعمل الأجهزة الخفية على مراقبته بدقة، خاصة بالولايات المتحدة المستفيد الأكبر من الحرب الحالية لضرب عصفورين بحجر واحد: إنهاك وعزل روسيا من جهة، واضعاف الاتحاد الأوروبي من جهة أخرى، وهو نفس التكتيك الذي نهجته لما دفعت بالناتو لأتون الحرب بيوغوسلافيا عام 1999 حيث تحقّق لها زعزعة استقرار الاتحاد الأوروبي وتكريس تبعيته العسكرية لها وفرض وصايتها الأمنية على دوله وشعوبه. واليوم تسير على نفس الخطى وتعمل بكل جهد من أجل عرقلة مفاوضات السلام وتأجيج نزعة الحرب لحشد مزيد من الحلفاء وإحكام القبضة على أوروبا. فالعقوبات التي تتشدّد اليوم في فرضها على روسيا، وتهدّد بفرضها على حلفائها، فضلا عن التلويح بخطابات بائدة للتهديد العسكري المبطن إزاء الصين والهند، لا تستهدف فقط تقويض القوة الروسية وقضم أساسها الاقتصادي فحسب، بل وتطال بشكل غير مباشر دول الاتحاد الأوربي، وفي مقدمتها قطب الرحى، ألمانيا، بمنع إمدادات الغاز الروسي عبر خط أنابيب السيل الشمالي-2 حتى يتنسى لها إجبار الدول الأوروبية على اقتناء الغاز المسال الأمريكي باهض الكلفة، وهو ما سيؤدي عمليا إلى إضعاف ألمانيا بالخصوص، وباقي دول الإتحاد الأوروبي الأخرى بشكل حاد، ويرهن مصيرها مرة أخرى لوجود العم سام. فلا يجب أن ننسى أن حجم التجارة بين روسيا والإتحاد الأوروبي بلغ 260 مليار دولار في السنة، بينما لا يتعدى مع الولايات المتحدة 23 مليار دولار أمريكي، أي عشر مرات أقل، وهذا وحده كاف بالنسبة لها لتعمل بكل قوة من أجل توريط أوروبا في حرب طويلة مع روسيا باستعمال كل الوسائل والتكتيكات لعرقلة مسارات التفاوض وامكانيات التوصل إلى اتفاقات ثنائية روسية-أوكرانية. الغريب في الأمر أن دول شرق أوروبا، والكيانات القزمية التي خرجت من رحم الاتحاد السوفياتي، ولم يكن لها وجود أصلا في التاريخ، هي الأكثر تشدّدا اليوم في المطالبة بسحق روسيا ومحقها، حتى أن اليمين المتطرف التبعي الذي يحكم اليوم ببولندا يزايد على ألمانيا وفرنسا في معاداة روسيا ويتهمها بالتساهل معها.
والحقيقة أن الصراع الروسي -الأوكراني في مظهره البسيط والأولي له جذور تاريخية لا يمكن القفز عليها وتجاهل تبعاتها على مدى زمني ليس القصير، وهذا ما يمكن التعرّف إليه بالعودة إلى وقائع التاريخ وقراءات المؤرخين، وأيضا عند "أهل مكة" من الموثوق في رواياتهم وسردهم للأحداث، وذلك لن يتأتى، بالنسبة لمن ليس دراية كافية بتاريخ العلاقات الدولية والتاريخ السياسي الحديث، إلا بالحذر من المواد والتحاليل التي يمررها الاعلام المسيطر يوميا عبر مختلف القنوات والمنصات، خاصة وأن سيرته السيئة في التزوير والتزييف وفبركة الصور والأكاذيب باتت مكشوفة منذ نهاية الثمانينيات من القرن الماضي.



#عبد_المجيد_السخيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما هي الحقائق التي يخفيها أو يتجاهلها الاعلام المسيطر عن الح ...
- صدمة العقل الانساني أم فضيحة العقل الغربي العنصري
- لا طغاة ولا عبيد
- المثقفون والحرب
- احتداد الأزمات وتأخّر الثورات
- عبد الحميد أشهبار، المعلم الأول
- برنار- هنري ليفي والمتاجرة بفوكو
- أوراق فلسفية(3) ريجيس دوبري، العودة إلى الواقع*
- حوارات (4)آلان تورين: نحن نعيش في ظل الفراغ وسقوط المعنى وفي ...
- حورات(3)- إدغار موران: نواجه أزمة مركبة تقتضي مواجهة شاملة و ...
- أوراق فلسفية(2): بيونغ-تشول هان، الثورة الفيروسية لن تحدث* - ...
- (حوارات 2) إدغار موران: لا بد من عهد جديد يقطع مع النيوليبرا ...
- تاريخ الأوبئة(11) ومسكه ختام: الوباء هو الرأسمالية والرأسمال ...
- تاريخ الأوبئة(10) التفكير تحت وطأة الأزمات وهول الصدمات
- تاريخ الأوبئة(9) نهاية الجائحة، أي ثمن للخلاص؟
- تاريخ الأوبئة(8) الأزمات الوبائية ومحنة العقل
- تاريخ الأوبئة(7) الوباء والاستعمار
- تاريخ الأوبئة (6) عن الحجر الصحي والتلقيح
- إدغار موران: العيش مع اللايقين*
- تاريخ الأوبئة(5) من الطاعون إلى كوفيد 19(ب)


المزيد.....




- أوروبا ومخاطر المواجهة المباشرة مع روسيا
- ماذا نعرف عن المحور الذي يسعى -لتدمير إسرائيل-؟
- من الساحل الشرقي وحتى الغربي موجة الاحتجاجات في الجامعات الأ ...
- إصلاح البنية التحتية في ألمانيا .. من يتحمل التكلفة؟
- -السنوار في شوارع غزة-.. عائلات الرهائن الإسرائيليين تهاجم ح ...
- شولتس يوضح الخط الأحمر الذي لا يريد -الناتو- تجاوزه في الصرا ...
- إسرائيليون يعثرون على حطام صاروخ إيراني في النقب (صورة)
- جوارب إلكترونية -تنهي- عذاب تقرحات القدم لدى مرضى السكري
- جنرال بولندي يقدر نقص العسكريين في القوات الأوكرانية بـ 200 ...
- رئيسة المفوضية الأوروبية: انتصار روسيا سيكتب تاريخا جديدا لل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد السخيري - روسيا في مواجهة الغرب: ماذا يحدث بالضبط؟