أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد السخيري - صدمة العقل الانساني أم فضيحة العقل الغربي العنصري














المزيد.....

صدمة العقل الانساني أم فضيحة العقل الغربي العنصري


عبد المجيد السخيري

الحوار المتمدن-العدد: 7206 - 2022 / 3 / 30 - 02:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يزعم البعض أن العقل الإنساني صٌدم باشتعال الحرب بالأرض الأوروبية، هناك حيث أينعت العقلانية ونشأت الفلسفة وبدأت رحلة الحداثة. والحقيقة أن من صُدم هو العقل الغربي العنصري الذي اعتاد النظر إلى "الذات" الأوروبية، في امتدادها الأطلسي والأمريكي، كملاذ للأمن والآمان والسلم والتعايش والتسامح، وغيرها من القيم المستنيرة التي تعتدُّ بها الحضارة الغربية المهيمنة اليوم في العالم بقوة اقتصادها وعلومها التطبيقية وجبروتها العسكري وسلاحها النووي المرعب. فمنذ زمن بعيد ونحن نسمع ونقرأ أن الغرب كسب معركته مع أسباب الاحتراب الداخلي بانتصاره على أعدائه الخارجيين وبتثبيت أسس نظام الحرية، وإعلان تفوقه الحضاري على منافسيه في الشرق والجنوب من الكرة الأرضية، رغم أن خطابات سياسييه ومثقفيه الرسميين ما تزال تنضح بكل ما يفيد العكس تماما. فهي باستمرار تعلن الاستنفار ضد العدو/ "الشر الخالص" الذي يوجد في مكان ما، أو حتى في لا مكان، حقيقيا كان أم متخيلا، وتُجيّش الناس وتطلق صفارات الإنذار، كلما هبّت نسمة من الشرق أو الجنوب بما لا تشتهيه الأنفس في الغرب، أو لاحت في الأفق مناوشة للغطرسة الغربية والعربدة الأطلسية- الأمريكية في بقعة ما، أو رُفع التحدي في وجه الهيمنة الرأسمالية في بلد ما، أو حتى أفرزت صناديق الاقتراع عن صعود قوة معادية لليبرالية إلى السلطة، فإذا لم يتم حشد القوة العسكرية لتوجيه ضربة خاطفة أو تنظيم غزو عسكري، فإنه في الغالب يتم إطلاق يد المرتزقة والعملاء للعبث بالسلم الداخلي للدول "المارقة"، كما في الاصطلاح الغربي المكرس، أو شنّ هجوم إعلامي واسع النطاق لبثّ الفوضى الخلاّقة لتأديب العدو أو تركيعه في النهاية.
يروج اليوم أكثر أن الحرب بالداخل الأوروبي أمر فظيع لا يقبله "العقل الانساني"، لأن الحرب جديرة فقط بالأمم المتوحشة، حيث السيادة للعصبيات القبلية والانقسامات العشائرية والطائفية والدينية، والغرب منها براء بعدما وطّد في هياكل مجتمعاته وأبنية ثقافته قيم التعايش السلمي بين العقائد وبثّ روح التسامح في نفوس مواطنيه، ورسّخ قيم الحرية والديمقراطية في البنيان السياسي، وجعل من العقلانية الحكم الأول والأخير لتسوية الصراعات والنزاعات والخلافات بين أعضاء المجتمع وفئاته، وأوصلها بالعلمانية التي ضمنت للضمائر حرية الاعتقاد ...
إن من يضع تطلعات روسيا لاستعادة أيام الإمبراطورية القيصرية على نحو ما يسعى "بوتين" ويصرح به جهرا، أو لاستعادة قوة الاتحاد السوفياتي وأمجاده، كما يمكن لأي روسي أن يحلم بذلك مستقبلا أو حاليا، مع نهج الامبرياليات الغربية ذات الطبيعة التوسعية والعدوانية، لا شك أنه إما كاذب ومنافق أو أبله وغبي. صحيح أن "بوتين" يتصرّف بموجب موقف شوفيني قومي، وليس باعتبار أيّ موقف أممي أو سوفياتي، إذ الكل يعلم معاداته للشيوعية وكرهه لماضيه السوفياتي، وحتى حلفائه في جمهوريتي دونباس لا يخفون ذلك، بدليل أن الأحزاب الشيوعية هناك تعاني من المضايقات القانونية. وهذا أمر واضح لا يحتاج إلى تنبيه أو دروس. أما عن طبيعته اللاّديمقراطية فهي أيضا لا تحتاج إلى حجاج، وبالتالي لا يُعول على أي مستقبل جديد ستحمله الحرب في أوكرانيا حتى لو انتصر فيها "بوتين" وخرج منها سالما، وهو أمر مُستعبد على أي حال. فالقوى التي حالفها الروس في دونباس من طبيعة رجعية ولا تقل فظاظة عن الفاشية الأوكرانية ذات المساحيق الليبرالية. سيدفع بالتأكيد العمال والكادحون أثمان حرب قد تطول، وفي أحسن الأحوال سيجني هؤلاء المزيد من الأوهام القومية أو التبعية إذا ما توقّفت الحرب في القريب العاجل. لذلك من الصعب أن يتقبّل المرء الانخراط في طبول الحرب وعدم اتخاذ موقف حازم ضدها والمطالبة بوقف كل صور التعبئة الشوفينية على الجبهتين الروسية والأوكرانية. لكن بالمقابل سيكون من باب التجنّي أن نقفز عن الاختلافات الكبيرة القائمة بين سلوك امبرياليات عريقة، مثل الامبريالية الأمريكية والأوروبية الغربية، ذات سجل إجرامي في الحروب والتدخلات الخارجية وانتهاك القوانين الدولية يمتد على أزيد من قرن، وكانت وراء حربين عالميتين مدمرتين خلفتا ملايين من الضحايا ومآسي إنسانية لا توصف، وبين تحوُّل حديث العهد تشهده السياسة الخارجية لروسيا الاتحادية يسير في بعض النواحي على خطى الامبرياليات الغربية دون أن يرقى إلى سجلها الدموي وغطرستها وانحيازاتها المفضوحة القائمة على مُسلّمات المركب المسيحي- اليهودي الأبيض المقدس في مواجهة كل الأعراق والأجناس والأديان الأخرى، وهو ما تعُجّ به الخطابات الإيديولوجية لليمين المحافظ وحلفيه المتطرف وشركات التحليل السياسي ونوادي التفكير المرتبطة بالرأسمال العالمي. فليس إذن العقل الانساني من صُدم بالحرب، بل لعلها العقول الساذجة هي التي صُدمت بالاستنكار المنافق للحرب من قبل أولئك الذين يُجيدون اصطناع موقف المدافعين عن المشاعر الراقية والقيم السامية لما كشفت حقيقة الخلفية المتحكمة في تضامنهم غير المسبوق مع ضحايا الحرب: العنصرية المقيتة.



#عبد_المجيد_السخيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا طغاة ولا عبيد
- المثقفون والحرب
- احتداد الأزمات وتأخّر الثورات
- عبد الحميد أشهبار، المعلم الأول
- برنار- هنري ليفي والمتاجرة بفوكو
- أوراق فلسفية(3) ريجيس دوبري، العودة إلى الواقع*
- حوارات (4)آلان تورين: نحن نعيش في ظل الفراغ وسقوط المعنى وفي ...
- حورات(3)- إدغار موران: نواجه أزمة مركبة تقتضي مواجهة شاملة و ...
- أوراق فلسفية(2): بيونغ-تشول هان، الثورة الفيروسية لن تحدث* - ...
- (حوارات 2) إدغار موران: لا بد من عهد جديد يقطع مع النيوليبرا ...
- تاريخ الأوبئة(11) ومسكه ختام: الوباء هو الرأسمالية والرأسمال ...
- تاريخ الأوبئة(10) التفكير تحت وطأة الأزمات وهول الصدمات
- تاريخ الأوبئة(9) نهاية الجائحة، أي ثمن للخلاص؟
- تاريخ الأوبئة(8) الأزمات الوبائية ومحنة العقل
- تاريخ الأوبئة(7) الوباء والاستعمار
- تاريخ الأوبئة (6) عن الحجر الصحي والتلقيح
- إدغار موران: العيش مع اللايقين*
- تاريخ الأوبئة(5) من الطاعون إلى كوفيد 19(ب)
- أوراق فلسفية(1) بيونغ - تشول هان* : هل نسير نحو فيودالية رقم ...
- تاريخ الأوبئة(4) من الطاعون إلى ك-ك 19(أ)


المزيد.....




- ماذا قال الحوثيون عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الجام ...
- شاهد: شبلان من نمور سومطرة في حديقة حيوان برلين يخضعان لأول ...
- الجيش الأميركي بدأ المهمة.. حقائق عن الرصيف البحري بنظام -جل ...
- فترة غريبة في السياسة الأميركية
- مسؤول أميركي: واشنطن ستعلن عن شراء أسلحة بقيمة 6 مليارات دول ...
- حرب غزة.. احتجاجات في عدد من الجامعات الأميركية
- واشنطن تنتقد تراجع الحريات في العراق
- ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في ...
- جامعة جنوب كاليفورنيا تلغي حفل التخرج بعد احتجاجات مناهضة لح ...
- إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد السخيري - صدمة العقل الانساني أم فضيحة العقل الغربي العنصري