|
العلمانية تُسهم في إنقاذ البشرية
شاهر أحمد نصر
الحوار المتمدن-العدد: 7786 - 2023 / 11 / 5 - 20:42
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ها هو الربع الأول من القرن الواحد والعشرين يلوّح مودعاً، وما زالت الحروب، والجهل، والتعصب، والروح الأنانية العدوانية، والأمراض، والفقر والفروق الطبقية الحادة تحاصر شعوب العالم، على الرغم من التقدم العلمي والتقني الذي تشهده الدول المتقدمة... ويزداد خطر الجهل المترافق مع الحروب، ويقود إلى التطرف والإرهاب، وقتل النّاس بعضهم بعضاً لغاية القتل... الحروب من أكبر الأخطار التي تواجه البشرية والحضارات وتُهدّد مستقبلها، ووجودها... ولقد أثبتت التجارب أنّ استغلال الدين يوفر التربة الملائمة للتطرف والإرهاب ويقدّم التبرير والغطاء العقائدي للمتطرفين كي يقتلوا بدم بارد من يعدّونهم أعداءهم في العقيدة، ومن وكّلهم الله بقتلهم... كما يخلق التعصب الديني والقومي التربة الملائمة لتتجدد الحروب دورياً على أسس عقائدية دينية كل مدة من الزمن، ويبدو كأنّ الحروب لن تنتهي حتى يفني كلّ طرف الآخر... ثمّة أسباب كثيرة تقف وراء اندلاع الحروب؛ أهمهما الاحتلال، والعدوان، والظُّلم، والاستغلال... وأحياناً تنجم الحرب عن فائض القوة وضعف الفكر لدى قواد دولة ما، ووجود من يوسوس في أذهانهم بفكر وعقيدة عدوانية، فيفرّغون فائض القوة بالاعتداء على الدول المجاورة لهم... وأسوأ أنواع الحروب الحروب التي يخوضها المتطرفون وكلاء الإله على الأرض؛ فيقتلون الأطفال والشيوخ والنساء، بدم بارد، غير آبهين بالقيم الإنسانية، وبما يُعرف بــ "القانون الدولي الإنساني"... فالتعصب قاتل... وإنّ كان الظُّلم أساس الحروب، فالجهل والتعصب زيتها ووقودها... ما السبيل لمعالجة هذه العلل؟ لكي تتخلص البشرية من الحروب ومن العلل التي تعانيها ينبغي لها معالجة الأسباب الكامنة وراء تلك العلل، وسيادة العدل، فضلاً عن ضرورة سيادة الأخلاق الإنسانية، والتقيد بها في أثناء الحروب... تساعد العلمانية في معالجة هذه المسألة، إذ إنّ الأخلاق العلمانية تقوم على قوانين ومبادئ تفرزها الطبيعة البشرية، وتساعد الإنسان في معرفة الحق والباطل، وإدراك أهمية الفرد والمصالح المشتركة بين النّاس القائمة على العدالة والمحبّة وتكافئ الفرص، ومن أهم المبادئ التي يتربى الإنسان في المجتمع العلماني عليها، المبادئ التالية: - الاعتراف بالآخر مهما اختلف ومهما كان عرقه، ودينه، وقوميته، وعقيدته ومذهبه... - اعتماد المعايير الإنسانية المبنية على المنطق، والتعاطف الإنساني، وحرية الفكر والمعتقد، والالتزام باللاعنف، - العلاقة الندية بين الأنا والآخر والاهتمام بحياة الإنسان ورفاهه، وإعمال العقل والمنطق بدلاً من الغريزة والعقيدة المنغلقة، ووضع معايير للسلوك الإنساني أساسها حماية حياة الإنسان، وتطوره بنهج سلوك دنيوي يستفيد من المبادئ الأخلاقية الإنسانية الرفيعة لجميع الأديان وما تبتكره البشرية في أثناء تطورها، - التأكيد على مسؤولية الإنسان، والمجتمعات البشرية الأخلاقية وضرورة تصرف المجتمعات والأفراد على أساس المبادئ الأخلاقية، التي تبرهن الحياة الدنيوية والعلم سلامتها وأهميتها، - عدم تعارض مبادئ الأخلاق العلمانية مع الدين، وإن كانت لا تقوم على أسس دينية، بل تأخذ ما هو إيجابي في الأخلاق الدينية، وتنبذ ما يدعو إلى الحط من كرامة الإنسان والإساءة إلى الآخر... - اعتماد المبادئ الديمقراطية الإنسانية، في تنظيم المجتمع من أناس أحرار ومسؤولين يمتلكون الحق في إضفاء المعنى والشكل الحضاري، الذي يرونه مناسباً لحياتهم الخاصة. حينما يتصارع ضدّان متطرفان متعصبان ويسعى كل طرف منهما إلى فناء الآخر وإلغائه، تنعدم القيم والأخلاق الإنسانية، ويبقى الأمل في أنّ هذا الصراع سينتهي بتجاوز الضدين، إنّما ضحالة التربة الاجتماعية التي يتصارعان في فضائها، وخلوّها من البديل الأرقى، يضعف الأمل في ولادة بديل أرفع شأناً من الضدّين... وفي كلّ الأحوال، يساعد في معالجة هذه الأزمة الخانقة بناء مجتمعات أكثر إنسانية ذات أخلاق عَلمانية مستمدة من حياة النّاس، وتخدم الإنسان في فضاء من الحرّيّة، التي تعزّز مقدرات الإنسان وتنميّها؛ ولمّا كان خطر التطرف والإرهاب يهدّد البشرية جمعاء، فهذا يتطلب تضافر جهود القوى الفاعلة على المستويين المحلي والأممي لمواجهته، ولقد آن الأوان لرفع شعار: يا علمانيي العالم الأحرار، اتحدوا! أجل إنّ الأمل معقود على علمانيي العالم الأحرار، وعقلائه كي ينقذوا البشرية من الجهل، والحقد، والبغضاء؛ فهل يفلحون؟!
#شاهر_أحمد_نصر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-إلى أين المسير-؟
-
فلتوقف البشرية جميع الحروب؛ لقد آن الآوان لوقف الحرب على شعب
...
-
خالد خليفة مؤرخ تحولات سورية كبرى أدبياً
-
صحوة الضمير العربي
-
ايقونة المرأة السورية حين تنثر الخير والمحبّة والجمال
-
هيراقليطس والناسك السوري حينما يتظاهر
-
الاستفادة من النقد دليل على صحة العقل
-
تحية إلى مضيئي شموع الأمل؛ تحية إلى أهلنا في السويداء
-
دور النخب الحاكمة في انهيار الدول
-
لماذا لا يكفي عقدان من الزمن لسماع صوت العقل؟
-
أزمة البشرية في عقلها
-
المواطنة والدولة
-
صيّاح النبواني مناضل وطني قلبه واسع وسع وطن
-
الشاعرة -ريم البياتي- وأرق البحث عن الإنسان
-
لماذا المجتمعات البشرية في حاجة إلى دولة المواطنة العلمانية؟
...
-
الخلل الفكري، والرؤية الغيبية الأيديولوجية للعالم من أسباب و
...
-
-بوابات الهلع- عمل أدبي مميز
-
ستسطع شمس الحرية من السودان
-
يسينين وعشق المرأة والجمال
-
من الدروس الهندسية للزلازل الأخير
المزيد.....
-
الدفاع المدني: ارتفاع حصيلة القتلى إلى 21 بعد غارة إسرائيلية
...
-
غارات إسرائيلية -عنيفة- على الضاحية الجنوبية، وحزب الله يعلن
...
-
ستوكهولم: مجموعة مرايا فعالية منوعة مع محاضرة (توعية عن أور
...
-
الجيش الإسرائيلي ينذر سكان 25 قرية جنوب لبنان بضرورة الإخلاء
...
-
أمين عام مجلس التعاون الخليجي يدعو لوقف العدوان على غزة
-
الدفاع الروسية: إصابة قاعدة وقود في جنوب أوكرانيا ومطار عسكر
...
-
عشية ذكرى 7 أكتوبر.. الجيش الإسرائيلي ينشر تعزيزات في منطقة
...
-
إعلام عبري: مصر تتوسط لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله
...
-
روسيا تختبر منظومة محمولة جديدة لقمع الدرونات
-
اليابان.. تطوير طريقة جديدة لإيصال الدواء إلى مركز الذاكرة ف
...
المزيد.....
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
المزيد.....
|