أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزيز الخزرجي - معاناة المتقاعدين ألعراقيين :















المزيد.....

معاناة المتقاعدين ألعراقيين :


عزيز الخزرجي

الحوار المتمدن-العدد: 7771 - 2023 / 10 / 21 - 11:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


معاناة المسنيين العراقيين :

إن معاناة المسنيين العراقيين هي معاناة المتقاعدين العراقيين عموماً :

حيث إنّ ألمتقاعــدين من كبار السّن يواجهون مشـكلتـان مُدمّرتان :

ألأولى من الحكومة اللاإنسانية: لأن رواتبهم لا تكفي حتى لدواء و علاج و غذاء بعضهم.
و الثانية من أبنائهــم و ذويهـم : الذين يتنكرون للجميل الذي قدّماه(الأم و الأب) بتربيتهم.

فهل من حلّ لمحنتهم و هم يواجهون العذاب الدائم بسبب تلك العاملين الأساسيين !؟

حيث يشهد العراق و العالم بيانات و قصصاً حزينة عن تخلي الأبناء عن آبائهم و أمهاتهم و تعرضهم للأذى و الجوع و الملجأ , حتى أصبحت دُور العجزة و المسنين لا تتسع لهم!

أشخاص أصحاء خدموا عوائلهم و وطنهم .. لكنهم تفاجؤوا بجحود أبنائهم مع وطنهم ,حيث بقي بعضهم في الشارع لحين وضعهم في دار المسنين و آخرون ذهبوا وحدهم و البعض منهم يموتون لوحدهم ,

صور و صور مؤلمة يشهدها العراق!

لكن تبقى طرد تلك الأم الجاحدة و الـ... التي رمت بأطفالها الستة خارج البيت لعشرة أيام الصورة الأقسى من بين كل صور المعاناة التي يشهدها العراق و العالم.
راجع مقالنا السابق بعنوان : [لا حياء في العراق].

و قد أوردت (الجزيرة) تقريراً بهذا الشأن بآلقول : [لم يتوقع الحاج عباس كوير (69 عامًا) أن يأتي يوم يجد فيه نفسه مع المسنين في دار حكومية، وخصصت له غرفة صغيرة يسودها الصمت، بعيدًا عن ضجيج أحفاده الذين اعتاد سماعهم، وبينما ينعش ذاكرته بتلك الأصوات تترقب عيناه باستمرار باب غرفته لعل زائرا دافئا يطل عليه، وهو يحمل معه بعضا من رائحة الأسرة التي عاش فيها راعيًا ومسؤولا.

فبعد أن توفيت زوجته ظل يعاني من الوحدة، لكن وجوده بين أولاده وأحفاده هوّن عليه تلك الأيام التي قضاها وحيدًا دون مؤنس، فالجميع منشغل بحياته الخاصة، لكن الوضع لم يدم طويلاً، حتى بدأ مشوار الذاكرة المؤلمة وهو يستمع للكلمات المذلة التي تنطقها زوجة ابنه كلما قدمت له الطعام، فقد كانت تتذمر وترميه بالكلمات الجارحة من دون رحمة، وزاد الأمر سوءًا عندما صارت تؤخر موعد إطعامه فيتأخر بذلك موعد دوائه، إلى أن تدهور وضعه الصحي، ورغم تلك المعاناة لم يشكُ سوء وضعه حفاظًا على أسرة ولده من المشاكل، كما يقول.

انتهت معاناته داخل "منزله" على يد زوجة ابنه عندما وقفت أمامه، وقالت له "لست خادمتك، حتى أتحمل عبئك، أنت ضيف ثقيل، متى ترحل لأرتاح"؟ إضافة إلى كلام مهين بمجرد أن تذكره الحاج استيقظت في صدره غصة خانقة، حيث يقول : (في تلك اللحظات اعتقدت أنني أحلم، بعدها انفجرت دموعي كطفل يتيم مات أبواه أمام عينيه، حتى امتلأت نفسي بالضعف، ولم أنبس بحرف واحد، كأنها ألقمتني حجرًا)]..

كل ذلك ورغم مراراته كان هينا بالنسبة للحاج عباس قياسًا برد فعل أبنائه عديمي "المسؤولية والإنسانية"، كما يصفه؛ فقد قرر أبناؤه إرساله رغمًا عنه إلى دار المسنين، أو كما يسميها الناس "دار العجزة".

وبعد تلك التفاصيل الموجعة صفق الحاج كفيه ببعضهما، وردد المثل المشهور "يا من تعب يا من شقى ويا من على الحاضر لقى". في إشارة منه إلى أن نهاية جهوده وتربيته لأولاده لم تثمر عن رد الجميل وقت حاجته إليهم.
بعض المسنين في العراق افتقدوا رد الجميل من أبنائهم وقت حاجتهم إلى ذلك !

مؤشرات حكومية ودولية :
شهد العراق خلال الفترة الأخيرة، ومن خلال ما يتم تداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي، قصصاً حزينة عن تخلي الأبناء عن آبائهم وأمهاتهم، حتى أصبحت دور المسنين لا تتسع لهم، من بينهم أشخاص أصحّاء يمتلك بعضهم رواتب تقاعدية، إلا أنهم فوجئوا بعدم تقبلهم بين أبنائهم، أو تعنيفهم، أو الاستيلاء على أموالهم، فلجأ بعضهم إلى الشارع بحثًا عن ملاذ آمن يأويهم، في حين فضل آخرون الذهاب إلى دار المسنين لينضموا إلى من أجبرهم أبناؤهم على العيش في تلك الدور.

وأعلنت وزارة الداخلية العراقية تسجيل (617) حالة اعتداء من الأبناء على الآباء خلال النصف الأول من العام الحالي 2020، كما أكدت منظمات مجتمع مدني أن المسنين هم الشريحة الأكثر تعرضًا للعنف داخل الأسرة، وتوقعت ارتفاع معدلات العنف تجاههم خلال فترة انتشار فيروس كورونا.

و قد تضاعف الرقم أعلاه خلال السنوات 2022 و 2023م حتى أصبحت حالة طبيعية بين مختلف شرائع المجتمع نتيجة السياسات اللاإنسانية و التربية و التعليم و فقدان الدين و الأيمان بآلغيب ..

و رغم أن "إساءة معاملة المسنين" من الموضوعات التي تعدّ ذات حُرمة اجتماعية و دينية، فإنها لم تأخذ حيزها من الاهتمام ضمن خطط العمل الوطنية, بسبب جهل السياسيين و الدوائر المختصة بذلك.
.
وتعد دور رعاية المسنين وفقًا لقانون رقم (4) لسنة 1985 مساحة آمنة للاستراحة، وفق شروط حددها القانون، ولا يمكن لهذه الدور مخالفة القانون إلا على المسؤولية الشخصية.

تقول مديرة دار رعاية المسنين في الديوانية فيان المحنة [إنها رفضت على مضض كثيرا من الطلبات والمناشدات التي تخص استقبال العاجزين أو الذين يعانون من أمراض تستلزم توفير الرعاية الصحية؛ فالدار للاستراحة، وليست لرعاية المرضى، علمًا أن أغلب المسنين الذين لجؤوا إلى الدار ناجون من عنف أبنائهم أو يعانون من الوحدة والإهمال الشديدين، أو تجدهم الناس يتوسدون الشوارع فيتصلون بنا].

فيان المحنة تقول : إن كثيرا من المناشدات تصلها بهدف مساعدة مسنين يتوسدون الشارع !

خدمات غير كافية :
ويقدم موظفو الدار "تطوعا" بعض الخدمات الصحية للمسنين النزلاء عند الحاجة، كما تعاني الدار حالها حال بقية الدور الحكومية من نقص موظفي الخدمات، مما يضطر الموظفون أحيانًا إلى القيام ببعض تلك الخدمات، ورغم أن القانون يوجب تقديم الخدمات الترفيهية والأنشطة الثقافية وفرص العمل للقادرين عليه، فإن المسنين لا يحصلون على شيء من ذلك، ولكن يوجد في الدار باحث اجتماعي لتقديم الدعم اللازم.

يقول الناشط الحقوقي بهاء العبيدي : [مشاهد متكررة ولا يمكن وصفها على الاطلاق؛ فغالبا تصلني عبر صفحتي في فيسبوك مناشدات بهدف مساعدة مسنين يتوسدون الشارع، فأهرع مسرعًا نحو العنوان فيصدمني الواقع].
و يضيف: [أغلب هذه الحالات من فئة النساء المسنات، وبعضهن يرفضن الذهاب إلى دور الإيواء، ويفضلن الانتظار في الشارع على أمل عودة من احتال عليهن"، ويكمل "أغلب الأبناء يكذبون على ذويهم المسنين ويطلبون منهم الانتظار في الشارع، ثم يتركونهم بلا عودة].

ورغم المسؤولية والصعوبة اللتين تواجهان العبيدي ورفاقه في إقناع المسنين بالمغادرة إلى دار المسنين، فإنه استطاع تقديم المساعدة لعدد منهم، وأحيانًا يطلب مساعدة القوات الأمنية.

أسباب المشكلة
و [ترى الباحثة الاجتماعية ابتسام نعمة أن ازدياد المشاكل الاجتماعية غير الإنسانية، و من بينها عقوق و هجران الوالدين، أو التخلي عنهما وتعنيفهما؛ تعود لعدة أسباب، أبرزها غياب الوازع الديني و الأخلاقي، و غياب الإحساس بالمسؤولية، والظروف المعيشية الصعبة لدى الأبناء وانشغالهم بالعمل بعيدا عن رعاية الوالدين، أو قد يكون الاستقلال المالي للأبناء أحد الأسباب]، فضلا عن انتشار المخدرات والمسكرات والتفكك الأسري بمسبباته الكثيرة.
وتشير نعمة إلى أن المسنين المرضى والمقعدين والمصابين بارتعاش الأطراف وفاقدي الذاكرة والحالات المشابهة هم الشريحة الأكثر تعرضا للعنف بكل أشكاله، ويتعرضون غالبا للإيذاء بعد وفاة الزوج/الزوجة، موضحة أن المسنين داخل منازلهم يواجهون يوميًا مختلف أنواع العنف، وزادت تلك الممارسات خلال فترة الحظر الصحي بعد تفشي وباء كورونا.

ورغم وجود العديد من منظمات المجتمع المدني والفرق التطوعية والمنظمات الدولية في العراق، فإن برامج دعم المسنين ما تزال ضعيفة، أو تكاد تكون غير موجودة مقارنة بما تقدمه تلك الجهات لفئات المجتمع الأخرى، كما أنها لا تولي اهتماما بإحياء الفعاليات التي تعزز الأواصر الأسرية ورعاية كبار السن، مثل اليوم الدولي للأسرة، واليوم العالمي للوالدين.
كما توقفت أغلب البرامج الترفيهية التي كانت تقدمها المنظمات المحلية والفرق التطوعية للمسنين، الذين تم إجبارهم على عدم الخروج من دورهم الحكومية، حرصًا عليهم من خطر الإصابة بكورونا، وفقًا لما ذكرته فيان المحنة.

وفي هذا الشأن، تدعو ابتسام نعمة إلى تكثيف برامج الدعم النفسي والمجتمعي للمسنين المتواجدين في دور المسنين الحكومية من قبل منظمات المجتمع المدني، بدعم من الجهات الدولية.

من جانبه، دعا الناشط في مجال حقوق الإنسان بهاء العبيدي المنظمات الإنسانية إلى إطلاق الفعاليات المجتمعية ذات التواصل المباشر مع المسنين لتخفيف معاناتهم وتحسين حياتهم، سواء كانوا داخل بيوتهم أو داخل الدور الحكومية، وهذا يتطلب استجابة دولية فعلية تركز على برامج حماية حقوق كبار السن وتدفع باتجاه رعايتهم.

و مهما تنوعت و كثرت الأسباب و الدلائل في هذا الأمر ؛ إلّا أنّ جذور هذه المحنة ترجع لعاملين :
الأول : يرجع إلى فقدان الحكومة للعدالة و إنتشار الظلم في العراق.

ألثاني : إنّ الإنسان في العراق و حتى العالم فقد الأيمان و أخذ آلجهل المطلق منه مأخذه .. فقد المحبة و الرحمة و العرفان و الأدب, و بآلتالي موت و قتل الوجدان الذي يعتبر صوت الله بداخله ..

لذلك و كما أكّدنا و نؤكد من خلال معايير فلسفتنا .. بأنّ العراق يتّجه بقوة نحو الدّمار الشامل بسبب الجهل المركب ..

و يقول الأمام عليّ(ع) : [ألجهل أساس كل شرّ].

ألعارف الحكيم عزيز الخزرجي



#عزيز_الخزرجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا حياء في العراق :
- السّر الذي جعل (إميلي ديكنسون) عارفة ؟
- كلمات مكرّرة .. لكنها مدمّرة :
- ليس سهلاً أن تكون فيلسوفاً و عارفاً؟
- هل نتغيير بعد تقدم العمر؟
- المطلوب في اليوم العالمي للعصابيين؟
- اليوم العالمي للعصابيين
- هل الجّمال كاشف لسرّ الوجود؟
- -ما هو سرّ الوجود-؟
- ما هو سر الوجود؟
- متى يتحقق العقل الكونيّ؟
- لا مكان للفلاسفة في أنظمة العالم!؟
- ألأربعون سؤآل :
- هذا العراق بإختصار :
- ألبُنية الفكرية المفقودة :
- أيّهما الأظلم على الحقّ : الأمويون أم العباسيون؟
- حزب الله يقتفي مسير حزب الدعوة
- صدّام يُشرّف ألمُتحاصصين :
- قصة و عبرة لها دلالات مع المصاديق :
- فلسفة الحرية(الأختيار) - القسم الثاني


المزيد.....




- شاهد: مظاهرات غاضبة في أرمينيا تطالب رئيس الوزراء بالاستقالة ...
- بوتين للغرب.. لن نسمح بتهديدنا وقواتنا النووية متأهبة
- إصابة عنصري أمن بالرصاص داخل مركز للشرطة في باريس
- -إصابة شرطيَين- برصاص رجل داخل مركز للشرطة في باريس
- مصر.. أسعار السلع تتراجع للشهر الثاني على التوالي منذ -تعويم ...
- ألعاب نارية مبهرة تزيّن سماء موسكو تكريما للذكرى الـ79 للنصر ...
- -هجوم جوي وإطلاق صواريخ متنوعة-.. -حزب الله- ينشر ملخص عمليا ...
- روسيا تجهز الجيش بدفعة من المدرعات وناقلات الجنود المعدّلة ( ...
- شاهد: لحظة اقتلاع الأشجار واحدة تلو الأخرى بفناء منزل في ميش ...
- شاهد: اشتعال النيران بطائرة بوينغ 737 وانزلاقها عن المدرج في ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزيز الخزرجي - معاناة المتقاعدين ألعراقيين :